الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركيزة الثالثة: الاهتمام بعلاج المرض وأسبابه
دعا لوط عليه السلام قومه إلى التوحيد، لكنه رأى فيهم انصرافا إلى الشهوة، واستغراقا في الهوى، الأمر الذي حول نشاطهم إلى الفسق والشذوذ.
وكانت لهم أصنامهم، لكنها كانت هامشية في حياتهم ونشاطهم؛ ولذلك ركز لوط عليه السلام على المرض المتفشي فيهم، وأخذ يبين لهم مساوئه عساهم أن يبتعدوا عنه، فهو سوء في نفسه، وسبب لبعدهم عن الله تعالى، وتركهم عبادة خالقهم سبحانه وتعالى.
إن مسلك لوط عليه السلام هو ما يعرف بالتخلية أولا قبل التحلية، وهو منهج حسن في دعوة الناس إلى الله تعالى، ينتهي بهم إلى توحيد الله تعالى بصدق وإخلاص.
ودعوة لوط عليه السلام إلى ترك ما هم فيه من شذوذ، ليس بعيدا عن دعوتهم إلى التوحيد؛ لأن الالتزام بالفطرة التي خلق الله الناس عليها يتصل تلقائيا بمقتضى الاعتقاد في الله وحكمته، ولطف تدبيره؛ ولذا كان الانحراف عن الفطرة متصلا بالانحراف عن العقيدة الصادقة، وبعدا عن منهج الله للناس.
الركيزة الرابعة: أساسيات في الدعوة
نلحظ في دعوة لوط عليه السلام بعض الأساسيات الاجتماعية التي توجد في حياة الناس، وفي مجال الدعوة، وأهمها:
1-
ارتباط الشذوذ الخلقي بالانحراف الديني، والعكس بالعكس تماما، في كل مكان وزمان.
فلقد أدى إهمال الدين في عصر النهضة الأوروبية إلى ظهور نظريات الانحراف الفكري والخلقي ممثلة في نظرية فرويد، ونظرية دارون، ونظرية ماركس.. لأن أصحابها وضعوا أنفسهم في موضع الله وأخذوا يشرعون، وينظمون للناس.
2-
المعاندون لدين الله تعالى يعملون ابتداء على إفساد الأخلاق؛ ليتسنى لهم القضاء على الدين كله بعد ذلك، ومن وسائلهم اتهام الطهر والعفاف بالعدوانية والتخلف، كأن يجعلوا حجاب المرأة سببا لنشر الرذيلة، وينادوا بتحرير المرأة،
وهم أول من يعرف أن الاختلاط أدى إلى نشر الرذيلة والشذوذ، وسوء الخلق بين الرجال والنساء على حد سواء.
3-
ضرورة استعلاء المؤمن بما هداه الله إليه، مع التيقن بأن الحق كله معه فيستمسك به؛ ليدوم مع الصواب والخير، قال تعالى:{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 1.
4-
ضرورة تحديد الأمراض الاجتماعية، وإبراز أخطارها أمام الناس؛ ليبتعدوا عنها، وحتى لا يتمكن أعداء الحق من تزيينها، وزخرفتها أمام الجمهور.
إن قوم لوط لم يتمكنوا من جريمتهم إلا بعد أن زيّنها الشيطان لهم؛ ولذلك ورثوها لأبنائهم، وكانوا يتسابقون إليها حبا، واعتزازا.
5-
أهمية مواجهة الأمراض الاجتماعية بالعقوبة المناسبة؛ لأن القائمين بهذه الأمراض يبذلون جهدهم لإحيائها ونشرها، وإذا لم يرتدعوا فلن ينتهوا؛ ولذلك وجب القضاء عليهم بالعقوبة المناسبة.
6-
الحاجة شديدة إلى تعاون أجهزة التوجيه، ومؤسسات تكوين الرأي العام للعمل معا في خطة موحدة؛ لصيانة المجتمع من الأمراض الضارة؛ لأن تفكك الأجهزة يضر ولا يفيد، ويعطي ذريعة لأهل الهوى ليستمروا في ضلالهم.
1 سورة الحج آية: 54.