المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النموذج الأول: خيار المجلس - أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

[ماهر الفحل]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل التمهيديبيان ماهية الاختلاف

- ‌المبحث الأولالاختلاف لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الأولتعريف الاختلاف لغة

- ‌المطلب الثانيتعريف الاختلاف اصطلاحاً

- ‌المبحث الثانيالفرق بَيْنَ الاضطراب والاختلاف

- ‌المبحث الثالثأنواع الاختلاف

- ‌المبحث الرابعأسباب الاختلاف

- ‌أولاً. الوهم والخطأ:

- ‌ثانياً. ظروف طارئة

- ‌ثالثاً. الاختلاط:

- ‌رابعاً. ذهاب البصر:

- ‌خامساً. ذهاب الكتب:

- ‌سادساً. عدم الضبط:

- ‌سابعاً. التدليس

- ‌الأول: تدليس الإسناد:

- ‌الثاني: تدليس الشيوخ:

- ‌الثالث: تدليس التسوية

- ‌الرابع: تدليس العطف:

- ‌الخامس: تدليس السكوت:

- ‌السادس: تدليس القطع:

- ‌السابع: تدليس صيغ الأداء:

- ‌ثامناً. الانشغال عَنْ الْحَدِيْث:

- ‌أ. ولاية القضاء:

- ‌ب. الاشتغال بالفقه:

- ‌ج. الاشتغال بالعبادة:

- ‌المبحث الخامسمعرفة الاختلاف ودخوله في علم العلل

- ‌المبحث السادسأهمية مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد

- ‌المبحث السابعالكشف عن الاختلاف

- ‌أولاً. مَعْرِفَة من يدور عَلَيْهِ الإسناد من الرُّوَاة

- ‌ثانياً. مَعْرِفَة الرُّوَاة

- ‌ثالثا. جمع الأبواب

- ‌المبحث الثامنالاختلاف القادح والاختلاف غَيْر القادح

- ‌الفصل الأولالاختلاف في السند

- ‌تمهيد

- ‌أ. تعريف السند والإسناد لغة:

- ‌أهمية الإسناد:

- ‌المبحث الأولأثر التدليس في اختلاف الحديث

- ‌أولاً: أقسام التدليس

- ‌ثانياً: حكم التدليس، وحكم من عرف بِهِ

- ‌ثالثاً. حكم الْحَدِيْث المدلس:

- ‌رابعاً. أثر التدليس في اختلاف الْحَدِيْث وأثره في اختلاف الفقهاء:

- ‌النموذج الأول:

- ‌أثر هَذَا الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (المقدار الَّذِيْ تدرك بِهِ صلاة الجمعة):

- ‌النموذج الثاني:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (نظر الزوج إلى فرج زوجته أو حليلته):

- ‌النموذج الثالث:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم لبس خاتم الفضة للرجال):

- ‌المبحث الثانيأثر التَّفَرُّد في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء

- ‌الأول: تفرد في الطبقات المتقدمة:

- ‌الثاني: التفرد في الطبقات المتأخرة

- ‌الأول: الفرد المطلق:

- ‌الثاني: الفرد النسبي:

- ‌النموذج الأول:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم النصف الثاني من شعبان)

- ‌النموذج الثاني:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (الجمع بَيْنَ الصلاتين)

- ‌نموذج آخر للتفرد:

- ‌أثر حَدِيْث أبي قيس في اختلاف الفقهاء (حكم المسح عَلَى الجوربين)

- ‌الفصل الثانيالاختلاف في الْمَتْن

- ‌المبحث الأولرِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى

- ‌النموذج الأول: حكم الصَّلَاة عَلَى الجنازة في المسجد

- ‌النموذج الثاني:

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم المسبوق في الصَّلَاة):

- ‌النموذج الثالث

- ‌أثر حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ في اختلاف الفقهاء

- ‌المبحث الثانيمخالفة الْحَدِيْث للقرآن الكريم

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:حكم القضاء باليمين مَعَ الشاهد

- ‌المبحث الثالثمخالفة الْحَدِيْث لحديث أقوى مِنْهُ

- ‌النموذج الأول:مَن يثبت لَهُ حقّ الشفعة:

- ‌المبحث الرابعمخالفة الْحَدِيْث لفتوى راويه أو عمله

- ‌النموذج الأول:اشتراط الولي في النكاح

- ‌النموذج الثاني:طهارة الإناء من ولوغ الكلب

- ‌المبحث الخامسمخالفة الْحَدِيْث للقياس

- ‌النموذج الأول: الانتفاع بالعين المرهونة

- ‌النموذج الثاني: رد الشاة المصراة

- ‌المبحث السادسمخالفة الْحَدِيْث لعمل أهل المدينة

- ‌النموذج الأول: خيار المجلس

- ‌المبحث السابعمخالفة الْحَدِيْث للقواعد العامة في الفقه الإسلامي

- ‌أثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاءحكم من أكل أو شرب ناسياً في نهار رَمَضَان

- ‌المبحث الثامناختلاف الْحَدِيْث بسبب الاختصار

- ‌المبحث التاسعورود حَدِيْث الآحاد فِيْمَا تعم بِهِ البلوى

- ‌النموذج الأول: نقض الوضوء بمس الذكر

- ‌الفصل الثَّالِث: الاختلاف في السَّنَد والمتن

- ‌المبحث الأولالاضطراب

- ‌المطلب الأولتعريف المضطرب لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثَّانِيشرط الاضطراب

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء

- ‌المطلب الثَّالِثحُكْمُ الحَدِيْثِ الْمُضْطَرِبِ

- ‌المطلب الرابعأين يقع الاضطراب

- ‌القسم الأولالاضطراب في السَّنَد

- ‌النَّوع الأول: تعارض الوَصْل والإرسال

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (مَوْضِع سجود السهو)

- ‌النَّوع الثَّانِي: تعارض الوقف والرفع

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (كيفية التطهر من بول الأطفال)

- ‌نموذج آخر: وهو مثال لما تترجح فِيهِ الرِّوَايَة الموقوفة

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (حكم قِرَاءة القُرْآن للجنب)

- ‌النوع الثالث: تعارض الاتصال والانقطاع

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم من أفطر في صيام التطوع)

- ‌النوع الرابعأن يروي الحديث قوم - مثلاً - عن رجلٍ عن تابعي عن صحابي، ويرويه غيرهمعن ذلك الرجل عن تابعي آخر عن الصحابي بعينه

- ‌النوع الخامس: زيادة رجلٍ في أحد الأسانيد

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (مقدار التعزير)

- ‌النموذج الثاني

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

- ‌النوع السادس: الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان متردداً بين ثقة وضعيف

- ‌ومما اختلف الرواة فيه اختلافاً كبيراً

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

- ‌المسألة الأولى: إجزاء نصف صاع من البر في صدقة الفطر

- ‌المسألة الثانية: إيجاب صدقة الفطر على الفقير والغني

- ‌القسم الثانيالاضطراب في المتن

- ‌أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

- ‌المذهب الأول:

- ‌المذهب الثاني

- ‌النموذج الأول

- ‌أثر الحديث في اختلاف الفقهاء

- ‌النموذج الثَّانِي

- ‌أثر حَدِيثي عَمَّار في اختلاف الفُقَهَاء

- ‌المسألة الأولى: عدد ضربات التيمم

- ‌المسألة الثانية: المقدار الواجب مسحه في التيمم

- ‌النموذج الآخر

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاءحكم الشك في عدد ركعات الصَّلَاة

- ‌المبحث الثاني: الاختلاف في الزيادات

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: تعريفها

- ‌المطلب الثَّانِي: أقسام زيادة الثِّقَة

- ‌المطلب الثَّالِث: حكم زيادة الثقة

- ‌نماذج من زيادة الثِّقَة، وأثرها في اختلاف الفُقَهَاء

- ‌النموذج الأول

- ‌أثر الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاءحكم دفع صدقة الفطر عن الكافر

- ‌أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء

- ‌‌‌المسألة الأولى: رفع اليدين عِنْدَ الركوع وعند الرفع مِنْهُ

- ‌المسألة الأولى: رفع اليدين عِنْدَ الركوع وعند الرفع مِنْهُ

- ‌المسألة الثانية: هَلْ ترفع اليدان في مَوْضِع آخر، وَهُوَ عِنْدَ القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة

- ‌المسألة الثالثة: رفع اليدين عِنْدَ السجود وعند الرفع مِنْهُ

- ‌المسألة الرابعة: إلى أين ترفع اليدان

- ‌أثر الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاءحكم التسمية في ابتداء الوضوء

- ‌أثر زيادة حماد في اختلاف الفقهاءهل يشترط لسجود السهو تكبيرة التحريم

- ‌أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء (اختلاف نية المأموم مع الإمام)

- ‌النموذج الثاني

- ‌أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء: حكم بيع الكلب المعلم

- ‌أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء: كيفية الإقامة

- ‌أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (موضع اليدين عند القيام في الصَّلَاة)

- ‌أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء

- ‌أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (كيف تصلى نافلة النهار)

- ‌المبحث الثالثاختلاف الثقة مع الثقات، وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء

- ‌أثر رِوَايَة معمر في اختلاف الفقهاء (أكل المحرم من لحم الصيد)

- ‌المبحث الرابعاختلاف الضعيف مع الثقات وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء

- ‌أثر هَذَا الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم المسافر)

- ‌المبحث الخامس: الإدراج، وأثره في اختلاف الفقهاء

- ‌المطلب الأول: تعريفه

- ‌المطلب الثاني: أنواعه

- ‌النوع الأول: الإدراج في الْمَتْن

- ‌أثره في اختلاف الفقهاء (حكم التشهد والسلام)

- ‌النوع الثاني: أن يقع الإدراج في السند دون الْمَتْن

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القسم الثالث:

- ‌القسم الرابع:

- ‌القسم الخامس:

- ‌المطلب الثالثأسباب وقوع الإدراج

- ‌المطلب الرابعطرق الكشف عن الإدراج

- ‌المطلب الخامس: حكم الإدراج

- ‌المبحث السادسالاختلاف بسبب خطأ الراوي

- ‌أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء

- ‌المبحث السابع: المقلوب، وأثره في اختلاف الفقهاء

- ‌المطلب الأول: تعريفه

- ‌المطلب الثاني: أنواعه

- ‌النوع الأول: القلب في المتن

- ‌الأول: أن يبدل في متن الْحَدِيْث بالتقديم والتأخير:

- ‌الثاني: أن يبدل الرَّاوِي عامداً سند متنٍ

- ‌ الثالث: أن يقع في الإسناد والمتن معاً

- ‌المطلب الثالثأسباب القلب

- ‌أثر القلب في اختلاف الفقهاء

- ‌المبحث الثامنالاختلاف بسبب التصحيف والتحريف

- ‌أقسام التصحيف

- ‌القسم الأول: التصحيف في الإسناد:

- ‌القسم الثاني: التصحيف في الْمَتْن:

- ‌القسم الثالث: تصحيف البصر:

- ‌القسم الرابع: تصحيف السمع:

- ‌القسم الخامس: تصحيف اللفظ

- ‌القسم السادس: تصحيف المعنى دون اللفظ:

- ‌الخاتمة في خلاصة نتائج البحث

- ‌ثبت المراجع

الفصل: ‌النموذج الأول: خيار المجلس

عَلَى موافقتهم جواز مخالفة الأحاديث المقبولة (1).

وَقَدْ فند أدلتهم ابن حزم من وجوه حاصلها:

1 -

إن الخبر المسند الصَّحِيْح قَبْلَ العمل بِهِ، أحق هُوَ أم باطل؟ فإن قالوا: حق، فسواء عمل بِهِ أهل المدينة أم لَمْ يعملوا، لَمْ يزد الحقَ درجةً عملُهُم بِهِ وَلَمْ ينقصه إن لَمْ يعملوا بِهِ، وإن قالوا باطل، فإن الباطل لا ينقلب حقاً بعملهم بِهِ، فثبت أن لا معنى لعمل أهل المدينة أو غيرهم.

2 -

العمل بالخبر الصَّحِيْح متى أثبت الله العمل بِهِ، أقبل أن يعمل بِهِ أم بَعْدَ العمل بِهِ؟ فإن قالوا: قَبْلَ أن يعمل بِهِ، فَهُوَ كقولنا. وإن قالوا: بَعْدَ أن يعمل بِهِ، لزمهم عَلَى هَذَا أن العاملين بِهِ هم الَّذِيْنَ شرعوا الشريعة، وهذا باطل.

3 -

نقول: عمل من تريدون؟ عمل أمة مُحَمَّد ? كافة، أم عمل عصر دُوْنَ عصر، أم عمل رسول الله ?، أم أبي بكر، أم عمر، أم عمل صاحب من سكان المدينة مخصوصاً؟ فإن قالوا: عمل الأمة كلها، فَلَا يصح؛ لأن الخلاف بَيْنَ الأمة مشتهر، وهم دائمو الرد عَلَى من خالفهم، فلو كَانَتْ الأمة مجمعة عَلَى هَذَا القول فعلى من يردون؟! وإن قالوا: عصر دُوْنَ عصر، فباطل أيضاً؛ لأنَّهُ ما من عصر إلا وقَدْ وجد فيه خلاف، ولا سبيل إِلَى وجود مسألة متفق عَلَيْهَا بَيْنَ أهل عصر (2).

4 -

ونقول لَهُمْ: أهل المدينة الَّذِيْنَ جعلتم عملهم حجة رددتم بِهَا خبر المعصوم، اختلفوا فِيْمَا بَيْنَهُمْ أم لا؟ فإن قالوا: لا، فإن الموطأ يشهد بخلاف هَذَا، وإن قالوا: نعم، قُلْنَا: فما الَّذِي جعل اتباع بعضهم أولى من بَعْض (3).

‌النموذج الأول: خيار المجلس

يمكن تعريف خيار المجلس بأنه: حق العاقدين في إمضاء العقد أو رده، منذ التعاقد إِلَى التفرق أو التخاير (4).

(1) مسائل من الفقه المقارن 1/ 25.

(2)

هَذَا تأسيس من ابن حزم عَلَى رأيه القائل بعدم إمكان الإجماع بَعْدَ عصر الصَّحَابَة رضي الله عنهم. وهذا رِوَايَة عن الإمام أحمد، وَقَالَ الشوكاني:((إنه ظاهر كلام ابن حبان)). انظر: الإحكام 4/ 506، والتبصرة: 359، وإحكام الآمدي 1/ 328، وإرشاد الفحول:82.

(3)

الإحكام في أصول الأحكام 1/ 229 - 237. وانظر: إعلام الموقعين 2/ 375 فما بعدها، والبحر المحيط 3/ 344 - 345، وأسباب اختلاف الفقهاء: 311.

(4)

الموسوعة الفقهية 20/ 169.

ص: 184

والأكثرون عَلَى تسميته ((خيار المجلس)) ومنهم من يسميه ((خيار الْمُتَبَايِعَيْنِ)) (1).

فإذا أتم العاقدان عقد البيع من غَيْر أن يتفرقا وَلَمْ يختر أحدٌ مِنْهُمَا اللزوم، فهل يعتبر العقد لازماً بمجرد هَذَا التمام، أَمْ أن لكلا العاقدين الحق في فسخ العقد ما داما في مجلس البيع؟

اختلف الفقهاء في ثبوت هَذَا الحق عَلَى قولين:

الأول: لا يثبت خيار المجلس، والعقد لازم بالإيجاب والقبول، إلا إذا تشارطا أو أحدهما إثبات الخيار.

وبهذا قَالَ: إبراهيم النخعي وأهل الكوفة، وربيعة الرأي وطائفة من أهل المدينة، وَهُوَ قَوْل الثوري في رِوَايَة عَبْد الرزاق عَنْهُ (2).

وإليه ذهب الحنفية (3)، والمالكية (4)، وأكثر الزيدية (5).

الثاني: خيار المجلس ثابت للمتعاقدين، ولكل مِنْهُمَا الحق في فسخه مادام المجلس قائماً، ومالم يختر أحدهما اللزوم.

روي هَذَا عن: عمر، وعثمان، وابن عمر، وابن عَبَّاسٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وأبي برزة الأسلمي (6)، وبه قَالَ: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وشريح، والشعبي، وعطاء، وطاووس، والزهري، والأوزاعي، وابن أبي ذئب في طائفة من أهل المدينة، والثوري في "جامعه"، والليث بن سعد، وعبيد الله بن الحسن، وداود الظاهري، وسوّار (7) قاضي البصرة، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وابن جريج، ومعمر، ومسلم بن خالد

(1) المغني 4/ 6، والتهذيب 3/ 290.

(2)

المصنف عقب (14273)، وانظر: الاستذكار 5/ 485.

(3)

المبسوط 13/ 156 - 157، والهداية مَعَ شرح فتح القدير 5/ 81، وبدائع الصنائع 5/ 228، والاختيار 2/ 5، وشرح العناية عَلَى الهداية (بهامش فتح القدير) 5/ 81، وتبيين الحقائق 4/ 3، وحاشية ابن عابدين 5/ 112.

(4)

التمهيد 14/ 8، والمنتقى 5/ 55، والقوانين الفقهية: 270، وشرح الحطاب 4/ 310، وشرح منح الجليل 2/ 609 - 610، وحاشية الرهوني 5/ 156، وأوجز المسالك 11/ 317 فما بعدها.

(5)

مسند الإمام زيد بن عَلِيّ: 263، والبحر الزخار 4/ 345 - 346.

(6)

الصَّحَابِيّ الجليل أبو برزة الأسلمي اختلف في اسمه والأصح نضلة بن عبيد، كَانَ إسلامه قديماً، وشهد فتح مكة، توفي سنة (60 هـ)، وَقِيْلَ:(64 هـ).

تاريخ الصَّحَابَة لابن حبان:252، وأسد الغابة 2/ 93 و3/ 268 و5/ 19،وسير أعلام النبلاء 3/ 40و43.

(7)

هُوَ أَبُو عَبْد الله سوّار بن عَبْد الله بن قدامة التميمي العنبري قاضي البصرة.

الثقات 6/ 422، وتهذيب الكمال 3/ 335 (2623)، والتقريب (2685).

ص: 185

الزنجي (1)، والدراوردي (2)، ويحيى القطان، وعبد الرَّحْمَان بن مهدي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور (3).

وإليه ذهب الشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6)، والإمامية (7)، وبعض الزيدية (8).

واستدل الجُمْهُوْر بأدلة متظافرة كثيرة مِنْهَا:

ما صَحَّ عن رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: ((الْمُتَبَايِعَانِ كُلّ واحد مِنْهُمَا بالخيار عَلَى صاحبه، ما لم يتفرقا، إلا بيع الخيار)) (9).

وجه الدلالة من هَذَا الْحَدِيْث:

أن الْحَدِيْث مصرح بأن العقد بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ غَيْر لازم ما لم يحصل التفرق عن مجلس العقد، أو يختار واحد مِنْهُمَا اللزوم.

وأجاب المالكية عن هَذَا الْحَدِيْث: بأنه مخالف لعمل أهل المدينة، لذا قَالَ الإمام مالك عقب روايته لهذا الْحَدِيْث:((وَلَيْسَ لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول فِيْهِ)) (10).

وَهُوَ خبر آحاد فَلَا يقوى عَلَى مخالفة عملهم (11).

ونستطيع أن نرد قَوْل المالكية هَذَا، من ثلاثة وجوه هِيَ:

(1) الإمام، فقيه مكة، أبو خالد مُسْلِم بن خالد المخزومي، الزنجي المكي، مولى بني مخزوم: فقيه صدوق كَثِيْر الأوهام، ولد سنة (100 هـ)، وَقِيْلَ قبلها، وتوفي سنة (180 هـ).

الضعفاء الكبير، للعقيلي 4/ 150، وسر أعلام النبلاء 8/ 176 و 178، والتقريب (6625).

(2)

هُوَ الإمام عَبْد العزيز بن مُحَمَّد بن عبيد الدراوردي أبو مُحَمَّد الجهني مولاهم المدني: صدوق كَانَ يحدث من كتب غيره فيخطئ، توفي (187 هـ).

طبقات خليفة بن خياط: 276، وسير أعلام النبلاء 8/ 366 و 369، والتقريب (4119).

(3)

الحاوي الكبير 6/ 34، والاستذكار 5/ 487، والمغني 4/ 6.

(4)

الحاوي الكبير 6/ 34، والتهذيب 3/ 290، والمهذب 1/ 264، وروضة الطالبين 3/ 433، والمجموع 9/ 196، وكفاية الأخيار 1/ 475، ونهاية المحتاج 4/ 3 فما بعدها، وحاشية الجمل عَلَى شرح المنهج 3/ 102.

(5)

المغني 4/ 6، والمقنع: 103، والمحرر 1/ 261، والإنصاف 4/ 363، وكشاف القناع 3/ 187.

(6)

المحلى 8/ 351.

(7)

شرائع الإسلام 2/ 21.

(8)

البحر الزخار 4/ 345 - 346، وسبل السلام 3/ 34، ونيل الأوطار 5/ 210.

(9)

سيأتي تخريجه من حَدِيْث سبعة من الصَّحَابَة.

(10)

الموطأ (رِوَايَة الليثي) 2/ 201 (1959).

(11)

طرح التثريب 6/ 148.

ص: 186

1 -

أن اشتراط المالكية للعمل بخبر الآحاد: أن لا يَكُوْن مخالفاً لعمل أهل المدينة، شرط تفردوا بِهِ، فيكون لازماً لَهُمْ ولا يلزم غيرهم.

2 -

عَلَى فرض التسليم - جدلاً - بكون هَذَا الَّذِي اشترطوه شرطاً للعمل بخبر الآحاد، فما اشترطوه غَيْر متحقق في هَذِهِ المسألة، فإنهم نصوا عَلَى أن إجماع أهل المدينة إذا عارضه خبر آحاد، قدم الإجماع.

ودعوى إجماع أهل المدينة هنا منقوضة، فَقَدْ سبق أن نقلنا القول بثبوت خيار المجلس عن: عمر وعثمان وابن عمر وأبي هُرَيْرَةَ وسعيد بن المسيب والزهري وابن أبي ذئب والدراوردي، وهؤلاء جميعاً من أهل المدينة، فكيف تصح دعوى إجماعهم؟

حَتَّى إن ابن أبي ذئب لما قِيْلَ لَهُ أن مالكاً لا يعمل بهذا الْحَدِيْث قَالَ: ((هَذَا خبرٌ موطأٌ في المدينة)) (1)، يريد أنَّهُ منتشر.

3 -

وإذا أمعنا في التنزل معهم، والتسليم بأن هَذَا الشرط الَّذِي اشترطوه صَحِيْح، وأن إجماع أهل المدينة متحقق، فإنه يخدش استدلالهم عدم كون الْحَدِيْث آحادياً، وكيف يَكُوْن خبر آحاد وَقَدْ رَوَاهُ من الصَّحَابَة عدد غفير، وقفنا عَلَى رِوَايَة سبعة مِنْهُمْ، هم:

أ. سمرة بن جندب: وحديثه أخرجه: ابن أبي شيبة (2)، وأحمد (3)، وابن ماجه (4)، والنسائي (5)، والطحاوي (6)، والبيهقي (7).

ب. عَبْد الله بن عَمْرو بن العاص: وحديثه عِنْدَ: أحمد (8)، وأبي داود (9)، والترمذي (10)، والنسائي (11)، والدارقطني (12)، والبيهقي (13)، وابن عَبْد البر (14).

(1) العلل ومعرفة الرجال 1/ 193.

(2)

في مصنفه (36150).

(3)

في مسنده 5/ 12 و 17 و 21 و 22 و 23.

(4)

في سننه (2183).

(5)

في المجتبى 7/ 251، وفي الكبرى (6073) و (6074).

(6)

في شرح المشكل (5266).

(7)

في سننه 5/ 271.

(8)

في مسنده 2/ 183.

(9)

في سننه (3456).

(10)

في جامعه (1247)

(11)

في المجتبى 7/ 251، وفي الكبرى (6075).

(12)

في سننه 3/ 50.

(13)

في سننه 5/ 271.

(14)

في التمهيد 14/ 17.

ص: 187

ج. ابن عَبَّاسٍ: وأخرج حديثه ابن حبان (1)، والبزار (2)، وأبو بكر (3) الإسماعيلي (4)، والبيهقي (5).

د. أبو هُرَيْرَةَ: حديثه عِنْدَ الطيالسي (6)، وابن أبي شيبة (7)، وأحمد (8)، والطحاوي (9)، والطبراني (10)، وابن عدي (11).

هـ. عَبْد الله بن عمر: وَهُوَ أشهر طرق هَذَا الْحَدِيْث، أخرجه: مالك (12)، والشافعي (13)، وأحمد (14)، والبخاري (15)، ومسلم (16)، وأبو داود (17)، والترمذي (18)، وابن ماجه (19)، والنسائي (20)، وغيرهم (21).

و. حكيم بن حزام (22): عِنْدَ الشَّافِعِيّ (23)، والطيالسي (24)، وأحمد (25)،

(1) في صحيحه (4914).

(2)

(1283) كشف الأستار.

(3)

هُوَ الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني الإسماعيلي الشَّافِعِيّ، من مصنفاته " الصَّحِيْح" و"المعجم"، توفي سنة (371 هـ).

الأنساب 1/ 158، وسير أعلام النبلاء 16/ 292 و 296، والبداية والنهاية 11/ 254.

(4)

في معجم شيوخه (241).

(5)

في سننه 5/ 270.

(6)

في مسنده (2568).

(7)

في مصنفه (22560) و (36148).

(8)

في مسنده 2/ 311.

(9)

في شرح معاني الآثار 4/ 13، وفي شرح المشكل (5265).

(10)

في الأوسط (908) وطبعة الطحان (912).

(11)

في الكامل 1/ 515 و 3/ 463.

(12)

في الموطأ (1958) رِوَايَة الليثي.

(13)

في مسنده (1370) و (1374) بتحقيقنا.

(14)

في مسنده 1/ 56، و2/ 4 و 9 و 52 و 54 و 73 و 119 و 135.

(15)

في صحيحه 3/ 83 (2107) و (2109) و (2111) و (2112) و (2113).

(16)

في صحيحه 5/ 9 (1531)(43) و (44) و (46).

(17)

في سننه (3454) و (3455).

(18)

في جامعه (1245).

(19)

في سننه (2181).

(20)

في المجتبى 7/ 248 و249 و250 و251، وفي الكبرى (6058) و (6059) و (6061 - 6072).

(21)

انظر تخريجه موسعاً في تحقيقنا لمسند الشَّافِعِيّ رقم (1370) و (1374).

(22)

الصَّحَابِيّ الجليل حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد، أبو خالد القرشي الأسدي، أسلم يوم الفتح ذَكَرَ البُخَارِيّ أنَّهُ عاش ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام، توفي سنة (54 هـ).

طبقات خليفة: 13 - 14، والتاريخ الكبير 3/ 11، وسير أعلام النبلاء 3/ 44 و 45.

(23)

في مسنده (1374) بتحقيقنا.

(24)

في مسنده (1316).

(25)

في مسنده 3/ 402 و 403 و 434.

ص: 188

والبخاري (1)، ومسلم (2)، وأبي داود (3)، والترمذي (4)، والنسائي (5)، وابن حبان (6)، والطبراني (7)، وغيرهم.

ز. أبو برزة الأسلمي: أخرجه الشَّافِعِيّ (8)، والطيالسي (9)، وابن أَبِي شيبة (10)، وأحمد (11)، وأبو داود (12)، وابن ماجه (13)، وبحشل (14)، والبزار (15)، وابن الجارود (16)، والروياني (17)، والطحاوي (18)، والدارقطني (19)، والبيهقي (20)، والخطيب البغدادي (21)، وابن عَبْد البر (22).

وبهذا فإن الْحَدِيْث في أقل أحواله: مشهور (23)، والمشهور تختلف أحكامه عن الآحاد من حَيْثُ تخصيص الكِتَاب والزيادة عَلَيْهِ.

(1) في صحيحه 3/ 76 (2079) و (2082) و 3/ 83 (2108) و 3/ 84 (2110) و (2114).

(2)

في صحيحه 5/ 10 (1532)(47).

(3)

في سننه (3459).

(4)

في جامعه (1246).

(5)

في المجتبى 7/ 244 - 245 و 247، وفي الكبرى (6049) و (6056).

(6)

في صحيحه (4911) وفي ط الرسالة (4904).

(7)

في الكبير (3115) و (3116) و (3117) و (3118) و (3119).

(8)

في مسنده (1375) بتحقيقنا.

(9)

في مسنده (922).

(10)

في مصنفه (22559).

(11)

في مسنده 4/ 425.

(12)

في سننه (3457)

(13)

في سننه (2182).

(14)

الحَافِظ المحدث المؤرخ أبو الحسن، أسلم بن سهل بن مُسْلِم الواسطي الرزاز المعروف ببحشل، مصنف تاريخ واسط، توفي سنة (292هـ).

سير أعلام النبلاء 13/ 553، وتذكرة الحفاظ 2/ 664، ومرآة الجنان 2/ 165.والْحَدِيْث أخرجه في تاريخ واسط: 59 - 60.

(15)

في البحر الزخار (3860) و (3861).

(16)

في المنتقى (619).

(17)

في مسند الصَّحَابَة (771) و (1319).

(18)

في شرح المعاني 4/ 13، وفي شرح المشكل (5263) و (5264).

(19)

في سننه 3/ 6

(20)

في سننه 5/ 270.

(21)

في تاريخ بغداد 13/ 87.

(22)

في التمهيد 14/ 24.

(23)

نَصَّ عَلَيْهِ الحَافِظ ابن حجر في فتح الباري 4/ 330.

ص: 189

أما الحنفية فَقَدْ استدلوا بعمومات نصوص الكِتَاب العزيز مِنْهَا:

1 -

قوله تَعَالَى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَاّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ? (1).

وجه الدلالة: أن الله تَعَالَى أباح أكل المبيع إذا كَانَ عن رضى الطرفين، والنص مطلق عن قيد التفرق عن مكان العقد.

2 -

قوله تَعَالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)) (2).

وجه الدلالة: أن الشارع تبارك وتعالى أوجب الوفاء بالعقود، وعقد البيع بَعْدَ الإيجاب والقبول وقبل مفارقة المجلس أو التخيير يسمى عقداً أيضاً، فيكون داخلاً في عموم هَذَا النص، والقول بخلافه إبطال للنص.

وأجابوا عن الْحَدِيْث بأنه:

خبر آحاد مخالف لظاهر الكِتَاب فيجب تأويله، فيحمل التفرق الوارد في الْحَدِيْث عَلَى التفرق بالأقوال لا بالأبدان، جمعاً بَيْنَ النصوص الواردة في هَذَا (3).

ونجيب عَنْهُ بِمَا يأتي:

أما كون الْحَدِيْث آحادياً: فَقَدْ أبطلنا ذَلِكَ في ما مضى، وبينا أن الْحَدِيْث في أقل أحواله مشهور، وللمشهور عِنْدَ الحنفية حكم المتواتر في جواز تخصيص عمومات الكِتَاب بِهِ (4).

وأما كون المراد التفرق بالأقوال: فَهُوَ خلاف المتبادر إِلَى الذهن من أن المراد التفرق بالأبدان، ونضيف بأن من الْمُسلّمَات - إذا سرنا عَلَى أصول الحنفية - أن راوي الْحَدِيْث أعلم بتفسيره لذا ردوا - كَمَا سبق - حَدِيْث ولوغ الكلب، وإذا حكّمنا هَذِهِ القاعدة هنا بانت الحجة عَلَيْهِمْ، فهذا الْحَدِيْث من رِوَايَة ابن عمر رضي الله عنهما، وَقَدْ أخرج البُخَارِيّ (5) من طريق يَحْيَى بن سعيد، عن نافع قَالَ:((وَكَانَ ابن عمر إذا اشترى شيئاً يعجبه فارق صاحبه)). ورواه مُسْلِم (6) من طريق ابن جريج، عن نافع بلفظ:

(1) النساء: 29.

(2)

المائدة: 1.

(3)

بدائع الصنائع 5/ 228، وشرح فتح القدير 5/ 81.

(4)

ميزان الأصول: 429 - 430.

(5)

في صحيحه 3/ 83 عقب (2107).

(6)

في صحيحه 5/ 10 (1531) عقب (45).

ص: 190