الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجل- الفاسقين بأنهم: أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ* ويبدأ هذا المقطع بذكر طريق الفلاح وهو اجتماع التقوى والعمل والجهاد: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وهذا يؤكد ما ذكرناه من قبل أنّ السورة تسير على خطين: خط تبيان الفسوق الذي يوصل صاحبه إلى الكفر والنّفاق، وخط تبيان المعاني التي إذا تحقق بها الإنسان خرج عن الفسوق وتحقق بالتقوى.
المعنى العام للمقطع:
يقول الله تعالى آمرا عباده بتقواه، وهي إذا قرنت بطاعته كان المراد بها الانكفاف عن المحارم، وترك المنهيات، وأمرهم مع التقوى أن يتقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه، ثم أمرهم بقتال الأعداء من الكفّار، والمشركين الخارجين عن الطريق المستقيم، والتّاركين للدّين القويم، ورغبهم في ذلك بما أعدّه للمجاهدين في سبيله يوم القيامة من الفلاح والسعادة العظيمة الخالدة المستمرة، التي لا تبيد، ولا تحول، ولا تزول، في الغرف العالية الرّفيعة الآمنة، الحسنة مناظرها، الطيبة مساكنها، التي من سكنها ينعم ولا يبأس، ويحيا ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، ثم أخبر تعالى بما أعدّ لأعدائه الكفّار من العذاب والنّكال يوم القيامة، حتى لو أن أحدهم جاء يوم القيامة بملء الأرض ذهبا، وبمثله ليفتدي بذلك من عذاب الله الذي قد أحاط به، وتيقّن وصوله إليه ما تقبل ذلك منه، بل لا مندوحة عنه، ولا محيص له ولا مناص، وعذابهم في جهنم موجع، وهم لا يزالون يريدون الخروج مما هم فيه من سكرته، وأليم مسّه، ولا سبيل لهم إلى ذلك، بل عذابهم دائم مستمر لا خروج لهم منها، ولا محيد لهم عنها. وفي هذا السياق يأمر تعالى بقطع يد السارق والسارقة؛ مجازاة لهما على صنيعهما السيئ في أخذهما أموال الناس بأيديهم، فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك تنكيلا من الله بهما على ارتكاب ذلك، ذلك حكم الله العزيز في انتقامه، الحكيم في أمره ونهيه وشرعه وقدره.
ثم بيّن تعالى أن من تاب بعد سرقته، وأناب إلى الله فإن الله يتوب عليه فيما بينه وبينه، فأمّا أموال النّاس فلا بد من ردّها إليهم، أو ردّ بدلها عند الجمهور، ثم ذكّر الله- عز وجل بمالكيته للسماوات والأرض، فهو المالك لجميع ذلك، الحاكم فيه الذي لا معقّب لحكمه، وهو الفعّال لما يريد؛ فيغفر لمن يشاء، ويعذّب من يشاء وهو على كل شئ قدير.