الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما بالمحور العام للسورة: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ .... كما أن لها صلة بالسياق الخاص لسورة الأنعام؛ ولذلك ذكر في أول المقطع وأوسطه الشرك، والمقطع بمجموعه يعمّق المعنى الصحيح للتوحيد.
فائدة: [تكرار القصص في القرآن لخدمة السياق]
نلاحظ هنا أنه قد ذكر إبراهيم في سورة الأنعام، ومن قبل ذكر في سورة البقرة وغيرها. ويذكر في سور كثيرة من القرآن. وكذلك غيره من الرّسل، كما تذكر قصص أقوام في أكثر من مكان. والشئ الذي ينبغي أن نلاحظه أنه في كل مكان تذكر قصة، أو تكرر، فإنها تذكر لتخدم غرضا يتفق مع السياق الخاص، ويتفق مع السياق القرآني العام، ومن ثم فإنها تؤدي حيث ذكرت غرضا خاصا في محلها، فقصة إبراهيم عليه السلام في سورة البقرة تؤدي غرضا ينسجم مع السياق الخاص والعام في سورة البقرة؛ حيث تخدم موضوع القيام حق القيام بأمر الله، وقصة إبراهيم عليه السلام هنا تخدم موضوع الإيمان بالله، والطريق إليه، وما يقتضيه هذا الإيمان من أمن، وما يكافئ الله- عز وجل به أهل التوحيد. وهكذا، ومن تأمّل كيف أنّ القصّة الواحدة تؤدي كل مرة غرضا خاصا في سياقها الجزئي والكلي، إن من تأمل هذا الموضوع ظهر له شئ من إعجاز هذا القرآن وكيف أنّه لا تنقضي عجائبه.
المعنى الحرفي للمقطع:
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً هذا استفهام توبيخي أي أتتخذها آلهة وهي لا تستحق الإلهية إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. أي: في ضلال بيّن واضح، وأيّ ضلال أكبر من اتّخاذ غير الله إلها
وَكَذلِكَ. أي: وكما أريناه قبح الشرك نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الملكوت من الملك لأن الواو والتاء تزادان للمبالغة والمعنى وكما أريناه قبح الشرك أرينا بصيرته لطائف خلق السموات والأرض وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. أي: أريناه ذلك من أجل أن يكون من الموقنين، أو من أجل أن يستدل ويكون من الموقنين عيانا كما أيقن بيانا
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ. أي: أظلم وهو معطوف على وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ. رَأى كَوْكَباً قال النسفي: أي الزهرة أو المشتري، وكان أبوه وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب، فأراد أن ينبههم على الخطأ في دينهم وأن يرشدهم إلى
طريق النظر والاستدلال، ويعرفهم أنّ النّظر الصحيح مؤد إلى أن شيئا منها ليس بإله، لقيام دليل الحدوث فيها، ولأن محدثا أحدثها، ومدبرا دبّر طلوعها وأفولها، وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها. وقد بدأ لمّا رأى الكوكب الذي كانوا يعبدونه .. قال لهم:
قالَ هذا رَبِّي. أي: في زعمكم، أو المراد أهذا ربي؟ استهزاء بهم وإنكارا عليهم، والعرب تكتفي عن حرف الاستفهام بنغمة الصوت، والصحيح أن هذا قول من ينصف خصمه مع علمه أنه مبطل، فيحكي قوله كما هو غير متعصب لمذهبه، لأنّه أدعى إلى الحق، وأنجى من الشغب عليه بعد حكايته فيبطله بالحجة فَلَمَّا أَفَلَ.
أي: غاب قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ. أي: لا أحب عبادة الأرباب المتغيرين من حال إلى حال. لأنّ ذلك من صفات المخلوقين لا الخالق
فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً.
أي: مبتدئا في الطلوع قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ. أي: نبّه قومه بهذا على أن من اتخذ القمر فهو ضالّ، وإنّما احتج عليهم بالأفول دون البزوغ- وكلاهما انتقال من حال إلى حال- لأن الاحتجاج بالأفول على بطلان الإلهية أظهر؛ لأنّه انتقال مع خفاء واحتجاب.
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ. أي: أعظم من القمر والنّجم فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ به من الأجرام التي تجعلونها شركاء لخالقها
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ. أي: للذي دلّت عليه هذه المحدثات على أنّه منشئها حَنِيفاً. أي: مائلا عن الأديان كلها إلى الإسلام وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بالله شيئا من خلقه
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ. أي: في توحيد الله تعالى ونفي الشركاء عنه قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ. أي: في توحيده وَقَدْ هَدانِ. أي: إلى التوحيد وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً قال هذا لمّا خوّفوه: أن معبوداتهم تصيبه بسوء والمعنى: إني لا أخاف معبوداتكم في وقت قطّ لأنّها لا تقدر على منفعة ولا مضرّة، إلا إذا شاء ربي أن يصيبني منها بضرّ فهو قادر على أن يجعل فيما شاء نفعا، وفيما شاء ضرا لا الأصنام وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً. أي: فلا يصيب عبدا شئ من ضر أو نفع إلا بعلمه أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ فتميّزون بين القادر والعاجز
وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ. أي:
وكيف أخاف معبوداتكم وهي مأمونة الخوف وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ. أي: بإشراكه عَلَيْكُمْ سُلْطاناً. أي: حجة إذ الإشراك لا يصح أن يكون عليه الحجة، والمعنى: وما لكم لا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف