الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
النقطة الأولى": "التعريف بقوم هود
"
قوم "هود" هم قبيلة "عاد" وهود عليه السلام واحد من القبيلة، فهو أخوهم، يعرف أحوالهم، ودينهم، والمشاكل التي يعايشونها، ويتكلم بلغتهم ولهجتهم، ويدرك واقعهم، وأمانيهم، وحاجاتهم.
و"عاد" قبيلة عربية، من العرب العاربة، سكنت جنوب جزيرة العرب، في منطقة الأحقاف الواقعة بين عمان وحضرموت، أنعم الله على هذه القبيلة بطيب العيش، ورغد الحياة، فتمكنوا من إقامة حضارة راقية، مزدهرة، شاملة لصور عديدة من الرقي، والمدنية.
ففي المجال الزراعي أمدّهم الله بالماء، فأسسوا البساتين، وحفروا الأنهار والعيون، وربوا الماشية والدواب، يذكرهم الله بذلك، وهو يدعوهم، يقول تعالى:{وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} 1.
وفي المجال الصناعي، شيدوا المصانع الضخمة، تمدهم بالقوة، وتسهل لهم الحياة. يوضح الله لهم هذه النعمة، فيقول سبحانه:{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} 2.
وكان لهم في مجال العمران باع طويل، لدرجة أنهم تفردوا بحضارتهم المعمارية، يقول تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} 3.
1 سورة الشعراء الآيات: 132-134.
2 سورة الشعراء الآيات: 128، 129.
3 سورة الفجر الآيات: 6-8.
وتميزوا بضخامة البدن، وقوة الجسم، وطول القامة، كما يدل عليه قوله تعالى:
{وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} 1.
{كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} 2.
{كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} 3.
فهم لطولهم يشبهون النخلة الخالية من فروعها التي تقطع ورقها، وبدل أن تستفيد القبيلة بما أفاء الله عليها من نعم في أبدانهم ومدنيتهم، انتكست في أخلاقها ودينها. فلقد اتصفت القبيلة بالكبر، والغرور، والظلم، والعدوان، يقول الله تعالى عن أخلاقهم:{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} 4.
يذكرهم الله تعالى بعدوانهم، وطغيانهم، وظلمهم للضعفاء، فيقول تعالى:{وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} 5.
وقد ضلوا ضلالا كبيرا في دينهم، فهم أول من اتخذ الأصنام بعد قوم نوح، صنعوها، وعبدوها من دون الله تعالى، وضيعوا حق الله، وأنكروا القيامة والبعث، وقالوا:{إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} 6، فنطقوا بمذهب الدهريين، الذين يقولون: ما هي إلا أرحام تدفع، وأرض تبلع، والأمر أنف، وليس في الأمر خالق قدير.
1 سورة الأعراف آية: 69.
2 سورة الحاقة آية: 7.
3 سورة القمر آية: 20.
4 سورة فصلت آية: 15.
5 سورة الشعراء آية: 130.
6 سورة "المؤمنون" آية: 37.