الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ البيهقي: ((ورواية الجماعة، عن الزهري مقيدة بالوطء ناقلة للفظ صاحب الشرع أولى بالقبول لزيادة حفظهم، وأدائهم الْحَدِيْث عَلَى وجهه)) (1).
أثر حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ في اختلاف الفقهاء
اختلف الفقهاء في وجوب الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً بغير الجماع
جمهور الفقهاء (2) يرون وجوب الكفارة عَلَى مَن جامع عامداً في نهار رَمَضَان؛ وَلَكِنْ حكى العبدري (3) وغيره: أن سعيد بن جبير (4)، والشعبي (5)، ومُحَمَّد بن
سيرين (6)، وقتادة (7)، والنخعي (8)، قالوا: لا كفارة عَلَيْهِ في الوطء أو غيره، وذهب الزيدية إِلَى أنّ الكفارة مندوبة (9).
وَلَكِنَّ الفقهاء اختلفوا في الإفطارِ عامداً في رَمَضَان بغير الجماع، هَلْ يوجِب الكفارة أم لا؟
فذهب أبو حَنِيْفَةَ (10) إِلَى أنّ الكفارة تجب عَلَى مَن جامع في نهار رَمَضَان وَهُوَ صائم وعلى مَن أفسد صومه بأكل أو شرب ما يتغذى أو يتداوى بِهِ، بمعنى أنّه: متى ما حصل الفطر بِمَا لا يتغذى أو يتداوى بِهِ عادة فعليه القضاء دُوْنَ الكفارة؛ وذلك لأنّ وجوب الكفارة يوجب اكتمال الجناية، والجناية تكتمل بتناول ما يتغذى أو يتداوى بِهِ (11).
=
العلل 10/ 245، والبيهقي 4/ 225 و 226.
(1)
السنن الكبرى 4/ 225.
(2)
انظر: الجامع الكبير للترمذي 2/ 95، والمجموع 6/ 344.
(3)
هُوَ الإمام الناقد، أَبُو عامر مُحَمَّد بن سعدون بن مُرجّى بن سعدون القرشي العبدري الميورفي المغربي الظاهري، توفي سنة (524 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 19/ 579 و 583، وتاريخ الإسلام: 103 وفيات (524 هـ)، ومرآة الجنان 3/ 177.
(4)
انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344.
(5)
انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344.
(6)
انظر: المحلى 6/ 188.
(7)
انظر: المجموع 6/ 344.
(8)
انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344.
(9)
انظر: البحر الزخار 3/ 249 و 254، والسيل الجرار 2/ 120.
(10)
انظر: بدائع الصنائع 2/ 97 - 98، والهداية 1/ 124، والاختيار لتعليل المختار 1/ 131، وتبيين الحقائق 1/ 327، ورد المحتار 2/ 409.
(11)
انظر: المبسوط 3/ 138.
في حِيْن ذهب الحسن (1)، وعطاء (2)، والزهري (3)، والأوزاعي (4)، والثوري (5)، ومالك (6)، وعبد الله بن المبارك (7)، وإسحاق (8)، وأبو ثور (9)، أن مَن أفطر عامداً في رَمَضَان بأكل أو شرب أو جماع، فإنّ عَلَيْهِ القضاء والكفارة؛ وذلك لأنهم استدلوا بظاهر لفظ الْحَدِيْث (أنّ رجلاً أفطر في رَمَضَان) فليس فِيْهِ تخصيص فطر بشيء دُوْنَ الآخر كَمَا يمكن قياس الأكل أو الشرب عَلَى الجماع؛ بجامع ما بَيْنَهُمَا من انتهاك لحرمة الصوم (10).
وذهب سعيد بن المسيب (11)، والشافعي (12)، والصحيح من مذهب أحمد (13)، والظاهرية (14)، إِلَى عدم وجوب الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً في رَمَضَان إلا عَلَى المجامع، وحملوا الإفطار في الرِّوَايَة الأولى للحديث عَلَى تقييد الرِّوَايَة الثانية بالجماع فَقَطْ. أما القياس، فَقَدْ قَالَ البغوي: ((يختص ذَلِكَ بالجماع؛ لورود الشرع بِهِ، فَلَا يقاس عَلَيْهِ سائر أنواع الفطر كَمَا لا يقاس عَلَيْهِ سائر أنواع الفطر؛ كَمَا لا يقاس عَلَيْهِ القيء
(1) انظر: المجموع 6/ 330.
(2)
كَذَلِكَ.
(3)
كَذَلِكَ.
(4)
كَذَلِكَ، وانظر: فقه الأوزاعي 1/ 389.
(5)
انظر: الجامع الكبير للترمذي 2/ 95، والمجموع 6/ 330.
(6)
انظر: المدونة الكبرى 1/ 218 و 220، والتمهيد 7/ 162، والاستذكار 3/ 194، والمنتقى 2/ 52، وبداية المجتهد 1/ 221، والقوانين الفقهية: 117 - 118، وأسهل المدارك إِلَى فقه الإمام مالك 1/ 421.
(7)
انظر: الجامع الكبير 2/ 95.
(8)
انظر: الجامع الكبير 2/ 95، والمجموع 6/ 330.
(9)
انظر: المجموع 6/ 330.
(10)
انظر: فتح الباري 4/ 165.
(11)
وَهُوَ ما استنتجه الدكتور هاشم جميل من الروايات عن سعيد بن المسيب. انظر: فقه سعيد 2/ 216.
(12)
انظر: الأم 2/ 100 - 101، والحاوي الكبير 3/ 276 و 289، والتهذيب 3/ 167 و 170، والمجموع 6/ 329 و 644، وروضة الطالبين 2/ 377.
(13)
انظر: مسائل الإمام أحمد، برواية أبي داود: 93، وبرواية ابن هانئ 1/ 128 (621) و 1/ 129 (630) و 1/ 133 (654)، وبرواية عَبْد الله بن أحمد 2/ 655 (884)، والروايتين والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 64، والمغني 3/ 55، والمحرر 1/ 229.
(14)
انظر: المحلى 6/ 185.
وابتلاع الحصاة مَعَ استوائهما في بطلان الصوم، ووجوب القضاء)) (1).
وفي رِوَايَة عن أحمد: أنَّهُ تجب الكفارة عَلَى المجامع في نهار رَمَضَان عامداً أم
ناسياً (2).
ويتفرع عَلَى هَذَا أيضاً
اختلاف الفقهاء في الكفارة هَلْ هِيَ عَلَى الترتيب أَمْ عَلَى التخيير؟
اختلف الفقهاء في تحديد الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً في رَمَضَان هَلْ هِيَ مقيدة بالترتيب أم أنها عَلَى التخيير؟
فذهب أبو حَنِيْفَةَ (3)، والأوزاعي (4)، والثوري (5)، والشافعي (6)، وأحمد في أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ (7)، إِلَى أنّ الكفارة مقيدة عَلَى الترتيب الوارد في الْحَدِيْث، فهي عتق رقبة، فإن لَمْ يجد فصيام شهرين متتابعين (8)، فإن لَمْ يستطع، فإطعام ستين مسكيناً، وَهُوَ مذهب الظاهرية (9)، والزيدية (10).
في حِيْن ذهب مالك وأصحابه (11)، وأحمد في رِوَايَة عَنْهُ (12) إِلَى أنّ الكفارة عَلَى التخيير، أي: أنَّهُ مخيّر بَيْنَ العتق أو الصيام أو الإطعام بأيِّها كفّر فَقَدْ أوفى، واستدلوا برواية مالك وابن جريج ومَن تابعهم لحديث أبي هُرَيْرَةَ (أمره رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر
(1) التهذيب 3/ 170، وكذا ورد النص في المطبوع مِنْهُ!! وأظن أنّ فِيْهِ تكراراً.
(2)
انظر: الروايتين والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 64، والمحرر 1/ 229.
(3)
انظر: الهداية 1/ 125، والاختيار لتعليل المختار 1/ 131، وتبيين الحقائق 1/ 328، ورد المحتار 2/ 411.
(4)
انظر: المغني 3/ 65، والمجموع 6/ 345، وفقه الأوزاعي 1/ 385.
(5)
انظر: المغني 3/ 65، والمجموع 6/ 345.
(6)
انظر: الحاوي الكبير 3/ 286، والتهذيب 3/ 167، والمجموع 6/ 345، وروضة الطالبين 2/ 379.
(7)
انظر: مسائل الإمام أحمد برواية عَبْد الله بن أحمد 2/ 652 (882)، والروايتين والوجهين: 47/ أ، والمغني 3/ 65، وشرح الزركشي 2/ 32.
(8)
أجمع الفقهاء عَلَى أنّ صيام الشهرين متتابع وَلَكِنْ روي عن ابن أبي ليلى جواز تفريق الصيام؛ وذلك لورود الْحَدِيْث بصيام الشهرين، وَلَمْ يذكر الترتيب. قَالَ ابن عَبْد البر:((وَقَدْ ذكرنا في التمهيد من ذَكَرَ التتابع في الشهرين بإسانيد حسان)). الاستذكار 3/ 195، وانظر: التمهيد 7/ 162 و 165 و166، والمغني 3/ 66، والمجموع 6/ 345.
(9)
انظر: المحلى 6/ 197.
(10)
انظر: البحر الزخار 3/ 349.
(11)
انظر: الاستذكار 3/ 195، والتمهيد 7/ 162، والمنتقى 2/ 54، وبداية المجتهد 1/ 223، والقوانين الفقهية: 121، وأسهل المدارك 1/ 423.
(12)
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 65، والهادي: 54، والمحرر 1/ 230.