الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عَلَى سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد:
فإن علم الْحَدِيْث النبوي الشريف من أشرف العلوم الشرعية، بَلْ هُوَ أشرفها عَلَى الإطلاق بَعْدَ العلم بكتاب الله تَعَالَى الَّذِيْ هُوَ أصل الدين ومنبع الطريق المستقيم؛ لذا نجد الْمُحَدِّثِيْنَ قَدْ أفنوا أعمارهم في تتبع طرق الْحَدِيْث ونقدها ودراستها، حَتَّى بالغوا أيما مبالغة في التفتيش والنقد والتمحيص عَنْ اختلاف الروايات وطرقها وعللها فأمسى علم مَعْرِفَة علل الْحَدِيْث رأس هَذَا العلم وميدانه الَّذِيْ تظهر فِيْهِ مهارات الْمُحَدِّثِيْنَ، ومقدراتهم عَلَى النقد.
ثُمَّ إن لعلم الْحَدِيْث ارتباطاً وثيقاً بالفقه الإسلامي؛ إِذْ إنا نجد جزءاً كبيراً من الفقه هُوَ في الأصل ثمرة للحديث، فعلى هَذَا فإن الْحَدِيْث أحد المراجع الرئيسة للفقه الإسلامي. ومعلوم أنَّهُ قَدْ حصلت اختلافات كثيرة في الْحَدِيْث، وهذه الاختلافات مِنْهَا ما هُوَ في السند، ومنها ما هُوَ في الْمَتْن، ومنها ما هُوَ مشترك بَيْنَ الْمَتْن والسند. وَقَدْ كَانَ لهذه الاختلافات دورٌ كبيرٌ في اختلاف الفقهاء؛ من هنا أصبح لدي دافع كبير إِلَى جمع هَذِهِ الاختلافات وتصنيفها وتبويبها وترتيبها مَعَ التنظير العلمي لكل نوع من الأنواع الَّتِي حصلت فِيْهَا الاختلافات؛ ثُمَّ ذِكْرُ خلاصة الحكم في تِلْكَ المسألة الحديثية بَعْدَ سوق أقوال الْعُلَمَاء. ثم بَعْدَ ذَلِكَ أذكر ما ترتب عَلَى هَذِهِ الاختلافات من تباين في وجهات نظر الفقهاء وآرائهم نتيجة هَذَا الاختلاف الحديثي.
من هنا جاء الربط بَيْنَ علم الْحَدِيْث وعلم الفقه، وأكدت هَذَا الربط بأن ذكرت بتفصيل مناسب نموذجاً أو أكثر - حسب الوسع - أبين فِيْهِ أثر هَذَا الاختلاف في اختلاف الفقهاء.
هَذَا وَقَد اقتضت طبيعة البحث تقسيمه بَعْدَ هَذِهِ المقدمة إِلَى أربعة فصول:
صدّرت الرسالة بفصلٍ تمهيديٍّ لبيان ماهية الاختلاف، وقضايا أخرى تتعلق بِهِ. وَقَدْ تضمن هَذَا الفصل أربعة مباحث:
المبحث الأول: عرّفت فِيْهِ الاختلاف لغة واصطلاحاً.
المبحث الثاني: ذكرت فِيْهِ الفرق بَيْنَ الاختلاف والاضطراب.
المبحث الثالث: بينت فِيْهِ أنواع الاختلاف.
المبحث الرابع: تكلمت فِيْهِ عن أسباب الاختلاف، وَقَدْ تفرع إِلَى أربعة مطالب:
المطلب الأول: تكلمت فِيْهِ عن مَعْرِفَة الاختلاف، ودخوله في علم العلل.
المطلب الثاني: ذكرت فِيْهِ أهمية مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد.
المطلب الثالث: تكلمت فِيْهِ عن الكشف عن الاختلاف.
المطلب الرابع: تكلمت فِيْهِ عن الاختلاف القادح وغير القادح.
أما الفصل الأول: فَقَدْ خصصته للكلام عن الاختلافات الواردة في السند، وَقَد اشتمل عَلَى تمهيد ومبحثين:
تكلمت في التمهيد عن تعريف الإسناد لغة واصطلاحاً، وبينت أهمية الإسناد.
وفي المبحث الأول: تكلمت عن التدليس، وأثره في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
وفي المبحث الثاني: ذكرت فِيْهِ التفرد وتكلمت عن أثره في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
أما الفصل الثاني: فَقَدْ خصصته للاختلافات الواردة في الْمَتْن، وَقَد اشتمل عَلَى ثمانية مباحث:
المبحث الأول: تكلمت فِيْهِ عن رِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
المبحث الثاني: تكلمت فِيْهِ عن مخالفة الْحَدِيْث للقرآن، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
المبحث الثالث: ذكرت فِيْهِ الكلام عن مخالفة الْحَدِيْث لحديث أقوى مِنْهُ، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
المبحث الرابع: تكلمت عن مخالفة الْحَدِيْث لفتيا راويه، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
المبحث الخامس: ذكرت فِيْهِ الكلام عن مخالفة الْحَدِيْث للقياس، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
المبحث السادس: تكلمت فِيْهِ عن مخالفة الْحَدِيْث لعمل أهل المدينة، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
المبحث السابع: تكلمت فِيْهِ عن مخالفة الْحَدِيْث للقواعد العامة، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
المبحث الثامن: ذكرت فِيْهِ اختلاف الْحَدِيْث بسبب الاختصار، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.
أما الفصل الثالث: فَقَدْ خصصته للاختلافات المشتركة في السند والمتن، وَقَدْ تضمن ثمانية مباحث:
المبحث الأول: تكلمت فِيْهِ بتفصيل عن الاضطراب وما يتعلق بِهِ.
المبحث الثاني: فَقَدْ خصصته للزيادات الواقعة في المتون والأسانيد.
المبحث الثالث: تكلمت فِيْهِ عن اختلاف الثقة مَعَ الثقات.
المبحث الرابع: ذكرت فِيْهِ الكلام عن اختلاف الضعيف مَعَ الثقات.
المبحث الخامس: قَدْ تكلمت فِيْهِ بتفصيل عن الإدراج.
المبحث السادس: تكلمت فِيْهِ عن الاختلاف بسبب خطأ الرَّاوِي.
المبحث السابع: ذكرت فِيْهِ الاختلاف بسبب القلب.
المبحث الثامن: تكلمت فِيْهِ عن الاختلاف بسبب التصحيف والتحريف.
وَقَدْ خرّجت الأحاديث الواردة في الرسالة، وذلك بالرجوع إِلَى كتب الْحَدِيْث المعتمدة عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ؛ وأطلت التخريج في أكثر المواضع؛ لأن موضوع الاختلافات يستدعي ذَلِكَ؛ إذ إن الاختلافات الحاصلة في المتون والأسانيد لا تدرك إلا بجمع طرق الْحَدِيْث من مظانها.
وَقَدْ رتبت في التخريج والعزو المؤلفين عَلَى حسب الوفيات، واعتمدت عَلَى الطبعات المعتمدة المتداولة وَقَدْ حاولت جاهداً بَيَان درجة الأحاديث الواردة في الرسالة مهتدياً بأقوال الأئمة السابقين ومستعيناً بقواعد الْحَدِيْث الَّتِي وضعها الأئمة الأعلام.
وَقَدْ ترجمت للأعلام الواردين بالرسالة عِنْدَ ذَكَرَ العلم أول مرة.
أما الخاتمة فَقَدْ ضمنتها أهم نتائج البحث.
بَعْدَ هَذَا العرض أرى من الواجب عَليّ أن أعبر بالثناء الجميل عما يكنه صدري من عرفان بالفضل لكل من مدّ إليَّ يد العون في أثناء إعداد هَذِهِ الرسالة، سواء بإرشاد أو هداية لمصدر أو تشجيع أو دعاء وأخص بالذكر رفقائي في الطلب الأخوة المشايخ: هيثم عَبْد الوهاب وعَبْد الله كريم وحسن عَبْد الوهاب وعبد الحليم قاسم وعمر طارق وظافر إسماعيل وعماد عدنان وعبد الكريم مُحَمَّد، فجزاهم الله خير الجزاء ونفعهم بعلمهم في الدنيا والآخرة.
كَمَا أتوجه بالشكر الجزيل إِلَى أساتذتي الأفاضل الَّذِيْنَ تفضلوا بقبول مناقشة هَذِهِ الرسالة وتقويمها، وشرفوني بالنظر فِيْهَا، فجزاهم الله عني خير الجزاء.
وختاماً فإن هَذَا هُوَ جهدي المتواضع الَّذِي أرجو من الله تَعَالَى لَهُ القبول، فَقَدْ بذلت فِيْهِ ما وسعني من جهد، فإن وفّقت فِيْهِ فلله تَعَالَى الفضل والمنة، وإن كَانَ غَيْر ذَلِكَ فحسبي أني حاولت الوصول إِلَى خدمة هَذَا الدين عن طريق الربط بَيْنَ الفقه الإسلامي، وبين علمٍ من أهم علوم الْحَدِيْث النبوي الشريف.
والرب سبحانه وتعالى يثيب عَلَى القصد ويعفو عن الخطأ؛ فأساله سبحانه وتعالى أن يجنبنا الزلل ويرشدنا إِلَى الصواب ويوفقنا إِلَى ما يحبه ويرضاه.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عَلَى سيدنا مُحَمَّد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه، والتابعين لَهُمْ بإحسان إِلَى يوم الدين