الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في سورة الأعراف ومحلها في السياق القرآني ومحورها:
رأينا أن سورة آل عمران فصلت في العشرين آية الأولى من سورة البقرة، ورأينا أن سور: النساء والمائدة والأنعام فصلت فيما بعد ذلك إلى نهاية الآية (29). من سورة البقرة، وفصلت كل واحدة منها في محور خاص بها مع كونها ثلاثتها تخدم ذلك المقطع بالتكامل، ونلاحظ أن آخر آية في سورة الأنعام قالت: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ. وهي تلفت النظر إلى الآية الثانية في محورها من سورة البقرة هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مع الآية التي بعدها وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. وإذن فإن سورة الأنعام أوصلتنا إلى مقطع جديد في سورة البقرة، وهو الذي فيه الحديث عن قصة آدم، ولقد استقرت قصة آدم في سورة البقرة على قوله تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وتأتي بعد سورة الأنعام سورة الأعراف المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ* اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ .... لاحظ قوله تعالى في سورة البقرة فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ وقوله تعالى في الآية الثالثة في سورة الأعراف اتَّبِعُوا. والناظر إلى سورة الأعراف يرى أنها تتألف من مقدمة، ثم قصة آدم، وبناء عليها، ثم قصص قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وقوم شعيب، ثم بناء عليها. ثم قصة موسى مع فرعون. ثم قصة بني إسرائيل بعد الخروج من مصر. ثم مواجهة مع بني إسرائيل. ومن تأمل هذه المعاني يجد باختصار أنها نماذج من الهدى الذي أنزله الله خلال العصور على أمم؛ وموقف هذه الأمم من هذا الهدى وما عوقبت به، وكل ذلك بمثابة درس لهذه الأمة، فالسورة تفصيل إذن لمحور خاص هو قوله تعالى فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وإذ كان ما قبل هذا في سورة البقرة قصة آدم، وما بعده قصة بني إسرائيل ضمن السياق الخاص لسورة البقرة، فإن قصة آدم وبني إسرائيل ترد هنا بما يخدم المحور الخاص لسورة الأعراف.
في سورة البقرة ذكرت قصة آدم، وهاهنا تذكر، ثم بعد ذلك توجه نداءات لبني آدم يا بَنِي آدَمَ* ليأخذوا هاهنا دروس القصة.
وفي سورة البقرة تختم قصة آدم بالقاعدة: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ثم تأتي هناك قصة بني إسرائيل- كنموذج على أمة أنزل عليها وحي- وهاهنا تأتي قصص قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط وقوم شعيب كنماذج على أمم أنزل عليها وحي، ثم تأتي بعد ذلك قصة بني إسرائيل كأمة أنزل عليها وحي، وفي هذا السياق يتوجه الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً فمن خلال دروس الماضين يتوجه الخطاب إلى الناس أن يتبعوا الهدى الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم، وتعطى هذه الأمة دروسا وتوجيهات
وقد جاءت قصة آدم عليه السلام في سورة البقرة في سياق القسم الذي ابتدأ بأمر ونهي اعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ أندادا وجاءت قصة آدم هناك، وفيها ذكر لعقوبة من خالف الأمر والنهي وفي الأعراف تفصيلات ذلك؛ ولذلك يأخذ الكلام عن التوحيد والعبادة المحل الأكبر في السورة ويكاد القسم الأخير منها يختص بذلك
إن محور سورة الأعراف من سورة البقرة هو قوله تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ولهذا المحور ارتباطاته في سورة البقرة، وامتداداته، وتبدأ سورة الأعراف فتأمر هذه الأمة باتباع ما أنزل إليها، وتخاطب الناس جميعا أن يتبعوا ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعد من يتبع وتنذر من يخالف وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ .. فسورة الأعراف تفصل في المحور وامتداداته وارتباطاته، وتبني عليه في سياقها الخاص الآخذ بعضه برقاب بعض ضمن ترابط وتلاحم كاملين يستطيع المتأمل- أدنى تأمل- أن يراهما، وسنرى تفصيل ذلك.