الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: إن البرسقي قتل بيده منهم ثلاثة، وكان البرسقي رحمه الله قد رأى تلك الليلة في منامه عدة من الكلاب ثاروا به فقتل بعضها، ونال منه الباقون أذى شديداً، فقصق رؤياه على أصحابه، فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام، فقال: لا أترك الجمعة لشيء أبداً. وكان من عادته أن يحضر الجمعة مع العامة رحمه الله وكان وزير البرسقي المؤيد بن عبد الخالق وكان قدم معه حلب حين قدمها.
خامساً عز الدين مسعود ووفاته
وملك عز الدين مسعود حلب عند ورود الخبر عليه بقتل أبيه في سنة
عشرين، واستوزر المؤيد وزير أبيه وولى فيها من قبله الأمير تومان.
وسار من حلب في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة إلى السلطان محمود وهو ببغداد، فسأله أن ينعم عليه ببلاد أبيه، فكتب له منشوراً بذلك، فوصل إلى الموصل وملكها، ثم نزل إلى الرحبة قاصداً إلى الشام، وكان يظن أن قاتل أبيه قوم من أهل حماة، فأضمر للشام وأهله شراً عظيماً.
ورجع عما كان عليه من الأفعال المحمودة والإقبال على مجاهدة الفرنج، وبلغ طغتكين عنه أنه يقصده، فتأهب له فلما نزل بظاهر الرحبة امتنع واليها من تسليمها، فحاصرها أياماً فسلمها الوالي إليه، ونزل فوجده قد مات فجأة، وقيل: سقي سماً فمات.
وندم الوالي على تسليم الرحبة، وكان قد وصلت قطعة من العسكر لتقوية حلب فمنعهم تومان من الدخول إليها. فوقع الشر بينه وبين رئيس حلب فضائل بن بديع، وداخلهم إلى حلب.
فوصل إلى حلب ختلغ أبه السلطاني غلام السلطان محمود، ومعه توقيع مسعود بن البرسقي بحلب، كتبه قبل وصوله إلى الرحبة فلم يقبله تومان والي حلب فعاد ختلغ أبه إلى الرحبة وقد جرى فيها ما ذكرناه من موت مسعود.
فعاد ختلغ أبه على فوره إلى حلب فتسلمها من يد تومان، آخر جمادى
الآخرة، وصعد إلى قلعتها بطالع اختاره له المنجمون، فأخذه الطمع في أموال الناس، وصادر جماعة من أهل حلب، واتهمهم بودائع المجن الفوعي، رئيس حلب المقتول في أيام رضوان.
وقبض على شرف الدين أبي طالب بن العجمي وعمه أبي عبد الله، واعتقلهما بحلب. وثقب كعاب أبي طالب وصادره، فعاد فعله القبيح عليه بالبوار، وضل رأي منجمه في ذلك الاختيار.
وقام أهل حلب عليه فحصروه، وقدموا عليهم بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار، ونادى أهل حلب بشعار بدر الدولة، وساعده على ذلك رئيس حلب فضائل ابن صاعد بن بديع، وقبض على أصحاب ختلغ أبه، وذلك في الثاني من شوال.
وقصد حلب في تلك الحال ملك أنطاكية وجوسلين فصانعوه على مال حتى رحل، وضايقوا القلعة وأحرقوا القصر، ودخل إليهم إلى المدينة الملك إبراهيم بن رضوان، ووصل إليهم حسان صاحب منبج، وصاحب بزاعا، ودام الحصار إلى النصف من ذي الحجة.