الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلاف الَّذِي ولَّدَتْهُ الرِّوَايَة بالمعنى، فَقَالَ:((الحاصل أنّ أكثر الروايات وردت بلفظ: ((فأتموا))، وأقلها بلفظ:((فاقضوا))
…
)) (1).
ويمعن أكثر في الترجيح، فَيَقُوْلُ:((قوله: وما فاتكم فأتموا، أي: فاكملوا: هَذَا هُوَ الصَّحِيْح في رِوَايَة الزهري، ورواه عَنْهُ ابن عيينة بلفظ ((فاقضوا))، وحكم مُسْلِم في التمييز (2) عَلَيْهِ بالوهم في هَذِهِ اللفظة، مَعَ أنَّهُ أخرج إسناده في صَحِيْحه (3)؛ لَكِنْ لَمْ يسق لفظه، وكذا رَوَى أحمد (4) عن عَبْد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ:((فاقضوا))، وأخرجه مُسْلِم عن مُحَمَّد بن رافع (5) عن عَبْد الرزاق بلفظ:((فأتموا)) (6).
أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم المسبوق في الصَّلَاة):
لا بدَّ لنا قَبْلَ الخوض في تفصيل أحكام المسبوق أن نتعرف عَلَى أحوال المأموم في صلاة ما، وَهُوَ لا يخلو عن ثلاث أحوال:
المدرك: وَهُوَ من صلَّى جَمِيْع الصَّلَاة مَعَ الإمام.
اللَاّحق: مَن فاتته الركعات كلها أو بعضها مَعَ الإمام عَلَى الرغم من ابتدائه الصَّلَاة مَعَهُ، كأن عرض لَهُ عذر كالنوم أو الزحمة أو غيرها.
المسبوق: مَن سبقه الإمام بكل الصَّلَاة أو ببعضها (7).
والذي نودّ التعرف عَلَى حكم إدراكه للصلاة: المسبوق، وَقَد اختلف الفقهاء في أنّ ما أدركه هَلْ هُوَ أول صلاته أم آخر صلاته، وأنّ ما يأتي بِهِ بَعْدَ سلام الإمام هَلْ هُوَ أول صلاته أم أنَّهُ يبني عَلَى ما صلّى فتكون آخر صلاته؟ عَلَى ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنّ ما أدركه المسبوق مَعَ الإمام هُوَ أول صلاته حكماً وفعلاً، وما يقضيه بَعْدَ سلام الإمام آخر صلاته حكماً وفعلاً.
(1) فتح الباري 2/ 119.
(2)
لَيْسَ في المطبوع من التمييز.
(3)
2/ 99 (602)(151).
(4)
في مسنده 2/ 318.
(5)
هُوَ مُحَمَّد بن رافع بن أبي زياد القشيري مولاهم، أبو عَبْد الله النيسابوري: ثقة عابد، توفي سنة (245 هـ).
الثقات 9/ 102، وتهذيب الكمال 6/ 306 و 307 (5799)، والتقريب (5876).
(6)
فتح الباري 2/ 118. وانظر: الدر النقي 2/ 297، وعمدة القارى 5/ 150.
(7)
هَذَا التقسيم وتعريفاته عِنْدَ المالكية والحنفية. انظر: الدر المختار 1/ 594، والموسوعة الفقهية 8/ 122.
وروي هَذَا عن: عمر، وعلي، وأبي الدرداء (1)، وعطاء، ومكحول، وعمر بن عَبْد العزيز (2)، والزهري، وسعيد بن عَبْد العزيز (3)، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، وداود، وابن المنذر.
وَهُوَ رِوَايَة عن الحسن البصري، وابن سيرين، وأبي قلابة (4).
وإليه ذهب الشافعية (5) وَهُوَ رِوَايَة عن مالك (6) وأحمد (7)، وبه قَالَ الهادوية والقاسمية والمؤيد بالله والزيدية (8).
واحتجوا بِمَا ورد في لفظ حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ: ((فأتموا)).
القول الثاني: أنّ ما أدركه المسبوق مَعَ الإمام هُوَ أول صلاته بالنسبة للأفعال، وآخرها بالنسبة للأقوال، بمعنى أنَّهُ يَكُوْن قاضياً في القول بانياً في الفعل.
روي هَذَا عن: ابن مسعود، وابن عمر، والنخعي، ومجاهد، والشعبي، وعبيد ابن عمير (9)، والثوري، والحسن بن صالح (10).
(1) الصَّحَابِيّ الجليل أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس، ويقال: عويمر بن عامر الأنصاري الخزرجي، هُوَ مِمَّنْ حفظ القرآن في حياة رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم، توفي سنة (32 هـ)، وَقِيْلَ:(31 هـ).
معجم الصَّحَابَة 11/ 3930،وتاريخ دمشق 47/ 93و200 و201،وسير أعلام النبلاء 2/ 335 و 353.
(2)
هُوَ أمير المؤمنين الراشد الخامس، أبو حفص عمر بن عَبْد العزيز بن مروان القرشي الأموي المدني أشج بني أمية، ولد سنة (63 هـ)، وتوفي (101 هـ).
سير أعلام النبلاء 5/ 114 و 115 و 148، والبداية والنهاية 9/ 163 وما بعدها، ومرآة الجنان 1/ 165 وما بعدها.
(3)
هُوَ الإِمَام سعيد بن عَبْد العزيز بن أبي يَحْيَى، أبو مُحَمَّد التنوخي الدمشقي مفتي دمشق، ولد سنة (90 هـ)، وتوفي سنة (167 هـ).
الجرح والتعديل 4/ 42، والعبر 1/ 250، وسير أعلام النبلاء 8/ 32 و 38.
(4)
المغني 2/ 266، والمجموع 4/ 220، وطرح التثريب 2/ 364، وفقه الإمام سعيد 1/ 276.
(5)
الحاوي الكبير 2/ 250 - 251، والتهذيب 2/ 168، وروضة الطالبين 1/ 341، والمجموع 4/ 220.
(6)
المدونة 1/ 97.
(7)
المغني 2/ 266، وطرح التثريب 2/ 364.
(8)
البحر الزخار 2/ 326 - 327، والسيل الجرار 1/ 265 - 266.
(9)
هُوَ عبيد بن عمير بن قتادة الليثي الجندعي المكي، أبو عاصم، ولد في حياة رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ من ثقات التابعين، توفي سنة (74 هـ).
طبقات ابن سعد 5/ 463، وتذكرة الحفاظ 1/ 50، وسير أعلام النبلاء 4/ 156 و 157.
(10)
الحسن بن صالح بن صالح بن حي، أبو عَبْد الله الهمداني الثوري الكوفي، ولد سنة (100 هـ)،وتوفي (169هـ).
=