المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم من أفطر في صيام التطوع) - أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

[ماهر الفحل]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل التمهيديبيان ماهية الاختلاف

- ‌المبحث الأولالاختلاف لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الأولتعريف الاختلاف لغة

- ‌المطلب الثانيتعريف الاختلاف اصطلاحاً

- ‌المبحث الثانيالفرق بَيْنَ الاضطراب والاختلاف

- ‌المبحث الثالثأنواع الاختلاف

- ‌المبحث الرابعأسباب الاختلاف

- ‌أولاً. الوهم والخطأ:

- ‌ثانياً. ظروف طارئة

- ‌ثالثاً. الاختلاط:

- ‌رابعاً. ذهاب البصر:

- ‌خامساً. ذهاب الكتب:

- ‌سادساً. عدم الضبط:

- ‌سابعاً. التدليس

- ‌الأول: تدليس الإسناد:

- ‌الثاني: تدليس الشيوخ:

- ‌الثالث: تدليس التسوية

- ‌الرابع: تدليس العطف:

- ‌الخامس: تدليس السكوت:

- ‌السادس: تدليس القطع:

- ‌السابع: تدليس صيغ الأداء:

- ‌ثامناً. الانشغال عَنْ الْحَدِيْث:

- ‌أ. ولاية القضاء:

- ‌ب. الاشتغال بالفقه:

- ‌ج. الاشتغال بالعبادة:

- ‌المبحث الخامسمعرفة الاختلاف ودخوله في علم العلل

- ‌المبحث السادسأهمية مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد

- ‌المبحث السابعالكشف عن الاختلاف

- ‌أولاً. مَعْرِفَة من يدور عَلَيْهِ الإسناد من الرُّوَاة

- ‌ثانياً. مَعْرِفَة الرُّوَاة

- ‌ثالثا. جمع الأبواب

- ‌المبحث الثامنالاختلاف القادح والاختلاف غَيْر القادح

- ‌الفصل الأولالاختلاف في السند

- ‌تمهيد

- ‌أ. تعريف السند والإسناد لغة:

- ‌أهمية الإسناد:

- ‌المبحث الأولأثر التدليس في اختلاف الحديث

- ‌أولاً: أقسام التدليس

- ‌ثانياً: حكم التدليس، وحكم من عرف بِهِ

- ‌ثالثاً. حكم الْحَدِيْث المدلس:

- ‌رابعاً. أثر التدليس في اختلاف الْحَدِيْث وأثره في اختلاف الفقهاء:

- ‌النموذج الأول:

- ‌أثر هَذَا الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (المقدار الَّذِيْ تدرك بِهِ صلاة الجمعة):

- ‌النموذج الثاني:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (نظر الزوج إلى فرج زوجته أو حليلته):

- ‌النموذج الثالث:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم لبس خاتم الفضة للرجال):

- ‌المبحث الثانيأثر التَّفَرُّد في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء

- ‌الأول: تفرد في الطبقات المتقدمة:

- ‌الثاني: التفرد في الطبقات المتأخرة

- ‌الأول: الفرد المطلق:

- ‌الثاني: الفرد النسبي:

- ‌النموذج الأول:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم النصف الثاني من شعبان)

- ‌النموذج الثاني:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (الجمع بَيْنَ الصلاتين)

- ‌نموذج آخر للتفرد:

- ‌أثر حَدِيْث أبي قيس في اختلاف الفقهاء (حكم المسح عَلَى الجوربين)

- ‌الفصل الثانيالاختلاف في الْمَتْن

- ‌المبحث الأولرِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى

- ‌النموذج الأول: حكم الصَّلَاة عَلَى الجنازة في المسجد

- ‌النموذج الثاني:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم المسبوق في الصَّلَاة):

- ‌النموذج الثالث

- ‌أثر حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ في اختلاف الفقهاء

- ‌المبحث الثانيمخالفة الْحَدِيْث للقرآن الكريم

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:حكم القضاء باليمين مَعَ الشاهد

- ‌المبحث الثالثمخالفة الْحَدِيْث لحديث أقوى مِنْهُ

- ‌النموذج الأول:مَن يثبت لَهُ حقّ الشفعة:

- ‌المبحث الرابعمخالفة الْحَدِيْث لفتوى راويه أو عمله

- ‌النموذج الأول:اشتراط الولي في النكاح

- ‌النموذج الثاني:طهارة الإناء من ولوغ الكلب

- ‌المبحث الخامسمخالفة الْحَدِيْث للقياس

- ‌النموذج الأول: الانتفاع بالعين المرهونة

- ‌النموذج الثاني: رد الشاة المصراة

- ‌المبحث السادسمخالفة الْحَدِيْث لعمل أهل المدينة

- ‌النموذج الأول: خيار المجلس

- ‌المبحث السابعمخالفة الْحَدِيْث للقواعد العامة في الفقه الإسلامي

- ‌أثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاءحكم من أكل أو شرب ناسياً في نهار رَمَضَان

- ‌المبحث الثامناختلاف الْحَدِيْث بسبب الاختصار

- ‌المبحث التاسعورود حَدِيْث الآحاد فِيْمَا تعم بِهِ البلوى

- ‌النموذج الأول: نقض الوضوء بمس الذكر

- ‌الفصل الثَّالِث: الاختلاف في السَّنَد والمتن

- ‌المبحث الأولالاضطراب

- ‌المطلب الأولتعريف المضطرب لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثَّانِيشرط الاضطراب

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء

- ‌المطلب الثَّالِثحُكْمُ الحَدِيْثِ الْمُضْطَرِبِ

- ‌المطلب الرابعأين يقع الاضطراب

- ‌القسم الأولالاضطراب في السَّنَد

- ‌النَّوع الأول: تعارض الوَصْل والإرسال

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (مَوْضِع سجود السهو)

- ‌النَّوع الثَّانِي: تعارض الوقف والرفع

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (كيفية التطهر من بول الأطفال)

- ‌نموذج آخر: وهو مثال لما تترجح فِيهِ الرِّوَايَة الموقوفة

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (حكم قِرَاءة القُرْآن للجنب)

- ‌النوع الثالث: تعارض الاتصال والانقطاع

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم من أفطر في صيام التطوع)

- ‌النوع الرابعأن يروي الحديث قوم - مثلاً - عن رجلٍ عن تابعي عن صحابي، ويرويه غيرهمعن ذلك الرجل عن تابعي آخر عن الصحابي بعينه

- ‌النوع الخامس: زيادة رجلٍ في أحد الأسانيد

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (مقدار التعزير)

- ‌النموذج الثاني

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

- ‌النوع السادس: الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان متردداً بين ثقة وضعيف

- ‌ومما اختلف الرواة فيه اختلافاً كبيراً

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

- ‌المسألة الأولى: إجزاء نصف صاع من البر في صدقة الفطر

- ‌المسألة الثانية: إيجاب صدقة الفطر على الفقير والغني

- ‌القسم الثانيالاضطراب في المتن

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

- ‌المذهب الأول:

- ‌المذهب الثاني

- ‌النموذج الأول

- ‌أثر الحديث في اختلاف الفقهاء

- ‌النموذج الثَّانِي

- ‌أثر حَدِيثي عَمَّار في اختلاف الفُقَهَاء

- ‌المسألة الأولى: عدد ضربات التيمم

- ‌المسألة الثانية: المقدار الواجب مسحه في التيمم

- ‌النموذج الآخر

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاءحكم الشك في عدد ركعات الصَّلَاة

- ‌المبحث الثاني: الاختلاف في الزيادات

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريفها

- ‌المطلب الثَّانِي: أقسام زيادة الثِّقَة

- ‌المطلب الثَّالِث: حكم زيادة الثقة

- ‌نماذج من زيادة الثِّقَة، وأثرها في اختلاف الفُقَهَاء

- ‌النموذج الأول

- ‌أثر الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاءحكم دفع صدقة الفطر عن الكافر

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء

- ‌‌‌المسألة الأولى: رفع اليدين عِنْدَ الركوع وعند الرفع مِنْهُ

- ‌المسألة الأولى: رفع اليدين عِنْدَ الركوع وعند الرفع مِنْهُ

- ‌المسألة الثانية: هَلْ ترفع اليدان في مَوْضِع آخر، وَهُوَ عِنْدَ القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة

- ‌المسألة الثالثة: رفع اليدين عِنْدَ السجود وعند الرفع مِنْهُ

- ‌المسألة الرابعة: إلى أين ترفع اليدان

- ‌أثر الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاءحكم التسمية في ابتداء الوضوء

- ‌أثر زيادة حماد في اختلاف الفقهاءهل يشترط لسجود السهو تكبيرة التحريم

- ‌أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء (اختلاف نية المأموم مع الإمام)

- ‌النموذج الثاني

- ‌أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء: حكم بيع الكلب المعلم

- ‌أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء: كيفية الإقامة

- ‌أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (موضع اليدين عند القيام في الصَّلَاة)

- ‌أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء

- ‌أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (كيف تصلى نافلة النهار)

- ‌المبحث الثالثاختلاف الثقة مع الثقات، وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء

- ‌أثر رِوَايَة معمر في اختلاف الفقهاء (أكل المحرم من لحم الصيد)

- ‌المبحث الرابعاختلاف الضعيف مع الثقات وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء

- ‌أثر هَذَا الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم المسافر)

- ‌المبحث الخامس: الإدراج، وأثره في اختلاف الفقهاء

- ‌المطلب الأول: تعريفه

- ‌المطلب الثاني: أنواعه

- ‌النوع الأول: الإدراج في الْمَتْن

- ‌أثره في اختلاف الفقهاء (حكم التشهد والسلام)

- ‌النوع الثاني: أن يقع الإدراج في السند دون الْمَتْن

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌القسم الرابع:

- ‌القسم الخامس:

- ‌المطلب الثالثأسباب وقوع الإدراج

- ‌المطلب الرابعطرق الكشف عن الإدراج

- ‌المطلب الخامس: حكم الإدراج

- ‌المبحث السادسالاختلاف بسبب خطأ الراوي

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء

- ‌المبحث السابع: المقلوب، وأثره في اختلاف الفقهاء

- ‌المطلب الأول: تعريفه

- ‌المطلب الثاني: أنواعه

- ‌النوع الأول: القلب في المتن

- ‌الأول: أن يبدل في متن الْحَدِيْث بالتقديم والتأخير:

- ‌الثاني: أن يبدل الرَّاوِي عامداً سند متنٍ

- ‌ الثالث: أن يقع في الإسناد والمتن معاً

- ‌المطلب الثالثأسباب القلب

- ‌أثر القلب في اختلاف الفقهاء

- ‌المبحث الثامنالاختلاف بسبب التصحيف والتحريف

- ‌أقسام التصحيف

- ‌القسم الأول: التصحيف في الإسناد:

- ‌القسم الثاني: التصحيف في الْمَتْن:

- ‌القسم الثالث: تصحيف البصر:

- ‌القسم الرابع: تصحيف السمع:

- ‌القسم الخامس: تصحيف اللفظ

- ‌القسم السادس: تصحيف المعنى دون اللفظ:

- ‌الخاتمة في خلاصة نتائج البحث

- ‌ثبت المراجع

الفصل: ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم من أفطر في صيام التطوع)

حديث ضعيف لانقطاعه؛ ولضعف طرقه الأخرى (1).

‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم من أفطر في صيام التطوع)

وما دمنا قَدْ تكلمنا بإسهاب عن حديث الزهري متصلاً ومنقطعاً، وذكرنا طرقه وشواهده، وبيّنا ما يكمن فيها من ضعف وخلل، فسأتكلم عن أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء، فأقول: من شَرَعَ في صوم تطوع، أو صلاة تطوع ولم يتم نفله، هل يجب عليه القضاء أم لا؟

اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

ذهب بعض العلماء إلى أن النفل يجب على المكلف بالشروع فيه، فإذا أبطل وجب عليه قضاؤه صوماً كان أم صلاةً أم غيرهما.

وهو مروي عن: ابن عباس (2)، وإبراهيم النخعي (3)، والحسن البصري (4)، وأنس (5) بن سيرين (6)، وعطاء (7)، ومجاهد (8)، والثوري (9)، وأبي ثور (10).

(1) هنا مسألة أود التنبيه عليها، وهو أنه قَدْ يتبادر إلى أذهان بعض الناس أنّ هذا الحديث ربما يتقوى بكثرة الطرق، والجواب عن هذا:

بأن ليس كل ضعيف يتقوى بمجيئه من طريق آخر، فالعلل الظاهرة؛ وَهِيَ الَّتِي سببها انقطاع في السند، أو ضعف في الرَّاوِي، أو تدليس، أو اختلاط تتفاوت ما بَيْنَ الضعف الشديد والضعف اليسير، فما كَانَ يسيراً زال بمجيئه من طريق آخر مثله أو أحسن مِنْهُ، وما كَانَ ضعفه شديداً فَلَا تنفعه كثرة الطرق. وبيان ذَلِكَ: أن ما كَانَ ضعفه بسبب سوء الحفظ أو اختلاطٍ أو تدليسٍ أو انقطاع يسير فالضعف هنا يزول بالمتابعات والطرق، وما كَانَ انقطاعه شديداً أو كَانَ هناك قدحٌ في عدالة الراوي فلا يزول. وانظر في ذلك بحثاً موسعاً في:" أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء ": 34 - 43.

(2)

المصنف، لابن أبي شيبة (9094)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 281.

(3)

المصنف لعبد الرزاق (7788).

(4)

المصنف لعبد الرزاق (7789)، والمصنف، لابن أبي شيبة (9096).

(5)

هُوَ أنس بن سيرين الأنصاري، أبو موسى، وَقِيْلَ: أبو حمزة، وَقِيْلَ أبو عَبْد الله البصري: ثقة، توفي سنة (118 هـ).

الثقات 8/ 48، وتهذيب الكمال 1/ 287 (557)، والتقريب (563).

(6)

المصنف، لابن أبي شيبة (9093).

(7)

المصنف، لابن أبي شيبة (9097).

(8)

المصنف، لابن أبي شيبة (9097).

(9)

الاستذكار 3/ 238، إلا أنه قال بالاستحباب لا الوجوب.

(10)

الاستذكار 3/ 238، والتمهيد 12/ 72.

ص: 265

وهو مذهب الحنفية (1)، والمالكية (2)، والظاهرية (3).

والحجة لهذا المذهب:

1 -

قوله تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (4): قال الجصاص الحنفي: ((يحتج به في أن كل من دخل في قربة لا يجوز له الخروج منها قبل إتمامها؛ لما فيه من إبطال عمله نحو الصلاة والصوم والحج وغيره)) (5).

وللشافعي جواب عن هذا فقال: ((المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض، فنهي الرجل عن إحباط ثوابه. فأما ما كان نفلاً فلا؛ لأنه ليس واجباً عليه، فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه، ووجه تخصيصه أن النفل تطوع، والتطوع يقتضي تخييراً)) (6).

2 -

جعلوا عمدة قولهم حديث الزهري السابق، وكأنهم رجحوا الاتصال على الانقطاع، أو أخذوا بالحديث لما له من طرق، وجعل ابن حزم الظاهري عمدة قوله حديث جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. ودافع عن زيادة جرير (7). وقد تقدم الكلام بأن جريراً مخطئٌ في حديثه، وقد ذكرنا كلام ابن حزم وأجبنا عنه.

القول الثاني:

ذهب فريق من الفقهاء إلى استحباب الإتمام ولا قضاء عليه، وهو مذهب أكثر أهل العلم، وهو مروي عن: علي (8)، وعبد الله بن مسعود (9)، وعبد الله بن عمر (10)، وابن

(1) بدائع الصنائع 2/ 102، وحاشية رد المحتار 2/ 430، وتبيين الحقائق 1/ 337، والاختيار 1/ 135.

(2)

الموطأ (849) و (850) رواية الليثي، وبداية المجتهد 1/ 227، والقوانين الفقهية: 120، وأسهل المدارك 1/ 431، وشرح منح الجليل 1/ 400.

(3)

المحلى 6/ 268.

(4)

محمد: 33.

(5)

أحكام القرآن 3/ 393.

(6)

الجامع لأحكام القرآن 7/ 6075.

(7)

المحلى 6/ 270 - 271.

(8)

مصنف عبد الرزاق (7772)، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336.

(9)

مصنف عبد الرزاق (7784)، ومصنف ابن أبي شيبة (9084)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، وانظر: الحاوي 3/ 336.

(10)

مصنف ابن أبي شيبة (9088)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، والمحلى 6/ 270، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336.

ص: 266

عباس (1)، وجابر بن عبد الله (2).

وإبراهيم النخعي (3)، ومجاهد (4)، والثوري (5)، وإسحاق (6).

وهو مذهب الشافعية (7)، والحنابلة (8).

والحجة لهم: وهو أن حديث الزهري لم يصح، فهو ضعيف منقطع، ولم يروا الآية دليلاً لذلك، فقد احتجوا بجملة من الأحاديث، منها:

1 -

حديث عائشة بنت طلحة (9)، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: دخل عَلَيَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: هل عندكم شيءٌ؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذن صائم. ثم أتانا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله، أهدي لنا حيس (10)، فقال: أَرينيه، فلقد أصبحت صائماً، فأكل)). رواه مسلم (11).

(1) عند عبد الرزاق في المصنف (7767) و (7768) و (7769) و (7770) و (7778)، ومصنف ابن أبي شيبة (9080)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277. وهي إحدى الروايتين عنه، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336، والاستذكار 3/ 239 و 240.

(2)

مصنف عبد الرزاق (7771)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، والمحلى 6/ 270، وانظر: الاستذكار 3/ 240.

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (9085).

(4)

مصنف ابن أبي شيبة (9086).

(5)

انظر: الحاوي الكبير 3/ 336، والمجموع 6/ 394.

(6)

المصدر نفسه.

(7)

انظر: الأم 2/ 103، ومختصر المزني: 59، والتهذيب 3/ 187، والمجموع 6/ 394، وروضة الطالبين 2/ 386، ونهاية المحتاج 3/ 210.

(8)

انظر: المغني 3/ 89، والهادي: 55، والمحرر 1/ 231، وشرح الزركشي 2/ 45.

ونقل حنبل عن الإمام أحمد: ((إذا أجمع على الصيام، وأوجب على نفسه فأفطر من غير عذر أعاد يوماً، ولكن حمله على الاستحباب أو النذر)). انظر: المصادر السابقة.

(9)

هِيَ أم عمران عَائِشَة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية المدنية: ثقة، قَالَ أبو زرعة: امرأة جليلة، حدث الناس عَنْهَا لفضائلها وأدبها.

الثقات 5/ 289، وتهذيب الكمال 8/ 555 (8483)، والتقريب (8636).

(10)

الحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت. وقيل: التمر البرني والأقط يدقان ويعجنان بالسمن عجناً شديداً حتى يندر النوى منه نواة نواة، ثم يسوى كالثريد. انظر: النهاية 1/ 467، ولسان العرب 6/ 61، وتاج العروس 15/ 568 مادة (حيس).

(11)

صحيح مسلم 3/ 159 (4454)(169)(170)، وأخرجه مطولاً ومختصراً غيره. انظر: تخريج رواياتهم في تحقيقي للشمائل (182).

ص: 267

2 -

عن أبي جحيفة (1) قال: ((آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان (2) وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرآى أم الدرداء (3) متبذلة (4)، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء لَيْسَ لَهُ حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع لَهُ طعاماً، فَقَالَ: كُلْ، قَالَ: فإني صائم، قَالَ: ما أنا بآكل حَتَّى تأكل، قَالَ: فأكل، فَلَمَّا كَانَ الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فَقَالَ: نَمْ، فنام، ثُمَّ ذهب يقوم، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ من آخر الليل، قَالَ سلمان: قم الآن، فصليا، فَقَالَ لَهُ سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فاعطِ كُلّ ذي حق حقه، فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر لَهُ، فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:((صدق سلمان)). أخرجه البُخَارِيّ (5)، والترمذي (6)، وابن خزيمة (7)، والبيهقي (8).

فهذه أحاديث صحيحة أجازت لصائم النفل الإفطار، ولم تأمره بقضاء.

3 -

حديث أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصائم المتطوع أمين نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر)). أخرجه الإمام أحمد (9)، والترمذي (10)، والنسائي (11)، والدارقطني (12)، والبيهقي (13). قال الترمذي:((في إسناده مقال)) (14).

القول الثالث:

التفصيل وهو مذهب المالكية، قالوا: إن أفطر بعذر جاز، وإن أفطر بغير عذر

(1) الصَّحَابِيّ وهب بن عَبْد الله بن مُسْلِم أبو جحيفة السوائي، توفي سنة (64 هـ).

أسد الغابة 5/ 157، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 154، والإصابة 3/ 642.

(2)

الصَّحَابِيّ الجليل مولى رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أبو عَبْد الله سلمان الخير الفارسي، توفي سنة (35 هـ).

معجم الصَّحَابَة 5/ 2098، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 230 (2400)، والإصابة 2/ 62.

(3)

هِيَ هجيمة أو جهيمة، أم الدرداء الأوصابية الدمشقية، وَهِيَ الصغرى: ثقة فقيهة، توفيت سنة (81 هـ).

تهذيب الكمال 8/ 593 و 594 (8569)، وسير أعلام النبلاء 4/ 277، والتقريب (8728).

(4)

التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيأة الحسنة الجميلة. انظر: النهاية 1/ 111، ولسان العرب 11/ 50 (بذل).

(5)

صحيح البخاري 3/ 49 (1968) و 8/ 40 (6139).

(6)

جامع الترمذي (2413).

(7)

صحيح ابن خزيمة (2144).

(8)

في السنن الكبرى 4/ 275 - 276.

(9)

في مسنده 6/ 341 و 343.

(10)

جامع الترمذي (732).

(11)

السنن الكبرى (3302) و (3303).

(12)

سنن الدارقطني 2/ 175.

(13)

السنن الكبرى 4/ 276.

(14)

جامع الترمذي عقيب (732).

ص: 268