المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ينفق إلا تقية من المسلمين، ورياء لا لوجه الله، وابتغاء - الأساس في التفسير - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة في آفاق الوحدة القرآنية بين يدي المجلد الرابع

- ‌سورة الأعراف

- ‌كلمة في سورة الأعراف ومحلها في السياق القرآني ومحورها:

- ‌ نقول

- ‌كلمة في أقسام سورة الأعراف ومقاطعها

- ‌[القسم الاول]

- ‌مقدمة السورة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الأول:

- ‌«الفقرة الأولى»

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الأولى:

- ‌نقول وفصول:

- ‌فصل: في مظاهر من الكبر:

- ‌فصل: في التواضع:

- ‌فصل: في مناقشة التطوريين:

- ‌فصل: في حكمة إنظار إبليس:

- ‌فصل: في تعقيبات على قصة آدم:

- ‌فوائد:

- ‌[الفقرة الثانية]

- ‌المجموعة الأولى

- ‌يقول صاحب الظلال:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تعليقات:

- ‌كلمة فى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق المجموعة:

- ‌تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الثانية

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌تفسير الفقرة الثالثة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌[القسم الثاني]

- ‌ المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌فائدة:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌بين يدي الكلام عن المقاطع الثلاثة الآتية بالسورة

- ‌ المقطع الثاني من القسم الثاني:

- ‌تلخيص لمعاني المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ملاحظات على هذه النقول:

- ‌المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌ المعنى الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد حول الآية:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد حول المقطع:

- ‌نظرة في كتاب العهد القديم فيما يخص المقطع:

- ‌في الإصحاح الرابع والعشرين في سفر الخروج:

- ‌فصل: في البشارة برسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع في القسم الثاني

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثالث من سورة الأعراف

- ‌استعراض لمعاني القسم:

- ‌المعنى العام للقسم:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌نقول:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق هذا القسم:

- ‌كلمة في سورة الأعراف:

- ‌سورتا الأنفال وبراءة

- ‌كلمة في محل السورتين ضمن السياق القرآني العام

- ‌سورة الأنفال

- ‌[القسم الاول]

- ‌مقدمة السورة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الأول من القسم الأول

- ‌ المعني العام

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الثاني من القسم الأول:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌مسألة مهمة:

- ‌قال الجصاص عند قوله تعالى:

- ‌فوائد

- ‌ولنعد إلى التفسير الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ القسم الثاني

- ‌ المقطع الأول من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للمجموعة الأولى:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى الحرفى للمجموعة الثانية:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي للمجموعة الثالثة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفوائد:

- ‌قضيتان مهمتان:

- ‌ المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌كلمة في هذا المقطع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الأولى:

- ‌كلمة في آيات القتال:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌التفسير الحرفي للفقرة الثانية من المقطع الثاني من القسم الثاني:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ خاتمة سورة الأنفال

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سورة الأنفال:

- ‌سورة التوبة

- ‌كلمة في سورة التوبة:

- ‌القسم الأول

- ‌بين يدي هذا القسم:

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع الأول:

- ‌فوائد:

- ‌ولننتقل الآن إلى التفسير الحرفي للمقطع الثاني:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع الثالث:

- ‌[الفقرة الأولى]

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌قال الألوسي:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الثانية من المقطع الثالث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثاني من سورة براءة

- ‌المقطع الأول

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ التفسير الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌فائدة:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد

- ‌فائدة:

- ‌ الفوائد

- ‌فوائد:

- ‌المقطع الثاني من القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل: في الكينونة مع الصادقين:

- ‌المقطع الثالث من القسم الثاني

- ‌كلمة بين يدي هذا المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌القسم الثالث والأخير

- ‌كلمة في هذه الآيات:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌الفوائد:

- ‌كلمة في أواخر سورة براءة

- ‌كلمة في سورتي الأنفال وبراءة

- ‌كلمة حول القسم الأول من أقسام القرآن:

- ‌ملاحظات حول هذا القسم:- ملاحظات للمربين

الفصل: ينفق إلا تقية من المسلمين، ورياء لا لوجه الله، وابتغاء

ينفق إلا تقية من المسلمين، ورياء لا لوجه الله، وابتغاء المثوبة عنده وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ أي ينتظر دوائر الزمان، وتبدل الأحوال، بدور الأيام، لتذهب غلبتكم عليهم، فيتملصوا من إعطاء الزكاة وغيرها. وقد ظهر مصداق ذلك بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، ففي الآية معجزة عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ أي عليهم تدور المصائب والحروب التي يتوقعون وقوعها في المسلمين وَاللَّهُ سَمِيعٌ لما يقولونه إذا توجهت عليهم الصدقة عَلِيمٌ بما يضمرونه غير أنه إذا كان الأعراب في الجملة كذلك، وبعضهم كما وصف، فإن منهم صالحين

وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ في الجهاد والصدقات قُرُباتٍ أي أسبابا للقربة عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أي دعواته، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة أَلا إِنَّها أي النفقة أو صلوات الرسول. قُرْبَةٌ لَهُمْ هذه شهادة من الله للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات، كما أنها تصديق لرجائه سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ أي جنته. قال النسفي: وما أدل هذا الكلام على رضا الله عن المتصدقين، وأن الصدقة منه بمكان إذا خلصت النية من صاحبها إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ يستر عيب المخل رَحِيمٌ يقبل جهد المقل، وكما ختمت المجموعة السابقة بذكر الرسول، والمؤمنين الصادقين، وما أعد لهم، فإن هذه المجموعة كذلك تنتهي بهذه الآية

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ هم إما من صلى إلى القبلتين أو الذين شهدوا بدرا أو بيعة الرضوان وَالْأَنْصارِ أي والسابقون الأولون من الأنصار وهم أهل بيعة العقبة الأولى والثانية وكان الأولون سبعة وأهل الثانية سبعين وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ دخل في ذلك من اتبعهم بالإيمان والطاعة إلى يوم القيامة رضي الله عنهم بأعمالهم الحسنة وَرَضُوا عَنْهُ بما أفاض عليهم من نعمته الدينية والدنيوية وَأَعَدَّ لَهُمْ مع الرضا جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وهكذا زادتنا هذه المجموعة والتي قبلها معرفة في موضوع النفاق من خلال المواقف من قضية الجهاد.

‌الفوائد:

1 -

في سبب نزول قوله تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ .. قال ابن إسحاق: وبلغني أنهم نفر من بني غفار، خفاف بن إيماء بن رحضة ..

2 -

بمناسبة قوله تعالى ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ روى ابن كثير هذه القصة:

ص: 2343

قال الأوزاعي: خرج الناس إلى الاستسقاء فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر من حضر، ألستم مقرين بالإساءة؟ قالوا: اللهم نعم، فقال:

اللهم إنا نسمعك تقول: ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ اللهم وقد أقررنا بالإساءة فاغفر لنا وارحمنا واسقنا، ورفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا)

3 -

في سبب نزول قوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ .. ذكر ابن كثير ما ننقله دون ذكر الأسانيد قال (وقال

قتادة نزلت هذه الآية في عائذ بن عمرو المزني .. وعن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت أكتب براءة، فإني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه، إذ جاء أعمى فقال: كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى؟ فنزلت لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ الآية. وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءته عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن مقرن المزني، فقالوا: يا رسول الله احملنا، فقال لهم:«والله لا أجد ما أحملكم عليه» فتولوا وهم يبكون، وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، ولا يجدون نفقة ولا محملا، فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله أنزل عذرهم في كتابه فقال: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ إلى قوله فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ. وقال مجاهد في قوله وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ نزلت في بني مقرن بن مزينة، وقال محمد بن كعب: كانوا سبعة نفر: من بني عمرو بن عوف، سالم بن عوف. ومن بني واقف حرمي بن عمرو، ومن بني مازن بن النجار عبد الرحمن بن كعب ويكنى أبا ليلى، ومن بني المعلى فضل الله، ومن بني سلمة عمرو بن عتبة، وعبد الله بن عمرو المزني. وقال محمد بن إسحاق في سياق غزوة تبوك: ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم البكاءون، وهم سبعة نفر من الأنصار، وغيرهم من بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير، وعلية بن زيد أخو بني حارثة، وأبو ليلى عبد الرحمن ابن كعب أخو بني مازن بن النجار، وعمرو بن الحمام بن الجموح أخو بني سلمه، وعبد الله بن المغفل المزني، وبعض الناس يقول: بل هو عبد الله بن عمرو المزني، وحرمي بن عبد الله أخو بني واقف، وعياض بن سارية الفزاري، فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا أهل حاجة، فقال:«لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون» . وروى ابن أبي حاتم .. عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد خلفتم بالمدينة أقواما ما أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم واديا، ولا

ص: 2344

نلتم من عدو نيلا، إلا وقد شركوكم في الأجر». ثم قرأ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ الآية. وأصل الحديث في الصحيحين من حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا، ولا سرتم مسيرا، إلا وهم معكم» قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: «نعم حبسهم العذر» وروى الإمام أحمد .. عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد خلفتم بالمدينة رجالا، ما قطعتم واديا، ولا سلكتم طريقا، إلا شركوكم في الأجر، حبسهم المرض» . ورواه مسلم وابن ماجه من طرق.

4 -

بمناسبة قوله تعالى: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً .. نذكر ما يلي:

أ- روى الأعمش عن إبراهيم قال: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند، فقال الأعرابي: والله حديثك ليعجبني وإن يدك لتريبني، فقال زيد: ما يريبك من يدي إنها الشمال؟ فقال الأعرابي: والله ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال. فقال زيد بن صوحان: صدق الله الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ.

ب- وروى الإمام أحمد عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن» ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي: حسن غريب.

ج- قال ابن كثير: ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسولا، وإنما كانت البعثة من أهل القرى، كما قال تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى. (سورة يوسف: 109)

د- وروى الإمام مسلم عن عائشة قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم، قالوا: لكنا والله ما نقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وأملك أن كان الله نزع منكم الرحمة؟» وقال ابن نمير: (من قلبك الرحمة).

5 -

وبمناسبة قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ نذكر أن هناك قراءة برفع الأنصار، وقراءة حفص التي عليها هذا التفسير بالخفض، وقد أشرنا إلى هذا لأننا سننقل كلام ابن كثير كله في هذه الآية، وقد أشار هو إلى هذا الموضوع.

ص: 2345

قال ابن كثير في الآية: (يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه، بما أعد لهم من جنات النعيم، والنعيم المقيم. قال الشعبي: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية، وقال أبو موسى الأشعري وسعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين والحسن وقتادة: هم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال محمد بن كعب القرظي: مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ هذه الآية: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا؟ فقال: أبي بن كعب، فقال: لا تفارقني حتى أذهب بك إليه، فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟ قال: نعم: قال: وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا، فقال: أبي: تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وفي سورة الحشر وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ الآية. وفي الأنفال: وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ الآية. رواه ابن جرير قال: وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤها برفع الأنصار عطفا على وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان: فيا ويل من أبغضهم، أو سبهم، أو أبغض أو سب بعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم- أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة، ويبغضونهم

ويسبونهم- عياذا بالله من ذلك- وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة، وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم؟؟ وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه، ويسبون من سبه الله ورسوله، ويوالون من يوالي الله، ويعادون من يعادي الله، وهم متبعون لا مبتدعون، ويقتدون ولا يبتدعون، وهؤلاء هم حزب الله المفلحون، وعباده المؤمنون». ا. هـ. كلام ابن كثير.

أقول: نرجو أن يكون المسلمون- سنة وشيعة- على أبواب عهد جديد، يعتمد في التحقيق العلمي على الإنصاف، وفي الحركة السياسية على التحرر من عقد الماضي، وفي التعامل اليومي على الحب والإخاء، وأن لا يتكلفوا الخوض فيما لا يعني، وأن يعفوا ألسنتهم عما هو مظنة الإثم، وأن يلجموا الأهواء بنصوص الكتاب والسنة.

ص: 2346

كما نرجو من العلماء العاملين- سنة وشيعة- أن يتكلموا بما يؤلف القلوب، وبما يجمع على الحق، وأن يكتبوا جميعا بلغة التحقيق لا بلغة السب والشتم.

ثم تأتي الآن مجموعة رابعة تزيدنا بيانا عن المنافقين ومواقفهم وطريقهم التي عليهم أن يسلكوها- إن أرادوا التوبة- كما تحدد في المقابل صفات المؤمنين.

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ أي حول بلدتكم أو داركم وهي المدينة عاصمة الإسلام الأولى مِنَ الْأَعْرابِ وهم جهينة وأسلم وأشجع وغفار. وكانوا نازلين حولها مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ منافقون كذلك مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ أي تمهروا فيه، مرنوا عليه واستمروا عليه لا تَعْلَمُهُمْ أي يخفون عليك مع فطنتك وصدق فراستك لفرط خبثهم واحتراسهم في تحامي ما يشكك في أمرهم نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ أي لا يعلمهم إلا الله ولا يطلع على سرهم غيره لأنهم يبطنون الكفر في سويداء قلوبهم ويبرزون لك ظاهرا كظاهر المخلصين من المؤمنين سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ هاتان المرتان قد يكون المراد بهما القتل وعذاب القبر، أو الفضيحة وعذاب القبر، أو أخذ الصدقات من أموالهم ونهك أبدانهم ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ أي عذاب النار بعد أن ذكر في هذه المجموعة المنافقين الخلص في سياق التخلف عن الجهاد،

سيذكر الآن نوعا من المتخلفين لم يكن تخلفهم عن نفاق وإنما هي المعصية مع الإيمان وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ أي وقوم آخرون سوى المذكورين من قبل لم يعتذروا من تخلفهم بالمعاذير الكاذبة كغيرهم ولكن اعترفوا على أنفسهم بأنهم بئس ما فعلوا وقد ندموا خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً أي خلطوا خروجا إلى الجهاد وتخلفا عنه، أو خلطوا التوبة والإثم عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ اعترافهم بالذنب توبة وختم الآية بما ختمت به تطميع لهم بقبولها،

وبعد أن ذكر حالهم وطمعهم بقبول التوبة أمر رسوله صلى الله عليه وسلم خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تكون كفارة لذنوبهم، ويمكن أن يكون المراد بالصدقة هنا الزكاة تُطَهِّرُهُمْ أي الصدقة عن الذنوب وَتُزَكِّيهِمْ بِها التزكية المبالغة في التطهير والزيادة فيه، ويمكن أن يراد بالتزكية هنا الإنماء والبركة في المال، ويمكن أن يكون المعنى تطهرهم من الإثم وتزكيهم بتحقيقهم بمكارم الأخلاق، وقد دلت الآية على فضيلة الصدقة إذ بها تمحى الخطايا ولو كانت تخلفا عن النفير وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أي وادع لهم وترحم، ومن ثم كانت السنة أن يدعو جابي الصدقة لصاحب الصدقة إذا أخذها إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ أي سكينة وطمأنينة لقلوبهم وَاللَّهُ سَمِيعٌ لدعائك أو سميع لاعترافهم بذنوبهم ودعائهم عَلِيمٌ بما في

ص: 2347

ضمائرهم من الندم والغم لما فرط منهم،

ثم هيجهم الله على التوبة والصدقة فقال:

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ إذا صحت وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ أي ويقبلها إذا صدرت عن خلوص نية أي فاصدقوا بالتوبة وأخلصوا بالصدقة، وتفيد الآية أن التوبة والصدقة ليست لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لغيره بل هي لله، فإن شاء قبل، وإن شاء رد، فاقصدوه فيهما ووجهوهما إليه وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ أي الكثير قبول التوبة الرَّحِيمُ بمن علم منه صدق الإنابة والإخلاص في العمل،

ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم وَقُلِ أي لهؤلاء التائبين اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ أي فإن عملهم لا يخفى، خيرا كان أو شرا، على الله أو رسوله أو المؤمنين باطلاع الله المؤمنين على عملهم، وفي الآية حض لهم على العمل الصالح، ووعيد لهم وتحذير من عاقبة الإصرار والذهول عن التوبة وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ أي ما يغيب عن الناس وَالشَّهادَةِ أي ما يشاهدونه فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يخبركم به ويجازيكم عليه. وهكذا وصف الله لأهل الإيمان- إذا تخلفوا عن النفير- طريق العودة إلى الله، وهو التوبة النصوح والإنفاق والعمل الصالح، وقد دلتنا هذه الآيات الأربع على صنف من المتخلفين تخلفوا وصدقوا في التوبة غاية الصدق. وبالغوا في الشعور بالذنب والاعتراف فيه. فقبل الله توبتهم مباشرة، ودلهم على ما ينبغي فعله، والآن يحدثنا عن فريق آخر من المتخلفين المؤمنين لم يبالغوا في التوبة كالأولين فأرجأ الله قبول توبتهم،

ثم قبلها كما ستحدثنا أواخر السورة وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ أي وآخرون من المتخلفين موقوفون إلى أن يظهر أمر الله فيهم، والإرجاء: التأخير إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ إن لم يقبل توبتهم وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ فلا يعذبهم إن قبل توبتهم وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ عليم بصدقهم أو كذبهم في توبتهم، حكيم في تأخير قبول توبتهم، وقد أظهر قبول توبتهم كما سنرى.

وهكذا استمر السياق يحدثنا عن حال من تخلف عن النفير في سياق الأمر بالنفير، حتى إذا عرفنا كل ما ينبغي أن نعرفه عن موضوع التخلف عن النفير آن الأوان ليحدثنا السياق عما يسمى في اصطلاحات العصر الطابور الخامس: أي العدو الداخلي الذي ظاهره معنا وهو يعمل ضمن مخططات الأعداء ولصالحهم،

وما ينبغي فعله بهؤلاء وبمخططاتهم من خلال قصة مسجد الضرار وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً أي مضارة للمسلمين وَكُفْراً أي وتقوية للنفاق وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ

ليجمعوا قسما منهم في مسجدهم ويشركوهم في مخططاتهم وَإِرْصاداً أي وإعدادا لِمَنْ

ص: 2348

حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي لأجله مِنْ قَبْلُ بناء المسجد وَلَيَحْلِفُنَّ. وهم كاذبون في حلفهم إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى أي ما أردنا ببناء هذا المسجد إلا الخصلة الحسنى وهي الصلاة وذكر الله والتوسعة على المصلين وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أي في حلفهم

لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً أي لا تصل فيه لهم لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ من أيام وجوده أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ أي مصليا فِيهِ أي في المسجد المؤسس على التقوى رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا من النجاسات كلها ومعنى محبتهم للتطهير أنهم يؤثرونه ويحرصون عليه حرص المحب للشئ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ فهو يرضى عنهم ويحسن إليهم

أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ أي وضع أساس ما يبنيه عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أي أفمن أسس بنيان دينه على قاعدة محكمة وهي تقوى الله ورضوانه خير أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا أي حرف وشفير جُرُفٍ جرف الوادي جانبه الذي يتحفر أصله بالماء وتجرفه السيول فيبقى واهنا هارٍ أي هائر وهو المتصدع الذي أشفى على التهدم والسقوط والمعنى: أفمن أسس على قاعدة محكمة وهي تقوى الله ورضوانه، خير أم من أسس على قاعدة هي أضعف القواعد وهو الباطل والنفاق الذي مثله مثل شفا جرف هار في قلة الثبات والاستمساك فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ أي وطاح به الباطل في نار جهنم وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أي لا يوفقهم للخير عقوبة لهم على نفاقهم

لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ أي شكا ونفاقا بسبب إقدامهم على هذا الصنيع الشنيع، فإنه أورثهم نفاقا فى قلوبهم أو لا يزال هدم بنيانهم الذي بنوه سبب شك ونفاق زائد على شكهم ونفاقهم لما غاظهم من ذلك وعظم عليهم إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ أي إلا أن تتقطع قلوبهم قطعا وتتفرق أجزاء، فحينئذ يسلون عنه وأما دامت سالمة مجتمعة فالريبة باقية متمكنة ويمكن أن يكون المعنى: إلا أن يتوبوا توبة تنقطع بها قلوبهم ندما وأسفا على تفريطهم وَاللَّهُ عَلِيمٌ بعزائمهم حَكِيمٌ في جزاء جرائمهم، ثم ختم الله هذه المجموعة بما ختم المجموعات السابقة بالتذكير بما أعد الله للمؤمنين إذا قاموا بما عاهدوا

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ مثل الله إثابة المؤمنين بالجنة على بذلهم أنفسهم وأموالهم في سبيله بالشراء يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هذا بيان لمحل التسليم وهو مواطن القتال وممارسته فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ أي تارة يقتلون العدو وطورا يقتلهم العدو وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا أي وعدهم بذلك وعدا ثابتا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ أخبر تعالى بأن هذا الوعد الذي وعده للمجاهدين في سبيله وعد

ص: 2349