الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسحاق عليه السلام
مدخل
…
أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام:
انحصرت النبوة بعد إبراهيم عليه السلام في ذريته، يقول تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} 1، ويقول سبحانه:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} 2، وانشطرت النبوة بولديه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام إلى شطرين، وجاء الشطر الأول من إسماعيل حيث نشأ العرب، وخُتمت النبوات بمحمد صلى الله عليه وسلم النبي العربي الأمي.
وجاء الشطر الثاني من إسحاق، إذ ولد له يعقوب المعروف بإسرائيل ومن ذرية إسرائيل "يعقوب" جاء أنبياء بني إسرائيل، وهم: يوسف، وأيوب، وذو الكفل، ويونس، وموسى، وهارون، وإلياس، واليسع، وداود، وسليمان، وزكريا، ويحيى، وعيسى، عليهم جميعا سلام الله وبركاته.
ومن أنبياء بني إسرائيل من أرسل لغير الإسرائيليين كـ "يونس" عليه السلام الذي أرسل إلى أهل "نينوى" وهم ليسوا من أبناء يعقوب، إلا أن أغلب الأنبياء بعد يوسف عليه السلام بعثوا إلى بني إسرائيل.
ويبدو أن أنبياء بني إسرائيل كان يكمل بعضهم بعضا، فليس أحدهم ناسخا لمن سبقه، وإنما كان يأتي بجديد يتمم رسالة الله لقومه، يحيي ما نسي، ويصحح ما حرف، ويشرع لما جد.
1 سورة العنكبوت آية: 27.
2 سورة الأنعام الآيات: 84-86.
ولعل ما تميز به الإسرائيليون من حب للمادة، وميل للسيطرة والاستعلاء، ورغبة في الخلود والدوام كان ينسيهم تعاليم الله، ويدفعهم إلى الاختراع والتحريف، ويبعدهم عن الروحانيات السامية، والأخلاق الفاضلة.
ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى بتتابع الرسل فيهم؛ لإيقاظهم، وإبراز الدعوة الإلهية بينهم بصفائها، وصدقها، وأخلاقها، يقول الرازي: وقد دام الخلق على دين أولاد إسحاق أكثر من أربعة آلاف سنة1.
إن القرآن الكريم لم يعرض مع أنبياء بني إسرائيل جوانب الدعوة جميعا، وإنما أبرز مع كل نبي جانبا معينا يفيد المجتمع والناس، حتى إذا عشنا مع سائر الأنبياء نرى صورة متكاملة للدعوة من ناحية الحركة بالدعوة، والركائز المفيدة فيها.
وقد درج المؤلفون في دعوات الله وهم يكتبون عن أنبياء بني إسرائيل الاكتفاء بأهمهم، كيوسف وموسى وعيسى عليهم السلام لتوسع الجوانب التي أوردها القرآن الكريم عنهم، ووضوح دعوتهم إلى قومهم.
ولكني أوثر هنا وأنا أكتب في تاريخ الدعوة أن أتناول بالكتابة كل أنبياء بني إسرائيل ما دام قد ذكرهم القرآن الكريم؛ أطيل الكتابة عن من ورد ذكرهم مطولا، وأختصر مع من ذكروا باختصار، وبذلك أتناول سائر جوانب الدعوة في بني إسرائيل وفي غيرهم، وأستنبط من سير أنبيائهم الدروس والعبر.
وإنه لمهم أن أعيش مع أصول الإسرائيليين، وأتعرف على طبائعهم، وأخلاقهم، وعاداتهم، وأديانهم عسى أن تتضح أمامنا طبائع اليهود المعاصرين، الذين يعيشون بيننا في مواجهة تحتم ضرورة التعامل معهم بوعي، وفهم، وحذر،
وإني لأرجو من الله التوفيق والسداد
…
1 تفسير الرازي ج13، ص58.