الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكان آخر سماه الله سراجا. فقال: وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (الأحزاب: 46) ويمكن أن يراد به القرآن لكشفه ظلمات الكفر والشرك والحيرة والشك وغير ذلك ولإبانته ما كان خافيا على النّاس من الحق. وَكِتابٌ مُبِينٌ.
أي: واضح لأنه ظاهر الإعجاز، وعلى أنّ النّور محمّد صلى الله عليه وسلم يكون المعنى: قد جاءكم القدوة الصالحة، والكتاب الواضح. وعلى أن النّور الكتاب يكون من باب عطف الموصوف على الصّفة.
يَهْدِي بِهِ اللَّهُ الضمير في (به) راجع للقرآن. مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ. أي: رضوان الله بالإيمان به، وبرسله، وبكتابه. سُبُلَ السَّلامِ. أي: طريق السلامة والنجاة من عذاب الله. أو سبل الله التي توصل إلى رضوانه ومعرفته وجنته. وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ. أي: ظلمات الشرك والكفر، والشك والنفاق، والشهوة والفسوق، إلى نور الإسلام والمعرفة.
بِإِذْنِهِ. أي: بإرادته وتوفيقه. وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. أي:
ويرشدهم إلى الطريق الأقوم.
فوائد:
1 - [فائدة حول قوله تعالى يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ
.. ]
في قوله تعالى: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ
…
إشارة إلى أنه لا بد للاهتداء بكتاب الله من إيمان أولا، يستتبع ذلك اهتداء بكتاب الله، يستتبع ذلك سير بالطرق الموصلة إلى رضوان الله، يستتبع ذلك هداية إلى الصراط المستقيم الموصل إلى الجنّة.
2 - [إخفاء أهل الكتاب أحكام كتبهم كالرجم للزاني]
روى الحاكم بإسناد صححه عن ابن عباس قوله: «ومن كفر بالرّجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب، أي قوله: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ فكان الرجم مما أخفوه» وبهذه المناسبة ننقل مما يسمّونه التوراة حاليا ما هو مذكور فيها من حكم الرّجم للزاني: في سفر اللاويين الإصحاح العشرون. «كل إنسان من بني إسرائيل ومن الغرباء النازلين في إسرائيل أعطى من زرعه لمولك فإنّه يقتل، يرجمه شعب الأرض بالحجارة» وفي سفر التثنية:
الإصحاح الثاني والعشرين «ولكن إن كان هذا الأمر صحيحا لم توجد عذرة للفتاة، يخرجون الفتاة إلى باب بيت أبيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قباحة في إسرائيل بزناها في بيت أبيها» وفي الإصحاح نفسه «إذا كانت فتاة
عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها فأخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا» أقول في شريعتنا: إذا زنت العذراء والأعزب الذي لم يتزوج فإنهما يجلدان مائة جلدة أما المحصن والمحصنة فهما اللذان يرجمان إذا زنيا ..
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. وأيّ: كفر أفظع من هذا الكفر جعل البشر إلها. قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً. أي: الأشياء كلها تحت قهره وسلطانه فمن يمنع من قدرته ومشيئته؟ إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً. أي: إن أراد أن يهلك من زعموه إلها، وأمّه، والنّاس جميعا، والمعنى: أنّ المسيح
عبد مخلوق كسائر العباد، وذكر من في الأرض جميعا في هذا السياق إشارة إلى أنّ المسيح وأمّه من جنسهم، لا تفاوت بينهما وبينهم من حيث المعنى، وهذا يفيد أنّ من اشتمل عليه رحم الأموميّة لا يفارقه نقص البشريّة، ومن لاحت عليه شواهد الحدثية لا يليق به نعت الربوبيّة، وأنّ الله لو قطع البقاء عن جميع ما أوجد لم يعد نقص إلى الصّمدية. وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فجميع الموجودات ملكه ومنهم المسيح وأمّه وأنّى تجتمع المملوكية مع الربوبيّة! يَخْلُقُ ما يَشاءُ. أي: يخلق من ذكر وأنثى، ويخلق من أنثى بلا ذكر، ويخلق بلا ذكر ولا أنثى كما خلق آدم. ويخلق مباشرة. ويخلق بالأسباب وفي ذلك كله دليل عظمته، وعلامة كمال قدرته، والمشير إلى ربوبيته فكيف يستدل بشيء من ذلك على ربوبيّة غيره. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فله وحده الربوبية وهو وحده الإله.
والسياق كله ردّ على النّصارى فيما زعموه من شأن المسيح.
وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ. أي: نحن أعز عليه كالابن على الأب. كلّ من اليهود والنّصارى ادّعى هذه الدعوى قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ. أي: إن صحّ أنّكم أبناء الله وأحباؤه فلم تعاقبون بذنوبكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ثمّ أكمل بقوله بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ. أي: أنتم خلق من خلقه لا بنوه، فلكم أسوة أمثالكم من بني آدم، وهو سبحانه الحاكم في جميع عباده. يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وقد شاء أن يعذّب من مات على الكفر؛ عدلا، وأن يغفر لمن تاب عن الكفر؛ فضلا، ثم هو بعد أن يتوب من الكفر إن واقع المعصية فأمره إلى الله، إن شاء أن يعفو وإن شاء أن يعذّب. وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وفي هذا تنبيه على عبودية المسيح لأن الملك والنبوة متنافيان. وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ. أي: