الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دون ذكر الزيادة.
فزيادة في هذا المنتهى من المخالفة لا يمكن قبولها، لاسيما وأن مدار زيادة مؤمل على سفيان الثوري، ومذهب سفيان في هذه المسألة وضع اليدين تحت السرة (1)، فلو كانت هذه الزيادة ثابتة من طريقه لما خالفها. ويضاف إلى هذا أنني لم أجد نقلاً قوياً عن أحد من السلف يقول بوضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر؛ فهي زيادة أيضاً مخالفة بعدم عمل أهل العِلْم بِهَا، والله أعلم.
أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (موضع اليدين عند القيام في الصَّلَاة)
اختلف الفقهاء في ذَلِكَ عَلَى مذاهب:
المذهب الأول: توضع اليدان تحت السرة.
ذهب إلى ذلك أبو هريرة (2)، وأنس بن مالك (3)، والإمام علي بن أبي طالب (4) - في رواية عنه رضي الله عنهم جميعاً.
وهو مذهب الإمام أبي حنيفة (5)، وأحمد (6) -في رواية عنه-، وسفيان الثوري (7)، وإسحاق بن راهويه (8)، وأبي إسحاق (9) من أصحاب الشافعي، وأبي مجلز (10)، والنخعي (11).
المذهب الثاني: توضعان فوق السرة وتحت الصدر.
وهو مذهب الجمهور، قاله النووي (12) رحمه الله. وبه قال سعيد بن جبير (13)،
(1) انظر: المغني 1/ 515، والمجموع 3/ 259.
(2)
انظر المغني: 1/ 515، والمحلى: 4/ 113، والشرح الكبير 1/ 514.
(3)
المحلى: 4/ 113.
(4)
شرح مسلم: 2/ 39، والمغني: 1/ 515، والشرح الكبير 1/ 514، ونيل الأوطار: 2/ 188.
(5)
الهداية 1/ 47، والاختيار لتعليل المختار 1/ 49، وبدائع الصنائع: 1/ 201، وشرح فتح القدير: 1/ 201، والمحلى لابن حزم 4/ 114، ونيل الأوطار: 2/ 188، وتبيين الحقائق: 1/ 111.
(6)
المغني: 1/ 515، وشرح الزركشي: 1/ 298، ونيل الأوطار: 2/ 189، والمحرر 1/ 53. وفي رواية عن أحمد أنه يكره وضعها على الصدر كما نقل عنه. انظر: المبدع 1/ 432، والفروع 1/ 361.
(7)
المغني: 1/ 515، والشرح الكبير: 1/ 514، وشرح مسلم: 2/ 39، ونيل الأوطار: 2/ 188.
(8)
المغني: 1/ 515، والشرح الكبير 1/ 514، وشرح مسلم: 2/ 39، ونيل الأوطار: 2/ 188.
(9)
البحر الزخار: 2/ 242، وشرح مسلم: 2/ 39، ونيل الأوطار: 2/ 188.
(10)
ابن عبد البر في التمهيد 20/ 75، والمغني: 1/ 515.
(11)
المغني: 1/ 515.
(12)
شرح مسلم: 2/ 39.
(13)
ابن عبد البر في التمهيد 20/ 75، والمغني: 1/ 515، والشرح الكبير 1/ 514.
والشافعي (1)، وهو رواية عن مالك (2)، ورواية عن أحمد (3).
بل هو رواية أخرى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما قال النووي (4).
المذهب الثالث: التخيير: (تحت السرة أو فوقها)
وهو قول ثالث للإمام أحمد (5)، وهو مذهب الأوزاعي (6)، وعطاء (7)، وابن المنذر (8).
وقال ابن حبيب (9): ليس لذلك موضع معروف.
المذهب الرابع: الإرسال.
وهو مذهب ابن الزبير (10)، والحسن البصري (11)، والنخعي (12)، فيما رواه عنهم ابن المنذر (13)، وهو المروي أيضاً عن ابن سيرين (14).
(1) مختصر المزني: 14، والحاوي: 2/ 128، والمهذب: 1/ 78، وشرح مسلم: 2/ 39،، وقال القفال:((هذا هو الصحيح المنصوص)) المجموع 3/ 310، وانظر: حلية العلماء 2/ 96، والتهذيب في فقه الإمام الشافعي 2/ 89 - 90.
(2)
قال القاضي أبو محمد: المذهب وضعهما تحت الصدر وفوق السرة. المنتقى 1/ 281. وانظر: شرح مسلم 2/ 39، ونيل الأوطار: 2/ 189، وعن مالك رواية أخرى أنه يستحب في النفل وهو الذي رجحه البصريون من أصحابه. نقله النووي في شرح مسلم 2/ 39، ونقل ابن القاسم عن مالك أنه كره في الفريضة وأنه لا بأس به في النفل كما في شرح منح الجليل 1/ 158، وروى أشهب عنه قوله: لا بأس بذاك في النفل والفريضة، وروى مطرف وابن الماجشون أنه استحسنه، وروى العراقيون عن مالك في ذلك روايتين أحدهما: الاستحسان، والأخرى: المنع. انظر: المنتقى للباجي 1/ 281، والمدونة 1/ 74، والبيان والتحصيل 1/ 395.
(3)
المغني: 1/ 515، والمحرر 1/ 53، والشرح الكبير 1/ 514، وشرح مسلم: 2/ 39، وشرح الزركشي 1/ 298، ونيل الأوطار: 2/ 189.
(4)
شرح مسلم: 2/ 39، والتمهيد: 20/ 75.
(5)
المغني: 1/ 515، والمحرر 1/ 53، وشرح الزركشي 1/ 298، والشرح الكبير 1/ 514، ونيل الأوطار 2/ 189، وشرح مسلم: 2/ 39.
(6)
شرح مسلم: 2/ 39، ونيل الأوطار 2/ 189، والتمهيد 20/ 75، وفقه الإمام الأوزاعي 1/ 168.
(7)
التمهيد: 20/ 75.
(8)
شرح مسلم: 2/ 39.
(9)
المنتقى: 1/ 281.
(10)
ابن أبي شيبة (3950)، وابن عبد البر في التمهيد 20/ 74.
(11)
ابن أبي شيبة (3949).
(12)
التمهيد: 20/ 76.
(13)
نيل الأوطار: 2/ 186.
(14)
ابن أبي شيبة (3951).
وهو مذهب مالك (1) في رواية عنه في المشهور من مذهبه (2)، وإلا فقد اضطرب النقل عنه في هذا.
وهو مذهب الليث بن سعد (3)، وابن جريج (4)، وعطاء (5)، والقاسمية (6)، والناصرية (7)، والباقر (8).
بقي أن نقول إن المؤيد بالله (9)، والإمام يحيى (10)، ذهبا إلى القول بالإرسال مع قولهما أنه يكره وضع اليمين على اليسار ولا تفسد الصلاة إذا ما وضعها هكذا.
أما الهادوية (11) فقد ذهبوا إِلَى القول بالإرسال وأنه تبطل الصلاة إذا وضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة.
المذهب الخامس: توضعان على الصدر.
نسبه القرطبي للإمام علي (12)، ولا يصح عنه (13)، ونسبه المرغيناني للشافعي (14)، ولا يصح عنه (15)، ونسبه الألباني لإسحاق بن راهويه (16)، ولا يصح عنه (17).
وهذا المذهب اختاره الصنعاني (18)، والمباركفوري (19)، وصاحب "عون
(1) ابن عبد البر في التمهيد 20/ 74، والمنتقى: 1/ 281، وبداية المجتهد: 1/ 99، ونيل الأوطار:2/ 189.
(2)
قال النووي: ((وهذه رواية جمهور أصحابه وهي الأشهر عندهم)) كما في شرح مسلم 2/ 39.
(3)
شرح مسلم: 2/ 39، والتمهيد 20/ 74، وفقه الإمام سعيد: 1/ 218.
(4)
مصنف عبد الرزاق (3346)، والتمهيد 20/ 75.
(5)
عبد الرزاق (3345).
(6)
البحر الزخار: 2/ 241، ونيل الأوطار 2/ 186.
(7)
البحر الزخار: 2/ 241، ونيل الأوطار 2/ 186.
(8)
البحر الزخار: 2/ 241، ونيل الأوطار 2/ 186.
(9)
البحر الزخار: 2/ 242.
(10)
البحر الزخار: 2/ 241.
(11)
البحر الزخار: 2/ 241.
(12)
تفسير القرطبي 8/ 7311.
(13)
التعليق المغني 1/ 285.
(14)
الهداية 1/ 47.
(15)
إذ لم يوجد في كتبه وفي كتب مذهبه. والمشهور من مذهبه خلاف هذا.
(16)
الإرواء 2/ 71، وصفة الصلاة:69.
(17)
فقد نقل عنه النووي في شرحه لمسلم 2/ 39، والشوكاني في النيل 2/ 189 خلاف ذلك.
(18)
في سبل السلام 1/ 168.
(19)
تحفة الأحوذي 2/ 84.
المعبود" (1)، والشوكاني (2).
واحتجوا بزيادة مؤمل.
وقد لا تقبل الزيادة لقرينة دالة على عدم صحة هذه الزيادة.
مثال ذلك:
زيادة التشهد في سجود السهو في حديث عمران بن الحصين (3) جاءت من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أشعث بن عبد الملك (4)، عن محمد بن سيرين، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب (5)، عن عمران بن الحصين رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم)) (6).
قال الترمذي: ((حسن غريب)) (7)، وقال الحاكم:((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إنما اتفقا على حديث خالد الحذاء، عن أبي قلابة وليس فيه ذكر التشهد لسجدتي السهو)) (8).
قال العلائي: ((أشعث هذا هو ابن عبد الملك الحمراني، وثّقه يحيى بن سعيد القطان، والنسائي وغيرهما، وقال أبو حاتم الرازي: لا بأس به، وقال يحيى بن معين: خرج حفص بن غياث إلى عبادان، فاجتمع إليه البصريون، فقالوا: لا تحدثنا عن أشعث ابن عبد الملك، ولم يخرج الشيخان له شيئاً في كتابيهما، لكن البخاري ذكره تعليقاً،
(1) عون المعبود 1/ 325.
(2)
نيل الأوطار 1/ 189.
(3)
هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عمران بن الحصين بن عبيد الخزاعي، أبو نجيد، أسلم عام خيبر، توفي سنة
(52 هـ).
أسد الغابة 4/ 136، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 420 (4539)، والتقريب (5150).
(4)
هُوَ أشعث بن عَبْد الملك الحمراني، أبو هانئ البصري: ثقة فقيه، توفي سنة (142 هـ)، وَقِيْلَ:(146 هـ).
تهذيب الكمال 1/ 270 - 274 (523)، والكاشف 1/ 253 (447)، والتقريب (531).
(5)
هُوَ أبو المهلب الجرمي البصري، عم أبي قلابة، اختلف في اسمه فقيل: عَمْرو، وَقِيْلَ: عَبْد الرَّحْمَان بن معاوية أو ابن عَمْرو، وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ: ثقة.
تهذيب الكمال 8/ 438 (8251)، والكاشف 2/ 465 (6861)، والتقريب (8398).
(6)
أخرجه أبو داود (1039)، والترمذي (395)، وابن خزيمة (1062)، وأبو عوانة 2/ 217، وابن حبان (2666) وط الرسالة (2670)، والطبراني في الأوسط ط العلمية (2229) وط الطحان (2250)، وفي الكبير 18/ (469)، والحاكم 1/ 323، والبيهقي 2/ 354 - 355،والبغوي (761).
(7)
الجامع الكبير 1/ 421.
(8)
المستدرك 1/ 323.
وقد ذكره ابن عدي في كتابه الكامل في الضعفاء، لكنه لم يذكر شيئاً يدل على تليينه، أكثر من قول أهل البصرة هذا وفي كونه تضعيفاً نظر لو انفرد، فكيف به مع توثيق يحيى بن سعيد القطان وغيره)) (1).
ولكن أشعث قد خالف الحفاظ الثقات في هذه الزيادة، فقد قال ابن حجر:
((المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد. وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضاً في هذه القصة: (قلت لابن سيرين: فالتشهد؟ فقال: لم أسمع في التشهد شيئاً)) (2). كما روي عن ابن سيرين أنه سئل عن التسليم في السهو؟ فقال: ((لم أحفظ عن أبي هريرة، ولكن نبئت أن عمران بن الحصين قال: ثم سلم)) (3)، فلم يذكر التشهد. ولكن قال محمد بن سيرين:((أحب إلي أن يتشهد)) (4).
والحديث مروي من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، دون ذكر الزيادة. رواه إسماعيل بن إبراهيم بن علية (5)، والمعتمر بن سليمان (6)، وشعبة بن الحجاج (7)، وعبد الوهاب الثقفي (8)، ويزيد بن زريع (9)، ومسلمة بن محمد (10)، وحماد بن زيد (11)، ووهب بن بقية (12)، ووهيب (13)،
(1) نظم الفرائد ص 545 - 546، وانظر: الكامل لابن عدي 2/ 35، وتهذيب الكمال 1/ 274، وميزان الاعتدال 1/ 266 ترجمة رقم (1001).
(2)
فتح الباري 3/ 99.
(3)
أخرجه الحميدي (983)، وأبو داود (1008) وقد تقدم تخريجه مع حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين مفصلاً.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة (4461).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (4416)، وأحمد 4/ 427، ومسلم 2/ 87 (574)(101)، وابن خزيمة (1054)(1060)، والبيهقي 2/ 359.
(6)
أخرجه أحمد 4/ 431، وابن الجارود (245)، وابن خزيمة (1054).
(7)
أخرجه الطيالسي (847)، وأحمد 4/ 440، وأبو عوانة 2/ 217، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 443.
(8)
أخرجه الشافعي في كتاب اختلاف الحديث:540، ومسلم 2/ 87 (574)(102)، وابن ماجه (1215)، وابن خزيمة (1054)، والبيهقي 2/ 354.
(9)
أخرجه أبو داود (1018)، والنسائي 3/ 26 وفي الكبرى، له (576) و (1160)، وأبو عوانة 2/ 216، والبيهقي 2/ 359.
(10)
أخرجه أبو داود (1018)، وأبو عوانة 2/ 216.
(11)
أخرجه النسائي 3/ 66 وفي الكبرى، له (1254)، وابن خزيمة (1054)، وأبو عوانة 2/ 216.
(12)
أخرجه ابن حبان (2667) وفي ط الرسالة (2654) و (2671).
(13)
أخرجه الطحاوي في شرح المعاني 1/ 443.