الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
النقطة الثانية": "الأماكن والأقوام التي التقى بهم إبراهيم عليه السلام
"
تنقل إبراهيم عليه السلام في أماكن عديدة، وعايش أقواما مختلفين، وشاهد مذاهب كثيرة.
فلقد وُلد ونشأ في بلدة "كوثى" أو "أور" من أرض بابل، من أعمال الكلدانيين، وتزوج سارة ابنة عمه.
عاش الكلدانيون في موطنهم بأرض بابل، وهي في مكان العراق الحالية، وكان لهم حضارة ومدنية، وعرفوا النظام الملكي، حيث ملكهم "النمرود بن كنعان".
وقد اتخذ الكلدانيون آلهة متعددة؛ فعبدوا الأصنام، والأوثان، والنجوم، والأشخاص.
وادعى "النمرود" الألوهية، وقال للناس: أنا أحيي وأميت، فصدقوه، واتخذوه إلها لهم مع الآلهة الأخرى.
وكثرة آلهة القوم، واشتغالهم بصناعتها، والمتاجرة فيها دليل على توغلهم في الفساد، والضلال.
دعا إبراهيم عليه السلام قومه إلى توحيد الله وعبادته، ونبذ الشرك والشركاء، لكنهم أبوا، وأصروا على ضلالهم، فتركهم إبراهيم وهاجر إلى مكان آخر، أمره الله به وعينه له.
ترك إبراهيم موطنه وهاجر منه ومعه الذين آمنوا بدعوته، وهم: زوجته سارة، وابن أخيه لوط، ونزل بأرض الكنعانيين، وأقام بـ "حران" قريبا من دمشق الحالية.
وكان الكنعانيون يعبدون الكواكب، ويضعون على كل باب لبيوتهم هيكلا لكوكب يعبدونه، وكانوا يتوجهون ليلا إلى القطب الشمالي.
وكان لآلهتهم أعياد، وطقوس، وقربات، يقومون بها لكسب نفع، أو دفع ضر.
لقد أقام إبراهيم ومن معه بأرض الشام مدة من الزمن، حتى نزل ببلاد الشام قحط شديد أدى إلى أن يرحل إبراهيم ومعه سارة إلى مصر، ودخلا قرية يحكمها جبار من الجبابرة.
وكان المصريون يعبدون الأشخاص، والأصنام، والأنعام، إلا أن إبراهيم عليه السلام لم يمكث مع المصريين طويلا، فرحل منها بعد أن نجى الله سارة من طغيان الجبار، ومحاولة اعتدائه عليها، وأهداها هاجر حين أخافه الله منها.
ورجع إبراهيم إلى بلاد الشام مرة ثانية قريبا من بيت المقدس، وتنقل بين قراها، فسكن بلدة السبع وحفر بها بئرا، وبنى مسجدا، وسكن ببلدة بين الرملة وإيليا هي مدينة الخليل الحالية، وكانت تسمى "حبرون"، وبينها وبين بيت المقدس مسيرة يوم.
واستقر إبراهيم في بلاد الشام ومعه زوجته، وجاريتها هاجر، ومعهما لوط وزوجته، وعن هذه الإقامة يقول الله تعالى:{وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} 1، وهذه الأرض هي أرض بيت المقدس؛ لقوله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 2.
ولم يستمر لوط عليه السلام مع إبراهيم عليه السلام في منطقة بيت المقدس، بل تركها وذهب إلى "سدوم" التي تقع شرقي البحر الميت، حيث بلغ الناس دعوة الله، وكان قريبا من إبراهيم، عليه السلام.
1 سورة الأنبياء آية: 71.
2 سورة الإسراء آية: 1.
وبعد عودة إبراهيم وزوجته من مصر، وهبت سارة جاريتها هاجر لإبراهيم لتلد له ولدا، فلما تزوجها حملت وولدت إسماعيل، فتعلق قلب إبراهيم بولده، فغارت سارة وتألمت، وطلبت من إبراهيم أن يسكنها وولدها بعيدا، فأمره الله بإسكانهما مكانا هو مكان مكة المكرمة الحالية.
رحل إبراهيم عليه السلام إلى بلاد الحجاز، وأسكن هاجر وإسماعيل في مكان اختاره الله له، ثم عاد إلى الشام، وكان يزور ولده إسماعيل وأمه هاجر، حيث مقامهما في بلاد الحجاز، بين الحين والحين، كما كان يزور لوطا في قرية "سدوم"، وهي إحدى قرى "غور زغر" وكان أهلها كفارا فجارا.
وصار لإبراهيم عليه السلام جيش قوي ببيت المقدس، وتبعه ملوك بيت المقدس، واستقر بها صلوات الله وسلامه عليه.
وحينما نعلم أن إبراهيم عليه السلام أرسل لقومه خاصة، فعلينا أن ندرك أن المراد بقوم النبي هم أهله الأقربون، والمقيمون معه، والمتكلمون بلغته، وبذلك يتضح أن قوم إبراهيم عليه السلام الذين دعاهم هم الكلدانيون، والكنعانيون، ومن عاش معهم وتكلم بلغتهم.