الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ البيهقي: ((وقد وردت أخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في صاع من بر، ووردت أخبار في نصف صاع، ولا يصح شيء من ذلك، وقد بينت علة كل واحد منهما في الخلافيات)) (1).
وَقَالَ ابن عبد البر: ((هذا نص في موضع الخلاف، إلا أنه لم يروه كبار أصحاب ابن شهاب، ولا من يحتج بروايته منهم إذا انفرد)) (2).
أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء
لهذا الحديث أثر في الفقه الإسلامي، إذ بنيت على هذا الحديث مسألتان فقهيتان، وترتب في ضوء العمل بهذا الحديث، وعدم العمل به خلاف فقهيٌّ بين أهل العلم. وسأسوق كل مسألة مفردة عن أختها.
المسألة الأولى: إجزاء نصف صاع من البر في صدقة الفطر
اختلف الفقهاء في إمكان إجزاء نصف صاع من البر في صدقة الفطر على قولين:
القول الأول: يجزئ نصف صاع من البر لصدقة الفطر
وهذا مرويٌّ عن: أبي بكر الصديق (3)، وعمر بن الخطاب (4)، وعثمان بن
عفان (5)، وأسماء (6) بنت أبي بكر (7)، وعبد الله بن مسعود (8)، ومعاوية (9) بن أبي
(1) السنن الكبرى 4/ 170.
(2)
الاستذكار 3/ 154.
(3)
مصنف عبد الرزاق (5774) و (5776)، ومصنف ابن أبي شيبة (10336)، وشرح معاني الآثار 2/ 46. في مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة ذكر نصف صاع من بر بين رجلين، وفي شرح المعاني: ((صاع بر بين اثنين)).
(4)
شرح معاني الآثار 2/ 46.
(5)
مصنف ابن أبي شيبة (10335).
(6)
هي الصحابية أم عَبْد الله أسماء بنت أبي بكر الصديق القرشية من بني عامر، وكانت تلقب بذات النطاقين، توفيت سنة (73 هـ). أسد الغابة 5/ 392، وسير أعلام النبلاء 2/ 287، والإصابة 4/ 229.
(7)
مصنف ابن أبي شيبة (10351).
(8)
مصنف عبد الرزاق (5769)، ومصنف ابن أبي شيبة (10342).
(9)
الصَّحَابِيّ الجليل معاوية بن أبي سُفْيَان، واسم أبي سُفْيَان: صخر بن حرب القرشي الأموي، أسلم قَبْلَ الفتح وكتب الوحي، توفي سنة (60 هـ).
معجم الصَّحَابَة 13/ 4781، والاستيعاب 3/ 395، والإصابة 3/ 433 و 434.
سفيان (1)، والحكم (2)، وحماد (3)، وعبد الرحمان بن القاسم (4)، وسعد بن إبراهيم (5)، وعطاء (6)، ومجاهد (7)، وعروة بن الزبير (8)، وسعيد بن جبير (9)، وطاووس (10)، وعمر بن عبد العزيز (11)، وأبي سلمة بن عبد الرحمان (12)، وعبد الله (13) ابن شداد (14)، وسعيد بن المسيب (15)، وغيرهم (16).
وهو إحدى الروايتين عن: علي بن أبي طالب (17)، وعبد الله بن عباس (18)، وعبدالله (19) بن الزبير (20)، والحسن البصري (21). وذهب إلى ذلك أبو حنيفة (22).
(1) مصنف عبد الرزاق (5779).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (10348)، وشرح معاني الآثار 2/ 47.
(3)
مصنف ابن أبي شيبة (10348)، وشرح معاني الآثار 2/ 47.
(4)
مصنف ابن أبي شيبة (10348)، وشرح معاني الآثار 2/ 47.
(5)
مصنف ابن أبي شيبة (10348).
(6)
مصنف عبد الرزاق (5765)، ومصنف ابن أبي شيبة (10346).
(7)
مصنف عبد الرزاق (5771)، ومصنف ابن أبي شيبة (10339)، وشرح معاني الآثار 2/ 47.
(8)
مصنف عبد الرزاق (5784).
(9)
مصنف عبد الرزاق (5784).
(10)
مصنف عبد الرزاق (5770)، ومصنف ابن أبي شيبة (10344).
(11)
مصنف ابن أبي شيبة (10352)، وشرح معاني الآثار 2/ 47.
(12)
مصنف عبد الرزاق (5782).
(13)
أبو الوليد عَبْد الله بن شداد بن الهاد الليثي المدني ثُمَّ الكوفي، كَانَ ثقة، توفي سنة (82 هـ).
الطبقات، لابن سعد 5/ 61، وتاريخ بغداد 9/ 473، وسير أعلام النبلاء 3/ 488.
(14)
مصنف ابن أبي شيبة (10349).
(15)
مصنف عبد الرزاق (5786)، وشرح معاني الآثار 2/ 47.
(16)
انظرهم في: الاستذكار 3/ 153 - 154.
(17)
مصنف عبد الرزاق (5773)، ومصنف ابن أبي شيبة (10350).
(18)
مصنف عبد الرزاق (5768)، ومصنف ابن أبي شيبة (10353) وشرح معاني الآثار 2/ 47.
(19)
هُوَ عَبْد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد، أبو بكر، وأبو خبيب القرشي الأسدي المكي ثُمَّ المدني، كَانَ أول مولود للمهاجرين بالمدينة، قتل سنة (73 هـ)، وَقِيْلَ:(72 هـ).
تهذيب الكمال 4/ 132 - 133 (3257)، وسير أعلام النبلاء 3/ 363 - 379، والتقريب (3319).
(20)
مصنف عبد الرزاق (5766)، ومصنف ابن أبي شيبة (10343) و (10347)
(21)
مصنف ابن أبي شيبة (10341).
(22)
انظر: المبسوط 3/ 112 - 113، وبدائع الصنائع 2/ 72، والهداية 1/ 116، وبداية المبتدي: 38، وشرح فتح القدير 2/ 30، وتبيين الحقائق 1/ 308، والبحر الرائق 2/ 273، ورد المحتار 2/ 364، ونور الإيضاح:136.
والحجة لهم الحديث السابق الذكر والتفصيل.
القول الثاني: وهو أنه لا يجزئ في صدقة الفطر إلا صاع سواء كان من البر أو غيره
وهو المروي عن: عائشة (1)، وعبد الله بن عمر (2).
ومسروق (3)، ومحمد بن سيرين (4)، وأبي العالية (5)، وغيرهم (6).
وهي الرواية الثانية عن: علي بن أبي طَالِب (7)، وعبد الله بن عَبَّاسٍ (8)، وعبد الله بن الزبير (9)، والحسن البصري (10). وذهب إلى هذا الإمام مالك (11)، والشافعي (12)، وأحمد بن حنبل (13).
وهو أنهم لم يحتجوا بحديث ابن أبي صعير للاختلاف الكبير الذي حصل فيه، واحتجوا لمذهبهم بما رواه زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، قال: كُنّا نُخْرِجُ زَكَاة الفِطْرِ - إذْ كانَ فِينا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَاعاً من طَعامٍ، أو صَاعاً من شَعِيرٍ، أو صَاعاً من تَمْرٍ، أو صاعاً من زَبيبٍ، أو صَاعاً من أقطٍ، فلم نَزَلْ نُخْرِجهُ حتّى قَدِمَ معاويةُ المَدِينَةَ، فَتَكَلّمَ، فَكانَ فِيما كلَّمَ به النّاسَ: إنِي لأرَى مُدَّيْنِ
(1) مصنف ابن أبي شيبة (10357).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (10350).
(3)
مصنف ابن أبي شيبة (10359).
(4)
مصنف ابن أبي شيبة (10367).
(5)
مصنف ابن أبي شيبة (10358).
(6)
انظرهم في: الاستذكار 3/ 153.
(7)
السنن الكبرى، للبيهقي 4/ 166.
(8)
مصنف عبد الرزاق (5767)، والسنن الكبرى 4/ 167.
(9)
مصنف ابن أبي شيبة (10361)، والسنن الكبرى 4/ 167.
(10)
السنن الكبرى 4/ 167.
(11)
انظر: المدونة الكبرى 1/ 357 - 358، والاستذكار 3/ 154، والتمهيد 4/ 135، والمنتقى 2/ 187 - 188، وبداية المجتهد 1/ 205، والقوانين الفقهية: 110، وحاشية الرهوني 2/ 333، وشرح منح الجليل 1/ 380، وأسهل المدارك 1/ 407.
(12)
انظر: الأم 2/ 68، ومختصر المزني المطبوع مع الأم 8/ 55، والحاوي الكبير 4/ 420، والوسيط 2/ 1112 - 1113، والتهذيب 3/ 128، والمجموع 6/ 128، وروضة الطالبين 2/ 301، وكفاية الأخيار 1/ 373، ونهاية المحتاج 3/ 120 - 121.
(13)
انظر: مسائل ابن هانئ 1/ 111، ومسائل عبد الله بن أحمد 2/ 579 - 582، والروايتين والوجهين: 44ب، والمقنع: 59، والهادي: 49، والمغني 2/ 648، والمحرر 1/ 226 - 227، والشرح الكبير 2/ 661، وشرح الزركشي 1/ 667.
من سَمْرَاءِ الشّامِ تَعْدلُ صَاعاً من تَمْرٍ. قال فأخذَ النَّاسُ بذلك. قال أبو سعيد: فلا أزالُ أخرجهُ كما كُنْتُ أخرجهُ (1).
وخالف ذلك كله ابن حزم رحمه الله فذهب إلى أنه لا يجزئ في زكاة الفطر إلا صاعٌ من التمر أو الشعير، ولا يجزئ غيره (2).
وحجته تضعيفه لحديث ابن أبي صعير، واقتصاره على ما ورد في حديث ابن
(1) أخرجه: مالك ((176) برواية عبد الرحمان بن القاسم، و (201)(202) برواية عبد الله بن مسلمة القعنبي، و (756) برواية أبي مصعب الزهري، و (774) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (665) و (667) و (670) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (5780)، وأحمد 3/ 73، والدارمي (1671) و (1672)، والبخاري 2/ 161 (1505) و (1506) و (1508)، 2/ 162 (1510)، ومسلم 3/ 69 (985)(17)، والترمذي (673)، والنسائي 5/ 51، وفي الكبرى (2291)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 41 و 42، وفي شرح المشكل (3399) و (3400) و (3404)، والبيهقي 4/ 164، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 131، والبغوي (1595) من طريق زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، به.
وأخرجه الشافعي (668) بتحقيقنا، وأحمد 3/ 23 و 98، والدارمي (1670)، ومسلم 3/ 69 (985)(18)، وأبو داود (1616)، وابن ماجه (1829)، والنسائي 5/ 51 و 53، وفي الكبرى (2292) و (2296)، وابن الجارود (357) و (358)، وابن خزيمة (2407) و (2408) و (2418)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 42، وفي شرح المشكل (3401) و (3402) و (3403)، وابن حبان (3301)، وطبعة الرسالة (3305)، والدارقطني 2/ 146، وأبو نعيم في المستخرج (2214)، والبيهقي 4/ 165، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 38 (129) و (133)، والبغوي (1596) من طرق عن داود بن قيس، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، به.
وأخرجه عبد الرزاق (5781)، ومسلم 3/ 69 (985)(19)، وأبو نعيم في المستخرج (2215)(2216)، من طريق إسماعيل بن أمية، عن عياض، عن أبي سعيد، به.
وأخرجه عبد الرزاق (5787)، ومسلم 3/ 70 (985)(20)، والنسائي 5/ 51، وفي الكبرى (2290)، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 133 - 134، من طريق الحارث بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ذباب، عن عياض، عن أبي سعيد، به.
وأخرجه النسائي 5/ 53، وفي الكبرى (2297)، وابن خزيمة (2419)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 42، وفي شرح المشكل (3405)(3406)، وابن حبان (3312)، وطبعة الرسالة (3306)، والدارقطني 2/ 145 - 146، والحاكم 1/ 411، والبيهقي 4/ 165 - 166، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 132،، من طريق عبد الله بن عثمان، عن عياض عن أبي سعيد.
وأخرجه الحميدي (742)، وابن أبي شيبة (10356)، ومسلم 3/ 70 (985)(21)، وأبوداود (1618)، والنسائي 5/ 52، وفي الكبرى (2293)، وابن خزيمة (2413) و (2414)، وابن حبان (3303)، وطبعة الرسالة (3307)، والدارقطني 2/ 146، والبيهقي 4/ 172، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 129 - 130 من طريق محمد بن عجلان عن عياض.
(2)
المحلى 6/ 118.