الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا إذا اضطروا إليهم، والله أعلم".
وبين الإمام ابن الهمام: أنه يشترط في الاستعانة بالمشرك أن لا يكون لهم راية تخصهم (1).
الكلام كله فيما يتعلق بالاستعانة بالكافر على الكافر، أما الاستعانة بالكافر على المسلم فأمر لم يرد في كتاب ولا سنة ولا قول فقيه (2).
-
رابعاً: وسائل إنهاء الحرب:
1 - الدخول في الإسلام:
رأينا أن هناك حالة من حالات إنهاء الحرب تكون فيما لو دخل إنسان أو بلد أو شعب في الإسلام وعندئذ فإن على إمام المسلمين أن يتفاهم معهم على صيغة للعلاقات فيما بينهم، وعلى صيغة تربطهم بدولة الإسلام المركزية وقد أشرنا إلى ذلك في كتابنا (فصول في الإمرة والأمير)، ومما قاله العلماء في موضوع الدخول في الإسلام: أما طُرق اعتناق الإسلام فمنها الصريح ومنها الضمني، ومنها التبعي.
فإعلان الإسلام صراحة: يكون بالنطق بالشهادتين أو بالشهادة مع التبري من عقيدته السابقة، والكفار في هذا الأمر أصناف أربعة: صنف ينكرون وجود الله وهم الدهرية، وصنف ينكرون وحدانية الخالق وهم الوثنية والمجوس، وصنف يقرون بوجود الله ووحدانيته إلا أنهم ينكرون النبوة والرسالة، وصنف ينكرون نبوة بعض الأنبياء.
فإن كان الكافر من الصنف الأول والثاني، فيكفي أن يقول ليُحكم بإسلامه:"لا إله إلا الله" أو يقول: "أشهد أن محمداً رسول الله".
وإن كان الكافر من الصنف الثالث: فلا يكفي أن يقول: "لا إله إلا الله" وإنما لابد من أن ينطق بالشهادة الأخرى وحينئذ يحكم بإسلامه.
وإن كان من الصنف الرابع فالمفتي به ما قاله ابن عابدين: يكفي أن يقول اليهودي
(1) البدائع 7/ 101 وفتح القدير 5/ 502 - 503.
(2)
المراجع.
والنصراني: أنا مسلم لأن اليهود والنصارى يمتنعون من قول: (أنا مسلم) فإذا قال أحدهم (أنا مسلم) فهو دليل إسلامه. وأما الوثني مثلاً فيحكم بإسلامه إذا قال، أنا مسلم ونحوه.
وأما إعلان الإسلام ضمناً: فمثل أن يصلي الكتابي أو المشرك مع جماعة من المسلمين لأن الصلاة على هذه الهيئة لم تكن في شرائع من قبلنا فكان ذلك دليلاً على الدخول في الإسلام هذا عند الحنفية والحنابلة. وقال الشافعي: لا يحكم بإسلامه لأن الصلاة ليست دليلاً على الإيمان حال الانفراد، فكذلك حال الاجتماع.
وأما الحكم بالإسلام تبعاً: فهو أن الصبي يحكم بإسلامه تبعاً لأبويه عند وجودهما، أو وجود أحدهما على الإسلام، كما أنه يحكم بإسلامه أيضاً إذا سُبي الصبي وحده وأدخل في دار الإسلام فهو مسلم تبعاً للدار.
وأما الأحكام المترتبة على اعتناق الإسلام من قِبَل الكفار فهي: عصمة الدماء والأموال والأراض، وبناء عليه إذا أسلم أهل بلدة من أهل دار الحرب قبل أن يتغلب عليهم المسلمون حرُم قتلهم، ولا سبيل لأحد على أموالهم التي في أيديهم أو الودائع في بلاد الإسلام وعلى أعراضهم، فإن تغلبنا عليم بالحرب كان عقار من أسلم وزوجته وأولاده الكبار فيئاً للمسلمين، لأن العقار من جملة دار الحرب وزوجته كافرة حربية لا تتبعه في الإسلام، وكذا أولاده كفار حربيون، ولا تبعية لهم، لأنهم على حكم أنفسهم. كذلك يعصم الإسلام عند جمهور العلماء صغار الأولاد والحَمْلَ إذا أسلم الأب أو الأم، سواء أكان في دار الحرب أو في دار الإسلام، لأن الطفل تابع لأبيه أو لأمه في الإسلام مطلقاً، إذ الولد يتبع خير الأبوين ديناً بالاتفاق، وقال الحنفية: إذا أسلم كافر في در الإسلام لم يكن أولاده الصغار مسلمين بإسلامه، إذا كانوا في دار الحرب، لانقطاع التبعية بتباين الدارين فكانوا من جملة الأموال يدخلون في الفيء. وأما الزوجة والأولاد الكبار: فقد اتفق أئمة المذاهب الأربعة: على أن إسلام الشخص لا يعصم زوجته ولا أولاده الكبار البالغين إذ أن للزوجة والأولاد الراشدين حكم أنفسهم كفراً وإسلاماً.
والكلام كله في الحكم لهم بالإسلام دنيا، أما عند الله فذاك أمر منوط بصدقهم وهو تعالى أعلم بالسرائر (1).
(1) الفقه الإسلامي 6/ 426 - 429، البدائع 7/ 102، المغني 8/ 143.