الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بطوله فقال النعمان بن مقرنٍ: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا لم يقاتل أول النهار، انتظر حتى تزول الشمس، وتهب الرياح، وينزل النصْرُ".
قوله (فأسلم الهرمزان): في السياق اختصار كثير، لأن إسلام الهرمزان كان بعد قتال كثير بينه وبين المسلمين بمدينة تستر، ثم نزل على حكم عمر فأسره أبو موسى الأشعري، وأرسل به إلى عمر مع أنس، فأسلم، فصار عمر يقربه ويستشيره، ثم اتفق أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب اتهمه بأنه واطأ أبا لؤلؤة على قتل عمر، فعدا عل الهرمزان فقتله بعد قتل عمر [م].
-
في استشارة عمر للهرمزان:
قال الحافظ: وقع في رواية ابن أبي شيبة من طريق معقل بن يسار أن عمر شاور الهرمازن في فارس وأصبهان وأذربيحان. أي: بأيها يبدأ، وهذا يشعر بأن المراد أنه استشاره في جهات مخصوصة، والهرمزان كان من أهل تلك البلاد، وكان أعلم بأحوالها من غيره، وعل هذا ففي قوله في حديث الباب "فالرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس" نظر، لأن كسرى هو رأس أهل فارس، وأما قيصر صاحب الروم، فلم يكن كسرى رأساً لهم، وقد وقع عند الطبري من طريق مبارك بن فضالة قال:"فإن فارس اليوم رأس وجناحان" وهذا موافق لرواية ابن أبي شيبة، وهو أولى، لأن قيصر كان بالشام، ثم ببلاد الشمال، ولا تعلق لهم ببلاد العراق وفارس والمشرق، ولو أراد أن يجعل كسرى رأس الملوك، وهو ملك المشرق وقيصر ملك الروم دونه، ولذلك جعله جناحاً، لكان المناسب أن يجعل الجناح الثاني ما يقابله من جهة اليمين كملوك الهند والصين مثلاً، لكن دلت الرواية الأخرى على أنه لم يرد إلى أهل بلاده التي هو عالم بها، وكأن الجيوش إذ ذاك كانت بالبلاد الثلاثة، وأكثرها وأعظمها بالبلدة التي فيها كسرى، لأنه كان رأسهم. عند قوله:(فقام ترجمان):
قال الحافظ: وفي رواية الطبري من الزيادة "فلما اجتمعوا أرسل بندار إليهم: أن أرسلوا إلينا رجلاً نكلمه، فأرسلوا إليه المغيرة بن شعبة". وفي رواية ابن أ [ي شيبة "وكان بينهم نهر فسرج إليهم المغيرة، فعبر النهر، فشاور ذو الجناحين أصحابه: كيف نقعد للرسول؟ فقالوا: اقعد له في هيئة الملك وبهجته، فقعد على سريره، ووضع التاج على
رأسه، وقام أبناء الملوك حوله سماطين، عليهم أساور الذهب والقرطة والديباج. قال: فأذن للمغيرة، فأخذ بضبعيْه رجلان، ومعه رمحه وسيفه، فجعل يطعن برمحه في بسطهم ليتطيروا". وفي رواية الطبري قال المغيرة "فمضيت ونكست رأسي، فدفعت، فقلت لهم: إن الرسول لا يفعل به هذا".
الخطابُ في "أشهدك" للمغيرة، وكان على ميسرة النعمان، أي: أحضرك الله مثل تيك المغازي، أو هذه المقاتلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولم يندمك" من الإندام. يقال: أندمه الله فندم.
"ولم يخزك" من الإخزاء. يقال: خزي - بالكسر-إذا ذل وهان، وكأنه إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس "غير خازيا ولا ندامى".
- عند قوله (وتحضر الصلاة) قال محقق الجامع:
وزاد الطبري في رواية (4/ 119): "ويطيب القتال، فما منعني إلا ذلك، اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الإسلام، وذل يذل به الكفار، ثم اقبضني إليك بعد ذلك على الشهادة".
وقال الحافظ في الفتح: قد بين مبارك بن فضالة في روايته عن زياد بن جبير ارتباط كلام النعمان بما قبله، وبسياقه يتبين أنه ليس قصة مستأنفة. وحاصله أن المغيرة أنكر على النعمان تأخيره القتال، فاعتذر النعمان بما قاله. ولفظ مبارك ملخصاً "أنهم أرسلوا إليهم: إما أن تعبروا إلينا النهر، أو نعبر إليكم. قال النعمان: اعبروا إليهم. قال: فتلاقوا. وقد قرن بعضهم بعضاً، وألقوا حسك الحديد خلفهم لئلا يفروا. قال: فرأى المغيرة كثرتهم. قال: لم أرى كاليوم مثلاً: إن عدونا يُتْرَكُون يتأهبون. وأما والله لو كان الأمر إلي لقد أعجلتهم" وفي رواية ابن أبي شيبة "فصاففناهم فزاحفونا حتى أسرعوا فينا. فقال المغيرة للنعمان: إنه قد أسرع في الناس. فلو حملت؟ فقال النعمان: إنك لذو مناقب، وقد شهدت مع رسول الله صلى الله لعيه وسلم مثلها" وفي رواية الطبري "قد كان الله أشهدك أمثالها، والله ما منعني أن أناجزهم إلا شيء شهدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم". اهـ.