الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الحضارة المادية إذا بعدت عن منهج الله، وتحكمت فيها الأهواء والأنانية والشهوة، فإنها تكون وبالا على أصحابها، وبرهانا على اضمحلالها وزوالها.
وها هي حضارة " عاد" نمت وترعرعت في إطار الشهوات والأطماع، فأصابت أهلها بالكبر والغرور، وأخذوا يتيهون بها، قال تعالى:{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} جحدوا في غمرة ضلالهم قدرة الله، وتصوروا أنفسهم الأشد قوة، وضلوا بذلك ضلالا بعيدا، وكان ضياع حضارة "عاد" وتدميرها، مع هلاكهم وإبادتهم
…
إن هذه سنة إلهية لا تتغير، وعلى العاقل أن ينظر في كل الحضارات، ويبحث عن أسباب انهيارها، وسوف يجده بإذن الله تعالى في هجر دين الله تعالى، وترك منهجه الذي شرعه لعباده، وذلك درس للإنسان على الزمن كله.
الركيزة الخامسة: ضعف الإنسان وقدرة الله
يحتاج الإنسان دائما إلى تذكر خالقه، والرجوع إليه، والتزام العبودية الخالصة مع الخضوع لكافة لوازمها.
إن القيام بحق العبودية يؤدي إلى التذكر والمعرفة، ويحقق الخشوع والخضوع، ويوجد التوكل والتقوى، ويجعل العبد ربانيا، ومن الصالحين، قال الله تعالى: {الَّذِينَ
يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} 1.
وبتحقق العبودية تتجلى قدرة الله تعالى في خاطر العبد بصورة دائمة، فلا يرى إلا الله، ولا يلمس إلا قدرته، وإذا تذكر ذاته شعر بالضعف التام أمام القدرة المطلقة للخالق العظيم.
إن الإنسان العاقل يدرك ضعفه من واقعه. إنه في كل حياته محتاج، محتاج في طعامه وشرابه، في نومه وراحته، في عمله وسعيه، في بكائه وضحكه، في صحته ومرضه، في نفسه وزوجه وولده، هذا الضعف حقيقة بشرية، وهو مدخل الإنسان للإيمان بقدرة الواحد الأحد.
والعاقل هو الذي يعلم ذلك، ويلتزم بحد الإيمان وطاعة الله، وحينئذ يهبه الله قوة تعينه على الخير، ويساعد بها المحتاجين، ويكون عامل بر وبركة للناس جميعا من حوله.
إن عادا رُزقوا قوة فكفروا بها، وظلموا، فكان هلاكهم، وكانت نهايتهم.
1 سورة آل عمران آية: 191.