الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن الدخول في الإسلام والمطالبة بإقامته مطلوب من الإنسان في كل حال وجد رفاه أو لم يوجد.
والصف الإسلامي يقدّم قيادته الراشدة، وهذه القيادة واجبة الطاعة على تفصيلات. وقد يكرم الله- عز وجل هذه القيادة بإلهام، ولكن وجود القيادة ووجوب طاعتها ليس متعلقا بذلك.
كلمة في السياق:
في المجموعات الثمان التي مرت معنا في هذه الجولة- بل فيها وفيما قبلها- جرى حوار شامل مع الكافرين والمشركين- بصرف النظر عن استعداداتهم- مما يشير إلى أنه لا بد من إقامة الحجة على كل كافر سواء آنسنا منه خيرا أو لم يؤنس منه أي خير.
وبعد، فقد يستجيب لدعوة الله من تغلبه نفسه في بعض الأحوال، وقد يستجيب لدعوة الله فقراء وضعفاء وعجزة، وقد يستجيب لدعوة الله ناس هم في موازين الناس أغبياء إلى آخر ما يمكن أن يقال في هذا الشأن، فما أدب الداعية في ذلك؟ إن
المجموعة التاسعة
في هذه الجولة تتحدث عن هذا كله:
تتحدث عمن هم محلّ الرجاء في الدعوة وتتحدث عن أدب الداعية مع المستجيبين!.
*** المجموعة التاسعة
بعد أن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بمجموعة أوامر بصيغة «قل» ليجابه بها الكافرين، ويحذّرهم ويردّ عليهم في مقابل اقتراحاتهم، وجّه الله رسوله توجيهين في أمر ونهي، الأمر هو وَأَنْذِرْ بِهِ أي: وأنذر بالوحي، أي: بالقرآن. الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ أي: المسلمون المقرّون بالبعث إلا أنهم مفرّطون في العمل فينذرهم بما أوحي إليه، أو أهل الكتاب لأنهم مقرّون بالبعث، ومن هنا نفهم أن الإنذار بالقرآن إنما
يستفيد منه المؤمنون بيوم القيامة، ولا يؤمن أحد بالقيامة إلا بعد إيمان بالله والرسول، ومن ثمّ فإنّ الداعية يركز أول ما يركّز على موضوع الإيمان بالله، والرسول، واليوم الآخر، وإقامة الحجة على الناس بذلك، وهذا الذي نفهمه من كلام ابن عمر «كنا نؤتى الإيمان قبل القرآن» ومن أجل هذا المعنى كتبنا سلسلة الأصول الثلاثة، ومن هنا نفهم أهمية هذا التوجيه في قضية الدعوة لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ.
أي: وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا غير منصورين ولا مشفوعا لهم لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. أي: لعلهم بهذا الإنذار يدخلون في زمرة أهل التقوى، نفهم من ذلك أن الإنذار بالقرآن والوحي من أهله طريق من طرق التحقق بالتقوى، وبعد الأمر السابق يأتي نهي، فبعد أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإنذار من أجل التقوى، أمر بعد ذلك بتقريب المتقين ونهي عن طردهم، وأثنى عليهم بأنهم يواصلون دعاء ربهم- أي عبادته- ويواظبون عليها ووسمهم بالإخلاص
وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ. أي: لا تبعد هؤلاء المتصفين بهذه الصفات عنك، بل اجعلهم جلساءك وأخصاءك، والمراد بدعاء ربهم عبادته، والمراد بالغداة والعشيّ دوامهم ومواظبتهم على العبادة، والمراد بإرادتهم وجهه إخلاصهم له إذ يعبّر بالوجه عن ذات الشئ وحقيقته، وقد يراد بالغداة والعشي الإشارة إلى صلاة الصبح والعصر، أو الصلوات المكتوبة كلها ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ. أي: ليس عليك من ذنوبهم من شئ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ. أي: كما أنك لا تحاسب عنهم فهم لا يحاسبون عنك فَتَطْرُدَهُمْ أي حسابهم عليهم لازم لهم لا يتعداهم إليك كما أن حسابك عليك لا يتعداك إليهم وإذ كان الأمر كذلك فكيف تطردهم فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ. أي: إن طردتهم والحالة هذه فإنّك تكون من الظالمين، والظلم يكون في حالة الطّرد المباشر، أو في حالة التسبّب، وهذا التوجيه من أهمّ التوجيهات في قضية الدعوة إلى الله، فإنّه لا يجوز طرد ولا إبعاد الذين يعبدون الله حتى ولو أخطئوا، أو قصّروا، أو أذنبوا، لا يجوز طردهم لا صراحة، ولا تسببا ما داموا متّصفين بهذه الصفة
وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ. أي: ومثل تلك الفتنة العظيمة، ابتلينا الأغنياء بالفقراء، والعظماء بالعامة، إذ كان أول المستجيبين لدعوة الله هم الفقراء، والضعفاء، والمساكين، وفي ذلك ابتلاء واختبار وامتحان للطرفين للكبار والضعفاء، للضعفاء، فلا تميل أعينهم عن أهل الحق، وللأغنياء والكبراء لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا. أي: أهؤلاء أنعم الله عليهم بالإيمان ونحن المقدّمون والرؤساء، وهم