الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن لا تخرق عينيه هذه الشهادة فليقرأ «السلوك الجنسي عند الرجال» و «والسلوك الجنسي عند النساء» في تقرير «كنزي» الأمريكي ولكن هذه الأجهزة الموجهة ما تزال تردد هذه الأكذوبة وتسندها إلى حجاب المرأة لتؤدي ما تريده بروتوكولات صهيون ووصايا مؤتمرات المبشرين ونعود إلى قوم لوط فيتجلى لنا الانحراف مرة أخرى في جوابهم لنبيهم:
وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ يا عجبا أو من يتطهر يخرج من القرية إخراجا ليبقى فيها الملوثون المدنسون؟! ولكن لماذا العجب؟ وماذا تصنع الجاهلية الحديثة؟ أليست تطارد الذين يتطهرون فلا ينغمسون في الوحل الذي تنغمس فيه مجتمعات الجاهلية- وتسميه تقدمية وتحطيما للأغلال عن المرأة وغير المرأة- أليست تطاردهم في أرزاقهم وأنفسهم وأموالهم وأفكارهم وتصوراتهم كذلك ولا تطيق أن تراهم يتطهرون لأنها لا تتسع ولا ترحب إلا بالملوثين الدنسين القذرين؟ إنه منطق الجاهلية في كل حين؟؟ وتعرض الخاتمة سريعا بلا تفصيل ولا تطويل: فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ- إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ- وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ.
فوائد:
1 -
قال ابن كثير: (ولوط هو ابن هاران بن آزر) وهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليهما السلام، وكان قد آمن مع إبراهيم عليه السلام، وهاجر معه إلى أرض الشام فبعثه الله إلى أهل سدوم وما حولها من القرى يدعوهم إلى الله عز وجل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها، لم يسبقهم بها أحد من بني آدم ولا غيرهم، وهو إتيان الذكور دون الإناث وهذا شئ لم يكن بنو آدم تعهده، ولا تألفه، ولا يخطر ببالهم، حتى صنع ذلك أهل سدوم- عليهم لعائن الله- قال عمرو بن دينار في قوله ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ قال: ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط. وقال الوليد بن عبد الملك- الخليفة الأموي باني جامع دمشق- لولا أن الله عز وجل قص علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا»
أقول: إنه ما من شهوة أظهر بطلانا في العقل وانحرافا عن سنة الفطرة كهذه الشهوة التي لا تنتج إلا مقتا. فالشهوة الجنسية ركبها الله في الإنسان لدفع الذكر نحو الأنثى؛ ليبقى الجنس البشري، فعند ما تصرف هذه الشهوة عن طريقها بذلك فذلك منتهى الجهل. قدر لو اكتفى الرجال بالرجال كم يبقى الجنس البشري؟
وفي سفر التكوين من أسفار العهد القديم الإصحاح الحادي عشر (ولد تارح ابرام وناحور وهاران، وولد هاران لوطا) وتارح هو آزر وعلى هذا فإن رواية سفر التكوين متفقة مع ما ذكره ابن كثير. وقد ذكر انتقال لوط إلى سدوم في الإصحاح الثالث عشر من سفر التكوين، وذكر في الإصحاح التاسع عشر قصة إهلاك سدوم وعمورة، وفي هذا الإصحاح (وإذا أشرقت الشمس على الأرض دخل لوط إلى صوغر فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من قلب السماء وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض ونظرت امرأته من ورائه فصارت عمود ملح) وفي هذا الإصحاح غير ما ذكرنا من السخف والجرأة على الأنبياء ما لا يفعله إلا اليهود- عليهم لعنة الله- تجرءوا على قتل الأنبياء واتهامهم بكل نقيصة فاختلطت كتبهم بشيء من الحق مع زيف كثير.
2 -
وفي العقوبة التشريعية في الإسلام لمن يعمل عمل قوم لوط يقول ابن كثير:
«وقد ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله: إلى أن اللائط يلقى من شاهق ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط. وذهب آخرون من العلماء إلى أنه يرجم سواء كان محصنا أو غير محصن وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله، والحجة ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث الدراوردي
…
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به» . وقال آخرون: هو كالزاني، فإن كان محصنا رجم وإن لم يكن محصنا جلد مائة جلدة وهو القول الآخر للشافعي، وأما إتيان النساء في الأدبار فهو اللوطية الصغرى، وهو حرام بإجماع العلماء، إلا قولا شاذا لبعض السلف، وقد ورد في النهي عنه أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولنا كلام على قصة قوم لوط وقراهم سيأتي في محله إن شاء الله.
وبعد قصة قوم لوط تأتي قصة قوم شعيب: وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً مدين تطلق على القبيلة وعلى المدينة كما سنرى. أي وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا ويسميه العلماء خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه وكانوا أهل بخس للمكاييل والموازين قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ دعاهم إلى الله وتوحيده وتلك دعوة كل رسول قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أي معجزة ولم يذكر القرآن ما هي معجزته فدل ذلك على أنه ما من رسول إلا وله معجزة بها تقوم الحجة على قومه، ذكر ذلك أو لم يذكر بينت أو لم تبين فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ أي أتموهما وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ
أَشْياءَهُمْ أي ولا تنقصوا حقوقهم بتطفيف الكيل ونقصان الوزن وكانوا يبخسون الناس كل شئ في مبايعتهم، أو لا تخونوا الناس في أموالهم وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها أي لا تفسدوا فيها بعد ما أصلح فيها الصالحون من الأنبياء والأولياء ذلِكُمْ أي ما ذكر من الوفاء بالكيل والميزان، وترك البخس، والإفساد في الأرض خَيْرٌ لَكُمْ قال النسفي: في الإنسانية وحسن الأحدوثة. وأقول: في الدنيا والآخرة إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي مصدقين لي في قولي
وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ أي بكل طريق تُوعِدُونَ أي من آمن بشعيب بالعذاب وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن عبادته ودينه وطريقه مَنْ آمَنَ بِهِ أي بالله وَتَبْغُونَها عِوَجاً أي وتطلبون لسبيل الله العوج أي تصفونها للناس بأنها سبيل معوجة غير مستقيمة؛ لمنعهم عن سلوكها أو تطلبون الطريقة المعوجة. والمعنى: لا تقعدوا موعدين وصادين عن سبيل الله وباغين عوجا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ أي واذكروا على جهة الشكر وقت كونكم قليلا عددكم فكثركم الله ووفر عددكم وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ أي كيف كان آخر أمر من أفسد قبلكم من الأمم، كقوم نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام
وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا أي فانتظروا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا أي بين الفريقين بأن ينصر المحقين على المبطلين، ويظهرهم عليهم وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ لأن حكمه حق وعدل، لا يخاف فيه الجور، وفي الآية بيان أن الدعوة إلى الله تقسم الناس قسمين: أهل حق، وأهل باطل، وفي الآية
وعيد للكافرين بانتقام الله منهم، وحث للمؤمنين على الصبر واحتمال ما كان يلحقهم من المشركين إلى أن يحكم الله بينهم وينتقم لهم منهم، ويحتمل أن تكون الآية خطابا للفريقين حتى يحكم الله فيميز الخبيث من الطيب
قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ والاستكبار على الأنبياء ودعوتهم كفر فالذين استكبروا هم الذين كفروا لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا أي ليكونن أحد الأمرين إما إخراجكم وإما عودكم في الكفر قالَ أي شعيب أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ تقديره: أتعيدوننا في ملتكم في حال كراهتنا، أو مع كوننا كارهين
قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها أي بعد أن خلصنا الله منها، فإن قال قائل كيف يقول شعيب إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ والكفر على الأنبياء محال؟ فالجواب: أراد عود قومه إلا أنه نظم نفسه في جملتهم وإن كان بريئا من ذلك إجراء لكلامه على حكم التغليب