الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: أنواعه
القلب يقع تارة في الْمَتْن وتارة في السند وتارة فيهما، وعليه فيمكننا جعله عَلَى ثلاثة أنواع (1):
1 -
الأول: القلب في الْمَتْن.
2 -
الثاني: القلب في الإسناد.
3 -
الثالث: القلب في الْمَتْن والإسناد.
النوع الأول: القلب في المتن
وَهُوَ أن يقع الإبدال في متن الْحَدِيْث لا في سنده، وَهُوَ قسمان (2):
الأول: أن يبدل في متن الْحَدِيْث بالتقديم والتأخير:
بحيث يَكُوْن التغيير إما بتقديم جملة عَلَى جملة، أو كلمة عَلَى جملة، فإما أن يزيد لفظاً من خارج الْحَدِيْث فهو مدرج لا مقلوب.
مثاله: ما روي من طريق علي بن عثمان اللاحقي (3)، عن حماد بن سلمة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم: ((ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كَانَ قبلكم اختلافهم عَلَى أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوه، وإذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه ما استطعتم)) (4).
فهذا الْحَدِيْث مقلوب في متنه. والذي تفرد بقلبه عن حماد بن سلمة هُوَ علي بن عثمان اللاحقي، إذ روي هَذَا الْحَدِيْث من طريق وكيع (5)،وعبد الرحمان بن مهدي (6) كلاهما عن حماد بن سلمة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم: ((ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كَانَ قبلكم بسؤالهم، واختلافهم عَلَى أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فاتبعوه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) فالصواب الرِّوَايَة
(1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 319 طبعتنا فما بعدها، ونزهة النظر: 125 - 126، وفتح الباقي 1/ 297 طبعتنا، وتوجيه النظر 2/ 577.
(2)
انظر: حاشية مُحَمَّد محيي الدين عَلَى توضيح الأفكار 2/ 101.
(3)
هُوَ عَلِيّ بن عثمان بن عَبْد الحميد اللاحقي الرقاشي: ثقة، توفي (229هـ).
الجرح والتعديل 6/ 196، والثقات 8/ 465.
(4)
هَذِهِ الرِّوَايَة عِنْدَ الطبراني في " المعجم الأوسط "(2736).
(5)
عِنْدَ أحمد 2/ 447.
(6)
عِنْدَ أحمد 2/ 467.
الثانية، وتابع حماد بن سلمة عَلَى الرِّوَايَة الثانية عن مُحَمَّد بن زياد: شعبة (1)، والربيع بن مُسْلِم (2) القرشي (3) فرووه عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة برواية الثانية.
كَمَا أن علي بن عثمان اللاحقي قَدْ قلب الإسناد والمتن في موقع آخر فَقَدْ رَوَى الْحَدِيْث عن حماد بن سلمة، عن أيوب وهشام، عن مُحَمَّد بن سيرين، عن أبي هُرَيْرَة برواية الأولى المقلوبة الْمَتْن فَقَدْ خالف هنا وكيعاً، وعبد الرحمان بن مهدي الَّذِيْنَ روياه عن حماد بن سلمة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة، برواية الثانية كما مَرَّ، فعلي بن عثمان خالف هنا من هم أحفظ مِنْهُ عدداً وحفظاً أَيْضاً وخالفهم هنا في السند والمتن، كَمَا أن هَذَا الْحَدِيْث لَمْ يروَ من طريق مُحَمَّد بن سيرين، عن أبي هُرَيْرَة، إلا من رواية علي بن عثمان، فَقَدْ روي من عدة تابعين عن أبي هُرَيْرَة وليس فِيْهِمْ مُحَمَّد بن سيرين (4).
(1) عِنْدَ ابن الجعد (1172)، وإسحاق بن راهويه (91)، وأحمد 2/ 456، ومسلم 7/ 91 (1337)(131).
(2)
هُوَ الربيع بن مُسْلِم القرشي الجمحي، أبو بكر البصري: ثقة، توفي سنة (167 هـ).
تهذيب الكمال 2/ 465 (1856)، والكاشف 1/ 392 (1540)، والتقريب (1901).
(3)
عِنْدَ إسحاق بن راهويه (60)، وأحمد 2/ 508، ومسلم 4/ 102 (1337)(412)، والنسائي 5/ 110 وفي الكبرى، لَهُ (3598)، وابن خزيمة (2508)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1472)، وابن حبان (3704)(3705)، والدارقطني 2/ 281، والبيهقي 4/ 326.
(4)
إذ روي من طريق مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا تقدم تخريجه.
وروي من طريق أَبي سلمة بن عَبْد الرحمان وسعيد بن المسيب كَمَا أخرجه مُسْلِم 7/ 91 (1337)
(130)
، والطحاوي في شرح المشكل (548)(551)(552)، عن أبي سلمة وحده وروي من طريق أبي صالح عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أحمد 2/ 355 و 495، ومسلم 7/ 91 (1337)(131)، وابن ماجه (1) و (2)، والترمذي (2679)، والطحاوي في شرح المشكل (554)(553). وروي من طريق الأعرج عن أَبِي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه مالك في الموطأ (996) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني، والشافعي في المسند (1802) بتحقيقنا، والحميدي (1125)، وأحمد 2/ 258، والبخاري 9/ 116 (7288)، ومسلم 7/ 91 (1337)(131)، وأبو يعلى (6305)، والطحاوي في شرح المشكل (549)(550)، وابن حبان (18)(19)(20)(21).
وروي من طريق الحارث عم الحارث بن عَبْد الرحمان بن عَبْد الله، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أبو يعلى
(6676)
.
وروي من طريق عَبْد الرحمان بن أبي عمرة، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أحمد 2/ 482.
وروي من طريق عجلان، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه الشَّافِعِيّ في المسند (1801) بتحقيقنا، والحميدي (1125)، وأحمد 2/ 247 و 428 و 517، وابن حبان (18)(2106).
وروي من طريق همام بن منبه، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه عَبْد الرزاق (20374)، واحمد 2/ 313، ومسلم 7/ 91 (1337)(131)، وابن حبان (20)(21)(2105)، والبغوي في شرح السنة
=
ومثاله: ما سبق في نوع المدرج (1) في حَدِيْث عَبْد الله بن مسعود، إِذْ روي مقلوباً من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عَبْد الله بن مسعود، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم كلمة وقلت أخرى، قَالَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم:((من مات لا يشرك بالله شَيْئاً دخل الجنة)) قَالَ: وقلت أنا: من مات يشرك بالله شَيْئاً دخل النار (2).
فَقَدْ خالف أَبُو معاوية بقية الرُّوَاة عن الأعمش، إِذْ رَوَاهُ عَنْهُ:
1 -
أبو حمزة السكري (3): عِنْدَ البخاري (4).
2 -
حفص بن غياث: عِنْدَ البخاري (5)، وابن منده (6).
3 -
شعبة: عِنْدَ الطيالسي (7)، وأحمد (8)، والنسائي (9)، وابن خزيمة (10)، والشاشي (11)، والخطيب (12).
=
(98)
(99).
فجميعهم رووه عن أبي هُرَيْرَة وفيه جعلوا إعطاء الاستطاعة عَلَى القيام بالعمل المأمور بالقيام بِهِ ووجوب عدم إتيان العمل المنهي عَنْهُ مطلقاً كَمَا في الرِّوَايَة الثانية وهذا يدل عَلَى خطأ راويه علي بن عثمان.
(1)
صفحة:
(2)
أخرجه من هَذِهِ الطريق مقلوباً: أحمد 1/ 382 و 425، وأبو يعلى (5198) من طريق أبي خيثمة، وابن خزيمة في التوحيد: 359 من طريق أبي موسى، وأيضاً: 359 من طريق سلم بن جنادة، جميعهم من طريق أبي معاوية بهذه الرِّوَايَة. وخالفهم أبو بكر بن أبي شيبة فرواه عن أبي معاوية عَلَى الصواب أخرجه ابن منده في " الإيمان "(69).
(3)
هُوَ مُحَمَّد بن ميمون المروزي، أبو حمزة السكري: ثقة فاضل، توفي سنة (167هـ)، وَقِيْلَ:(168هـ).
تهذيب الكمال 6/ 536 (6244)، والكاشف 2/ 226 (5184)، والتقريب (6348).
(4)
في صحيحه 6/ 28 (4497).
(5)
في صحيحه 2/ 90 (1238).
(6)
في الإيمان (70).
(7)
في مسنده (256).
(8)
في مسنده 1/ 443 و 462 و 464.
(9)
في الكبرى (11011).
(10)
في التوحيد: 346 و 359.
(11)
في مسنده (558) و (560).
(12)
في الفقيه والمتفقه: 118.
4 -
عَبْد الله بن نمير (1): عِنْدَ أحمد (2)، ومسلم (3)، وابن خزيمة (4)، والشاشي (5)، وابن منده (6).
5 -
عَبْد الواحد بن زياد: عِنْدَ البخاري (7)، وابن منده (8).
6 -
وكيع بن الجراح: عِنْدَ أحمد (9)، ومسلم (10)، وابن منده (11).
جميعهم عن الأعمش، عن شقيق، عن عَبْد الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم: ((من مات يشرك بالله شَيْئاً دخل النار)) وقلت أنا: من مات لا يشرك بالله شَيْئاً دخل الجنة.
أضف إلى ذَلِكَ أن عاصم بن أبي النجود (12)، وسيار (13)،
(1) هُوَ عَبْد الله بن نمير الهمداني الخارفي، أبو هشام الكوفي: ثقة صاحب حَدِيْث من أهل السنة، توفي سنة (199 هـ). تهذيب الكمال 4/ 306 (3606)، والكاشف 1/ 604 (3024)، والتقريب (3668).
(2)
في مسنده 1/ 425.
(3)
في صحيحه 1/ 65 (92)(150).
(4)
في التوحيد: 360.
(5)
في مسنده (559).
(6)
في الإيمان (66) و (67).
(7)
في صحيحه 8/ 173 (6683).
(8)
في الإيمان (71).
(9)
في مسنده 1/ 443.
(10)
في صحيحه 1/ 65 (92)(150).
(11)
في الإيمان (67) و (68).
ووقع في رِوَايَة أبي عوانة 1/ 17 مقلوباً من طريق علي بن حرب عن وكيع وأبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عَبْد الله، بِهِ.
وعلى هَذَا فيصلح هَذَا مثالاً لما قلب سنده ومتنه، إلا أن الحافظ ابن حجر قَالَ: ((لَمْ تختلف الروايات في " الصحيحين " في أن المرفوع الوعيد، والموقوف الوعد، وزعم الحميدي في " الجمع " وتبعه مغلطاي في شرحه ومن أخذ عَنْهُ، أن في رِوَايَة مُسْلِم من طريق وكيع وابن نمير بالعكس
…
وَكَانَ سبب الوهم في ذَلِكَ ما وقع عِنْدَ أبي عوانة والإسماعيلي من طريق وكيع بالعكس، لَكِنْ بيّن الإسماعيلي أن المحفوظ عن وكيع في البخاري)). فتح الباري 3/ 111.
(12)
عِنْدَ أحمد 1/ 402 و 407، وأبي يعلى (5090)، والطبراني في الكبير (10410) و (10416)، وفي الأوسط (2232)، والخطيب في الفصل 1/ 219 - 222، وَقَدْ فصّلنا القَوْل فِيْهَا في بحث (المدرج).
(13)
عِنْدَ أحمد 1/ 374. لَكِنْ وقع عِنْدَ ابن منده في " الإيمان " (73) من طريق أبي الربيع، عن هشيم، عن سيار ومغيرة، عن أَبِي وائل، عن عَبْد الله، بِهِ. مقلوباً عَلَى نفس رِوَايَة أبي معاوية. قَالَ
=