الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن: شخصية مبلغ الدعوة
يتضمن تاريخ الدعوة التعريف برسل الله تعالى، وقد فصلنا التعريف بالرسل، ومنهج حركتهم بالدعوة في القسم الأول.
وهنا أقدم الملامح الرئيسية لشخصية مبلغ الدعوة، وهو الرسول ابتداء ليتأسى به كل الدعاة إلى الله بعد ذلك، فرسل الله عموما هم الرواد، والقادة في طريق الله، وهم أسوة الدعاة والمؤمنين من بعدهم، يقول الله تعالى عنهم:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} 1.
وتحقيقا لمناط الأسوة، فإني أتحدث عنهم في الأمور التالية:
1-
نشأة الرسل:
تحدث القرآن الكريم بالتفصيل عن نشأة رسولين هما يوسف وموسى عليهما السلام على نحو ما وضحت فيما سبق، وهنا استنبط الدروس التالية:
أ- ضرورة التكوين الخلقي: فلقد نشأ موسى عليه السلام تحت رعاية المؤمنة الفاضلة، امرأة فرعون، وتربى يوسف عليه السلام في رعاية أسرة العزيز، بعيدا عن الدنس، وقد تربى كل منهما في بيئة غنية، فلم تشغلهما الحاجة من صغرهما، ولم يختلطا بالسوقة، وأراذل الناس..... وبذلك أكرمهما الله تعالى بالنشوة القوية، والثقة وعدم الخوف، ولم يتدنسا بشيء مما عليه الناس.
ب- التربية العلمية: عاش موسى ويوسف عليهما السلام في بيت السلطان وأكرمهما الله بعنايته، ووفقهما للمعرفة ينهلان منها، وقال الله عن كل منهما:{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين} 2، والمراد بالعلم الإحاطة بما يحتاجون إليه في أمورهم،
1 سورة الأنعام آية "90".
2 سورة يوسف آية "22".
والمراد بالحكمة، العقل والفهم، وبواسطة تمكنهما من العلم والحكمة صار لهما شأن بين الناس، يقول تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} 1.
ج- التربية العملية: ويراد بها تعليم النشء كيفية التعامل مع الناس، واكتشاف البيئات، والوقوف على طبائع البشر مع اختلافهم، ثقافة، وفكرا، وعملا.
ولقد أحاط الله رسله بهذا النوع من التوجيه، فها هو يوسف عليه السلام يعاشر التجار، والأمراء، وأصحاب السجن، ويتحدث في أمور المعاش، وقضايا الدين، وطرق التخطيط للمستقبل.
ومثله كان موسى عليه السلام من قبل، يعيش في بيت فرعون، ويختلط بالمصريين، والإسرائيليين، ويتجول بين الرعية، ويذهب إلى مدين، ويعمل برعي الغنم، ويرى حياة المدنية، والبداوة، ويرى العمران، والصحراء.
إن هذه التربية التي عاشها موسى ويوسف عليهما السلام ضرورة لكل مبلغ لدين الله تعالى؛ لأنها تمكنه من فهم الناس، والتعامل معهم، وتجعله قادرا على تبليغ دين الله تعالى على الوجه الصحيح.
لقد ربى الله رسله، وكونهم بقدرته، ولذلك كانوا محل ثقة الناس وتقديرهم قبل الرسالة، وكانوا يأملون فيهم أن يكونوا كهنة الأصنام، ودعاة الأوثان.
فلما بدءوهم بدعوة التوحيد، تعجبوا، وأصابتهم الدهشة، وعبروا عن ذلك بما حكاه الله عنهم، يقول تعالى:{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} 2.
1 سورة النمل آية "15".
2 سورة هود آية "62".
ويقول تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} 1، ويقول تعالى:{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ،} 2.
فالرسل قبل الرسالة تميزوا بأخلاقهم، وعلمهم، وحسن تعاملهم مع الناس، ومن أهم ما تميزوا به: الأمانة، وهي من أمهات الأخلاق، اتصف بها جميع الرسل، قبل بعثتهم وبعدها، وظهرت معهم كلازمة من لوازم حياتهم، واشتهروا بها بين أقوامهم، ولذلك رأينا الرسول حينما يقابله الناس بالتكذيب، والإيذاء، يذكر لهم ما عرف به عندهم من أمانة واضحة قبل الرسالة، وهي معه بعد الرسالة بالضرورة، لقد قال كل رسول لقومه:{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} 3 يقول أبو حبان: هذه الآية علة معلولها ما تقدمها، من عرض الرسول تقوى الله عليهم، وعلة هذا معلولها تقتضي أن تكون معروفة، ومعهودة، لدرجة تدفع إلى الإيمان بالمعلوم، فالرسول مشهور بين قومه بالأمانة4، وكأنه يقول لهم بهذه الآية: كنت أمينا من قبل، فكيف تتهموني اليوم5؛ لأن الكفار لا يستطيعون إنكار ما اشتهر به رسولهم، ولذلك حاولوا إزالة الصفات المعروفة عن الرسول، بدعوى حدوث أمور عارضة، منعت استمرار هذه الصفات المسلم بها، من قبل، كدعوى الإصابة بالجنون، أو بالمس بالشياطين من أمثال قول قوم نوح عنه: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ
1 سورة هود آية "87".
2 سورة يوسف آية "51".
3 سورة الشعراء آية "107".
4 البحر المحيط ج8 ص31.
5 تفسير أبي السعود ج4 ص113.
حَتَّى حِينٍ} 1، فذكروا أنه أصيب بجنون.
وأيضا قال قوم هود: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} 2، واكتفى قوم صالح بتذكيره بأنه كان قبل البعثة محل رجائهم وأملهم وقالوا:{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} 3، وهكذا كانت الأمانة أولى الصفات التي ظهرت في أعمال الرسل، وحياتهم لشمولها وأهميتها، ولذلك حاول المعارضون ردها، وعقدوا من أجل إبطالها المؤتمرات والاجتماعات.
ومن صفات الرسل العفو والصفح والحلم، فبرغم الدعاوي المفتراه، والسفاهة الواضحة من المعارضين، لم نجد لهم إلا لينا وتساميا، فلم يردوا بقول غليظ، أو عمل شديد، وكل ما ردوا به هو نفي التهمة، وبيان أنهم رسل الله، وذلك كرد نوح عليه السلام {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 4، وكرد هود حيث قال:{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 5، وأما صالح عليه السلام قال تعالى:{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} 6، وكذلك كان لين شعيب حيث استمع إلى معارضة قومه وتهديداتهم، ثم كانت النهاية:{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} 7.
1 سورة المؤمنون آية "25".
2 سورة هود آية "54".
3 سورة هود آية "62".
4 سورة الأعراف آية "61".
5 سورة الأعراف آية "67".
6 سورة الأعراف آية "79".
7 سورة الأعراف آية "93".
وسيدنا إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} 1، وعلى نمط هذا اللين والتسامح كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
واشتهر الرسل عليهم السلام كذلك بالعفة فلم يمدوا أيديهم على شيء عند الناس، ولم يحسدوا أحدا على ما آتاه الله من فضله، ولم يأخذوا أجرا على دعوتهم، ولم يكونوا عالة على أحد قط، فلقد رعي جميعهم الغنم يتكسبون لمعاشهم ويستغنون بها عن عطاء الناس، يبين النبي ذلك حين سأله جابر رضي الله عنه: وهل كنت ترعى الغنم؟ قال له: "وهل من نبي إلا وقد رعاها" 2، يقول السهيلي وإنما جعل الله هذا -رعي الغنم- في الأنبياء ليكونوا رعاة الخلق بعد ذلك، وليكون الخلق رعاياهم3، هذا وقد أكد الرسل جميعا لأقوامهمم إنهم لا يأخذون أجرا على دعوتهم ولا يطلبونه البتة، وذكروا ذلك في وضوح حيث قالوا جميعا لأقوامهم:{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} 4.
واشتهر الرسل عليهم السلام أيضا بالصدق، ومن أجل تأكيد صدقهم أتتهم المعجزات الخارقة للعادة، لتكون دليل صدق على البلاغ، يقول صاحب المواقف:"أجمع أهل الملل والشرائع على عصمة الأنبياء من تعمد الكذب فيما دل على صدقهم فيه، كدعوى الرسالة، فيما يبلغونه عن الله"5 ولا بد من صدقهم في هذا، لئلا تبطل فائدة الرسالة؛ إذ لو جاز كذب النبي في الأحكام التبليغية لبطلت دلالة المعجزة على صدقه، فيما أتى به من الله، مع أن دلالة المعجزة على صدقه دلالة عادية قطعية6.
1 سورة مريم آية "47".
2 صحيح البخاري ج4 ص191 - كتاب بدء الخلق - باب يعكفون على أصنام لهم.
3 هامش سيرة النبي ج1 ص178.
4 سورة الشعراء آية "109".
5 شرح المواقف ج3 ص204.
6 شرح العلامة عبد الحكيم ص467.
ولقد مدح القرآن سائر الرسل وأظهر صدقهم فقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} 1، وقال تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} 2، وقال تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} 3.... وهكذا وصفهم القرآن بالصدق بصيغة المبالغة مع تقديم هذه الصفة في الذكر على النبوة؛ لأن النبوة متوقفة عليها، ولن تكون بدونها، ولم يحدث عمليا أن كذب نبي قط، وما جاء من أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم كذب ثلاث كذبات مثل ما روى مسلم والبخاري عن أبي هريرة من عدة طرق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -واللفظ للبخاري- قال:"لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات اثنتين منهن في ذات الله عز وجل قوله: إني سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وقال بينما هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة، فقيل له إن ههنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه فسأله عنها فقال من هذه؟ " قال: أختي، فأتى سارة: قال يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك وأن هذا سأل فأخبرته أنك أختى فلا تكذبيني" 4.
هذا الذي جاء منافيا للصدق الدائم لرسل الله يجعلنا نحمله على معاريض القول، والمعاريض نوع من البديع، معناه أن يدل اللفظ على معنيين أحدهما صدق ينويه المتكلم في نفسه، والثاني كذب يسكت المتكلم عن نفيه إسكاتا للمجادل، وحمل الحديث على المعاريض يجعلنا لا نكذب الحديث، ولا نكذب إبراهيم عليه السلام، وتأويل الكلمات على مفهوم المعاريض ممكن لأن معنى إني سقيم مريض القلب بسبب
1 سورة مريم آية "41".
2 سورة مريم "54".
3 سورة مريم آية "56".
4 صحيح البخاري ج4 ص141 - كتاب بدء الخلق، باب واتخذ الله إبراهيم خليلا، صحيح مسلم ج7 ص68 - كتاب الفضائل - باب فضائل إبراهيم.
أطباق ذلك الجمع على الكفر، ومعنى قوله: بل فعله كبيرهم هذا، إثبات الفعل إلى نفسه لا إلى الصنم، يقول الزمخشري: إن قصة إبراهيم عليه السلام لم يكن أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم، وإنما قصد تقريره لنفسه واثباته على أسلوب تعريضي يبلغ فيه غرضه1، وقوله: هي أختي أي أختي في الإسلام، وقد ورد في لفظ رواية مسلم، تلك أختي في الإسلام فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك2.
هذا وقد قال الرازي في تفسيره: إن الخبر لو صح فهو محمول على المعاريض3، ومن المعلوم أن ما في المعاريض من صور الكذب ليس كذبا في الحقيقة وقد جمع البخاري صورا منها وترجم لها بعنوان "باب المعاريض" مندوحة من الكذب4.
وهكذا كان الأنبياء صادقين وأمناء وأصحاب عفة وقد جمعوا سائر الأخلاق الفاضلة، فلما جاء خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم سار على هديهم، وتمم بما احتاجه الناس وقال:"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"5.
1 الكشاف ج2 ص577، وقد بين الزمخشري تأويل هذا التعريض فقال لو كتبت كتابا رشيقا وسألك صاحبك: أأنت كتبت؟ فقلت له أنت الذي كتبت فهو إقرار لجوابه مع الاستهزاء، وأيضا فإن الصنم الكبير كان غيظة لإبراهيم أكثر من غيظ غيره فهو الذي تسبب في دفع إبراهيم إلى تكسيرهم، باختصار وقيل المراد بالكبير أصبعه.
2 صحيح مسلم ج7 ص98.
3 مفاتيح الغيب "ج6 ص98.
4 صحيح البخاري ج8 ص59 - كتاب الأدب - باب المعاريض مندوحة من الكذب.
5 موطأ مالك ج4 ص92 ما جاء في حسن الخلق.
إن ما تميز به الرسل من صفات أعدوا لها إعدادا بحيث حملوا الدعوة، وتحملوا في سبيل تبليغها التعب، والمشاق، والعذاب، والألم.
وواجب أن يكون الدعاة إلى دين الله تعالى على نفس النمط، يجب أن تتكون قلوبهم على الدعوة، والإخلاص لها، وتمتلئ حياتهم بالعمل للدعوة، والسعى في تبليغها، لقد أنشأ القرآن الكريم قلوبا لحمل أمانة الدعوة، تتصف بالصلابة، والقوة، والتجرد، بحيث لا تتطلع إلى شيء في هذه الأرض أيا كان غير طاعة الله، إنها تنظر إلى الآخرة، وتعمل لرضى الله فقط.
بهذه القلوب، وبهؤلاء الرجال تنجح الدعوة، ويتحقق نصر الله.....
ولن تنجح الدعوة برجال لا يؤدون حق الله عليهم؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه ولن تنجح الدعوة بأشخاص لم يستعدوا للدعوة استعدادا علميا، وخلقيا، واجتماعيا؛ لأنهم بعجزهم، وجهلهم، يضرون ولا يفيدون، ومن المعلوم أن اليد المرتعشة لا تقدر على الحمل، والرجل الأشل لا يقدر على المسير.
ولن تنجح الدعوة برجال يقومون بها ترفا، ويتعيشون بها وظيفة؛ لأن هؤلاء سوف يفرون عند أول مواجهة، ولن يتحملوا شيئا من تبعاتها، ومشاقها.
إنما تنجح الدعوة برجال، تيقنوا الصدق في دينهم، وسعدوا بإيمانهم، وعاشوا الحقيقة الدينية في فكرهم، وقولهم، وعملهم.
إن هؤلاء الرجال هم طلائع النصر لدين الله تعالى، وهم العاملون على إنقاذ الناس من ركام الفسق، والضلال، وأخذهم إلى طاعة الله تعالى.
..... وحينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.... وإنه لقريب.