الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِسالَتَهُ يردّ النسفي على اعتراض، قال: قالت الملحدة لعنهم الله تعالى: هذا كلام لا يفيد وهو كقولك لغلامك: كل هذا الطعام، فإن لم تأكله فإنك ما أكلته. قلنا: هذا أمر بتبليغ الرسالة في المستقبل أي بلّغ ما أنزل إليك من ربك في المستقبل، فإن لم تفعل:
أي إن لم تبلّغ الرّسالة في المستقبل فكأنّك لم تبلّغ الرّسالة أصلا. أو بلّغ ما أنزل إليك من ربك الآن ولا تنتظر به كثرة الشوكة والعدّة، فإن لم تبلّغ كنت كمن لم يبلّغ أصلا. أو بلّغ ذلك غير خائف أحدا، فإن لم تبلّغ على هذا الوصف فكأنّك لم تبلغ الرسالة أصلا.
2 - [معجزة غيبية في قوله تعالى
…
وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ
.. ]
في قوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ معجزة غيبية. إذ هي وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يسلّط عليه من يقتله مع كثرة دواعي القتل من كثرة الخصوم وشراستهم. وقد كان ذلك، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاة. ومن درس كثرة المؤامرات عليه صلى الله عليه وسلم من قريش، وغير قريش واليهود، وسلامته عليه الصلاة والسلام مع هذا كله أدرك كمال المعجزة. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس ويحب أن يحرس حتى نزلت هذه الآية، فترك الحراسة.
في الصحيحين وعند الإمام أحمد أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تحدّث «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ذات ليلة، وهي إلى جنبه، قالت: فقلت: ما شأنك يا رسول الله؟
قال: «ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة» قالت: فبينا أنا على ذلك، إذ سمعت صوت السّلاح فقال:«من هذا؟» ، فقال: أنا سعد بن مالك. فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت لأحرسك يا رسول الله. قالت: فسمعت غطيط رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومه». وروى ابن أبي حاتم عن عائشة قالت: «كان النّبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ قالت: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من القبّة، وقال: «يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل» وهكذا رواه الترمذي. وروى ابن مردويه عن عصمة بن مالك الخطمي قال: كنا نحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل حتى نزلت: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فترك الحرس.
ومن تتبع حوادث السيرة، عرف كثرة المؤامرات عليه في أمّة كان الفتك والثأر خليقة من أخلاقها. ومن ذلك قصة غورث بن الحارث المشهورة في الصحيح، وهي كما رواها ابن مردويه عن أبي هريرة قال: «كنا إذا صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر تركنا له أعظم شجرة وأظلها فينزل تحتها، فنزل ذات يوم تحت شجرة وعلّق سيفه فيها، فجاء رجل فأخذه فقال: يا محمد من يمنعك مني؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الله يمنعني منك، ضع السيف» فوضعه، فأنزل الله- عز وجل: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ومن ذلك ما رواه جعدة بن خالد بن الصمة الجشميّ رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى رجلا سمينا، فجعل النّبي صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه بيده، ويقول:«لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك» . قال: وأتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل، فقيل: هذا أراد أن يقتلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لم ترع ولو أردت ذلك لم يسلطك الله علي». قال ابن كثير تعليقا على هذا النّص:«ومن عصمة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم حفظه له من أهل مكّة وصناديدها وحسّادها ومعانديها ومترفيها، مع شدّة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلا ونهارا، بما يخلقه الله من الأسباب العظيمة بقدره وحكمته العظيمة. فصانه في ابتداء الرّسالة بعمّه أبي طالب، إذ كان رئيسا مطاعا كبيرا في قريش، وخلق الله في قلبه محبّة طبيعيّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لا شرعيّة، ولو كان أسلم لاجترأ عليه كفّارها وكبارها، ولكن لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر؛ هابوه واحترموه، فلما مات عمّه أبو طالب نال منه المشركون أذى يسيرا، ثم قيّض الله له الأنصار، فبايعوه على الإسلام، وعلى أن يتحوّل إلى دارهم- وهي المدينة- فلما صار إليها حموه من الأحمر والأسود، وكلمّا همّ أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء كاده الله وردّ كيده عليه، لما كاده اليهود بالسّحر فحماه الله منهم، وأنزل عليه سورتي المعوّذتين دواء لذلك الداء. ولمّا سمّ اليهود ذراع تلك الشاة بخيبر، أعلمه الله وحماه منه، ولهذا أشباه كثيرة جدا يطول ذكرها.»
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ أي: لستم على دين يعتدّ به حتى يسمّى شيئا لبطلانه حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ بالإيمان بكل ما فيهما، والعمل بكل ما فيهما، ومن ذلك الإيمان بمحمّد صلى الله عليه وسلم واتّباعه وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ.
أي: القرآن وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً. أي:
سيزدادون عند نزول القرآن لحسدهم تماديا في الجحود، وكفرا بآيات الله فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ. أي: فلا تتأسّف عليهم، فإنّ ضرر ذلك يعود إليهم لا إليك
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا. وهم المسلمون وَالَّذِينَ هادُوا وهم حملة التوراة وَالصَّابِئُونَ قال أبو الزناد هم قوم مما يلي العراق، وهم بكوثى، وهم يؤمنون بالنبيّين كلهم، ويصومون كل سنة ثلاثين يوما، ويصلون إلى اليمن كل يوم خمس صلوات. أقول: ولا زال في العراق ناس يسمّون صابئة وَالنَّصارى. أي:
حملة الإنجيل مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. أي: فلا خوف عليهم فيما يستقبلونه، ولا هم يحزنون على ما خلفوه وراء ظهورهم. والمعنى: أنه من كان مسلما أو يهوديا في الأصل، أو نصرانيا أو صابئيا، قبل منه إسلامه، المتضمن للإيمان والعمل الصالح، وكوفئ. والمعنى: أن ما كان عليه الإنسان من قبل لا يضرّه إذا آمن وعمل صالحا بدخوله في الإسلام. أو المعنى: أن مسلمي هذه الأمّة، واليهود السابقين على عيسى، والنّصارى التابعين الحقيقيين لعيسى، والصابئين في حالة إيمانهم، وعملهم الصالح، الجميع من أهل الجنّة، وأهمّ شئ علينا أن نعرفه أنّ الإجماع منعقد على أنه لا يهودي ولا نصراني ولا صابئي بلغته دعوة رسولنا ثمّ لم يسلم إلا كان من أصحاب النار بعد ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويلاحظ أن كلمة «الصابئون» في الآية مرفوعة، وما قبلها منصوب، والتقدير:
«إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئون كذلك» قال ابن كثير: «لما طال الفصل حسن العطف بالرّفع» . قال النسفي: «وفائدة التقديم التنبيه على أن الصابئين وهم أبين هؤلاء المعدودين ضلالا، وأشدّهم غيّا يتاب عليهم إن صحّ منهم الإيمان فما الظّنّ بغيرهم» .
لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ أي: بالتوحيد وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلًا من أجل أن يوقفوهم على ما يأتون وما يذرون في دينهم كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ بما يخالف هواهم، ويضادّ شهواتهم من ميثاق التّكليف والعمل بالشرائع فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ كأنّه قيل: كيف فعلوا برسلهم؟
فكان الجواب كلّما جاءهم رسول منهم ناصبوه إمّا بالتّكذيب وإمّا بالقتل
وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ. أي: بلاء وعذاب أي: وحسب بنو إسرائيل أنهم لا يصيبهم من الله عذاب بقتل الأنبياء وتكذيب الرسل، وقد ضمّن كلمة حسبوا معنى العلم لقوّته في صدورهم، ولذا دخل فعل الحسبان على (أن) التي يدخل عليها الفعل علم فَعَمُوا وَصَمُّوا. أي: فعموا عن الرشد، وصمّوا عن الوعظ، أو المعنى فلم يعملوا بما رأوا ولا بما سمعوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بأن رزقهم التوبة ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ أي: صمّ كثير منهم وعمي كثير منهم وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ. أي:
فيجازيهم بحسب أعمالهم
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ لم يفرّق عيسى عليه السلام بينه وبينهم في أنّه عبد مربوب ليكون حجّة على النّصارى إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ. أي: في عبادته غير الله فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ التي هي دار الموحّدين أي: حرمه دخولها
ومنعه منه وَمَأْواهُ النَّارُ. أي: ومرجعه إليها وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ.
أي: وما للكافرين من معين ولا ناصر ولا منقذ مما هم فيه، وهو من كلام الله أو من كلام عيسى
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ.
أي: وما إله قط في الوجود إلا إله موصوف بالوحدانية لا ثاني له، وهو الله وحده لا شريك له وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ من الافتراء والكذب والكفر لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ قال منهم لأن بعضهم يسلمون أو أسلموا عَذابٌ أَلِيمٌ.
أي: نوع شديد الألم من العذاب
أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ. أي: ألا يتوبون بعد هذه الشهادة المكرّرة عليهم بالكفر، وهذا الوعيد الشديد عما هم عليه، وفيه تعجيب من إصرارهم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. أي: يغفر لهؤلاء إن تابوا ولغيرهم
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ هذا نفي للألوهية عنه قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. أي: إلا رسول من جنس الرسل الذين خلوا من قبله، وإبراؤه الأكمه والأبرص، وإحياؤه الموتى، لم يكن منه، لأنه ليس إلها، بل الله أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى على يده، كما أحيا العصا وجعلها حية تسعى على يد موسى، وخلقه من غير ذكر، كخلق آدم من غير ذكر وأنثى وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ أي وما أمه أيضا إلا كبعض النساء المصدّقات للأنبياء المؤمنات بهم كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ هذا إبعاد لهما عما نسب إليهما من معاني الألوهية، لأنّ من احتاج إلى الاغتذاء بالطعام وما يتبعه من الهضم والنّقض، لم يكن إلا جسما مركّبا من لحم وعظم وعروق وأعصاب، وغير ذلك مما يدلّ على أنّه مصنوع مؤلف كغيره من الأجسام انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ.
أي: الأعلام من الأدلة الظاهرة على بطلان قولهم ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. أي:
كيف يصرفون عن استماع الحقّ وتأمّله بعد هذا البيان. وهذا تعجيب من الله تعالى في ذهابهم عن الفرق بين الرب والمربوب
قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً. أي: أتعبدون عيسى! وهو لا يستطيع أن يضرّكم بمثل ما يضرّكم به الله من البلاء والمصائب في الأنفس والأموال، ولا أن ينفعكم بمثل ما ينفعكم به من صحّة الأبدان والسّعة والخصب، لأن كل ما يستطيعه البشر من المضار والمنافع، فبتخليقه تعالى فكأنه لا يملك منه شيئا،
وهذا دليل قاطع على أنّ أمره مناف للربوبيّة حيث جعله لا يستطيع ضرّا ولا نفعا، وصفة الرب أن يكون قادرا على كل شئ لا يخرج مقدور عن قدرته وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. أي: أتشركون بالله ولا تخشونه وهو الذي يسمع ما تقولونه، ويعلم ما تعتقدونه
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي
دِينِكُمْ الغلوّ: مجاوزة الحد، فغلوّ النّصارى رفعه فوق قدره باستحقاق الألوهية عندهم، وغلوّ اليهود وضعه عن استحقاق النّبوة غَيْرَ الْحَقِّ. أي: غلوا غير الحق يعني غلوّا باطلا وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ المراد بهم الأسلاف والأئمّة الذين كانوا على الضّلال قبل مبعث النّبي صلى الله عليه وسلم وَأَضَلُّوا كَثِيراً. أي: من تابعهم وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ حين كذّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسدوه وبغوا عليه لمّا بعث
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ. أي: ذلك اللعن بسبب عصيانهم واعتدائهم.
ثمّ فسر المعصية والاعتداء بقوله كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ. أي: كانوا لا ينهى بعضهم بعضا عن قبيح فعلوه، والمراد أنّهم لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه، أو عن مثل منكر فعلوه، أو عن منكر أرادوا فعله، أو المراد لا ينتهون عن منكر فعلوه بل يصرّون عليه، ثم عجّب من سوء فعلهم مؤكدا ذلك بالقسم فقال: لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ قال النسفي: وفيه دليل على أن ترك النهي عن المنكر من العظائم. فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عنه
تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا. أي:
يوالون المشركين ويصافونهم لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.
أي: لبئس شيئا قدّموه لأنفسهم سخط الله عليهم، أي: موجب سخط الله
وَفِي الْعَذابِ. أي: في جهنم هُمْ خالِدُونَ أي ماكثون أبدا
وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ إيمانا خالصا بلا نفاق وَالنَّبِيِّ. أي: محمد صلى الله عليه وسلم وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ. أي: القرآن مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ. أي: ما اتخذوا المشركين أولياء يعني أنّ موالاة المشركين تدلّ على نفاقهم وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ. أي مستمرون في كفرهم ونفاقهم، ويمكن أن يكون المعنى: ولو كان هؤلاء اليهود يؤمنون بالله وبموسى وما أنزل إليه يعني التّوراة ما اتخذوا المشركين أولياء كما لم يوالهم المسلمون، ولكن كثيرا منهم فاسقون: خارجون عن دينهم، فلا دين لهم أصلا
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى وصف اليهود بشدّة الشّكيمة، والنّصارى بلين العريكة. وجعل اليهود قرناء المشركين في شدّة العداوة للمؤمنين، ونبّه على تقدم قدمهم فيها بتقديمهم على المشركين، ثمّ علّل للين النصارى بقوله: ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً. أي: علماء وعبادا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. أي: علّل سهولة مأخذ النصارى وقرب مودّتهم للمؤمنين بأن منهم