الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا رواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين. وقال السدي:
كان المشركون حين خرجوا من مكة إلى بدر أخذوا بأستار الكعبة، فاستنصروا الله وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين، وأكرم الفئتين، وخير القبيلتين. فقال الله: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ يقول: قد نصرت ما قلتم وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
ولنعد إلى التفسير الحرفي:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ في كل شئ ومن ذلك القتال وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ ولا تتولوا عنه أي ولا تعرضوا عن طاعته وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ أي وأنتم تسمعونه
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا أي ادعوا السمع والطاعة وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ولا يطيعون في الحقيقة كالمنافقين والمعنى: أنكم أيها المؤمنون تصدقون بالقرآن والنبوة، فإذا توليتم عن طاعة الرسول- وخاصة في القتال الذي هو موضوع السورة أشبه سماعكم سماع من لا يؤمن
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ أي إن شر من يدب على وجه الأرض البهائم، وإن شر البهائم الذين هم صم عن الحق لا يعقلونه، خرس عن الحق لا ينطقون به، ولا يتكلمون فيه، ولا يدعون إليه، جعلهم من جنس البهائم
ثم جعلهم شرها لأنهم عاندوا بعد الفهم وكابروا بعد العقل وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ أي في هؤلاء الصم البكم خَيْراً أي صدقا ورغبة لَأَسْمَعَهُمْ أي لجعلهم سامعين حتى يسمعوا سماع المصدقين وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا أي ولو أسمعهم وصدقوا لارتدوا بعد ذلك ولم يستقيموا وَهُمْ مُعْرِضُونَ أي عن الإيمان.
فائدة:
هذا هو التوجيه الثاني في هذا المقطع. وهو أمر بالطاعة المطلقة لله والرسول، وأمر بالسماع الدقيق لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن القتال وغيره في الظاهر والباطن. وبدون ذلك لا يكون نصره رباني. فالنصر الرباني مفتاحه، وشرطه وسببه الطاعة الكاملة لله والرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان هذا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحا، وأما بعد وفاته عليه الصلاة السلام، فالطاعة لله ورسوله تكون بالتزام كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من قبل المسلمين أمراء وجند، ومن ثم طاعة الأمراء في الله، وبدون ذلك لا يقوم قتال ولا جهاد رباني.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ الاستجابة: الطاعة والامتثال، والدعوة: البعث والتحريض لِما يُحْيِيكُمْ اختلف المفسرون في المراد بما يحيي هنا هل هو كل ما أنزل الله من وحي، أو هو الجهاد، لأنه بدون جهاد يتغلب الكافرون فيقتلون المسلمين ويذلونهم ويحرفونهم، ولأن الجهاد هو طريق الشهادة التي هي طريق الحياة؟ والذي أرجحه أن المراد بذلك الاستجابة المطلقة، ومنها الاستجابة إلى الحرب خاصة، وما الفارق بين هذا التوجيه والتوجيه السابق؟ الذي يبدو أن الاستجابة تدخل فيها حالات خاصة فهي جزء من الطاعة، ولكن لها مضمونها، فالاستجابة تفيد قوة التجاوب مع الاستنفار للحرب وغيره، ومما يؤكد أن الاستجابة في الآية يدخل فيها الاستجابة لأمر الحرب ما رواه محمد بن إسحاق عن عروة بن الزبير في تفسير قوله تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ قال أي للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم. اه. وإذن فالآية تحض حضا خاصا على الاستجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن القتال، مع ملاحظة وجوب الاستجابة لله والرسول في كل شئ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ إما بتقليب قلبه عقوبة له، وإما بفرار قلبه عن المعاني الإيمانية الصالحة لعدم استقامة الجوارح، وإما بتفويت الفرصة على الإنسان حتى يصل إلى التمكن من إخلاص القلب لله بالموت أو بالصوارف، ومن ثم فعليكم بالاستجابة لله والرسول ليوفق قلوبكم إلى الخير وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي: واعلموا أنكم تحشرون إليه فيثيبكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة، وكما يترتب على عدم الاستجابة لله والرسول صرف القلب عن الخير أو الإيمان فإنه يترتب على ذلك نزول عذاب
وَاتَّقُوا فِتْنَةً أي اختبارا ومحنة يعم بها المسئ وغيره، ولا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب بل يعمهما حيث لم تدفع المعاصي وترفع لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة ولكنها تعمكم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ إذا عاقب، ولكي تكون الاستجابة كاملة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالقتال وما يشبهه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك، ذكرهم بحالهم قبل بدر وحالهم بعده
وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ أي واذكروا وقت كونكم قلة أذلة مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ لأن الناس كلهم كانوا لهم أعداء مضادين فَآواكُمْ أي في المدينة وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ يوم بدر وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ كالغنائم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ هذه النعم فتستجيبون لله