الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني
الاضطراب في المتن
سبق الكلام أن الاضطراب نوعان: اضطراب يقع في السند، واضطراب يقع في المتن، وقد شرحت الاضطراب الذي يعتري الأسانيد. أمّا هنا فسيكون الكلام على النوع الثاني، وهو الاضطراب في المتن؛ إذ كَمَا أن الاضطراب يَكُوْن في سند الْحَدِيْث فكذلك يَكُوْن في متنه. وذلك إذا وردنا حَدِيْث اختلف الرُّوَاة في متنه اختلافاً لا يمكن الجمع بَيْنَ رواياته المختلفة، ولا يمكن ترجيح إحدى الروايات عَلَى البقية، فهذا يعد اضطراباً قادحاً في صحة الْحَدِيْث، أما إذا أمكن الجمع فَلَا اضطراب، وكذا إذا أمكن ترجيح إحدى الروايات عَلَى البقية، فَلَا اضطراب إذن فالراجحة محفوظة (1) أو معروفة (2) والمرجوحة شاذة (3) أو منكرة (4).
وإذا كان المخالف ضعيفاً فلا تعل رِوَايَة الثقات برواية الضعفاء (5) فمن شروط الاضطراب تكافؤ الروايات (6).
وقد لا يضر الاختلاف إذا كان من عدة رواة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَدْ يذكر الْجَمِيْع، ويخبر كُلّ راوٍ بِمَا حفظه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (7). وَلَيْسَ كُلّ اختلاف يوجب الضعف (8) إنما الاضطراب الَّذِي يوجب الضعف هُوَ عِنْدَ اتحاد المدار، وتكافؤ الروايات، وعدم إمكان الجمع، فإذا حصل هذا فهو اضطراب مضعف للحديث، يومئ إلى عدم حفظ هذا الراوي أو الرواة لهذا الحديث. قال ابن دقيق العيد:((إذا اختلفت الروايات، وكانت الحجة ببعضها دون بعضٍ توقف الاحتجاج بشرط تعادل الروايات، أما إذا وقع الترجيح لبعضها؛ بأن يكون رواتها أكثر عدداً أو أتقن حفظاً فيتعين العمل بالراجح، إذ الأضعف لا يكون مانعاً من العمل بالأقوى، والمرجوح لا يمنع التمسك بالراجح)) (9).
(1) وهي رواية الثقة إذا خالفها الثقة الأقل حفظاً أو عدداً.
(2)
وهي رواية الثقة التي خالفها الضعيف.
(3)
وهي رواية الثقة التي خالفها من هو أوثق عدداً أو حفظاً.
(4)
وهي رواية الضعيف التي خالفت الثقات.
(5)
فتح الباري 3/ 213.
(6)
فتح الباري 5/ 318.
(7)
انظر: طرح التثريب 2/ 30.
(8)
هدي الساري: 347.
(9)
فتح الباري 5/ 318.
وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطرباً إلا بشرطين: أحدهما استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قدم، ولا يعل الصحيح بالمرجوح.
ثانيهما: مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد الْمُحَدِّثِيْن، ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه، فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب، ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك)) (1).
وَقَالَ المباركفوري: ((قَدْ تقرر في أصول الحديث أن مجرد الاختلاف، لا يوجب الاضطراب، بل من شرطه استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجح أحد الأقوال قدم)) (2).
وقد يكون هناك اختلاف، ولا يمكن الترجيح إلا أنه اختلاف لا يقدح عند العلماء لعدم التعارض التام، مثل حديث الواهبة نفسها، وهو ما رواه أبو حازم (3)، عن سهل بن سعد، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني قَدْ وهبت لك من نفسي، فقال رجلٌ: زوجنيها، قال:((قَدْ زوجناكها بما معك من القرآن)).
فهذا الحديث تفرد به أبو حازم (4)، واختلف الرواة عنه فِيْهِ فبعضهم قال:
((أنكحتُكها)) وبعضهم قال: ((زوجتكها))، وبعضهم قال:((ملكتكها))، وبعضهم قال:((مُلِّكْتَها)) وبعضهم قال: ((زوجناكها))، وبعضهم قال:((فزوجه))، وبعضهم قال:((أنكحتك))، وبعضهم قال:((أملكتها))، وبعضهم قال:((أملكتكها))، وبعضهم قال:((زوجتك))، وبيان ذلك في الحاشية (5).
(1) هدي الساري: 348 - 349.
(2)
تحفة الأحوذي 2/ 91 - 92.
(3)
هو: سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج التمار، المدني مولى الأسود بن سُفْيَان، ثقة، عابد، مات في خلافة المنصور. تهذيب الكمال 3/ 244 (2434)، والتقريب (2489).
(4)
نص على ذلك ابن حجر في نكته على ابن الصلاح 2/ 808.
(5)
أخرجه مالك ((411) برواية عبد الرحمان بن القاسم، (318) برواية سويد بن سعيد، (1477) برواية أبي مصعب الزهري بلفظ:((زوجتكها))، و (1498) برواية الليثي بلفظ:((أنكحتكها)). تفرد الليثي بمخالفة أصحاب مالك.
وأخرجه الشافعي في المسند (1117) بتحقيقنا، وفي طبعة العلمية: 246، وأحمد 5/ 336، والبخاري 3/ 132 (2310) و7/ 22 (5135) و 9/ 151 (7417)، وأبو داود (2111)، والترمذي (1114)، والنسائي 6/ 123 وفي الكبرى، له (5524)، والطحاوي في شرح المعاني 3/ 16، وابن حبان (4093)، والبيهقي 7/ 144 و 236 و 242، والبغوي (2302) جميعهم رووه عن مالك وفيه:((قَدْ زوجتكها)).
أخرجه الدارمي (2207)، والبخاري 6/ 236 (5029) عن عمرو بن عون وفيه ((زوجتكها))،
=
....................................................
=
والبخاري 7/ 24 (5141) عن أبي النعمان، والطبراني (5934) عن أبي الربيع الزهراني وفيه ((ملكتكها))، ومسلم 4/ 144 (1425)(77) عن خلف بن هشام وفيه ((مُلِّكتها)).
جميعهم: (عمرو بن عون، وأبو النعمان، وأبو الربيع الزهراني، وخلف بن هشام، رووه عن حماد بن زيد بن أبي حازم.
وأخرجه البخاري 7/ 21 (5132)، والطبراني في الكبير (5951) من طرق عن الفضيل بن سليمان عن أبي حازم وفيه ((زوجتكها)).
وأخرجه ابن أبي شيبة (16358) عن حسين بن علي، والطبراني في الكبير (5980) من طريق ابن أبي شيبة عن حسين بن علي وفيه ((ملكتكها))، ومسلم 4/ 144 (1425)(77) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن حسين بن علي وفيه ((زوجتكها))، عن زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي عن أبي حازم.
وأخرجه ابن ماجه (1889) عن عبد الرحمان بن مهدي وفيه ((زوجتكها))، والدراقطني 3/ 248 - 249 عن أسود بن عامر وفيه ((أنكحتكها)). كلاهما، عبد الرحمان بن مهدي، وأسود بن عامر، عن سفيان الثوري عن أبي حازم.
وأخرجه الحميدي (928)، والطبراني في الكبير (5915) من طريق الحميدي، والدارقطني 3/ 248 - 249 عن علي بن شعيب، والبيهقي 7/ 144 عن ابن أبي عمر، و7/ 236 عن سعدان بن نصر، وفيه:((زوجتكها))، وأحمد 5/ 330، والبخاري 7/ 26 (5149) عن علي بن عبد الله، ،النسائي 6/ 91 - 92 عن محمد بن منصور، وفيه ((أنكحتكها))، والنسائي 6/ 54 - 55 وفي الكبرى، له (5308) و (11412) عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وابن الجارود (716) عن ابن المقرئ، والطحاوي في شرح المشكل (2476)، عن ابن المقرئ و (2477) عن محمد بن منصور، وفيه ((فزوجه بما معه))، وأبو يعلى (7522) عن إسرائيل، والطحاوي في شرح المعاني 3/ 17، وفي شرح المشكل (2475) عن أسد بن موسى، وفيه ((أنكحتك)، ومسلم 4/ 144 (1425)(77) عن زهير بن حرب وفيه ((مُلِّكْتها))، والنسائي في الكبرى (5525) عند محمد بن منصور وفيه:((أنكحتها)).
جميعهم (الحميدي، وعلي بن شعيب، وابن أبي عمر، وسعدان بن نصر، وأحمد، وعلي بن عبد الله، ومحمد بن منصور، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وإسرائيل، وأسد بن موسى، وزهير بن حرب)، رووه عن سفيان بن عيينه عن أبي حازم.
وأخرجه البخاري 7/ 8 (5087) عن قتيبة و 7/ 201 - 202 (5871) عن عبد الله بن مسلمة، والطبراني (5907) عن إبراهيم بن محمد الشافعي وفيه:((ملكتكها))، ومسلم 4/ 143 (1425) (76) عن قتيبة وفيه:((مُلِّكتها))، ثلاثتهم (قتيبة، وعبد الله بن مسلمة، وإبراهيم بن محمد الشافعي)). رووه عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبي حازم.
وأخرجه البخاري 7/ 17 (5121) عن سعيد بن أبي مريم وفيه: ((أملكناكها))، والطبراني (5781)، من طريق سعيد بن أبي مريم وفيه:((أنكحتكها))، رواه سعيد بن أبي مريم عن محمد بن مطرف (أبي غسان) عن أبي حازم.
وأخرجه البخاري 6/ 237 (5030) عن قتيبة بن سعيد، والنسائي 6/ 113، وفي الكبرى، له (5505) و (5506) و (8061) عن قتيبة بن سعيد وفيه ((ملكتكها))، ومسلم 4/ 143 (1425)
=