الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأعراف: «ما تنتظرون؟» قالوا: ننتظر أمرك فيقال: «إن حسناتكم تجاوزت بكم النار أن تدخلوها، وحالت بينكم وبين الجنة خطاياكم فادخلوها بمغفرتي ورحمتي» وإلى هذا ذهب جمع من الصحابة والتابعين. وقيل هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجلسهم الله تعالى على أعالي ذلك السور تمييزا لهم على سائر أهل القيامة وإظهارا لشرفهم وعلو مرتبتهم).
8 -
وبمناسبة قوله تعالى على لسان أهل النار: أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ ذكر ابن كثير ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي موسى الصفار قال: سألت ابن عباس- أو سئل- أي الصدقة أفضل؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة الماء، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة قالوا: أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله» وأخرج أيضا .. عن أبي صالح قال: لما مرض أبو طالب قالوا له: لو أرسلت إلى ابن أخيك هذا فيرسل إليك بعنقود من الجنة لعله أن يشفيك به؟ فجاءه الرسول، وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: إن الله حرمهما على الكافرين.
9 -
وبمناسبة قوله تعالى: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا قال ابن كثير: وفي الصحيح: أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟
ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. فيقول: أظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا فيقول الله تعالى: فاليوم أنساك كما نسيتني.
كلمة في السياق:
انتهينا من الكلام عن المجموعة الثانية من الفقرة الثانية في المقطع الأول، ولم يبق في هذا المقطع إلا الفقرة الثالثة، وهي فقرة تقيم الحجة على الناس، وتطالبهم بالعبادة والدعاء، وتنهاهم عن الفساد في الأرض، وتذكر ببعض السنن، وهذه الفقرة بمثابة الخاتمة للمقطع الأول:
تفسير الفقرة الثالثة:
وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ أي بينا وميزنا حلاله وحرامه ومواعظه وقصصه عَلى عِلْمٍ أي عالمين بكيفية تفصيل أحكامه هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فهو مع كونه مفصلا وبعلم فإنه هدى ورحمة ولكن للمؤمنين
هَلْ يَنْظُرُونَ أي هل
ينتظرون إِلَّا تَأْوِيلَهُ أي إلا عاقبة أمره وما يؤول إليه من تبين صدقه وظهور صحة ما نطق به من الوعد والوعيد قال الربيع: لا يزال يجئ من تأويله أمر حتى يتم يوم الحساب حتى يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فيتم تأويله يومئذ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ أي يوم القيامة يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ أي تركوه وأعرضوا عنه مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ أي تبين وصح أنهم جاءوا بالحق فأقروا حين لا ينفعهم فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أي هل يشفع لنا شافع، أو هل نرد فنعمل على حسب الأمر ونترك ما كنا عليه قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أي ما كانوا يعبدونه من الأصنام
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ والحكمة في كون الخلق في ستة أيام، مع قدرة الله على خلقها دفعة واحدة، للإعلام بالتأني في الأمور، ولأن لكل عمل يوما، ولأن إنشاء شئ بعد شئ أدل على عالم، مدبر، مريد، يصرفه على اختياره، ويجريه على مشيئته، ومر معنا في المعني العام الخلاف في كون الستة أيام من أيامنا أو من أيام الله، ومر معنا في سورة البقرة كلام حول موضوع خلق السموات والأرض، وسنتحدث في سورة هود عن هذا المعنى بتفصيل أكثر إن شاء الله، وتفصيله النهائي في سورة فصلت والنازعات. ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ أي يجعل الليل يلحق النهار فيغطيه يَطْلُبُهُ حَثِيثاً أي سريعا. قال النسفي: والطالب هو الليل، وهذا موضوع مهم فيه معجزة كما سنرى في الفوائد وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ أي وخلق الشمس والقمر والنجوم مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أي مذللات بأمره التكويني أَلا لَهُ الْخَلْقُ أي هو الذي خلق الأشياء كلها وهو الخالق وحده وَالْأَمْرُ فمن حقه التشريع والتكليف وليس لأحد معه حق في الأمر إلا بإذنه تَبارَكَ اللَّهُ أي كثر خيره أو دام بره رَبُّ الْعالَمِينَ خالقهم وسيدهم والمهيمن عليهم، والمسيطر المسخر
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً أي وأنتم ذو وتضرع وخفية، والتضرع من الضراعة وهي الذل، والخفية الإسرار، والمعنى: ادعوا ربكم تذللا وتملقا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ أي المجاوزين ما أمروا به في كل شئ من الدعاء وغيره، وعن ابن جريج:
الرافعين أصواتهم بالدعاء، وعنه: الصياح في الدعاء مكروه وبدعة.
وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها أي بالمعصية بعد الطاعة، أو بالشرك بعد التوحيد، أو بالظلم بعد العدل، أو بالبدعة بعد السنة، أو بتعطيل الشريعة بعد إقامتها، أو
هذا كله وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً أي: ادعوه خائفين من الرد، طامعين في الإجابة. أو خائفين من النيران، طامعين في الجنان. أو خائفين من الفراق،