المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفوائد: 1 - بمناسبة قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا - الأساس في التفسير - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة في آفاق الوحدة القرآنية بين يدي المجلد الرابع

- ‌سورة الأعراف

- ‌كلمة في سورة الأعراف ومحلها في السياق القرآني ومحورها:

- ‌ نقول

- ‌كلمة في أقسام سورة الأعراف ومقاطعها

- ‌[القسم الاول]

- ‌مقدمة السورة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الأول:

- ‌«الفقرة الأولى»

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الأولى:

- ‌نقول وفصول:

- ‌فصل: في مظاهر من الكبر:

- ‌فصل: في التواضع:

- ‌فصل: في مناقشة التطوريين:

- ‌فصل: في حكمة إنظار إبليس:

- ‌فصل: في تعقيبات على قصة آدم:

- ‌فوائد:

- ‌[الفقرة الثانية]

- ‌المجموعة الأولى

- ‌يقول صاحب الظلال:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تعليقات:

- ‌كلمة فى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق المجموعة:

- ‌تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الثانية

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تفسير الفقرة الثالثة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌[القسم الثاني]

- ‌ المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌فائدة:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌بين يدي الكلام عن المقاطع الثلاثة الآتية بالسورة

- ‌ المقطع الثاني من القسم الثاني:

- ‌تلخيص لمعاني المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ملاحظات على هذه النقول:

- ‌المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌ المعنى الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد حول الآية:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد حول المقطع:

- ‌نظرة في كتاب العهد القديم فيما يخص المقطع:

- ‌في الإصحاح الرابع والعشرين في سفر الخروج:

- ‌فصل: في البشارة برسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع في القسم الثاني

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثالث من سورة الأعراف

- ‌استعراض لمعاني القسم:

- ‌المعنى العام للقسم:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق هذا القسم:

- ‌كلمة في سورة الأعراف:

- ‌سورتا الأنفال وبراءة

- ‌كلمة في محل السورتين ضمن السياق القرآني العام

- ‌سورة الأنفال

- ‌[القسم الاول]

- ‌مقدمة السورة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الأول من القسم الأول

- ‌ المعني العام

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثاني من القسم الأول:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌مسألة مهمة:

- ‌قال الجصاص عند قوله تعالى:

- ‌فوائد

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ القسم الثاني

- ‌ المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للمجموعة الأولى:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى الحرفى للمجموعة الثانية:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي للمجموعة الثالثة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفوائد:

- ‌قضيتان مهمتان:

- ‌ المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌كلمة في هذا المقطع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الأولى:

- ‌كلمة في آيات القتال:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌التفسير الحرفي للفقرة الثانية من المقطع الثاني من القسم الثاني:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ خاتمة سورة الأنفال

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سورة الأنفال:

- ‌سورة التوبة

- ‌كلمة في سورة التوبة:

- ‌القسم الأول

- ‌بين يدي هذا القسم:

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع الأول:

- ‌فوائد:

- ‌ولننتقل الآن إلى التفسير الحرفي للمقطع الثاني:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع الثالث:

- ‌[الفقرة الأولى]

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌قال الألوسي:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الثانية من المقطع الثالث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثاني من سورة براءة

- ‌المقطع الأول

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ التفسير الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد

- ‌فائدة:

- ‌ الفوائد

- ‌فوائد:

- ‌المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل: في الكينونة مع الصادقين:

- ‌المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة بين يدي هذا المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثالث والأخير

- ‌كلمة في هذه الآيات:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في أواخر سورة براءة

- ‌كلمة في سورتي الأنفال وبراءة

- ‌كلمة حول القسم الأول من أقسام القرآن:

- ‌ملاحظات حول هذا القسم:- ملاحظات للمربين

الفصل: ‌ ‌الفوائد: 1 - بمناسبة قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا

‌الفوائد:

1 -

بمناسبة قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ يذكر ابن كثير حديثين صحيحين:

الأول: عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر» .

والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها» .

2 -

وبمناسبة قوله تعالى: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ نذكر هذين الحديثين: ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل» . وعن أبي موسى الأشعري قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله عز وجل؟ فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في

سبيل الله عز وجل».

وهذا يفيد أن الهدف النهائي للقتال في الإسلام الوصول إلى وضع عالمي تكون فيه كلمة الله هي العليا، والسلطان للمسلمين، لا من أجل إكراه على دين. ولكن حتى لا تبقى سلطة أو وضع يحول بين إنسان وحرية الدخول في الإسلام، وإقامة شعائره.

3 -

وبمناسبة قوله تعالى: فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ذكر ابن كثير هذا الحديث الصحيح. قال: وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأسامة لما علا ذلك الرجل بالسيف فقال لا إله إلا الله، فضربه فقتله، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأسامة:«أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ وكيف تصنع بلا إله إلا الله يوم القيامة؟» . فقال يا رسول الله إنما قالها تعوذا. قال: «هلا شققت عن قلبه؟» .

وجعل يقول ويكرر عليه «من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟» قال أسامة حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ.

4 -

وكنموذج على الفتنة ما حدث للمسلمين في ابتداء الإسلام كما روى ابن جرير عن عروة بسند صحيح أن عبد الملك بن مروان كتب إليه يسأله عن أشياء، فكتب إليه عروة (وفيما كتب نموذج على ما ذكرنا قال): سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنك كتبت إلي تسألني عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة. وسأخبرك به ولا حول ولا قوة إلا بالله: كان من شأن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 2168

من مكة أن الله أعطاه النبوة: فنعم النبي، ونعم السيد، ونعم العشيرة. فجزاه الله خيرا، وعرفنا وجهه في الجنة، وأحيانا على ملته، وأماتنا وبعثنا عليها. وأنه لما دعا قومه لما بعثه الله به من الهدى والنور الذي أنزل عليه لم يبعدوا منه أول ما دعاهم إليه، وكانوا يسمعون له حتى إذا ذكر طواغيتهم، وقدم ناس من الطائف من قريش لهم أموال أنكر ذلك عليه ناس، واشتدوا عليه، وكرهوا ما قال، وأغروا به من أطاعهم، فانعطف عنه عامة الناس، فتركوه إلا من حفظه الله منهم، وهم قليل، فمكث بذلك ما قدر الله أن يمكث، ثم ائتمرت رءوسهم بأن يفتنوا من اتبعه عن دين الله، من أبنائهم وإخوانهم وقبائلهم، فكانت فتنة شديدة الزلزال، فافتتن من افتتن، وعصم الله من شاء منهم، فلما فعل ذلك بالمسلمين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى أرض الحبشة، وكان بالحبشة ملك صالح يقال له النجاشي، لا يظلم أحد بأرضه، وكان يثنى عليه مع ذلك، وكانت أرض الحبشة متجرا لقريش، يتجرون فيها، وكانت مساكن لتجارهم، يجدون فيها رفاغا من الرزق وأمنا، ومتجرا حسنا، فأمرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب إليها عامتهم لما قهروا بمكة، وخافوا عليهم الفتن، ومكث هو فلم يبرح، فمكث بذلك سنوات يشتدون على من أسلم منهم، ثم إنه فشا الإسلام فيها، ودخل فيه رجال من أشرافهم ومنعتهم، فلما رأوا ذلك استرخوا استرخاءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه، وكانت الفتنة الأولى هي التي أخرجت من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أرض الحبشة، مخافتها، وفرارا مما كانوا فيه من الفتن والزلزال، فلما استرخي عنهم، ودخل في الإسلام من دخل منهم، تحدث باسترخائهم عنهم، فبلغ من كان بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد استرخي عمن كان منهم بمكة، وأنهم لا يفتنون، فرجعوا إلى مكة، وكادوا يأمنون بها، وجعلوا يزدادون ويكثرون، وأنه أسلم من الأنصار بالمدينة ناس كثير، وفشا الإسلام بالمدينة، وطفق أهل المدينة يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلما رأت قريش ذلك، تآمروا على أن يفتنوهم ويشتدوا، فأخذوهم، فحرصوا على أن يفتنوهم، فأصابهم جهد شديد، فكانت الفتنة الآخرة، فكانت فتنتان: فتنة أخرجت من خرج إلى أرض الحبشة حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بها، وأذن لهم في الخروج إليها، وفتنة لما رجعوا ورأوا من يأتيهم من أهل المدينة، ثم أنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة سبعون نقيبا، رءوس الذين أسلموا فوافوه بالحج، فبايعوه بالعقبة، وأعطوه عهودهم ومواثيقهم، على أنا منك وأنت منا، وعلى أن من جاء من أصحابك أو جئتنا، فإنا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا، فاشتدت عليهم

ص: 2169

قريش عند ذلك، فأمر رسول الله أصحابه أن يخرجوا إلى المدينة، وهي الفتنة الآخرة التي أخرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وخرج هو، وهي التي أنزل الله عز وجل فيها وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ

5 -

وفي آية الغنائم كلام كثير نجتزئ منه الفقرات التالية:

أ- قال ابن كثير: والغنيمة: هي المال المأخوذ من الكفار بإيجاف الخيل والركاب.

والفئ: ما أخذ منهم بغير ذلك، كالأموال التي يصالحون عليها، أو يتوفون عنها، ولا وارث لهم، والجزية والخراج ونحو ذلك، هذا مذهب الإمام الشافعي في طائفة من علماء السلف والخلف، ومن العلماء من يطلق الفئ على ما تطلق عليه الغنيمة، وبالعكس أيضا. ولهذا ذهب قتادة إلى أن هذه الآية ناسخة لآية الحشر ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى الآية. قال: فنسخت آية الأنفال تلك، وجعلت الغنائم: أربعة أخماس للمجاهدين وخمسا منها لهؤلاء المذكورين، وهذا الذي قاله بعيد لأن هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر، وتلك نزلت في بني النضير، ولا خلاف بين علماء السير والمغازي قاطبة أن بني النضير بعد بدر، وهذا أمر لا يشك فيه ولا يرتاب، فمن يفرق بين معنى الفئ والغنيمة يقول: تلك نزلت في أموال الفئ، وهذه في الغنائم، ومن يجعل أمر الغنائم والفئ راجعا إلى رأي الإمام يقول: لا منافاة بين آية الحشر وبين التخميس إذا رآه الإمام والله أعلم.

ب- اختلف المفسرون في قوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ .. هل المراد بذكر لفظ الجلالة هنا أن يفرد سهم من الغنائم خاص للإنفاق على مثل الكعبة، أو أن ذكر لفظ الجلالة هنا للتبرك؟ الراجح أنه استفتاح كلام للتبرك؛ لأن الخمس كله لله، يشهد لذلك الحديث الصحيح الذي رواه البيهقي عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى، وهو يعرض فرسا فقلت: يا رسول الله ما تقول في الغنيمة؟ فقال: «لله خمسها، وأربعة

أخماسها للجيش» قلت: فما أحد أولى به من أحد؟ قال: «لا، ولا السهم تستخرجه من جنبك، ليس أنت أحق به من أخيك المسلم» . واختلفوا في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قال ابن كثير: قال قائلون: يكون لمن يلي الأمر من بعده، وقال: آخرون يصرف في مصالح المسلمين، وقال آخرون: بل هو مردود على بقية الأصناف، ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وقال آخرون بل سهم النبي صلى الله عليه وسلم، وسهم ذوي القربى مردودان على اليتامى، والمساكين، وابن السبيل. قال

ص: 2170

الأعمش عن إبراهيم: كان أبو بكر وعمر يجعلان سهم النبي صلى الله عليه وسلم فى الكراع (أي الدواب المخصصة للحرب) والسلاح.

ج- روى الإمام أحمد عن المقدام بن معد يكرب الكندي أنه جلس مع عبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، والحارث بن معاوية الكندي رضي الله عنهم، فتذاكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو الدرداء لعبادة: يا عبادة كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس فقال عبادة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم في غزوة إلى بعير من المغنم، فلما سلم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول وبرة بين أنملتين فقال:«إن هذه من غنائمكم وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط، وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلوا فإن الغلول عار ونار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في السفر والحضر، وجاهدوا في الله؛ فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم، ينجي الله به من الهم والغم» . قال ابن كثير: هذا حديث عظيم.

د- بوب البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان بابا سماه «باب أداء الخمس من الإيمان» ويشهد لهذا قوله تعالى في آخر آية الغنائم إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ .. * وذكر البخاري دليلا على ما بوب له الحديث الذي رواه مسلم أيضا عن عبد الله بن عباس في حديث وفد عبد القيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم:«وآمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع، آمركم بالإيمان بالله- ثم قال-: هل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا الخمس من المغنم» .

6 -

وبمناسبة قوله تعالى: يَوْمَ الْفُرْقانِ ننقل ما يلي:

روى عبد الرزاق عن عروة في قوله يَوْمَ الْفُرْقانِ يوم فرق الله بين الحق والباطل، وهو يوم بدر، وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة، فالتقوا يوم الجمعة لتسع عشرة- أو سبع عشرة- مضت من رمضان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، والمشركون ما بين الألف والتسعمائة، فهزم الله المشركين، وقتل منهم زيادة على السبعين، وأسر منهم مثل ذلك. وقد روى الحاكم في مستدركه

عن ابن مسعود قال في ليلة القدر:

تحروها لإحدى عشر يبقين فإن في صبيحتها يوم بدر. وقال على شرطهما. وروى ابن

ص: 2171

جرير .. أن الحسن بن علي قال: كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان لسبع عشرة من رمضان. إسناده جيد قوي. وهو الصحيح عند أهل المغازي والسير.

7 -

وبمناسبة الكلام عن غزوة بدر في آخر هذا المقطع الذي مر معنا يذكر ابن كثير مجموعة روايات تفيد في فهم الآيات قال ابن كثير:

(وفي حديث كعب بن مالك قال: إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد. وروى ابن جرير .. عن عمير ابن إسحاق قال: أقبل أبو سفيان في الركب من الشام، وخرج أبو جهل ليمنعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالتقوا ببدر ولا يشعر هؤلاء بهؤلاء، ولا هؤلاء بهؤلاء، حتى التقت السقاة، ونهد الناس بعضهم لبعض. وروى محمد بن إسحاق في السيرة:

ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه ذلك حتى إذا كان قريبا من الصفراء، بعث بسبس ابن عمرو، وعدي بن أبي الزغباء الجهنيين، يلتمسان الخبر عن أبي سفيان، فانطلقا حتى إذا وردا بدرا، فأناخا بعيريهما إلى تل من البطحاء، فاستقيا في شن لهما من الماء، فسمعا جاريتين تختصمان تقول إحداهما لصاحبتها اقضيني حقي، وتقول الأخرى إنما تأتي العير غدا أو بعد غد؛ فأقضيك حقك، فخلص بينهما مجدي بن عمر؛ وقال:

صدقت، فسمع بذلك بسبس وعدي، فجلسا على بعيريهما حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه الخبر، وأقبل أبو سفيان حين وليا وقد حذر، فتقدم أمام عيره وقال لمجدي بن عمرو: هل أحسست على هذا الماء من أحد تنكره؟ فقال لا والله إلا أني قد رأيت راكبين أناخا إلى هذا التل، فاستقيا من شن لهما، ثم انطلقا، فجاء أبو سفيان إلى مناخ بعيريهما، فأخذ من أبعارهما ففته، فإذا به النوى فقال: هذه والله علائف يثرب، ثم رجع سريعا فضرب وجه عيره، فانطلق بها للساحل، حتى إذا رأى أنه قد أحرز عيره بعث إلى قريش، فقال إن الله قد نجى عيركم وأموالكم ورجالكم فارجعوا، فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نأتي بدرا- وكانت بدر سوقا من أسواق العرب- فنقيم بها ثلاثا، فنطعم بها الطعام، وننحر بها الجزر، ونسقي بها الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب، وبمسيرنا، فلا يزالون يهابوننا بعدها أبدا، فقال الأخنس بن شريق: يا معشر بني زهرة، إن الله قد أنجى صاحبكم فارجعوا، فأطاعوه فرجعت بنو زهرة، فلم يشهدوها ولا بنو عدي. ثم روى محمد بن إسحاق

عن عروة بن الزبير قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دنا من بدر على بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام في نفر من أصحابه يتجسسون له الخبر فأصابوا سقاة لقريش

ص: 2172

غلاما لبني سعيد بن العاص، وغلاما لبني الحجاج، فأتوا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوه يصلي، فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونهما

لمن أنتما؟ فيقولان: نحن سقاة لقريش بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان، فضربوهما فلما أزلقوهما، قالا: نحن لأبي سفيان، فتركوهما وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتين ثم سلم وقال:«إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله إنهما لقريش أخبراني عن قريش» قالا: هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى (والكثيب: العقنقل) فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كم القوم؟» : قالا: كثير، قال ما عدتهم؟» قالا: ما ندري، قال:«كم ينحرون كل يوم؟» قالا: يوما تسعا ويوما عشرا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القوم ما بين التسعمائة إلى الألف» ثم قال لهما: «فمن فيهم من أشراف قريش؟» قالا: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل بن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدي بن نوفل، والنضر بن الحارث، وزمعة ابن الأسود. وأبو جهل بن هشام. وأمية بن خلف، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وسهيل ابن عمرو، وعمرو بن عبد ود. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال:«هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها» . ثم روى محمد بن إسحاق

أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما التقى الناس يوم بدر: يا رسول الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه، وننيخ إليك ركائبك، ونلقى عدونا، فإن أظفرنا الله عليهم وأعزنا فذاك ما نحب، وإن تكن الأخرى فتجلس على ركائبك، وتلحق بمن وراءنا من قومنا، فقد- والله- تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد لك حبا منهم، لو علموا أنك تلقى حربا، ما تخلفوا عنك، ويوازرونك، وينصرونك، فأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له به، فبني له عريش، فكان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر ما معهما غيرهما. ثم قال ابن إسحاق: وارتحلت قريش حين أصبحت، فلما أقبلت ورآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل (وهو الكثيب) الذي جاءوا منه إلى الوادي فقال:«اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها، وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة» . ثم قال محمد ابن إسحاق في قوله تعالى لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ أي ليكفر من كفر بعد الحجة، لما رأى من الآية والعبرة، ويؤمن من آمن على مثل ذلك.

وهذا تفسير جيد).

8 -

وبمناسبة قوله تعالى وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ. قال الألوسي: (وإنما قللهم سبحانه في أعين المسلمين حتى قال ابن

ص: 2173