الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عيسى عليه السلام
النقطة الأولى: ولادة عيسى عليه السلام
…
عيسى عليه السلام:
عيسى عليه السلام آخر أنبياء بني إسرائيل، وليس بينه وبين النبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي آخر.
وهو من آل عمران، ومن نسل داود، ولذلك اضطهده اليهود، وآذوه، وحاولوا قتله.
دعا الإسرائيليين إلى دين موسى عليه السلام وبشر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين من بعده.
وهو أحد أولي العزم من الرسل، الذين أبلوا بلاء حسنا، وصبروا على ما كذبوا، وأوذوا حتى أتاهم نصر الله المبين، وسوف أتحدث عن عيسى عليه السلام في النقاط التالية:
النقطة الأولى: ولادة عيسى عليه السلام
ترعرعت مريم1 أم المسيح عيسى في بيت الله، ونشأت عابدة متبتلة، واصطفاها الله على نساء العالمين، يقول تعالى:{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} 2.
1 يعني اسم مريم في العبرانية بأمة الله، أو خادمة الله.
2 سورة آل عمران الآيات "42، 43".
وعاشت رضي الله عنها، حصيفة، حصينة، فاعتزلت الرجال، وعاشت لله رب العالمين، فجعلها الله مثلا للمؤمنات، الفانتات، يقول تعالى:{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} 1.
وحملت الملائكة بشرى الله لها، بأنها ستلد غلاما مميزا، اسمه المسيح عيسى2 لا أب له، وينسب لأمه، عظيما في الدنيا، وجيها في الآخرة، ومن المقربين لله تعالى ويتكلم وهو في المهد بعد مولده، ويكون من الصالحين، الصادقين، يقول تعالى:{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ} 3.
تعجبت مريم من هذه البشرى، وتساءلت كيف يكون لي غلام من غير أن يمسني أحد من البشر في نكاح، ولا سفاح، يقول تعالى:{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 4.
وضاق الأمر بها، وتألمت وهي تتصور ذلك في عالم الواقع؛ لأنها لا تحب لوم الناس، وإتهامهم لها، فاعتزلت الناس، وجلست وحدها في جهة الشرق التي يعظمها قومها، وجعلت بينها وبينهم حجابا، فأرسل الله إليها روح عيسى عليه السلام فتمثل لها إنسانا كاملا، وأتاها في محرابها، ففزعت منه، واستعاذت بالله إن كان ممن يتقى
1 سورة التحريم آية "12".
2 سمي عيسى من العيس وهو الجمال، لبياض لونه.
3 سورة آل عمران الآيات "45، 46".
4 سورة آل عمران آية "47".
شره، فطمأنها، وقال لها: أنا رسول ربك جئت لأهب لك غلاما، طاهرا نقيا، وتسائلت: كيف يكون ذلك بلا زواج، أو سفاح، فأجابها الرسول بأن ذلك قضاء الله وقدره وقد أراد الله من ذلك أن يكون آية للناس، ورحمة من عنده يقول تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا، فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا، قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا، قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} 1
…
وحملت مريم، وجاءها المخاض، وهي جالسة عند جذع نخلة، فحزنت من لوم الناس، وعتابهم وتمنت أن تكون قد ماتت قبل هذا اليوم، حتى لا يذكرها أحد بسوء.
وولدت مريم المسيح، وناداها جبريل من أسفلها، لا تحزني، فقد وهب الله لك رجلا عظيما، وسيدا في الناس، وأمرها بأن تهز النخلة لتسقط عليها الرطب تأكل منها، وتعيش، وأمرها كذلك أن لا تكلم أحدا من الناس، وأن تنذر يومها صوما عن الكلام لله رب العالمين، وقيل الذي ناداها هو عيسى عقب مولده.
وجاءت إلى قومها تحمل وليدها، فأخذوا في لومها، وهي لا تتكلم، قالوا لها: لقد جئت شيئا لا يصدقه عقل، جئت بولد تدعين أنه بغير أب، فكيف ذلك، يا أخت هارون، وسليلة الأنبياء
…
فأشارت إليه ولم تتكلم لصومها عن الكلام
…
قالوا: كيف نتكلم مع وليد صبي ما زال في المهد؟ وسكتوا جميعا، وتكلم الوليد فقال: إني عبد الله: أتاني الله الإنجيل، وجعلني نبيا، وبارك الله لي في كل مكان، وأوصاني
1 سورة مريم الآيات "16-21".
والآيات توضح الحقائق التالية:
1-
خلق الله عيسى عليه السلام من غير أب.
2-
أكرم الله مريم، وفضلها على نساء العالمين، وخاطبها جبريل، وجعلها أما لعيسى عليه السلام.
3-
أن عيسى عليه السلام تكلم في المهد، وأثبت براءة أمه من أي اتهام.
4-
عاش عيسى وأمه عليهما السلام في معجزات خارقة منذ اللحظة الأولى، ليردوا على الإسرائيليين أكاذيبهم، واتهاماتهم.
1 سورة مريم الآيات "22-33".