الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منذ فارقتهم».
4 - [شأن عظيم لآية .. إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ
.. ]
قال ابن كثير عن آية إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ
…
وهذه الآية لها شأن عظيم، ونبأ عجيب، وقد ورد في الحديث أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قام بها ليلة حتى الصباح يرددها ثم ساق روايات منها:
أ- روى الإمام أحمد
…
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صلى النّبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فلمّا أصبح قلت: يا رسول الله ما زلت تقرأ الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها، قال:«إنّي سألت ربي- عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها، وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئا» .
ب- روى ابن أبي حاتم .... عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّ النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول عيسى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
فرفع يديه فقال: «اللهم أمّتي» وبكى، فقال الله يا جبريل، اذهب إلى محمد- وربك أعلم- فأسأله ما يبكيه، فأتاه جبريل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال- وهو أعلم- فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمّتك، ولا نسوءك.
5 - [قول بأن سورة المائدة آخر ما نزل من القرآن]
أخرج ابن وهب عن عبد الله بن عمر قال: «آخر سورة أنزلت سورة المائدة» . وهذا يجعل لهذه السورة أهمية خاصة إذ إنهّا نزلت بعد أن وصلت التربية الربانية لهذه الأمة إلى مرحلة عالية من النضج.
6 - [ما ورد في الأناجيل عما يشبه قصة المائدة]
يلاحظ أنّ ما يسمّى بالأناجيل الأربعة المعتمدة عند النصارى حاليا ليس فيها إشارة إلى موضوع نزول مائدة من السماء، ونحن وإن كنا نجزم أن هذه الأناجيل ليست هي الإنجيل الذي أنزل على عيسى، وإن كانت قد تحوي فقرات منه، لأنها كما ذكرنا من قبل تمثل مدرسة بولس الذي ذكر في رسائله أنه لم يتلقه عن أحد، وأنه لم يتتلمذ على تلاميذ المسيح المباشرين، كما ذكر هو- إلا خمسة عشر يوما، ثم دخل في صراع معهم، ومن ثم لا نعتبر ما أثبتته هذه الأناجيل، أو رفضته إلا في الحدود التي أقرها وحي الله وحتى في هذه القضايا فإننا نستأنس استئناسا. وفي موضوع المائدة لا نجد كلاما عن رسولنا صلى الله عليه وسلم حول نزولها أو عدمه، وعلماء المسلمين أكثرهم على نزولها، والثابت عن مجاهد والحسن أنهما كانا يقولان بعدم نزولها. قال ابن كثير تعليقا على ما
ذهب إليه الحسن ومجاهد. وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا تعرفه النّصارى، وليس هو في كتابهم ولو كانت قد نزلت لكان ذلك مما تتوفر الدواعي على نقله، وكان يكون موجودا في كتابهم متواترا، ولا أقل من الآحاد والله أعلم، ولكنّ الذي عليه الجمهور أنّها نزلت، وهو الذي اختاره ابن جرير» أقول: يلاحظ في الأناجيل المذكورة أن فيها كلاما عن مائدة من مثل ما ورد في الإصحاح السادس من إنجيل يوحنا:
«فرفع يسوع عينيه ونظر أنّ جمعا كثيرا مقبلا إليه، فقال لفيلبس: من أين نبتاع خبزا ليأكل هؤلاء؟ وإنّما قال هذا ليمتحنه لأنّه هو علم، ما هو مزمع أن يفعل، أجابه فيلبس: لا يكفيهم خبز بمائتي دينار، ليأخذ كل واحد منهم شيئا يسيرا، قال له واحد من تلاميذه وهو أندراوس أخو سمعان بطرس: هنا غلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان، ولكن ما هذا لمثل هؤلاء، فقال يسوع: اجعلوا الناس يتكئون، وكان في المكان عشب كثير. فاتكأ الرجال وعددهم نحو خمسة آلاف، وأخذ يسوع الأرغفة وشكر ووزع على التلاميذ والتلاميذ أعطوا المتكئين، وكذلك من السمكتين بقدر ما شاءوا فلما شبعوا قال لتلاميذه: اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شئ، فجمعوا وملئوا اثنتي عشرة قفّة من الكسر من خمسة أرغفة الشعير التي فضلت عن الآكلين، فلمّا رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا: إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم» فهل مثل هذا الكلام أصله قصة المائدة ثم حرّفت وبدّلت كغيرها فأصبحت على هذه الشاكلة، وكان أصلها ما ورد في القرآن، أو أن ما ذكره القرآن كان حادثا آخر.
يلاحظ أن إنجيل مرقص ذكر القصة السابقة التي ذكرها إنجيل يوحنا، وذكر قصة أخرى في الإصحاح الثامن هي:«في تلك الأيام إذ كان الجمع كثيرا جدا ولم يكن لهم ما يأكلون، دعا يسوع تلاميذه وقال لهم: إني أشفق على الجمع لأن الآن لهم ثلاثة أيام يمكثون معي. وليس لهم ما يأكلون، وإن صرفتهم إلى بيوتهم صائمين يخورون في الطريق، لأن قوما منهم جاءوا من بعيد، فأجابه تلاميذه: من أين يستطيع أحد أن يشبع هؤلاء خبزا هنا في البرّية؟ فسألهم: كم عندكم من الخبز؟ فقالوا: سبعة. فأمر الجمع أن يتكئوا على الأرض وأخذ السبع خبزات، وشكر وكسر وأعطى تلاميذه ليقدّموا، فقدّموا إلى الجمع وكان معهم قليل من صغار السمك، فبارك وقال أن يقدموا هذه أيضا، فأكلوا وشبعوا، ثمّ رفعوا فضلات الكسر سبعة سلال. وكان الآكلون نحو أربعة آلاف، ثم صرفهم، وللوقت دخل السفينة مع تلاميذه وجاء إلى نواحي دلمانوثة» . وبعدها .. «فخرج الفريسيون وابتدءوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء