المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تعالى بهذا أن طيبات الحياة الدنيا خلقت للذين آمنوا على - الأساس في التفسير - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة في آفاق الوحدة القرآنية بين يدي المجلد الرابع

- ‌سورة الأعراف

- ‌كلمة في سورة الأعراف ومحلها في السياق القرآني ومحورها:

- ‌ نقول

- ‌كلمة في أقسام سورة الأعراف ومقاطعها

- ‌[القسم الاول]

- ‌مقدمة السورة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الأول:

- ‌«الفقرة الأولى»

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الأولى:

- ‌نقول وفصول:

- ‌فصل: في مظاهر من الكبر:

- ‌فصل: في التواضع:

- ‌فصل: في مناقشة التطوريين:

- ‌فصل: في حكمة إنظار إبليس:

- ‌فصل: في تعقيبات على قصة آدم:

- ‌فوائد:

- ‌[الفقرة الثانية]

- ‌المجموعة الأولى

- ‌يقول صاحب الظلال:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تعليقات:

- ‌كلمة فى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق المجموعة:

- ‌تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الثانية

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تفسير الفقرة الثالثة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌[القسم الثاني]

- ‌ المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌فائدة:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌بين يدي الكلام عن المقاطع الثلاثة الآتية بالسورة

- ‌ المقطع الثاني من القسم الثاني:

- ‌تلخيص لمعاني المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ملاحظات على هذه النقول:

- ‌المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌ المعنى الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد حول الآية:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد حول المقطع:

- ‌نظرة في كتاب العهد القديم فيما يخص المقطع:

- ‌في الإصحاح الرابع والعشرين في سفر الخروج:

- ‌فصل: في البشارة برسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع في القسم الثاني

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثالث من سورة الأعراف

- ‌استعراض لمعاني القسم:

- ‌المعنى العام للقسم:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق هذا القسم:

- ‌كلمة في سورة الأعراف:

- ‌سورتا الأنفال وبراءة

- ‌كلمة في محل السورتين ضمن السياق القرآني العام

- ‌سورة الأنفال

- ‌[القسم الاول]

- ‌مقدمة السورة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الأول من القسم الأول

- ‌ المعني العام

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثاني من القسم الأول:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌مسألة مهمة:

- ‌قال الجصاص عند قوله تعالى:

- ‌فوائد

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ القسم الثاني

- ‌ المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للمجموعة الأولى:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى الحرفى للمجموعة الثانية:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي للمجموعة الثالثة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفوائد:

- ‌قضيتان مهمتان:

- ‌ المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌كلمة في هذا المقطع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الأولى:

- ‌كلمة في آيات القتال:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌التفسير الحرفي للفقرة الثانية من المقطع الثاني من القسم الثاني:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ خاتمة سورة الأنفال

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سورة الأنفال:

- ‌سورة التوبة

- ‌كلمة في سورة التوبة:

- ‌القسم الأول

- ‌بين يدي هذا القسم:

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع الأول:

- ‌فوائد:

- ‌ولننتقل الآن إلى التفسير الحرفي للمقطع الثاني:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع الثالث:

- ‌[الفقرة الأولى]

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌قال الألوسي:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الثانية من المقطع الثالث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثاني من سورة براءة

- ‌المقطع الأول

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ التفسير الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد

- ‌فائدة:

- ‌ الفوائد

- ‌فوائد:

- ‌المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل: في الكينونة مع الصادقين:

- ‌المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة بين يدي هذا المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثالث والأخير

- ‌كلمة في هذه الآيات:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في أواخر سورة براءة

- ‌كلمة في سورتي الأنفال وبراءة

- ‌كلمة حول القسم الأول من أقسام القرآن:

- ‌ملاحظات حول هذا القسم:- ملاحظات للمربين

الفصل: تعالى بهذا أن طيبات الحياة الدنيا خلقت للذين آمنوا على

تعالى بهذا أن طيبات الحياة الدنيا خلقت للذين آمنوا على طريق الأصالة، والكفار لهم تبع كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ ليتميز الحلال من الحرام لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أنه لا شريك له

قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ أي ما تفاحش قبحه أي تزايد ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ أي سرها وعلانيتها وَالْإِثْمَ أي الذنب وهو المخالفة لأمر الله وَالْبَغْيَ أي الظلم والكبر بِغَيْرِ الْحَقِّ أما رد البغي بمثله فهو وإن كان- لولا الابتداء من الظالم بغيا- فإنه مأذون فيه شرعا وَأَنْ تُشْرِكُوا أي وحرم الشرك بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً والله لا ينزل برهانا أبدا على أن يشرك به غيره، ولكنه رد لزعمهم أنهم أشركوا بأمر الله وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ أي وحرم عليكم أن تتقولوا على الله بوصفه بغير صفاته، وأن تفتروا الكذب عليه بتحريم ما أحل، أو تحليل ما حرم

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ أي وقت معين يأتيهم فيه عذاب الاستئصال إن لم يؤمنوا، وهو وعيد لمن يرفض هذا الدين بالعذاب النازل في أجل معلوم عند الله فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ذكر الساعة في هذا المقام لأنها أقل ما يستعمل في الإمهال والمعنى لا يمهلون لحظة واحدة.

‌تعليقات:

رأينا أنه يدخل في أخذ المسلم زينته عند كل مسجد أن يصلي ويطوف وهو ساتر عورته وهذا شئ اعترضت عليه الجاهلية وتعليقا على ذلك يقول صاحب الظلال:

«ومن عجيب ما روي من حال المشركين الذين خوطبوا بهذه الآيات أول مرة؛ ووجه إليهم هذا الاستنكار الوراد في قوله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ

ما رواه الكلبي قال: «لما لبس المسلمون الثياب، وطافوا بالبيت عيرهم المشركون بها. فنزلت الآية .. » فانظر كيف تصنع الجاهلية بأهلها! ناس يطوفون ببيت الله عرايا؛ فسدت فطرتهم وانحرفت عن الفطرة السليمة التي يحكيها القرآن الكريم عن آدم وحواء في الجنة: فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ .. فإذا رأوا المسلمين يطوفون بالبيت مكسوين، في زينة الله التي أنعم بها على البشر، لإرادته بهم الكرامة والستر؛ ولتنمو فيهم خصائص فطرتهم

الإنسانية في سلامتها وجمالها الفطري؛ وليتميزوا عن العري الحيواني .. الجسمي والنفسي .. إذا رأوا المسلمين يطوفون ببيت الله في زينة الله وفق فطرة الله «عيروهم» .

ص: 1888

إنه هكذا تصنع الجاهلية بالناس .. هكذا تمسخ فطرهم وأذواقهم وتصوراتهم وقيمهم وموازينهم وماذا تصنع الجاهلية الحاضرة بالناس في هذا الأمر غير الذي فعلته بالناس في جاهلية المشركين العرب؟ وجاهلية المشركين الإغريق؟ وجاهلية المشركين الرومان؟

وجاهلية المشركين الفرس؟ وجاهلية المشركين في كل زمان وكل مكان؟ ماذا تصنع الجاهلية الحاضرة بالناس إلا أن تعريهم من اللباس، وتعريهم من التقوى والحياء؟ ثم تدعو هذا رقيا وحضارة وتجديدا؛ ثم تعير الكاسيات من الحرائر العفيفات المسلمات، بأنهن «رجعيات» «تقليديات» . «ريفيات» .

المسخ هو المسخ. والانتكاس عن الفطرة هو الانتكاس. وانقلاب الموازين هو انقلاب الموازين. والتبجح بعد ذلك هو التبجح أَتَواصَوْا بِهِ؟ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ!.

وما الفرق كذلك في علاقة هذا العري، وهذا الانتكاس، وهذه البهيمية وهذا التبجح، بالشرك، وبالأرباب التي تشرع للناس من دون الله؟ لئن كان مشركو العرب قد تلقوا في شأن ذاك التعري من الأرباب الأرضية التي كانت تستغل جهالتهم وتستخف بعقولهم لضمان السيادة لها في الجزيرة .. ومثلهم بقية الجاهليات القديمة التي تلقت من الكهنة والسدنة والرؤساء

فإن مشركي اليوم ومشركاته يتلقون في هذا عن الأرباب الأرضية كذلك .. ولا يملكون لأمرهم ردا .. إن بيوت الأزياء ومصمميها، وأساتذة التجميل ودكاكينها، لهي الأرباب التي تكمن وراء هذا الخبل الذي لا تفيق منه نساء الجاهلية الحاضرة ولا رجالها كذلك! إن هذه الأرباب تصدر أوامرها، فتطيعها القطعان والبهائم العارية في أرجاء الأرض طاعة مزرية. وسواء كان الزي الجديد لهذا العام يناسب قوام أية امرأة أو لا يناسبه، وسواء كانت مراسم التجميل تصلح لها أو لا تصلح، فهي تطيع صاغرة .. تطيع تلك الأرباب. وإلا «عيرت» من بقية البهائم المغلوبة على أمرها.

ومن ذا الذي يقبع وراء بيوت الأزياء؟ ووراء دكاكين التجميل؟ ووراء سعار العري والتكشف؟ ووراء الأفلام والصور والروايات والقصص، والمجلات والصحف، التي تقود هذه الحملة المسعورة .. وبعضها يبلغ في هذا إلى حد أن تصبح المجلة أو القصة ماخورا متنقلا للدعارة؟!. من الذي يقبع وراء هذا كله؟.

الذي يقبع وراء هذه الأجهزة كلها، في العالم كله .. يهود .. يهود يقومون

ص: 1889

بخصائص الربوبية على البهائم المغلوبة على أمرها، ويبلغون أهدافهم كلها من إطلاق هذه الموجات المسعورة في كل مكان .. أهدافهم من تلهية العالم كله بهذا السعار؛ وإشاعة الانحلال النفسي والخلقي من ورائه، وإفساد الفطرة البشرية، وجعلها ألعوبة في أيدي مصممي الأزياء والتجميل! ثم تحقيق الأهداف الاقتصادية من وراء الإسراف في استهلاك الأقمشة وأدوات الزينة والتجميل وسائر الصناعات الكثيرة التي تقوم على هذا السعار وتغذيه.

إن قضية اللباس والأزياء ليست منفصلة عن شرع الله ومنهجه للحياة. ومن ثم ذلك الربط بينها وبين قضية الإيمان والشرك في السياق.

إنها ترتبط بالعقيدة والشريعة بأسباب شتى: إنها تتعلق- قبل كل شئ- بالربوبية، وتحديد الجهة التي تشرع للناس في هذه الأمور، ذات التأثير العميق في الأخلاق والاقتصاد وشتى جوانب الحياة. كذلك تتعلق بإبراز خصائص «الإنسان» في الجنس البشري، وتغليب الطابع «الإنساني» في هذا الجنس على الطابع الحيواني. والجاهلية تمسخ التصورات والأذواق والقيم والأخلاق، وتجعل العري- الحيواني- تقدما ورقيا. والستر- الإنساني- تأخرا ورجعية! وليس بعد ذلك مسخ لفطرة الإنسان وخصائص الإنسان.

وبعد ذلك عندنا جاهليون يقولون: ما للدين والزي؟ ما للدين وملابس النساء؟

وما للدين والتجميل؟ .. إنه المسخ الذي يصيب الناس في الجاهلية في كل زمان وكل مكان!!!

ولأن هذه القضية التي تبدو فرعية، لها هذه الأهمية في ميزان الله وفي حساب الإسلام، لارتباطها أولا بقضية التوحيد والشرك، ولارتباطها ثانيا بصلاح فطرة الإنسان وخلقه ومجتمعه وحياته، أو بفساد هذا كله .. فإن السياق يعقب عليها بإيقاع قوي مؤثر، يوقع به عادة في مواقف العقيدة الكبيرة .. إنه يعقب بتنبيه بني آدم، إلى أن بقاءهم في هذه الأرض محدود مرسوم؛ وأنه إذا جاء الأجل فلا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ إنها حقيقة أساسية من حقائق هذه العقيدة، يوقع بها السياق على أوتار القلوب الغافلة، غير الذاكرة ولا الشاكرة، لتستيقظ فلا يغرها امتداد الحياة.

ص: 1890

والأجل المضروب إما أجل كل جيل من الناس بالموت المعروف الذي يقطع الحياة.

وإما أجل كل أمة من الأمم بمعنى الأمد المقدر لقوتها في الأرض واستخلافها .. وسواء هذا أو ذاك فإنه مرسوم لا يتقدمون عنه ولا يستأخرون».

أقول: إن التذكير بنهايات الأمم فى سياق النهي عن الإسراف، وفي سياق ذكر المحرمات واضح الصلة، فالأمم التي تبطر وتنحرف عن أمر الله بارتكاب الفواحش والآثام تغفل عن مصيرها، فجاءت الآية الأخيرة في هذا السياق تذكر بالمصير.

*** وقد لاحظ صاحب الظلال من خلال الآيات التي مرت هنا من سورة الأعراف أن هناك تشابها وتكاملا بين سورتي الأعراف والأنعام فسجله بقوله:

(وقبل أن نترك هذه الجولة نسجل ما لاحظناه من التشابه العجيب في مراجعة المنهج القرآني للجاهلية في شأن الذبائح والنذور والتحليل فيها والتحريم- في سورة الأنعام- ومواجهته للجاهلية- هنا في شأن اللباس والطعام .. ففي شأن الذبائح والنذور في الأنعام والثمار، بدأ أولا بالحديث عما تزاوله الجاهلية فعلا من هذه التقاليد؛ وعما تزعمه- افتراء على الله- من أن هذا الذي تزاوله من شرع الله. ثم طلب إليهم الدليل الذي يستندون إليه في أن الله حرم هذا الذي يحرمونه، وأحل هذا الذي يحلونه

أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ؟ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ..

ثم واجه هروبهم من هذه المواجهة بإحالة الأمر إلى قدر الله وإلى أمره لهم بهذا الشرك الممثل في مزاولة الحاكمية وهي من خصائص الألوهية: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ! كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا. قُلْ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ: قُلْ: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ. قُلْ: هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ حتى إذا انتهى من تفنيد هذا الباطل الذي يدعونه ويفترونه، قال لهم:

تعالوا لأبين لكم حقيقة ما حرم الله عليكم وحقيقة ما أمركم به: عن المصدر الصحيح الوحيد المعتمد في هذا الشأن؛ والذي لا يجوز الأخذ عن غيره: قُلْ: تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً .. الخ ..

ص: 1891