الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رحيم بهم، ثم تختم السورة بآية تأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال إعراض المسلمين عن الجهاد أن يقول: حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
المعنى العام:
تبدأ خاتمة السورة بأمر للمؤمنين بأن يقاتلوا الكفار الأقرب فالأقرب، وهي الاستراتيجية التي لا يجوز للمسلمين أن يغفلوها إطلاقا، لأن إغفالها فيه قضاء على الإسلام، فأنت عند ما تنطلق لتجاهد الأبعدين تعطي فرصة للقريبين أن يجتثوك في المركز، وقد أمر الله عز وجل المؤمنين مع هذا بأن يكونوا غلاظا في حربهم، وأن يعلموا أن الله معهم، والأمر الأخير في هذا المقام يفيد: ألا ينظر المسلمون إلى ما يمكن أن يقوله عنهم أعداؤهم، أو باصطلاح العصر ألا يبالوا بما يقوله الرأي العام، وهم يجاهدون أعداء الله.
ثم ختم الله السورة بالبيان أن سور القرآن تزيد المؤمن إيمانا، أما المنافق فلا تزيده إلا نفاقا، ثم ذكر الله هؤلاء المنافقين بأن ما يحدث لهم ينبغي أن يكون مذكرا لهم ليتوبوا وهيهات. ثم بين الله عز وجل كيف أن موفق المنافقين مما يتنزل من القرآن الإعراض والفرار؛ لأن قلوبهم مصروفة عن الحق، ثم امتن الله عز وجل على المؤمنين بما أكرمهم به من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفاته، من حرصه عليهم، ورغبته عن كل ما يشق عليهم، ورأفته ورحمته بهم، ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوكل على الله وحده إذا صادف إعراضا. وهكذا وجهت هذه الآيات المؤمنين، وعرت المنافقين، وعلمت قيادات المسلمين كيف ينبغي أن تكون. وعلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم والقيادات الإسلامية ماذا تقول إذا رأت إعراضا من المسلمين عن القتال وغيره من أوامر الإسلام.
المعنى الحرفي:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ أي يقربون منكم أي قاتلوا الأقرب فالأقرب، إن قتال كل الكافرين واجب، ولكن قتال الأقرب فالأقرب أوجب، ومن ثم كان قتال المسلمين الكفار المتسلطين من مرتدين وناكثين في أوطانهم أوجب، ولهذا التوجيه أهمية خاصة في الحركة الجهادية وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً أي شدة وعنفا في المقال والقتال، وهذا التوجيه مهم جدا، وخاصة في عصرنا، إذ يحاول الكثيرون أن يخدعونا عما تحتاجه الحرب من غلظة تحت شعاري: الإنسانية، أو مراعاة الرأي العام وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ أي بالنصرة والغلبة، وهذا التوجيه
في هذا المقام فيه تحرير للنفسية الإسلامية من خوف الكفرة المجاورين، أو خوف الرأي العام في حالة الغلظة، وهكذا حددت السورة مع سورة الأنفال كل ما يلزم في شأن القتال والجهاد، فكيف تكون مواقف الناس بعد هذا البيان؟ هذا ما تحدده الآيات الأربع الآتية:
وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ أي فمن المنافقين مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً أي هذا ما يقوله بعضهم لبعض إنكارا واستهزاء وتعليقا على السورة فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ أي السورة إِيماناً أي يقينا وثباتا، أو خشية والتزاما، ولنتذكر في هذا المقام ما بدأت به سورة الأنفال في وصف المؤمنين من كونهم إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا لنرى الصلة بين خاتمة براءة وبداية الأنفال، ولنرى بعد ذلك الصلة بين السورتين، وأن كلا منهما تكمل الأخرى، فهما في حكم سورة واحده كما رأينا
أكثر مرة وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ أي مع زيادة الإيمان هم يستبشرون بوعد الله مع قيامهم بحق الله، إذا أنهم يعدون زيادة التكليف بشارة التشريف
وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي شك ونفاق فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ أي كفرا مضموما إلى كفرهم، إذ أنهم أضافوا كفرا بالسورة الجديدة إلى كفرهم بما سبق وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ فهم مصرون على الكفر حتى الموت
أَوَلا يَرَوْنَ أي هؤلاء المنافقون أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أي يبتلون بالقحط والمرض وغير ذلك في كل عام مرة أو مرتين، أو يمتحنون للتنفيذ والتطبيق مرة أو مرتين، ولا ينفذون، ولا يطبقون فيفتضحون ثُمَّ لا يَتُوبُونَ عن نفاقهم وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ أي ولا هم يعتبرون
وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ أي تغامزوا بالعيون؛ إنكارا للوحي وسخرية به قائلين هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ أي من المسلمين لننصرف حتى لا نفتضح، أو حتى لا يرانا أحد إن انصرفنا ثُمَّ انْصَرَفُوا أي خلسة صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ أي عن فهم القرآن بِأَنَّهُمْ أي بسبب أنهم قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ أي لا يتدبرون حتى يفقهوا، وفي ذلك إشارة إلى أن الفقيه من تدبر كتاب الله وقام بحقوقه وإذ تبينت المواقف من التكليف الشاق في سور القرآن ختم الله السورة ببيان منته على المؤمنين، إذ أرسل لهم رسوله صلى الله عليه وسلم مع البيان لرسوله صلى الله عليه وسلم ما ينبغي أن يقوله في حالة إعراض أحد عن التكليف، وفي ذلك إشارة إلى أن الأمر بالجهاد هو عين الرحمة، وأن المتولي يغني الله عنه
لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ هو محمد عليه الصلاة والسلام مِنْ أَنْفُسِكُمْ أي من جنسكم ونسبكم أيها العرب المخاطبون الأول بهذا القرآن، أو من جنسكم أيها البشر لتقوم عليكم الحجة به أن ما جاء به