الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورحل، حتى صار بينه وبين الموصل مقدار فرسخ فكان يجري القتال بين العسكرين، وبذل أهل الموصل نفوسهم في القتال لرده النساء، وندم السلطان على ردهن، وافتتح تل عفر، فأعطاها عماد الدين صاحب سنجار.
وأقام على حصار الموصل شهرين، ثم رحل عنها، وجاءه الخبر بموت شاه أرمن، وكاتبه جماعة من أهل خلاط، فترك الموصل طمعاً في خلاط فاصطلح أهل خلاط مع البهلوان صاحب أذربيجان، فنرل السلطان على ميافارقين، وكان صاحبها قطب الدين ايلغاري بن ألبي بن تمرتاش، وملك بعده حسام الدين يولق أرسلان، وهو طفل، فطمع في أخذها، ونازلها، فتسلمها من واليها، وزوج بعض بنيه ببنت الخاتون بنت قرا أبى سلان، ثم عاد إلى الموصل عند إياسه من خلاط، فوصل إلى كفرزمار، في شعبان، من سنة إحدى وثمانين، فأقام بها مدة، والرسل تتردد بينه وبين عز الدين.
فمرض السلطان بكفرزمار، فسار عائداً إلى حران، وأتبعه عز الدين بالقاضي بهاء الدين بن شداد، وبهاء الدين الربيب، رسولين إليه في موافقته على الخطبة والسكة، وأن يكون معه عسكر من جهته، وأن يسلم إليه شهرزور، وأعمالها، وما وراء الزاب.
الشفاء وإعادة التوزيع
واشتد مرض السلطان بحران في شوال، وأيس منه، وأرجف بموته، ووصل إليه الملك العادل من حلب، ومعه أطباؤها، واستدعى المقدمين من الأمراء من
البلاد، فوصلوا إليه. وعزم الملك العادل على استحلاف الناس لنفسه.
وسار ناصر الدين صاحب حمص طمعاً في ملك الشام، وقيل إنه إجتاز بحلب، ففرق على أحداثها مالاً، وسار إلى حمص، وجرى من تقي الدين بمصر حركات من يريد أن يستبد بالملك. وتماثل السلطان، وبلغه ذلك كله، وأركب، فرآه الناس، وفرحوا، وابتنى داراً ظاهر حران فجلس فيها حين عوفي، فسميت دار العافية. ولما عوفي رد على مظفر الدين الرها، وأعطاه سنجقا، وأحضر رسولي الموصل، وحلف لهما على ما تقرر في يوم عرفة.
وبلغه موت ابن عمه ناصر الدين، صاحب حمص، ورحل عن حران إلى حلب، وصعد قلعتها يوم الأحد، رابع عشر محرم سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وأقام بها أربعة أيام، ثم رحل إلى دمشق، فلقيه أسد الدين شيركوه، ابن صاحب حمص، فأعطاه حمص، وسار إلى دمشق.
وسير إلى الملك العادل، وطلبه إليه إلى دمشق، فخرج من حلب جريدة، ليلة السبت الرابع والعشرين، من شهر ربيع الأول من سنة اثنتين. فوصل إليه إلى دمشق، وجرت بينهما أحاديث ومراجعات استقرت على أن الملك العادل يطلع إلى مصر، ومعه الملك العزيز، ويكون أتابكه، ويسلم حلب إلى الملك الطاهر غازي، وينزل الأفضل إلى دمشق من مصر، وينزل تقي الدين أيضاً منها. وكان الذي حمله على إخراج الملك العادل من حلب أن علم الدين سليمان ابن جندر كان بينه وبين الملك الناصر صحبة قديمة، قبل الملك، ومعاشرة، وانبساط. وكان الملك العادل وهو بحلب لا يوفيه ما يجب له، ويقدم عليه غيره. فلما عوفي الملك الناصر سايره يوماً سليمان، وجرى حديث مرضه، وكان قد أوصى لكل واحد من أولاده بشيء من البلاد، فقال له سليمان بن جندر: بأي
رأي كنت تظن أن وصيتك تمضي كأئك كنت خارجا إلى الصيد، وتعود فلا يخانفونك، أما تستحيي أن يكون الطائر أهلى منك إلى المصلحة قال وكيف ذلك " وهو يضحك قال: إذا أراد الطائر أن يعمل عشا لفراخه، قصد أعالي الشجرة، ليحمي فراخه، وأنت سلمت الحصون إلى أهلك، وجعلت أولادك على الأرض.
هذه حلب وهي أتم البلاد بيد أخيك ث وحماة بيد تقيئ الذين، وحمص بيد ابن أسد الدين، وابنك الأفضل مع تقي الذين بمصر بخرجه متى شاء، وابنك الآخر مع أخيك في خيمته يفعل به ما أراد. فقال له: صدقت، واكتم هذا الأمر.