الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في الاقتصاد في الأعمال
5160 -
* روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم".
5161 -
* روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بيت أزواج النبي صلى الله عليه سلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها، قالواك فأين نحنُ من رسول الله صلى الله عليه وسمل، وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أنتم الذين قُلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطرُ، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
وأخرجه النسائي (1)، وهذا لفظه: أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعضهم: لا أتزوجُ النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراشٍ، وقال بعضهم: أصومُ ولا أفطر، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
قال الحافظ في "الفتح": وفي الحديث دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه، وفيه تتبع أحوال الأكابر للتأسي بأفعالهم، وإنه إّا تعذرت معرفته من الرجال جاز استكشافه
5160 - البخاري (13/ 251) 96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، 2 - باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم.
مسمل (4/ 1830) 43 - كتاب الفضائل، 37 - باب توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله
…
إلخ.
5161 -
البخاري (9/ 104) 67 - كتاب النكاح، 1 - باب الترغيب في النكاح.
مسلم مع اختلاف في اللفظ (2/ 1020) 16 - كتاب النكاح، 1 - باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه
…
إلخ.
(1)
النسائي (6/ 60) 26 - كتاب النكاح، 4 - باب النهي عم التبتل.
(تقالوه) التقال: تفاعل من القلة، كأنهم استقلوا ذلك لأنفسهم من الفعل، فأرادواأن يُكثروا منه.
(رغب عن الشيء) الرغبةُ في الشيء: إيثاره، والميل إليه، والرغبة عنه: تركُه، والصدوف عنه.
من النساء، وأن من عزم على عمل بر واحتاج إلى إظهاره حيث يأمن الرياء لم يكن ذلك ممنوعاً، وفيه تقديم الحمد الثناء على الله عند إلقاء مسائل العلم وبيان الأحكام للمكلفين وإزالة الشبهة عن المجتهدين، وإن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة والاستحباب.
5162 -
* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: "صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فرخص فيه، فتنزه عنه قومٌ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطب، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوامٍ يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشيةً".
قال الحافظ في [الفتح: 13/ 128]: وفي الحديث الحث على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذم التعمق والتنزه عن المباح، وحسن العشرة عند الموعظة والإنكار والتلطف في ذلك.
5163 -
* روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعن: "أرغبةٌ عن سُنتي؟ " فقال: لا، والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلبُ، قال:"فإني أنام، وأصلي، وأصومُ، وأفطرُ، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، فصُمْ وأفطِرْ، وصلِّ ونمْ".
ووجدت في كتاب رزين زيادةً لم أجدها في الأصول، وهي: قالت عائشة: وكان حلف أن يقوم الليل كله، ويصوم النهار، ولا ينكح النساء، فسأل عن يمينه، فنزل {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (1).
وفي رواية أنه هو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما نواه، قبل أن يعزم، وهو أصحُّ.
ووجدت له فيه عن عائشة (2) قالت: كان رسول الله صلى الله عيه وسلم إذا أمرهُم، أمرهُم منَ
5162 - البخاري (13/ 276) 96 - كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة، 5 - باب ما يكره من التعمق والتنازع
…
إلخ.
مسلم (4/ 1829) 43 - كتاب الفضائل، 35 - باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى .... إلخ.
(فتنزه) التنزه: التباعد عن الشيء، أي: أنهم تركوه ولم يعملوا به، ولا اقتدوابرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه.
5163 -
أبو داو (2/ 48) كتاب الصلاة، باب ما يؤم من القصد في الصلاة.
(1)
البقرة: 225.
(2)
البخاري (1/ 70) 2 - كتاب الإيمان، 13 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "أنا أعلمكم بالله"
…
إلخ.
العمل بما يُطيقون، قالوا: لسنا كهيئتك، إن الله عز وجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب، حتى يُعرف الغضب في وجهه، ثم يقول:"إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا".
للعلماء في المراد باللغو هاهنا خمسة أقوال:
أحدها: أن يحلف على الشيء يظن أنه كما حلف، ثم يتبين له أنه بخلافه، وإلى هذا المعنى ذهب أبو هريرة وابن عباس والحسن وعطاء والشعبي وابن جبير ومجاهد وقتادة والسدي عن أشياخه، ومالك ومقاتل.
والثاني: أنه قول الرجل: لا والله، وبلى والله من غير قصد لعقد اليمين، وهو قول عائشة وطاوس وعروة والنخعي والشافعي.
واثالث: أنه يمين الرجل وهو غضبان، رواه طاوس عن ابن عباس.
والرابع: أنه حلف الرجل على معصية فليحنث وليكفر ولا إثم عليه قاله سعيد بن جبير.
والخامس: أن يحلف الرجل على شيء ثم ينساه، قاله النخعي. انظر [زاد المسير: 1/ 254، 355] لابن الجوزي بتحقيق زهير الشاويش مع الأستاذ شعيب الأرناؤوط.
قال الحافظ في "الفتح": وفي هذا الحديث فوائد.
الأولى: إن الأعمال الصالحة ترقى صاحبها إلى المراتب السنية من رفع الدرجات ومحو الخطيئات، لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليهم استدلالهم، ولاتعليلهم من هذه الجهة، بل من الجهة الأخرى.
الثانية: أن العبد إذا بلغ الغاية في العبادة وثمراتها، كان ذلك أدعى له إلى المواظبة عليها استبقاء للنعمة، واستزادة لها بالشكر عليها.
الثالثة: الوقوف عند ما حدد الشارع من عزيمة ورخصة، واعتقاد أن الأخذ بالأرفق الموافق للشرع أولى من الأشق المخالف له.
الرابعة: أن الأولى من العبادة القصد لا المبالغة المفضية إلى الترك.
الخامسة: التنبيه على شدة رغبة الصحابة في العبادة وطلبهم الازدياد من الخير.
السادسة: مشروعية الغضب عند مخالفة الأمر الشرعي، والإنكار على الحاذق المتأهل لفهم المعنى إذا قصر في الفهم تحريضاً له على التيقظ.
السابعة: جواز تحدث المرء بما فيه من الفضل بحسب الحاجة لذلك عند الأمن من المباهاة والتعاظم.
الثامنة: بيان أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الكمال الإنساني، لأنه منحصر في الحكمتين العلمية والعملية، وقد أشار إلى الأولى بقوله:"أعلمكم" وإلى الثانية بقوله: "أتقاكم".
5164 -
* روى البخاري عن أبي جُحيفة: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء مُبتذلة فقال لها: ما شأنكُ؟ فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكلٍ حتى تأكل، فأكل فلما كان الليلُّ ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم ثم ذهب يقوم فقال: نمْ، فلما كان منآخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً وإن لنفسك عليك حقاً وإن لأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال:"صدق سلمانُ".
5165 -
* روى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أُخبرَ رسول الله صلى الهل عليه وسلم: أني أقول: والله لأصُمن النهار، ولأقومن الليل ما عشت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنت الذي تقول ذلك؟ " فقلت له: قد قلته، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال:"فإنك لا تستطيع ذلك، فصُم وأفطر، ونم، وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر"، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فصم يوماً وأفطر يومين"، قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فصم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام"- وفي رواية: أفضل الصيام - قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا أفضل من ذلك"(1).
5164 - البخاري (4/ 209) 30 - كتاب الصوم، 51 - باب من أقسم على أخيه ليُفطر في التطوع.
الترمذي (4/ 608) 37 - كتاب الزهد، 63 - باب. وزاد الترمذي: ولضيفك عليك حقاً.
5165 -
البخاري (6/ 453) 60 - كتاب أحاديث الأنبياء، 37 - باب قوله تعالى [النساء: 162
…
] إلخ.
زاد في رواية (1)، قال عبد الله بن عمرو، لأن أكون قبلتُ الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحبُّ إليَّ من أهلي ومالي".
وفي رواية أخرى (2): قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أخبرْ أنك تصومُ النهار، وتقوم الليل؟، قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: "فلا تفعل، صم وأفطر، ونم وقم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، إن لزوجك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنةٍ عشر أمثالها، فإذا ذلك صيامُ الدهر". فشددت فشدد عليَّ، قلتُ: يا رسول الله: إني أجدُ قوةً، قال: "صُمْ صيام نبي الله داود عليه السلام، لا تزد عليه". قلت: وما كان صيام داود؟ قال: "نصف الدهر"، فكان عبد الله يقول بعد ما كبر: يا لتني قبلتُ رخصة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى (3) قال: "ألم أخبرْ أنك تصوم الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة؟ " فقلت: بلى، يا نبي الله، ولم أردْ بذلك إلا الخير، وفيه قال:"فصم صوم داود، فإنه كان أعبد الناس"- وفيه قال-: "واقرأ القرآن في كل شهرٍ"، قال: قلت: يا نبي اله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فاقرأهُ في كل عشرين"، قال: فقلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فاقرأه في عشرٍ"، قلت: يا نبي الله، إني أطيقُ أفضل من ذلك، قال:"فاقرأه في سبعٍ، لا تزد على ذلك".قال: فشددتُ فشُدِّد عليَّ، وقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:"إنك لا تدري لعلك يطول بك عمرٌ"، قال: فصرتُ إلى الذي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كبرتُ وددتُ أني كنتُ قبلتُ رخصة نبي الله صلى الله عليه وسلم.
زاد مسلم ": فإن لولدك عليك حقاً".
وفي أخرى (4): قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لتصوم النهار، وتقوم الليل؟ " قلت:
(1) مسلم (2/ 812) 13 - كتاب الصيام، 35 - باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به
…
إلخ.
(2)
البخاري (10/ 531) 78 - كتاب الأدب، 84 - باب حق الضيف.
(3)
مسلم (2/ 813) 13 - كتاب الصيام، 35 - باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به
…
إلخ.
(4)
النسائي (4/ 213) 22 - كتاب الصيام، 78 - صوم عشرة أيام من الشهر واختلاف ألفاظ الناقلين لخبر عبد الله بن عمرو فيه.
نعم، قال:"إذا فعلت ذلك هجمت له العينُ، ونفهت له النفسُ، لا صام من صام الأبد، صومُ ثلاث أيامٍ صوم الدهر كله". قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك، قال: فصم صوم داود، كان يصومُ يوماً ويُفطر يوماً، ولا يفرُّ إذا لاقى".
وزاد في رواية (1): من لي بهذه يا نبي الله؟ ".
وفي رواية نحوه (2)، وفيه "وصُم من كل عشرةِ أيام يوماً، ولك أجر تسعةٍ" - وفيه- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صام من صام الأبد" ثلاثاً.
قال البخاري (3): قال عبد الله بن عمرو: أنكحني أبي امرأةٌ ذات حسبٍ، وكان يتعاهدُ كنتهُ، فيسألها عن بعلها، فتقول له: نعم الرجل من رجلٍ لم يطأ لنا فراشاً، ولم يُفتش لنا كنفاً مُذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه، ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ألقني به". فلقيته بعد، فقال "كيف تصومُ؟ " قلت: كل يومٍ. قال: "وكيف تختمُ؟ " قلت: كل ليلةٍ، فقال:"صُم كل شهرٍ ثلاثة أيامٍ، واقرأ القرآن في كل شهرٍ". قال: قلت: فإني أطيقُ أكثر من ذلك، قال:"صُم ثلاثة أيامٍ في الجمعة". قال: قلتُ: أطيقُ أكثر من ذلكن قال: "أفطر يومين وصُمْ يوماص". قال: قلت: أطيقُ أكثر من ذلك، قال:"صُم أفضل الصوم، صوم داود: صيام يومٍ. وإفطار يومٍ، واقرأ في كل سبع ليالٍ مرةً". قال: فليتني قبلتُ رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أني كبرتُ وضعُفْتُ، وكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار، والذي يقرؤه يعرضه من الليل، ليكون أخفَّ عليه بالليل، وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياماً، وأحصى وصام مثلهن كراهية أن يترك شيئاً فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواية النسائي (4) قال:: زوجني أبي امرأةْ، فجاء يزورنا، فقال: كيف ترين بعلكِ؟ قالت: نعم الرجل، لا ينام الليل، ولا يفطر النهار، فوقع بي وقال: زوجتك امرأةً من المسلمين، فعضلتها، قال: فجعلتُ لا ألتفت إلى قوله، مما عندي من القُوةِ
(1) النسائي (4/ 215) نفس الموضع السابق.
(2)
النسائي (4/ 215) نفس الموضع السابق.
وألفاظهم جميعم متقاربة باتفاق المعنى.
(3)
البخاري (9/ 94) 66 - كتاب فضائل القرآن، 34 - باب في كم يُقرأ القرآن
…
إلخ.
(4)
النسائي (4/ 210) 22 - كتاب الصيام، 76 - صوم يوم وإفطار يوم
…
إلخ؟
والاجتهاد، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. فقال:"لكني أنا أقومُ وأنامُ، وأصومُ وأفطرُ، فقمْ ونم، وصم وأفطر" - وكر الصوم نحو ماتقدم، وقال:"اقرإ القرآن في شهرٍ"، ثم انتهى إلى خمس عشرة، وأنا أقول: أنا أقوى من ذلك.
وأخرج الترمذي (1) طرفاً من هذه الروايات، وهو قوله:"أفضلُ الصوم صومُ أخي داود، كان يُصوم يوماً ويُفطرُ يوماً، ولا يفرُّ إذا لاقى".
ولقلةِ ما أخرج منه لم نُعْلِمْ عليه علامته.
وقد أخرج البخاري (2) ومسلم (3) وأبو داود (4) والنسائي (5) هذا الحديث مختصراً
(1) الترمذي (3/ 140) 6 - كتاب الصوم، 57 - باب ما جاء في سرد الصوم.
(2)
البخاري (6/ 455) 60 - كتاب أحاديث الأنباء، 38 - باب أحب الصلاة إلى الله
…
إلخ.
(3)
مسلم (2/ 816) 13 - كتاب الصيام، 35 - باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به
…
إلخ.
(4)
أبو دود (2/ 327) كتاب الصوم، باب في صوم يوم وفطر يوم.
(5)
النسائي (3/ 214) 20 - كتاب قيام الليل وتطوع النهار، 14 - ذكر صلاة بني الله داود عليه السلام بالليل.
(بحسبك) أحسبه هذا الأمر يحسبه: إذا كفاه.
(هجمت العين): إذا غارت ودخلت في نُقرتها من الضعف والمرض.
(نفهت) النفس: إذا أعيت وكلت.
(ذات حسب) الحسبُ: ما يعده الرجل من مفاخر آبائه، ويقال: حسبه: دينه، ويقال: ماله وقيل: الحسب يكون في الرجل ون لم يكن له آباء لهم شرف.
(كنته) الكنةُ: امرأة الابن أو الأخ.
(بعلها) بعل المرأة: زوجها.
(كنفاً) لم يفتش لنا كنفاً.
الكنف: الجانب، أرادت: أنه لم يقر بها، ولم يستعلم لها حالات خفيت عنه.
(فوقع بي) وقع بي فلان: إذا لامك وعنفك، أماوقعت فيه، فهو من الوقيعة، وهي الغيبة.
(فعضلتها) العضل: المنع، والمراد: أنك لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم ولاتركتها بنفسها لتتزوج، وتتصرف في نفسها كما تريد.
الباء في "بحسبك" زائدة، ومعناه أن صوم الثلاثة الأيام من كل شهر كافيك.
(لا يفر) أي: إذا لاقى العدو، أي: لا يهرب من قتال الكفار.
(من لي) أي: من يكفل لي بهذه الخصلة التي لداود عليه السلام، لاسيما عدم الفرار والصبر والثبات عند لقاء العدو.
(الزور): الزائرون، يقال: رجل زائر، وقوم زور، وزوار مثل مسافر وسفر وسفار، ونسوة زور أيضاً، وزور - مثل نوم ونوح 0 زائرات صحاح.
"فإذا ذلك" روى "إذاً" بالتنوين، وبلفظ "إذا" التي للمفاجأة.
جامعاً، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحبَّ الصيام إلى الله: صيامُ داود، وأحبَّ الصلاة إلى الله: صلاةُ داود، كان ينامُ نصف الليل، ويقوم ثلثهُ، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً".
5166 -
* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم حصيرٌ، وكان يُحجرُهُ بالليل، فيُصلي فيه، ويبسطه بالنهار، فيجلسُ عليه، فجعل الناسُ يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يصلون بصلاته، حتى كثروا، فأقبل، فقال:"يا أيها الناس، خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يملُّ حتى تملَّوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام، وإنْ قلَّ".
زاد في رواية (1): وكان آل محمد إذا عملُوا عملاً أثبتوه".
وفي رواية (2) قال: إن رسول الله صلى سُئلَ، أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال:"أدومُهُ وإن قلَّ".
زاد في رواية (3)"واكلفُوا من العمل ما تطيقون".
وفي رواية (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سددُوا وقاربوا، واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنةَ، وأن أحب الأعمال إلى الله أدومُها وإن قلَّ".
زاد في أخرى (5)"وأبشروا، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بمغفرةٍ ورحمةٍ".
وللبخاري والموطأ (6)، قالت:"كان أحبُّ الأعمال إلى الله الذي يدومُ عليه صاحبه".
5166 - مسلم (1/ 540) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 30 - باب فضيلة العمل الدائم
…
إلخ.
(1)
مسلم (نفس الموضع السابق).
(2)
مسلم (نفس الموضع السابق).
(3)
البخاري (11/ 294) 81 - كتاب الرقاق، 18 - باب القصد والمداومة على العمل.
(4)
نفس الموضع السابق.
(5)
نفس الموضع السابق.
(6)
البخاري نفس الموضع السابق.
الموطأ (1/ 174) 9 - كتاب قصر الصالة في السفر، 24 - باب جامع الصلاة.
ولمسلم (1): "كان أحبُّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ".
وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمتْهُ.
وفي رواية الترمذي (2): "كان أحبُّ العمل إلى رسول الله صلى الله ما ديم عليه".
وفي أخرى له (3) قال: "سئلتْ عائشة وأم سلمة: أيُّ العمل كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالتا: ما ديم عليه وإن قلَّ".
وفي رواية أبي داود (4): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله أدومُهُ وإن قل، وكان إذا عمل عملاً أثبته".
وفي أخرى له (5) قال علقمة: "سألت عائشة: كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل كان يخص شيئاً من الأيام؟ قالت: لا، كان عمل ديمةٌ، أيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع؟ ".
وي رواية النسائي (6) "قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرةٌ يبسطها، ويحتجرها بالليل، فيُصلي فيها، ففطن له الناس، فصلوا بصلاته، وبينهم وبينه الحصيرة، فقال: اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله تبارك وتعالى لا يمل حتى تملُّوا، فإن
(1) مسلم (1/ 541) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 30 - باب فضيلة العمل الدائم
…
إلخ.
(2)
الترمذي (5/ 142) 44 - كتاب الأدب، 73 - باب
…
(3)
نفس الموضع السابق.
(4)
أبو داود (2/ 48) كتاب الصلاة، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة.
(5)
البخاري (11/ 294) 81 - كتاب الرقاق، 18 - باب القصد والمداومة على العمل.
(6)
النسائي (2/ 68) 9 - كتاب القبلة، 13 - المصلي يكون بينه وبين الإمام سندة.
(يحجرُهُ) حجرهُ يحجرُهُ، أي: يتخذه حخجرة وناحية ينفرد عليه فيها.
(يثوبون) أي: يرجعون إليه، ويجتمعون عنده.
(لا يمل حتى تملوا) المراد بهذا الحديث: أن الله لا يمل أبداً، مللتم أو لم تملوا، فجرى مجرى قولهم: لا أفعله حتى يشيب الغرابُ، ويبيض القارُ. وقيل معناه: إن الله لا يطرحكم حتى تتركوا العمل له، وتزدهوا في الرغبة إليه، فسمى مللاً، وكلاهما ليس بمللٍ، كعادة العرب في وضع الفعل إذا وافق معناه نحو قوله:
ثم أضحوا لعب الدهرُ بهم
…
وكذاك الدهر يودي بالرجال =
أحبَّ العمل إلى الله أدومُهُ، وإن قل، ثم ترك مصلاه ذلك، فما عاد له حتى قبضهُ الله عز وجل، وكان إذا عمل عملاً أثبته" (1).
= فجعل إهلاكه إياهم لعباً.
وقيل معناه: إن الله لا يقطعُ عنكم فضلهُ، حتى تملوا سؤاله، فسمى فعل الله مللاً، وليس بملل، على جهة الازدواج، كقوله تعالى:(فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) وقوله: (وجزاء سيئة سيئةٌ مثلها) وهذا شائع في العربية، وكثيرٌ في القرآن.
قال الحافظ في [فتح الباري 1/ 94] هو بفتح الميم في الموضعين، والملال: استثقال الشيء، ونفور النفس عنه بعد محبته، وهو محال على الله تعالى باتفاق وقال الإسماعيلي، وجماعة من المحققين: إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازاً، كماق ال تعالى:(وجزاء سيئة سيئة مثلها)[الشورى: 40] ونظائرها، قال القرطبي: وجه مجازه: أنه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن قطع العمل مللاً، عبر عن ذلك بالملال، من باب تسمية الشيء باسم سببه.
وقال الهروي: معناه: لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله، فتزهدوا في الرغبة إليه، وقال غيره معناه: لا يتناهى حقه عليكم في الطاعة حتى يتناهى جهدكم.
وهذا كله بناء على أن "حتى" على بابها في انتهاء وما يترتب عليها من المفهوم.
وجنح بعضهم إلى تأويلها، فقيل: معناه: لا يمل الله إذا مللتم، وهو مستعمل في كلام العرب، يقولون: لا أفعل كذا حتى يبيض القار، وحتى يشيب الغراب، ومن قولهم في البليغ: لا ينقطع حتى ينقطع خصومه، لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم يكن له عليهم مزية، وهذا المثال أشبه من الذي قبله، لأن شيب الغراب ليس ممكناً عادة، بخلاف الملل من العابد.
وقال المازري: قيل: إن "حتى" بمعنى "حين" والأول أليق، وأجرى على القواعد، وأنه من باب المقابلة اللفظية.
ويؤيده: ما وقع في بعض طرق حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ "اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل" لكن في إسناده موسى بن عبيدة، وهو ضعيف. وقال ابن حبان في "صحيحه": هذا من ألفاظ التعارف، التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد مما يخاطب به إلا بها، وهذا رأيه في جميع المتشابه.
(سددوا) اقصدوا السداد من الأمر، وهو الصواب.
(وقاربوا) اطلبوا القاربة، ويه القصد في الأمر الذي لا غلو فيه ولا تقصير.
(يتغمدني) تغمده الله برحمته: إذا غفر له ورحمهُ، وأصله: كأنه جعل رحمته له غمداً ستره بها وغشاه.
(اكلفُوا) كلفتُ بهذا الأمر، أكلفُ به: إذا ألعت به، وكلفه تكليفاً: إذا أمره بما شق عليه، والمتكلفُ: المتعرضُ لما لا يعنيه، وتكلفتُ الشيء: تجشمته.
(ديمة) الديمةُ: المطر الدائم في سكون، شبهتْ عمله في دوامه مع الاقتصاد بديمة المطر.
5167 -
* روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل أحداً منكم عمله الجنة، ولا يجيرهُ من النار، ولا أنا، إلا برحمة الله عز وجل".
وفي رواية (1) قال: "قاربوا وسددوا، واعلموا أنه لن ينجو منكم أحدٌ بعمله. قالوا: يا رسول الله، ولا أنت؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمةٍ من وفضلٍ".
5168 -
* روى البخاري عن أبي هريرة نحو ذلك. وفيه: "سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيئاً من الدلجة والقصد القصد تبلغُوا".
5169 -
* روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يُدخل أحداً منكم عمله الجنة". قالوا: ولا أنت؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله منه بفضلٍ ورحمةٍ". وزاد مسلم (2)"ولكن سددوا" في بعض طرقه.
وفي أخرى مسلم (3). قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قاربوا وسددوا، واعلموا أنه لن ينجي أحداً منكم عمله". قالوا: ولا أنت؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمةٍ منه وفضلٍ".
وللبخاري (4) مثلها، إلى قوله "برحمةٍ" وزاد "سددُوا وقاربُوا، واغدُوا ورحُوا، وشيئاً من الدلجة والقصد القصد تبلغُوا".
وفي أخرى للبخاري (5) وللنسائي (6) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الدينَ
5167 - مسلم (4/ 2170) 50 - كتاب صفات المنافقين، 17 - باب لن يدخل أحد الجنة بعمله
…
إلخ.
(1)
مسلم (نفس الموضع السابق).
(يجيره) الإجارة: الإعانة والنصرة.
5168 -
البخاري (11/ 294) 81 - كتاب الرقاق، 18 - باب القصد والمداومة على العمل.
5169 -
البخاري (10/ 127) 75 - كتبا المرض، 19 - باب تمني المريض الموت.
(2)
مسلم (4/ 2169) 50 - كتاب صفات المنافقين، 17 - باب لن يدخل الجنة بعلمه.
(3)
مسلم (4/ 2170) نفس الموضع السابق.
(4)
البخاري (11/ 294) 81 - كتاب الرفاق، 18 - باب القصد والمداومة على العمل.
(5)
البخاري (1/ 93) 2 - كتاب الإيمان، 29 - باب الدينُ يُسر
…
إلخ.
(6)
النسائي (8/ 121) 47 - كتبا الإيمان، 28 - باب الدين يسر.
يُسر، ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيءٍ من الدلجة".
وقد أجاب ابن الجوزي رحمه الله، كما نقله ابن حجر عنه في [الفتح: 11/ 253] عن الجمع بين هذا الحديث وقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ، بأربعة أجوبة:
الأول: أن التوفيق للعمل من رحمة الله ولولا رحمة الله السابقة ما حصل الإيمان ولا الطاعة التي يحصل بها النجاة.
الثاني: أن منافع العبد لسيده، فعمله مستحق لمولاه، فمهما أنعم عليه من الجزاء فهو من فضله.
الثالث: جاء في بعض الأحاديث أن نفس دخول الجنة برحمة الله، واقتسام الدرجات بالأعمال.
الرابع: أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير، والثواب لا ينفد، فالأنعام الي لا ينفد في جزاء ما ينفد بالفضل لا بمقابلة الأعمال.
وقال ابن القيم في "مفتاح دار السعادة": الباء المقتضية للدخول غير الباء النافية، فالأولى: السببية الدالة على أن الأعمال سبب الدخول المقتضية له كاقتضاء سائر الأسباب لمسبباتها. والثانية: ياء المعارضة نحو اشتريت منه بكذا، فأخبر أن دخول الجنة ليس في مقابلة عمل أحد، وأنه لولا رحمة الله لعبده لما أدخله الجنة، لأن العمل بمجرده لو تناهى لا يوجب بمجرده دخول الجنة، ولا أن يكون عوضاً لا لأنه ولو وقع على الوجه الذي يحبه الله لا يقاوم نعمة الله، بل جميع العمل لا يوازي نعمة واحدة، فتبقى سائر نعمه مقتضية لشكره وهو لم يوفها حق شكرها (1).
= (واغدُوا) الغدو: الخروج بكرةً.
(وروحوا) الرواح؛: العود عشيا، والمراد: اعلموا أطراف النهار وقتاً وقتاً.
(الدلجة) سير الليل، والمراد به: العمل في الليل، وقوله "وشيئاً من الدلة" إشارة إلى تقليله.
(والقصد): العدل في الفعل والقول، والوسط بين الطرفين.
(يشاد) المشادة: مفاعلة من الشدة، أي: لن يُغالب، ولن يقاوي أحدٌ الدين إلا غلبه.
5170 -
* روى الشيخان عن أنس بن مالك (رضي الل عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا".
وفي رواية (1): "زسكنوا ولا تنفروا".
5171 -
* روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا حبلٌ ممدودٌ بين الساريتين، فقال: ما هذا الحبلُ؟ قالوا: حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا، حُلوهُ، ليُصلِّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد".
وفي رواية أبي داود (2)"ما هذا الحبلُ"؟ فقيل: يا رسول الله، حمنةُ بنتُ جحش تصلي، فإذا أعيتْ تعلقتْ بهن فقال:"حُلوهُ، لتصلي ماأطاقت، فإذا أعيت فلتجلس".
وفي رواية له (3) قالوا: زينبُ تصلي، فإذا كسلتْ، أو فترت أمسكت به، فقال:"حُلوه، ليُصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر فليقعد".
5172 -
*روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت عندي امرأة من
5170 - البخاري (13/ 162) 93 - كتاب الأحكام، 22 - باب أمر الوالي إذا وجه أميرين
…
إلخ.
مسلم (3/ 1359) 32 - كتاب الجهاد والسير، 3 - باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير.
(1)
البخاري (10/ 524) 78 - كتاب الأدب، 80 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "يسرو ولا تعسروا".
مسلم (3/ 1359) نفس الموضع السابق.
(التيسير) ضد التعسير، أراد به: التسهيل في الدين، وترك التشديد.
5171 -
البخاري (3/ 36) 19 - كتاب التهجد، 18 - باب ما يُكره من التشديد في العبادة.
النسائي (3/ 218) 20 - كتاب قيام الليل، 17 - الاختلاف على عائشة في إحياء الليل.
(2)
أبو داود (2/ 33) كتاب الصلاة، باب النعاس في الصلاة.
(3)
أبو داود (نفس الموضع السابق).
(فترتْ) الفتور: ضد النشاط والخفة.
(أعيت) الإعياء: التعب.
5172 -
البخاري (1/ 100) 2 - كتاب الأيمان، 32 - باب من أحبُّ الدين إلى الله أدومُه.
مسلم (1/ 542) 6 - كتاب المسافرين، 31 - باب أمر من نعس في صلاته
…
إلخ.
النسائي (3/ 218) 20 - كتاب قيام الليل، 17 - الاختلاف على عائشة في إحياء الليل.
بنى أسدٍ، فدخل عليِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"من هذه؟ " قلت: فلانة، لا تنام من الليل، تذكرُ من صلاتها، قال:"مه، عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وكان أحبُّ الدين ما داوم عليه صاحبه".
وفي أخرى لمسلم (1): أن الحولاء بنت تويتٍ مرتْ بها، وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذه الحولاءُ بنتُ تويتٍ، وزعموا أنها لا تنام الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تنام الليل؟! خُذوا من العمل ما تطيقون، فوالله لا يسأمُ الله حتى تسأموا".
وأخرجه الموطأ (2) مرسلاً عن إسماعيل بن أبي حكيم، أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع امرأةً من الليل تًلي، فقال:"من هذه؟ قيل: الحولاء بنت تويتٍ لا تنام الليل، فكره ذلك، حتى عُرفت الكراهية في وجهه، ثم قال: "إن الله لا يمل حتى تملوا، أكلفوا من العمل ما لكم به طاقةٌ".
5173 -
* روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله علي هوسلم قال: "إن لكل شيءٍ شرةٌ، ولكلِّ شرةٍ فترةٌ، فنْ صاحبها سدد وقارب فارجوهُ، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعُدُّوه".
(1) مسلم (1/ 542) نفس الموضع السابق.
(2)
الموطأ (1/ 118) 7 - كتاب صلاة الليل، 1 - باب ما جاء في صلاة الليل.
(مهْ) بمعنى: اسكت.
(لا يسأم) السآمةُ: الضجر والملل، والمعنى مثله في قوله:"لا يمل حتى تملوا".
5173 -
الترمذي (4/ 635) 38 - كتاب صفة القيامة، 21 - باب منه
…
إلخ.
(شرةٌ) الشرةُ: النشاط، ويقال: شرةُ الشباب: أوله.
قال القاضي: الشرة بكسر الشين والتشديد: الحرص على لاشيء والنشاط فيه، و"صاحبها" فاعل دل عليه ما بعده، ونظيره قوله تعالى:(وإن أحد من المشركين استجارك).
والمعنى: أن من قصد في الأمور، وسلك الطريق المستقيم، واجتنب جانبي إفراط الشرة، وتفريط الفترة، فارجوه، ولا تلتفوا إلى شهرته فيما بين الناس، واعتقادهم فيه.
وقال الطيبي: ذهب إلى أن "إن" الشرطية الثانية من تتمة الأولى، فلعل الظاهر أن تكون مثلها في الاستقلال، فيكون تفصيلاً لذلك المجمل، فن قوله:"لكل شيء شره .. إلخ" معناه: أن لكل شيء من الأعمال الظاهرة، والأخلاق الباطنة طرفين، إفراطاً وتفريطاً، فالمحمود هو القصد بينهما، فإن رأيتم أحداص يسلك سبيل القصد، =
5174 -
* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال: "إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد؛ حتى يذهب عنه النوم؛ فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعسٌ لا يدري لعلةُ يذهب يستغفر فسيب نفسه".
5175 -
* روى مسلم عن أبي عبد الله جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال: "كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات فكانتْ صلاته قصداً، وخطبتهُ قصْداً".
5176 -
* روى مسلم عن أبي ربعي حنظلة بن ربعي الأسيدي الكاتب، أحد كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلةُ، قال: سبحان الله!! ما تقول؟ قلت: نكونُ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنة والنار، كأن رأى عينٍ، فإذا خرجنا من عند رسول الله عافسْنَا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً، قال أبو بكر رضي الله عنه فوالله إنا لنلقى مثلَ هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسو لالله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ يا رسول الله نكون عندك تُذكرنا بالنار والجنمة كأنا رأى العين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكْر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكمْ، ولكن يا حنظلة ساعةً وساعةً، ثلاث مرات" (1).
= فأرجوه أن يكون من الفائزين، ولا تقطعوا له، فإن الله هو الذي يتولى السرائر، وإن رأيتموه يسلك سبيل الإفراط والغلو حتى يشار إليه بالأصابع، فلا تبتوا القول فيه بأنه من الخائبين، فإن الله هو الذي يطلع على الضمائر.
5174 -
البخاري (1/ 313) 4 - كتاب الوضوء، 53 - باب الوضوء من النوم
…
إلخ.
مسلم (1/ 542) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 31 - باب أمر من نعس في صلاته
…
إلخ.
5175 -
مسلم (2/ 591) 7 - كتاب الجمعة، 13 - باب تخفيف الصلاة والخطبة.
قوله: (قصداً) أي بين الطول والقصر.
5176 -
مسلم (4/ 2106) 49 - كتاب التوبة، 3 - باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة
…
إلخ.
قوله: (ربعي) بكسر الراء، و (الأسيدي) بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مشددة مكسورة، وقوله (عافسنا) هو بالعين والسين المهملتين أي عالجنا ولاعبنا، و (الضيعات) المعايش.
5177 -
* روى مسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، أو أزيدُ، ومن جاء بالسيئة، فجزاؤه سيئةٌ مثلها، أو أغفرُ، ومن تقرب مني شبراً، تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب مني ذراعاً، تقربتُ منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولةً، ومن لقيني بقُراب الأرض خطيئةً لا يشركُ بي شيئاً، لقيتُه بمثلها مغفرةً"(1).
5177 - مسلم (4/ 2068) 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، 6 - باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى.
(بقراب الأرض) قراب الأرض: هوما يقارب ملأها.