الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمفردهم، وقسم مِنْهُمْ يستعين بمن يثق بِهِ ليعاونه عَلَى ذَلِكَ. إذن فالبصر مهم في ذَلِكَ وله دور كبير في المحافظة على الحفظ؛ لذا فإنّ زوال البصر وذهابه قَدْ يؤدي بالمحصلة النهائية إلى دخول الوهم في بعض روايات الْمُحَدِّثِيْنَ مِمَّا يؤدي إلى حصول اختلاف بَيْنَ الروايات.
ومن الَّذِيْنَ ذهب بصرهم: عَبْد الرزاق بن همام الصنعاني (1) صاحب المصنف قَالَ الحافظ ابن حجر العسقلاني: ((عمي في آخر عمره فتغير)) (2). وكذا علي بن مسهر (3) قَالَ العجلي (4): ((صاحب سنة ثقة في الْحَدِيْث صالح الكتاب كثير الرِّوَايَة عَنْ الكوفيين)) (5)، وَقَالَ أبو عَبْد الله أحمد بن حَنْبَل لما سئل عَنْهُ:((لا أدري كيف أقول كَانَ قَدْ ذهب بصره فكان يحدّثهم من حفظه)) (6).
خامساً. ذهاب الكتب:
قَدْ علمنا مِمَّا سبق أن ضبط الكتاب (7) هُوَ أحد قسمي الضبط، والعمدة في هَذَا القسم عَلَى كتاب الرَّاوِي، وتطرق الخلل إلى كتابه أمر مضر بالثقة في مرويات ذَلِكَ الرَّاوِي، وَقَدْ يصل الأمر إلى أن يدع الرَّاوِي روايته جملة بسبب فقد كتابه.
إلاّ أن بعض الرُّوَاة قَدْ يعلق في أذهانهم شيء من تِلْكَ المرويات الَّتِيْ دونوها في كتبهم المفقودة، فيحدّثون بِهَا، ولما كَانَ معتمدهم أصلاً في الرِّوَايَة عَلَى كتبهم لا عَلَى حفظهم فإن وجود الخطأ والوهم في تِلْكَ الروايات وارد.
ومن رواة الأحاديث الَّذِيْنَ ذهبت كتبهم مع اعتمادهم عَلَى تِلْكَ الكتب في
(1) هُوَ عَبْد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني أبو بكر الحميري، مولاهم صاحب المصنف: ثقة، حافظ، عمي في آخر عمره فتغير، توفي سنة (211 هـ).
طبقات ابن سعد 5/ 548، والتاريخ الكبير 6/ 130، والتقريب (4064).
(2)
التقريب (4064).
(3)
هُوَ أبو الحسن علي بن مسهر القرشي الكوفي، قاضي الموصل: ثقة لَهُ غرائب بَعْدَ أن أضر، مات سنة (189 هـ).
طبقات ابن سعد 6/ 388، وتهذيب الكمال 5/ 301 و 302 (4726)، والتقريب (4800).
(4)
هُوَ أحمد بن عَبْد الله بن صالح بن مُسْلِم، العجلي الكوفي، ولد بالكوفة سنة (182 هـ)، ونزل مدينة طرابلس المغرب، قَالَ يحيى: ثقة ابن ثقة. من تصانيفه: " مَعْرِفَة الثقات " وغيرها، توفي سنة (261 هـ). سير أعلام النبلاء 12/ 505، وتذكرة الحفاظ 2/ 560، والبداية والنهاية 11/ 28 ..
(5)
تهذيب التهذيب 7/ 384.
(6)
المصدر السابق.
(7)
هُوَ اعتماد الرَّاوِي عَلَى كتابه حال تأدية الْحَدِيْث.
حفظهم: عَبْد الله بن لهيعة، أبو عَبْد الرحمان الحضرمي، الفقيه قاضي مصر، كَانَ متقناً لكتابه، قَالَ الإمام أحمد:((ابن لهيعة أجود قِرَاءة لكتبه من ابن وهب (1))) (2).
وَقَدْ كَانَ جل اعتماده في روايته عَلَى كتبه، فلما احترقت ضُعِّف في الرِّوَايَة لكثرة ما وجد من الوهم والخطأ في روايته بَعْدَ ذهاب كتبه. قَالَ إسحاق بن عيسى الطباع (3):((احترقت كتب ابن لهيعة سنة تسع وستين)) (4). وَقَالَ البخاري (5) عَنْ يحيى بن بكير (6): ((احترق منْزل ابن لهيعة وكتبه في سنة سبعين ومئة)) (7).
وربما يَكُوْن لغياب الكتب نَفْسُ أثرِ فَقْدِ الكتب ويكون مدعاة للوهم والخلاف، فإذا حدّث الرَّاوِي - الَّذِيْ يعتمد في الأداء عَلَى كتابه - في حالة غياب كتبه عَنْهُ، وقع الوهم والخطأ في حديثه، وتحديثه في غَيْر بلده - أَيْضاً - مظنة (8) لوقوع ذَلِكَ كَمَا حصل
(1) عَبْد الله بن وهب بن مُسْلِم القرشي، الفهري أبو مُحَمَّد المصري، الإمام الحَافِظ ولد سنة (125 هـ) ومات سنة (196 هـ) أو (197 هـ)، لَهُ مصنفات كثيرة مِنْهَا:" الجامع " و " المغازي ".
انظر: طبقات خليفة: 297، وتهذيب الكمال 4/ 317، وسير أعلام النبلاء 9/ 223.
(2)
تهذيب الكمال 4/ 254.
(3)
إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي، أبو يعقوب المعروف بابن الطباع، ولد سنة (140 هـ)، وتوفي سنة (214 هـ) وَقِيْلَ:(215 هـ)، لَهُ " التاريخ " وغيره. انظر: تاريخ بغداد 6/ 332، وتهذيب الكمال 1/ 195 - 196 (368)، وتاريخ الإسلام وفيات (215 هـ): 65 - 66.
(4)
تهذيب الكمال 4/ 253.
(5)
الإِمَام حبر الإسلام إمام الْمُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم البُخَارِيّ مولى الجحفيين، ولد سنة (194هـ)، صاحب"الجامع الصَّحِيْح" و"التاريخ" و"الأدب المفرد" و"الضعفاء"، توفي سنة (256هـ) انظر: تاريخ بغداد 2/ 4، وسير أعلام النبلاء 12/ 390، وشذرات الذهب 2/ 134 - 135.
(6)
الإِمَام الحَافِظ الثقة أبو زكريا يَحْيَى بن عَبْد الله بن بكير القرشي المخزومي، مولاهم، المصري، ولد سنة (154 هـ) وَقِيْلَ بَعْدَ الثلاثين، وتوفي سُنَّةُ (231هـ).
انظر: تهذيب الكمال 8/ 56 (7453)،وسير أعلام النبلاء 10/ 162 - 164، وتذكرة الحفاظ 2/ 420.
(7)
تهذيب الكمال 4/ 254. ويرى بعض العلماء أن كتبه لَمْ تحترق، انظر تفصيل هَذَا في المصدر السابق.
(8)
مَظِنَّة - بكسر الظاء عَلَى وزن مَفْعِلَة - الشيء الموضع الَّذِيْ يظن كونه فِيْهِ وَهِيَ معدنه، من الظن بمعنى: العلم، قَالَ ابن الأثير:((وَكَانَ القياس فتح الظاء، وإنما كسرت لأجل الهاء)). انظر: الصحاح 6/ 2160، والنهاية 3/ 164، ولسان العرب 13/ 273 (ظنن)، وتعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث:105.