الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمن طريقه من الميقات أو غيره، والمستحب أن يكون ما يهديه سميناً حسناً.
و
الهدي الواجب نوعان:
واجب بالنذر في ذمته للمساكين أو على الإطلاق، فإن نذر وجب عليه، لأنه قربة، فيلزمه بالنذر، وواجب بغير النذر، كدم التمتع والقرآن، والدماء الواجبة تكون بترك واجب أو فعل محظور، والواجب من الهدي بغير النذر عند المالكية خمسة أنواع: هدي المتعة والقرآن، وكفارة الوطء، وجبر ما تركه من الواجبات كرمي الجمار والمبيت بمنى والمزدلفة وغير ذلك، وهدي الفوات، وجزاء الصيد، وعند الشافعية والحنابلة الهدي الواجب بغير النذر ينقسم إلى قسمين: منصوص عليه في القرآن، ومقيس على المنصوص، أما المنصوص عليه: فهو أربعة أنواع: دم التمتع، وجزاء الصيد، وفدية دفع الأذى كحلق، وفدية الإحصار، وأما المقيس على المنصوص عليه فهو نوعان: أحدهما لترك نسك يجبر تركه وهو خمسة: ترك الإحرام من الميقات، وترك المبيت بمزدلفة، وبمنى، وترك الرمي، وطواف الوداع، ويقاس على دم التمتع، ويقاس عليه أيضاً دم الفوات، وهو ذبح شاة، فإن عجز صام عشرة أيام، والثاني: الترفه وهو خمسة أيضاً: الوطء في فرج أو غيره، واللمس بشهوة، والقبلة، والتطيب، واللباس.
شروط هدي التمتع:
من اعتمر في أشهر الحج، فطاف وسعى، ثم أحرم بالحج من عامه ولم يكن خرج من مكة إلى ما تقصر فيه الصلاة، عليه دم بالإجماع، ويمكن تلخيص شروط وجوب الدم على التمتع بما يأتي وهي خمسة:
1 -
أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج.
2 -
أن يحج من عامه.
3 -
ألا يسافر بين العمرة والحج سفراً بعيداً تقصر في مثله الصلاة، وهذا رأي الحنابلة.
4 -
أن يحل من إحرام العمرة قبل إحرامه بالحج.
5 -
ألا يكون من حاضري المسجد الحرام: وهذا متفق عليه، فلا يجب دم المتعة على حاضري المسجد الحرام، فإن لم يجد المتمتع الهدي ينتقل إلى صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى وطنه، وإذا لم يصم المتمتع الثلاثة أيام في الحج فإنه يصومها بعد ذلك باتفاق أئمة المذاهب، والأظهر عند الشافعية أنه يلزمه أن يفرق في قضائها بينها بين السبعة.
الأكل من الهدي: يرى الحنفية أنه يجوز الأكل من هدي التطوع والمتعة والقرآن، إذا
بلغ الهدي مَحِلَّه، لأنه دم نسك، ولا يجوز الأكل من بقية الهدايا كدماء الكفارات والنذور وهدي الإحصار والتطوع إذا لم يبلغ محله، ومحله: منى أو مكة، وقرر المالكية: أن صاحب الهدايا يأكل منها كلها إلا من أربعة: جزاء الصيد، ونسك الأذى، ونذر المساكين وهدي التطوع إذا عطب قبل محله، فنحره، فإن أكل من هذه الأربعة، فعليه بدل البهيمة إلا النذر المعين للمساكين يضمن فقط بقدر أكله منه، وما سوى هذه الأربعة يجوز لصاحبها الأكل منها مطلقاً: قبل المحل وبعده، وهو كل هدي وجب أو ندب في حج أو عمرة.
والمتطوع به يجوز لصاحبه - كالأضحية- الأكل منه اتفاقاً. ويلزمه التصدق بقدر ما ينطلق عليه الاسم، وهو أقل متموَّل، والأفضل إذا أراد تقسيمه أن يأكل منه ثلثه، ويهدي للأغنياء ثلثه ويتصدق بثلثه، وقال الحنابلة: لا يأكل الإنسان من كل واجب بنذر أو بتعين إلا من هدي التمتع والقرآن دون ما سواهما، ولأن دم المتعة والقرآن دماً نسك فأشبها التطوع، ويستحب أن يأكل من هدي التطوع، والمستحب أن يأكل اليسير منها، وإن أكل مما منع من أكله أو أعطى الجازر منها شيئاً أو باع شيئاً منها أو أتلفه، ضمنه بمثله لحماً، وإن أطعم غنياً مما يجوز له الأكل منه على سبيل الهدية جاز.
قال الحنفية: لا يجوز ذبح هدي المتعة والقرآن إلا في يوم النحر لأنه دم نسك، والصحيح أن يجوز دم التطوع قبل يوم النحر، وذبحه يوم النحر أفضل، ويجوز ذبح بقية الهدايا أي وقت شاء، ولا يجوز ذبح الهدايا إلا في الحرم، وقال المالكية: يجب على المتعمد نحر الهدي بمنى بشروط ثلاثة: إن سبق الهدي في إحرامه بحج، ووقف به بعرفة كوقوفه هو في كونه بجزء من الليل، وكان النحر في أيام النحر، أما فدية المحظور من لبس أو طيب ونحوهما: وهي الشاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ولو أيام منى فلا تختص بأنواعها الثلاثة بمكان أو زمان فيجوز تأخيرهما لبلده أو غيره في أي وقت شاء.
وقال الشافعية: وقت ذبح الهدي إن كان تطوعاً أو بنذر: وقت الأضحية، أما إن كان بسبب فعل حرام أو ترك واجب فلا يختص بوقت، ومكان الذبح للمحصر مكان حصره أو الحرم، ولغير المحصر: جميع الحرم، وقال الحنابلة: فدية الأذى بحلق رأس أو غيره: في الموضع الذي حلق في، وما عدا فدية الشعر من الدماء يكون بمكة، وأما جزاء الصيد فهو لمساكين الحرم، والأفضل نحر ما وجب بحجٍ بمنى، وما وجب بعمرةٍ بمكة، ويجزئ
ما وجب بفعل محظور غير صيد، خارج الحرم، ولو بلا عذر، والأفضل عند الجمهور في البدن: النحر، وفي البقر والغنم: الذبح، والأولى بالاتفاق أن يتولى الإنسان ذبح الهدي بنفسه إن كان يحسن ذلك، لأنه قربة، وإن ذبح الهدي غير صاحبه أجزأه، والمستحب أن يشهد ذبحه، والأفضل أن يتولى تفريق اللحم بنفسه، ويباح للفقراء الأخذ من الهدي إذا لم يدفع إليهم إما بالإذن الصريح أو بالإذن دلالة، وأجاز الحنفية أن يتصدق بلحم الهدي على مساكين الحرم وغيرهم، وعلى مساكين الحرم أفضل إلا أن يكون غيرهم أحوج، ويتصدق بجلال الهدايا وخطامها، وقال المالكية كالحنفية: يوزع لهم الهدي والخطام والجلال على المساكين، ويرى الشافعية أن جزاء الصيد وفدية الأذى كحلق وتقليم أظفار ودم التمتع والقرآن يذبح ويتصدق به على مساكين الحرم.
وأما رأي الحنابلة: فهو أن كل هدي أو إطعام لترك نسك أو فوات أو فعل محظور فهو لمساكين الحرم، إن قدر على إيصاله إليهم إلا أن فدية الأذى توزع على المساكين في الموضع الذي حلق فيه، ويصح تفرقة اللحم أو إعطاؤه لمساكين الحرم مذبوحاً أو حياً لينحروه، وإلا استرده ونحره، فإن أبى أو عجز، ضمنه. ومساكين الحرم: من كان فيه من أهله، أو وارد إليه من الحاج وغيرهم وهم الذين يجوز دفع الزكاة إليهم، ويجوز إباحة الذبيحة لهم، وما جاز تفريقه بغير الحرم، لم يجز دفعه إلى فقراء أهل الذمة في رأي الجمهور، ويجوز الانتفاع بالهدي عند الضرورة أو الحاجة.
فقال المالكية: يجوز له ركوبه إن احتاج إليه، ولا يشرب من اللبن وإن فضل عن الفصيل، وقال الحنفية: من ساق بدنة، فاضطر إلى ركوبها أو حَمْلِ متاعه عليها، ركبها وحملها، وإن استغنى عن ذلك لم يركبها وإذا ركبها أو حملها فانتقصت فعليه ما انتقص منها، وإن كان لها لبن لم يحلبها، وإن صرفه لنفسه تصدق بمثله أو قيمته لأنه مضمن عليه.
وقال الحنابلة: له ركوب الهدي على وجه لا يضر به، وللمهدي شرب لبن الهدي، لأن بقاءه في الضرع يضر به، فإذا كان ذا ولد لم يشرب إلا ما فضل عن ولده، وقال الشافعية: للمحتاج دون غيره أن يركب الهدي المنذور ويشرب من لبنه ما فضل عن ولده، ولو تصدق به، كان أفضل، ولو كان عليه صوف لا منفعة له في جزه، ولا ضرر عليه في تركه، لم يجز له جزه، وإن كان عليه في بقائه ضرر، جاز له جزه، وينتفع به، فلو تصدق به كان أفضل.