الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالت له: والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك، ولا في الجنة شئ أحبّ إليّ منك.
وإذا وقع أهل النار في النار، وقع فيها خلق من خلق ربك، أوبقتهم أعمالهم، فمنهم من تأخذ النار قدميه لا تجاوز ذلك، ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذه جسده كله إلا وجهه حرّم الله صورته عليها» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأقول: يا رب شفّعني فيمن وقع في النار من أمّتي. فيقول: أخرجوا من عرفتم، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يأذن الله في الشفاعة، فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع، فيقول الله: أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة دينار إيمانا، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يشفع الله فيقول: أخرجوا من وجدتم في قلبه إيمانا ثلثي دينار. ثم يقول: ثلث دينار ثم يقول:
ربع دينار. ثم يقول: قيراطا. ثم يقول حبة من خردل، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، وحتى لا يبقى في النار من عمل لله خيرا قطّ، ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع، حتى أن إبليس ليتطاول مما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له، ثم يقول: الله بقيت وأنا أرحم الراحمين. فيدخل يده في جهنم فيخرج منها ما لا يحصيه غيره، كأنهم حمّم فيلقون على نهر يقال له نهر الحيوان، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فما يلي الشمس منها أخيضر، وما يلي الظل منها أصيفر، فينبتون كنبات الطراثيث، حتى يكونوا أمثال الذر، مكتوب في رقابهم «الجهنميون عتقاء الرحمن، يعرفهم أهل الجنة بذلك الكتاب، ما عملوا خيرا لله قط، فيمكثون في الجنة ما شاء الله، وذلك الكتاب في رقابهم، ثم يقولون ربنا امح عنا هذا الكتاب فيمحوه الله- عز وجل عنهم» .
كلمة في السياق:
لقد رأينا هذا المقطع في جولتيه أنه ناقش الكافرين وهذا يقابل قوله تعالى في سورة البقرة: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وتحدث كثيرا عن الرجوع إلى الله، وناقش كفر الكافرين في ذلك وهذا يقابل ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وتحدث عن خلق السموات والأرض، وعن كثير من سننه في الأرض، وعن مظاهر علمه، وهذا فيه رشحة من قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فالمقطع كله إذن يخدم المحور، وكما انسجم المقطع مع السياق القرآني العام، فإنّ المقطع منسجم في تسلسله الخاص، إذ تحدّث عن
مجموعة مظاهر من مظاهر قهر الله، وعلمه، وحكمته، وهي المعاني التي بدأ بها المقطع، والتي يدور المقطع في سياقه الخاص حولها، والكفر بدايته واحدة ولكن منحنياته ومنعرجاته كثيرة جدا، وقد ناقش المقطع كثيرا من هذه المنحنيات والمنعرجات، والإيمان بالله بدايته واحدة، ولكنه يبتنى عليه مواقف وسلوكيات، وقد حدّد المقطع كثيرا من مواقف وسلوكيات الإيمان بالله، والإيمان بالله يقتضي فهما لحوادث الكون على شكل معيّن، وقد حدّد المقطع كثيرا من الفهوم لأسرار هذا الكون على حقيقتها.
وكنّا ذكرنا من قبل أنّ المقطع سائر على النسق المستمر للسياق الخاص للسورة في معالجة الشرك والامتراء، وتقرير خلق الله للأشياء، واستحقاق الله الحمد مما تعرضت له مقدمة السورة.
والآن يأتي مقطع آخر هو المقطع الثالث في القسم الأول من سورة الأنعام.
وهو يعرض لقضايا التوحيد، ولقضايا الشرك، من خلال قصة إبراهيم وعرضه لمسيرة موكب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على مرّ العصور.
وبهذا يستكمل القسم الأول من أقسام سورة الأنعام مسيرته الطويلة في التقرير والعرض والمناقشة وتأكيد ما ينبغي أن يؤكّد.
***