الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليمان عليه السلام
النقطة الأولى: التعريف بسليمان عليه السلام
…
21-
سليمان عليه السلام:
سليمان عليه السلام أحد أنبياء بني إسرائيل، أرسله الله تعالى بعد أبيه داود عليه السلام.
ويعد عصر سليمان عليه السلام أزهى عصور الإسرائيليين، فقد أسس لهم المملكة الصالحة بحضارتها الراقية، وكان له عليه السلام في الحكم، والملك أحداث وأحاديث، وسوف أتحدث عنه بمشيئة الله تعالى في النقاط التالية:
النقطة الأولى: التعريف بسليمان عليه السلام
سليمان عليه السلام هو ابن نبي الله داود عليه السلام نشأ في بيت النبوة، وتربى في كفالة الملك، وورث الشجاعة والحكمة عن أبيه.
كان سليمان يشارك أباه في أمور الحكم والقضاء، ويساعده في تدبير أمور الدولة، وكان يحكم في بعض القضايا بأدق مما يحكم أبوه، كما حكم في قضية الزرع والغنم1، وقضية التنازع حول الولد2، ولقد كان داود يرجع لحكمه؛ لظهور صوابه، ودقته.
وتوفي داود وعمر سليمان اثنان وعشرون عاما، فورث الحكم، والقضاء
1 انظر ص413.
2 انظر ص415.
عن أبيه، يقول تعالى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} 1.
وقد ورث سليمان الملك والنبوة معا؛ لأنه لو حرم النبوة فقد حرم الخير كله، ولما أمده الله بالمعجزات العظيمة، ذات التأثير الواضح في بناء ملك سليمان عليه السلام ولا صحة لمن يثبت له الملك، وينفي عنه النبوة. يقول الكلبي: كان لداود تسعة عشر ولدا، فورث سليمان من بينهم الملك والنبوة، أما المال فقد انقسم على العدد كله.
ووراثة النبوة تعبير مجازي؛ لأن النبوة اختيار إلهي محض، والمراد منها هنا أن الله جعل النبوة له بعد أبيه.
وقد علم الله سليمان منطق من لا يتكلم؛ من طير، ونبات، وحيوان، وجماد، وآتاه كل ما طلب، وأمده بكل شيء تصوره، فضلا من الله ونعمة.
وكان سليمان جديرا بتولي الملك بعد أبيه؛ لحكمته، وحسن تدبيره، وقدرته الفائقة على الفهم، والحكم، والتنفيذ
…
وقد أكمل سليمان ما بدأه داود، وشرع في عمارة المسجد كما أوصاه والده، وبنى مدينة "تدمر"، وأقام على بناء الهيكل سبع سنوات، وبنى بيتا للجنود، وأنشأ مصنعا للسلاح، وأسس أسطولا تجاريا كبيرا، يجوب الشرق والغرب، وازدهرت على يديه حضارة ربانية كبيرة، وعاش الإسرائيليون مجدا لم يروه في أي مرحلة من مراحل تاريخهم، ولما بلغ سليمان مبلغ النبوة جاءه وحي الله، فجمع بين الملك، والقضاء، والنبوة كأبيه داود عليهم السلام.
1 سورة النمل آية: 16.
لقد وفى سليمان عليه السلام بما كلف به، ودعا قومه إلى الله تعالى، وكان دائم الشكر لله، يدعو ربه أن يعينه على الطاعة، والذكر، والحمد، والثناء على النعم الوافرة التي أعطاها الله له، ولوالديه، وأن يتفضل عليه بإدخاله في عباده الصالحين، يقول تعالى:{وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} 1.
وقد مدحه الله تعالى لصلاحه وتقواه، فقال تعالى:{وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} 2، وقربه إليه، وجعله من أنبيائه، وخلصائه، في الدنيا والآخرة.
وقد استفاد سليمان بمواعظ داود عليهم السلام في أقواله، وأعماله، وسلوكه، يقول وهب:"لما استخلف داود ابنه سليمان وعظه، فقال: يا بني إياك والهزل، فإن نفعه قليل، يهيج العداوة بين الإخوان، وإياك والغضب؛ فإن الغضب يستخف بصاحبه، وعليك بتقوى الله وطاعته، فإنهما يغلبان كل شيء، واقطع طمعك عن الناس، فإن ذلك هو الغنى، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر، وإياك وما يُعتَذر عنه من القول، والفعل، وعود لسانك ونفسك الصدق، والزم الإحسان، فإن استطعت أن يكون يومك خيرا من أمسك فافعل، ولا تجالس السفهاء، ولا ترد على عالم ولا تماره في الدين، وإذا غضبت فالصق جسمك بالأرض، وتحول من مكانك، وارج رحمة الله؛ فإنها وسعت كل شيء"3.
1 سورة النمل آية: 19.
2 سورة ص آية: 30.
3 قصص القرآن ص317، 318.