الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرف الدولة أبي المكارم مع سابق، وكان يسير إليه في الباطن بما يقوي
نفسه، وكان ينكر على بني كلاب خلطتهم بعسكر الترك.
فاستأذن بنو كلاب تاج الدولة في رحيل الطعون فأذن لهم فأحس شرف الدولة أبو المكارم بتغير النية فيه، وتحقيق التهمة به من مراسلة سابق وأهل حلب، فاستأذن تاج الدولة في الرحيل، ورحل وجعل عبور عسكره على باب حلب، وباع أصحابه أهل حلب كل ما كان في العسكر عصبية وتقوية لهم، وقوى نفوسهم ونفس سابق.
وسار بعد أن قوي أهل حلب بما ابتاعوه من عسكره بعد الضعف الشديد إلى بلاده، وأشار على مبارك ووثاب وشبيب بالاحتياط على أنفسهم أو الهرب إلى حلب.
ولم يك بقي مع تاج الدولة من بني كلاب غيرهم في نفر يسير، فكاتبهم سابو وتألفهم وقال لهم:" إني إنما أذب وأحامي عن بلادكم وعزكم، ولو صار هذا البلد إلى تتش لزال ملك العرب وذلوا " وجرت أمور أوحشتهم من الأتراك، فهربوا إلى حلب بعد أن قتل أصحابهم قبل الهزيمة وبعدها، وصاروا إلى سابق.
قصيدة ابن النحاس
وكتب سابق إلى الأمير أبي زائدة محمد بن زائدة قصيدة من شعر وزيره أبي نصر بن النحاس، يعرفه ما هو فيه من الضيق، ويسأله الإقبال عليه والقيام بمعونته ويحذره من التخلف عنه، فيكون ذلك مسبباً لزوال ملك العرب، ويعتب عليه في التوقف عنه فيما كان جرى مع أحمد شاه التركي، والقصيدة هي:
دعوت لكشف الخطب والخطب معضل
…
فلبيتني لما دعوت مجاوباً
ووفيت بالعهد الذي كان بيننا
…
وفاء كريم لم يخن قط صاحب
وما زلت فراجاً لكل ملمة
…
إذا المحرب الصنديد ضجع هائباً
فشمر لها وانهض نهوض مشيع
…
له غمرات تستقل النوائباً
وقل ل " كلاب ": بدد الله شملكم
…
أويحكم ماتتقون المعايبا!
أتستبدلون الذل بالعز ملبساً
…
وتمسون أذناباً وكنتم ذوائباً
وما زلتم الآساد تفترس العدى
…
فما بالكم مع هؤلاء ثعالباً
ثبوا وثبة تشفي الصدور من الصدا
…
ولا تخجلوا أحسابنا والمناقباً
ولا بد من يوم نحكم بيننا
…
وبين العدى فيه القنا والقواضباً
أرى الثغر روحاً أنتم جسد له
…
إذا الروح زالت أصبح الجسم عاطبا
وقد ذذت عنه طالباً حفظ عزكم
…
إباء ولاقيت المنايا السواغبا
وها أنا لا أنفك أبذل في حمى
…
حماكم مجدا، مهجتي والرغائبا
أأذخر مالي عنكم وذخائري
…
إذا بت عن طرق المكارم عازبا
شكرت صنيع " ابن المسيب " إذ أتى
…
يجر مغاويراً تسد السباسبا
ومنها:
أيا راكباً يطوي الفلاة بجسرة
…
هملعة لقيت رشدك راكبا
ألا ابلغ " أبا الريان " عني ألوكة
…
تريح من الإيلاف ما كان واجبا
أخا شخصه لا يبرح الدهر حاضراً
…
تمثله عيني وإن كان غائبا
متى تجمع الأيام بيني وبينه
…
أشد عليه ما حييت الرواجبا
وأهد إلى " شبل " سلامي وقل له:
…
لك الخير دع ما قد تقدم جانبا
فتلك حقود لوتكلم صامت
…
لجاء إليها الدهرمنهن تائبا
وقد أمكنتكم فرصة فانهضوا لها
…
عجالاً وإلأ أعوز الدر جالبا
فإتي رأيت الموت أجمل بالفتى
…
وأهون أن يلقى المنايا مجاوبا
وكان قد بلغ سابقا أن أميراً من أمراء خراسان يقال له تركمان التركي قد توجه منجداً لتاج الدولة، ومعه عسكر، فأخرج سابق منصور بن كامل الكلاب، أحد أمراء بني كلاب من حلب ليلاً، وأعطاه كتابه إلى الأمير أبي زائدة، وفيه هذه الأبيات، ومعه بعض أصحاب سابق ومعهم مال.
فلما وقف الأمير أبو زائدة محمد بن زائدة على هذه الأبيات، اتفق مع منصور ونائب سابق، وجمعوا ما يزيد عن آلف فارس وخمسمائة راجل من بني نمير، وقشير، وكلاب، وعقيل، وكل ذلك بتدبير الأمير شرف الدولة أبي المكارم ومشورته.