الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحقوق الزوجية فرض عين، كما لا يجوز الجهاد للولد بدون إذن أبويه أو أحدهما إذا كان الآخر ميتاً، لأن بر الوالدين فرض عين، فيكون مقدماً على فرض الكفاية. ولكن إذا عم النفير خرجت المرأة بغير إذن زوجها، وجاز للولد أن يخرج بدون إذن والديه.
يجوز قتل المقاتلة يشتركون في الحرب برأي أو تدبير أو قتال، ولا يجوز قتل غير المقاتلة من امرأة أو صبي أو مجنون أو شيخ هرم، أو مريض مقعد، أو أشل أو أعمى، أو مقطوع اليد والرجل من خلال أو مقطوع اليد اليمنى، أو معتوه، أو راهب في صومعته، أو قوم في دار أو كنيسة ترهبوا أو العجزة عن القتال والفلاحين في حرثهم، إلا إذا قاتلوا بقول أو فعل أو رأي أو إمداد بمال (1).
يجوز قتل المرأة إذا كانت ملكة الأعداء، لأن في قتلها تفريقاً لجمعهم، وكذلك إذا كان ملكهم صبياً صغيراً وأحضروه في المعركة لا بأس بقتله إذا كان في قتله تفريق جمعهم.
-
ثانياً: هل يجب التبليغ والدعوة والإنذار قبل نوع من القتال
؟
رأينا أنه من صور القتال في الإسلام صورة توسعة دار الإسلام على حساب دار الكفر، وذلك فريضة كفائية بوجود أسبابها، وعندئذ لابد أن يعرف الكافرون لماذا نقاتلهم وأن قتالهم من أجل الإسلام وحده، وهذا يقتضي عملية تبليغ ودعوة وإنذار، وقد اختلف الفقهاء في حكم إبلاغ الدعوة على ثلاث آراء:
الأول: يجب قبل القتال تقديم الدعوة الإسلامية مطلقاً: أي سواء بلغت الدعوة العدو أم لا، وبه قال مالك.
الثاني: لا يجب مطلقاً، وهو رأي قوم كالحنابلة.
الثالث: تجب الدعوة لمن لم يبلغهم الإسلام، فإن انتشر الإسلام، وظهر كل الظهور وعرف الناس إلى ماذا يُدعَوْنَ، وعلى ماذا يقاتَلُون، فالدعوة مستحبة تأكيداً للإعلام والإنذار وليست بواجبة، وهذا رأي الجمهور قال ابن المنذر: هو قول جمهور أهل العلم (2).
(1) البدائع 7/ 101.
(2)
انظر (المغني: 8/ 361)(ونيل الأوطار: 7/ 231)(وفتح القدير: 5/ 446)(والفقه الإسلامي: 6/ 419).
أقول: إن عمدة القائلين بعدم جواز المبادأة ومباغتة العدو: حديث سلمان بن بريدة: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال
…
فإن أبوا، فاستعن بالله وقاتلهم" (1).
وعمدة من قال بجواز المباغتة إن بلغتهم الدعوة: حديث نافع عن ابن عمر: "إن نبي الله أغار على بني المصطلق وهم غارّون، أنعامهم تسقي على الماء. فقتَل مقاتلته وسبى سبيهم، وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث"(2).
ولا أرى أن حديث نافع يناقض حديث سليمان بن بريدة إذا ما حرر موضع النزاع تحريراً دقيقاً، لأن أحداً لا يقول بقتال قوم لا يعلمون لماذا يقاتلون؟ وماذا عليم فعله .. وهذا ما أراد بيانه حديث سليمان.
أما مقصود حديث نافع فهو بيان جواز مباغتة القوم، فالحرب خدعة، بعد أن يكونوا قد بلغتهم الدعوة، فلا يسلم لشيخنا الغزالي قوله: (فإن رواية الصحيحين تشعر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، باغت القوم وهم غارون، ما عرضت عليهم الدعوة
…
ولا بدا من جانبهم نكوص ولا عرف من أحوالهم ما يقلق، وقتال يبدؤه المسلمون على هذا النحو مستنكر في منطق الإسلام) (3).
أقول: لا يسلم لشيخنا هذا الاستنتاج إذ لا يفهم الحديث أن الواقع كذلك بل الواقع كما جاء على لسان الشيخ نفسه بعد صفحة: (إن الحديث بيّن مرحلة متقدمة من مراحل المعركة وأنه بعد وقوع الخصومة وقد أمسى كل فريق يعد العدة ..).
أقول: وبذلك تنسجم النصوص ولا نتهم رواية نافع ونتكلف في نقضها.
إنَّ فهْم الحديث على وجهه يغنينا عن تخطئة الآخرين، وتحريرُ محل النزاع أمر جوهري، ولقد كان الإمام النووي دقيقاً في تحرير محل النزاع إذ قال: (باب جواز الإغارة
(1) انظر معالم السنن: 3/ 416.
(2)
أخرجه البخاري: (2541) فتح الباري، ومسلم:(1730) وأبو داود: (3622).
وهذا حديث لا مطعن فيه، لا سنداً ولا متناً.
(3)
انظر فقه السيرة: ص 10 ط 7.