الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْهُدى. أي: وحده وما وراءه ضلال وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ. أي: قل إن هدى الله هو الهدى، وقل أمرنا لنسلم أي: لأن نسلم لرب العالمين
وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ. أي: وأمرنا لأن نقيم الصلاة فصار المعنى: وأمرنا للإسلام ولإقامة الصلاة وكذلك وَاتَّقُوهُ. أي: وأمرنا بإقامة الصلاة وبتقواه في كل الأحوال وَهُوَ
الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
. أي: يوم القيامة، أمر أولا بالإعلان عن أنه لا هدى إلا هدى الله، وأن يعلن عمّا أمر به من إسلام لله، وإقام صلاة، وتقوى، وأن يعلن أن مرجع الخلق إلى الله، وهذه أمهات الهدى، فمن لم يحقق هذه في نفسه فإن أصل الهداية لم يتحقق به، ومن هنا نعلم أن كل ما عليه الخلق من غير الإسلام ضلال
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ. أي: بالحكمة أو المعنى خلقها محقا وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ اليوم هنا بمعنى الحين والمعنى أنه خلق السموات والأرض بالحق والحكمة، وحين يقول لشئ من الأشياء كن فيكون ذلك الشئ قَوْلُهُ الْحَقُّ.
أي: الحكمة. أي: لا يكون شيئا من السموات والأرض وسائر المكونات إلا عن حكمة وصواب وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ الصور: القرن بلغة اليمن، والمعنى: أن الملك له وحده يوم ينفخ في الصور، وله الملك في كل حين ولكنّه هناك لا ينازعه منازع عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ. أي: عالم السرّ والعلانية، عالم الظاهر والباطن، عالم ما غاب عن العباد وما هو مشهود لهم وَهُوَ الْحَكِيمُ في الإفناء والإحياء الْخَبِيرُ بالحساب والجزاء. وبهذا انتهى المقطع.
فوائد:
1 - [تعليق صاحب الظلال حول الآية (68)]
بمناسبة قوله تعالى: وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وما جاء قبلها من نهي عن مخالطة الذين يخوضون بآيات الله يقول صاحب الظلال:
وقد جاء في قول القرطبي في كتابه «الجامع لأحكام القرآن» بصدد الآية:
ونحن نقول: إن المخالطة بقصد الموعظة والتذكير وتصحيح الفاسد والمنحرف من آراء الفاسقين تبيحها الآية في الحدود التي بينتها. أما مخالطة الفاسقين والسكوت عما يبدونه من فاسد القول والفعل من باب التقية فهو المحظور. لأنه- في ظاهره- إقرار
للباطل، وشهادة ضد الحق. وفيه تلبيس على الناس ومهانة لدين الله وللقائمين على دين الله. وفي هذه الحالة يكون النهي والمفارقة.
كذلك روى القرطبي في كتابه هذه الأقوال:
«قال ابن خويزمنداد: من خاض في آيات الله تركت مجالسته وهجر- مؤمنا كان أو كافرا- قال: وكذلك منع أصحابنا الدخول إلى أرض العدو، ودخول كنائسهم والبيع، ومجالسة الكفار وأهل البدع، وألا تعتقد مودتهم، ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم. وقد قال بعض أهل البدع لأبي عمران النخعي: اسمع مني كلمة: فأعرض عنه، وقال: ولا نصف كلمة. ومثله عن أيوب السّختياني. وقال الفضيل بن عياض: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه ومن زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها؛ ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، وإذا علم الله من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له.
وروى أبو عبد الله الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام» ..
فهذا كله في صاحب البدعة وهو على دين الله .. وكله لا يبلغ مدى من يدعي خصائص الألوهية بمزاولته للحاكمية؛ ومن يقره على هذا الادعاء .. فليس هذا بدعة مبتدع؛ ولكنه كفر كافر، أو شرك مشرك، مما لم يكن في زمانهم. فمنذ أن قام الإسلام في الأرض لم يبلغ من أحد أن يدعي هذه الدعوى، وهو يزعم الإسلام. ولم يقع شئ من ذلك إلا بعد الحملة الفرنسية التي خرج بعدها الناس من إطار الإسلام- إلا من عصم الله- وكذلك لم يعد في قول هؤلاء السلف ما ينطبق على هذا الذي كان! فقد تجاوز كل ما تحدثوا عنه بمثل هذه الأحكام .. ».
أقول: نص فقهاؤنا على أن خلطة الفاسق مكروهة، فكيف بخلطة الكافر، ولا بدّ أن نفرّق بين الخلطة التي يقتضيها عمل دنيوي مشترك فهذه ضرورة تقدّر بقدرها، ولا مانع شرعيا منها إذا كان العمل جائزا شرعا، لقد آجر بعض الصحابة نفسه ليهود، وتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم في أمور المعاملات مع غير المسلمين، فهذا ممّا لا حرج فيه، وقد يضطر الإنسان بحكم عمله- أن يجالس غير المسلمين، كالمدرس في مدرسة يدرّس فيها كافر ومسلم فهذا ممّا لا حرج فيه، إلا إذا خاض هؤلاء في آيات الله طعنا واستهزاء فعليه أن يوقفهم عند حدّهم وإذا لم يستطيع فعليه أن يقوم.