الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنفسهم بالشعر والوبر، وتقلد مشركو الحرم من لحاء شجره فيأمنون به». رواه ابن أبي حاتم. وأجمع علماء المسلمين على أن المشرك لو قلّد عنقه، أو ذراعيه، بلحاء جميع أشجار الحرم، لم يكن ذلك أمانا من القتل، إذا لم يكن تقدّم له عقد من ذمّة المسلمين أو أمان.
2 - [فائدة حول النسخ في سورة المائدة والخلاف فيه]
يمر معنا أحيانا في سورة المائدة ما يشعر بأنّ شيئا ما منها منسوخ، وبعضهم يكثر، وبعضهم يقل، وبعضهم ينفي النسخ فيها أصلا، كالحسن البصري إذا سئل:
نسخ من المائدة شئ؟ قال: لا. والسبب في ذكر النسخ أو عدمه هو فهم بعض النصوص فهما موسّعا يلزم عليه اعتماد النسخ. فمثلا قال ابن عباس. نسخ من هذه السورة آيتان: آية القلائد وقوله تعالى: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ. وكما رأينا في آية القلائد، سنرى في الآية الثانية أنّ قضيّة النّسخ هنا إنّما هي أثر عن فهم موسّع للنّص فقط. ولو أننا فهمنا النّص من الابتداء فهما مضيّقا فإننا لا نحتاج للقول بالنّسخ.
3 - [سبب نزول آية وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ
…
وكلام على النسخ فيها]
ذكر عكرمة والسّدّي وابن جرير أنّ آية وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ نزلت في الحطيم بن هند البكري كان قد أغار على سرح المدينة فلمّا كان من العام المقبل اعتمر إلى البيت فأراد بعض الصحابة أن يعترضوا عليه في طريقه إلى البيت فأنزل الله عز وجل: وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً
…
فإذا صح أن هذا هو سبب النزول فإنه يكون منسوخا. أو نقول: إن هذه الصورة من عموم اللفظ أصبحت منسوخة.
4 - [حكم الأمر بعد الحظر]
من التحقيقات الأصولية أن الأمر بعد الحظر يفيد الإباحة كقوله تعالى:
وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا فالأمر هنا بعد الحظر فهو للإباحة المفهومة من قبل من مفهوم قوله تعالى: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ.
5 - [الترغيب في الدلالة على الخير والترهيب من الإعانة على الشر]
روى البزّار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «الدالّ على الخير كفاعله» قال ابن كثير وله شاهد في الصحيح «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجر من
اتّبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتّبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» وروى الطبراني عنه عليه الصلاة والسلام «من مشى مع ظالم ليعينه، وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج من الإسلام» .
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ .... أي: البهيمة التي تموت حتف أنفها. ويستثنى من ذلك ميتتا السمك والجراد. وَالدَّمُ. أي: المسفوح. وهو السائل. أما الكبد والطحال وما يتبقى في العروق بعد الذبح فهذا مباح. وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ.
الخنزير كله نجس وإنما خصّ اللّحم بالذكر، لأنه معظم المقصود والخنزير بكل أنواعه حرام إنسيّه ووحشيّه. وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ. أي: وما رفع الصوت به لغير الله. وهو قولهم: باسم اللات والعزى، أو غير ذلك مما سوى الله عند ذبحه، فما ذبح على غير اسم الله فهو محرّم. واختلف العلماء في متروك التسمية عمدا أو سهوا كما سيأتي تقريره في سورة الأنعام. وَالْمُنْخَنِقَةُ وهي: التى تموت بالخنق: إما قصدا، وإما اتفاقا كأن تتخبّل في وثاقها حتى تموت أو غير ذلك. وَالْمَوْقُوذَةُ. أي: التي أثخنوها ضربا بعصا أو حجر حتى ماتت وفي الصحيح أنّ عديّ بن حاتم قال: قلت يا رسول الله إني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب قال: «إذا رميت بالمعراض فخزق فكله وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ فلا تأكله» ففرق بين ما أصابه بالسهم أو بالمزراق ونحوه بحدّه فأحلّه، وما أصاب بعرضه فجعله وقيذا لم يحلّه، وهذا مجمع عليه عند الفقهاء. وَالْمُتَرَدِّيَةُ وهي التي تسقط من جبل أو في بئر فتموت.
وَالنَّطِيحَةُ. أي: المنطوحة: وهي التي نطحتها أخرى فماتت بالنّطح وإن جرحها القرن وخرج منها الدم ولو من مذبحها. وَما أَكَلَ السَّبُعُ. أي: ما أكل السبع بعضه ومات بجرحه، ويدخل في السبع الأسد والفهد والنّمر والكلب والذئب وغيره. إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ. أي: إلا ما أدركتم ذكاته وهو يضطرب اضطراب المذبوح والاستثناء يرجع إلى المنخنقة وما بعدها، فإنه إذا أدركها وبها حياة فذبحها وسمّى عليها حلّت. روى ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال: إن مصعت بذنبها، أو ركضت برجلها، أو طرفت بعينها فكل. وفي رواية ابن جرير عنه: إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنّطيحة وهي تحرّك يدا أو رجلا فكلها. قال ابن كثير: وهكذا روي عن طاوس، والحسن وقتادة، وعبيد بن عمير، والضّحاك، وغير واحد أنّ المذكّاة متى تحركت بحركة تدل على بقاء الحياة فيها بعد الذّبح فهي حلال وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد وخالف مالك في هذا الحد فلم يجز الذكاة إلا لما كان يعيش بعد ما أكل السبع منه وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ. أي: وما ذبح على الأوثان. كانت لهم حجارة منصوبة حول البيت يذبحون عليها، يعظّمونها بذلك، ويتقرّبون إليها تسمّى الأنصاب. وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا
بِالْأَزْلامِ. أي: وحرّم عليكم الاستقسام بالأزلام، وهي، القداح المعلّمة واحدها زلم أو زلم، كان أحدهم إذا أراد سفرا، أو غزوا، أو تجارة، أو نكاحا، أو غير ذلك يعمد إلى قداح ثلاثة على واحد منها مكتوب أمرني ربي، وعلى الآخر نهاني، والثالث غفل، فإن خرج الآمر مضى لحاجته، وإن خرج النّاهي أمسك، وإن خرج الغفل أعاد. فمعنى الاستقسام بالأزلام: طلب معرفة ما قسم له، مما لم يقسم له بالأزلام وما أسخف ذلك. ذلِكُمْ فِسْقٌ. أي: الاستقسام بالأزلام خروج عن الطّاعة، أو مواقعة ما مرّ من المحرّمات خروج عن الطّاعة الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ. أي: الآن يئسوا منه أن يبطلوه أو يئسوا منه أن يغلبوه فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ. أي: أخلصوا لي الخشية، فلا تخافوا الكافرين في مخالفتكم إياهم، وخافوني وحدي. وأنا أتولّى شأنكم كله. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. أي:
أكملت لكم ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام، والتوقيف على شرائع الإسلام وقوانين القياس، وكما أكمل في البيان، فقد أكمل بالقدوة العليا بمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبه. وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي بظهوركم أمّة مسلمة مستكملة كلّ كمال، مهمتها هدم كيان الجاهلية في كلّ مكان. وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً. أي: واخترت الإسلام لكم من بين الأديان، وآذنتكم بأنه هو الدين المرضيّ وحده، وقد ذكر نعمة الإكمال للدين في سياق تحريم هذه المحرّمات، لأنّ تحريم هذه الخبائث. من جملة الدين الكامل، والنعمة التامّة، والإسلام المنعوت بالرضا دون غيره. ولما كان بيان حالات الاضطرارات من كمال الدّين بيّن حالة الاضطرار فقال: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. أي: فمن اضطر إلى الميتة، وإلى غيرها في مخمصة أي: في مجاعة غير متجانف لإثم: أي غير مائل إلى إثم، أو غير متعاط معصية الله، فإنّ الله غفور رحيم. غفور.
يغفر للمضطر. رحيم بإباحته المحظور للمعذور.
قال ابن كثير: قال الفقهاء قد يكون تناول الميتة واجبا في بعض الأحيان وهو ما إذا خاف على نفسه ولم يجد غيرها. وقد يكون مندوبا، وقد يكون مباحا بحسب الأحوال. واختلفوا، هل يتناول منها قدر ما يسدّ به الرّمق؟ أو له أن يشبع؟ أو يشبع ويتزوّد؟ على أقوال.
واختلفوا فيما إذا وجد ميتة، وطعام الغير، أو صيدا وهو محرم، هل يتناول الميتة، أو ذلك الصيد، ويلزمه الجزاء، أو ذلك الطعام ويضمن بدله؟ على قولين قال