الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذهب الأول:
لا يجوز عقد النكاح إلا بلفظ الزواج أو الإنكاح، أو التمليك أو الإمكان، ولا يجوز بلفظ الهبة، وهو مذهب داود الظاهري وابن حزم محتجين باختلاف الروايات الواردة في الحديث، وقد ساق ابن حزم الروايات المختلفة ثم قال:((كل ذلك صحيح)) (1)، ثم روى من طريق البخاري عن أنس بن مالك عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:((إنه كان إذا تكلّم بالكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه)) (2)، ثم قال:((فصح أنها ألفاظ كلها قالها عليه الصلاة والسلام معلماً لنا ما ينعقد به النكاح)) (3).
المذهب الثاني
جواز عقد النكاح بأي لفظ دال على التمليك، وهو مذهب الثوري، والحسن بن صالح، وأبي ثور، وأبي عبيد (4)، وأبي حنيفة (5).
النموذج الأول
ما رواه الإمام أحمد بن حنبل (6)، عن أبي معاوية الضرير: محمد بن خازم (7)،
(1) المحلى 9/ 464.
(2)
الحديث في صحيح البخاري 1/ 34 (94) و 8/ 67 (6244). وهو في مسند الإمام أحمد 3/ 213 و 221، وجامع الترمذي (2723)، وفي شمائل النبي صلى الله عليه وسلم (224) بتحقيقنا، ومستدرك الحَاكِم 4/ 273، والسهمي في تاريخ جرجان 412، والخطيب في تاريخه 3/ 416، وفي الفقيه والمتفقه لَهُ 2/ 126، وشرح السنة للبغوي (141).
(3)
المحلى 9/ 465.
تنبيه: نقل ابن حزم في هذا الموضع هذا المذهب عن الشافعي، لكن هذا النقل عن الشافعي يخالف ما في كتب المذهب الشافعي، بل يخالف ما في الأم 5/ 37 للشافعي نفسه.
(4)
نقل ذلك عنهم ابن قدامة في المغني 7/ 429.
تنبيه: نقل ابن قدامة هذا المذهب عن داود، وهو يخالف ما نقله عنه ابن حزم كما سبق.
(5)
المبسوط 5/ 59، وبدائع الصنائع 2/ 229، والهداية 1/ 189 - 190، وشرح فتح القدير 2/ 346، والاختيار 3/ 83، وتبيين الحقائق 2/ 96، وحاشية ابن عابدين 3/ 17.
(6)
في مسنده 6/ 291، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (3519)، وفي شرح المعاني2/ 221.
(7)
هو مُحَمَّد بن خازم التميمي السعدي، أبو معاوية الضرير الكوفي، مولى بني سعد، ثقة قَدْ يهم في حَدِيْث غيره، رمي بالإرجاء، مات سُنَّةُ (95هـ).
تهذيب الكمال 6/ 291 - 293 (5762)، والتقريب (5841).
قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة (1)، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي معه صلاة الصبح يوم النحر (2) بمكة.
فهذا الحديث مضطرب المتن، وقد اضطرب فيه على أبي معاوية، ثم إن الحديث معل بالإرسال، والصواب فيه الإرسال، والوصل فيه خطأ أخطأ فيه أبو معاوية، وسأتكلم عن اضطراب متنه ثم أشرح كيف أنه معل بالإرسال.
فأبو معاوية رواه عنه عدة من الرواة، وقد تغير متن الحديث عند كل راوٍ من الرواة عن أبي معاوية فالحمل عليه إذن، وبيان ذلك:
قَدْ روى الحديث أسد بن موسى (3) عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، قالت: أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توافي معه صلاة الصبح بمكة (4).
وقد روى الحديث أبو كريب (5): محمد بن العلاء، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة، قالت: أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توافي مكة صلاة الصبح يوم النحر (6).
ورواه عبد الله بن جعفر الرقي (7)، عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة: أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي معه يوم النحر بمكة (8).
ورواه أبو خيثمة: زهير بن حرب (9)، عن أبي معاوية، قال: حدثنا هشام بن عروة،
(1) هِيَ زينب بنت أبي سلمة بن عَبْد الأسد المخزومية ربيبة رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم، توفيت سنة (74 هـ).
طبقات ابن سعد 8/ 461، وأسد الغابة 5/ 468 - 469، وسير أعلام النبلاء 3/ 200 و 201.
(2)
يوم النحر هو أول أيام العيد الأضحى، وهو عاشر ذي الحجة، وسمي يوم النحر لأن الحجيج ينحرون أضاحيهم.
(3)
وهو صدوق يغرب. التقريب (399).
(4)
هذه الرواية أخرجها الطحاوي في شرح المعاني 1/ 219، وفي شرح المشكل (3518)، والبيهقي في معرفة السنن (3060).
(5)
هُوَ أبو كريب مُحَمَّد بن العلاء بن كريب: ثقة، توفي سنة (248 هـ).
سير أعلام النبلاء 11/ 394 - 396، وتذكرة الحفاظ 2/ 294، وتهذيب التهذيب 9/ 385.
(6)
أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار 3/ 594.
تنبيه: سقط من الاستذكار طباعياً: ((عن هشام)).
(7)
وهو مقبول. التقريب (3254).
(8)
هذه الرواية أخرجها الطبراني في الكبير 23/ (799).
(9)
وهو ثقة ثبت. التقريب (2042).
عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة (1).
ورواه محمد بن عَمْرو (2) السوسي، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة: أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي الضحى معه بمكة يوم النحر (3).
ورواه يحيى بن يحيى النيسابوري (4)، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة.
ورواه سعيد بن سليمان، عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه صلاة الصبح بمكة يوم النحر (5): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة)) (6).
هكذا اضطرب فيه أبو معاوية، واختلف الرواة عنه فيه. قال ابن التركماني:((مضطربٌ سنداً ومتناً)) (7).
وَقَالَ الطحاوي: ((تأملنا هذا الحديث، فوجدناه إنما دار بهذا المعنى على أبي معاوية، ووجدنا أبا معاوية قَدْ اضطرب فيه)) (8).
وحديث أبي معاوية معل بالإرسال - كما سبق -.
فقد رواه سفيان بن عيينة (9)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أم سلمة
رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصلي الفجر بمكة يوم النحر (10).
(1) هذه الرواية أخرجها أبو يعلى (7000).
(2)
هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو السوسي الكوفي سكن الفسطاط، وحدث بمناكير.
الضعفاء الكبير 4/ 111، والثقات 9/ 136، وميزان الاعتدال 3/ 685.
(3)
هذه الرواية أخرجها الطحاوي في شرح المشكل (3517) و (3518)، وفي شرح المعاني 2/ 319.
(4)
وهو ثقة ثبت. التقريب (7668).
(5)
البيهقي في معرفة السنن والآثار (3059).
(6)
هذه الرواية أخرجها البيهقي في السنن الكبرى 5/ 133.
(7)
الجوهر النقي 5/ 132. ونحن نوافق ابن التركماني في حكمه على اضطراب متنه. أما الحكم على الاضطراب في السند، فهو تجوز منه رحمه الله إذ لا يحكم بالاضطراب إلا عند عدم إمكان الترجيح واستواء الوجوه، والأمر هنا ليس كذلك فأبو معاوية مخطئٌ بوصله والقول فيه قول من أرسله كما سيأتي شرحه مفصلاً.
(8)
شرح مشكل الآثار 9/ 138 - 139.
(9)
وهو ثقة حافظ فقيه إمام حجة. التقريب (2451).
(10)
أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (3520). والسند نفسه وقع في معجم الطبراني الكبير 23/ (982): ((أن تصلي الصبح بمكة)) من غير ذكر: ((يوم النحر))، ونقل ابن عبد البر في
=
ورواه وكيع بن الجراح، عن هشام، عن أبيه: أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة أن توافيه صلاة الصبح بمنى (1).
ورواه حماد بن سلمة (2)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن يوم أم سلمة دار إلى يوم النحر، فأمرها رسول الله، فرمت الجمرة، وصلت الفجر بمكة (3).
ورواه داود بن عبد الرحمان العطار (4)، وعبد العزيز الدراوردي (5) مقرونين، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: دار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة يوم النحر فأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى تأتي مكة فتصلي بها الصبح، وكان يومها فأحب أن توافقه وفي إحدى نسخ الشافعي:((توافيه)) (6).
فهؤلاء ثقات تلامذة هشام: (سفيان، ووكيع، وحماد، وداود، وعبد العزيز) خمستهم رووه عن هشام، عن أبيه مرسلاً، وروايتهم أصح فهم أكثر عدداً، والعدد أولى بالحفظ (7)، وقد نص إمام المعللين أبو الحسن الدارقطني على ترجيح الرواية المرسلة (8).
ونقل الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال: ((لم يسنده غيره - يعني: أبا معاوية - وهو خطأ)) (9).
وهناك مناقشات أخرى لإعلال متن الحديث ذكرها ابن القيم (10).
وللحديث طريق أخرى، فقد رواه الضحاك بن عثمان (11)، عن هشام بن عروة،
=
الاستذكار 5/ 593 قول سفيان بعدم جواز الرمي قبل طلوع الشمس.
(1)
هذه الرواية أخرجها ابن أبي شيبة (13754).
تنبيه: نقل ابن القيم الجوزية في زاد المعاد 2/ 249: ((وإنما قال وكيع: توافي منى، وأصاب في قوله: توافي، كَمَا قال أصحابه، وأخطأ في قوله: منى)).
(2)
وهو ثقة تغير حفظه بأخرة. التقريب (1499).
(3)
هذه الرواية عند الطحاوي في شرح المشكل (3521) و (3522)، وفي شرح المعاني 2/ 218.
(4)
وهو ثقة. التقريب (1798).
(5)
وهو صدوق. التقريب (4119).
(6)
هذه الرواية أخرجها الشافعي في مسنده (1002) بتحقيقنا، وطبعة العلمية: 370، ومن الأم 2/ 213، ومن طريقه البيهقي 5/ 133، وفي المعرفة، له (3057).
(7)
التلخيص الحبير 2/ 26 طبعة شعبان، والطبعة العلمية 2/ 60.
(8)
علل الدارقطني 5/الورقة 123 نقلاً عن التعليق على المسند الأحمدي 44/ 98.
(9)
شرح مشكل الآثار 9/ 140، وشرح معاني الآثار 2/ 221، وزاد المعاد 2/ 249.
(10)
زاد المعاد 2/ 249.
(11)
قال عنه الحافظ في التقريب (2972): ((صدوق يهم)). فهذا الحديث لا شك أنه من أوهامه،
=