الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتمت الباشورة، والباب والأبرجة، في سنة اثنتي عشر وستمائة. ولم يتم فتح الباب، وسده طغرل الأتابك، مات الملك الظاهر، إلى أن فتحه السلطان الملك الناصر أعز الله نصره على ما نذكره، في سنة اثنتين وأربعين وستمائة.
ولاية العهد وموت الظاهر
ووقعت المراسلة بين السلطان الملك الظاهر،، وبين السلطان كيكاوس بن كيخسرو واتفقا على أن يمضي السلطان إلى خدمته، ويتفق معه خوفاً من عمه فأجابه كيكاوس إلى ذلك، وخرج بنفسه إلى أطراف البلاد.
وندم السلطان على ما كان منه، ورأى أن حفظ بيته أولى، وأن اتفاقه مع عمه أجمل، فسير القاضي بهاء الدين قاضي حلب إلى عمه إلى مصر برسالة، تتضمن الموافقة: أنه قد جعل ابنه الملك العزيز محمداً، ابن ابنة الملك العادل، ولي عهده وطلب من الملك العادل أن يحلف له على ذلك.
فسار إلى مصر، فرتب السلطان خيل البريد، تطالعه بما يتجدد من أخبار عمه لينظر في أمره، فإن وقع منه ما يستشعر منه، خرج بنفسه إلى كيكاوس، وهو مع هذا كله في همه تجهيز الجيوش، والاستعداد للخزوج إلى كيكاوس، والاجتماع معه على قصد بلد ابن لاون أولاً. وكان ابن لاون قد ملك أنطاكية، وضاق ذرع السلطان بمجاورته، لعلمه بانتمائه إلى عمه.
فوصلت الأخبار من القاضي من مصر، أن الملك العادل أجاب الملك الظاهر إلى كل ما اقترحه، وسارع إلى تحصيل أغراضه، ولم يتوقف في أمر من الأمور. وجعل كيكاوس يحث السلطان على الخروج، ويذكر أنه ينتظره، ونشب السلطان به، وضاق صدره، وبقي مفكراً في أن عمه قد وافقه، ولا يرى الرجوع عنه إلى ملك الروم، فيفسد ما بينه وبين عمه، ويغض من قدره بالخزوج إليه، ويفكر في حاله مع ملك الروم، وفي كونه وعده بالخروج إليه والاجتماع به إذا خرج، وأنه إن رجع عن ذلك فسد ما بينه وبين ملك الروم، والعسكر قد برز، وهو مهتم في ذلك الأمر. وطلب الاعتذار إلى ملك الروم بوجه يجمل.
فلشدة فكره، وضيق صدره، هجم عليه مرض حاد في جمادى الآخرة في سنة ثلاث عشرة وستمائة. واعترته أمراض شتى. واشتد به الحال.
وجمع مقدمي البلد وأمراءه، واستحلفهم لابنه الملك العزيز محمد، ثم من بعده لابنه الملك الصالح أحمد، ثم من بعده لابن أخيه، وزوج ابنته: الملك المنصور محمد بن الملك العزيز. وجعل الأمير سيف الدين بن علم الدين مقدم العسكر وشهاب الدين طغرل الخادم والي القلعة. ومتولي الخزانة، وتربية أولاده، والنظر في مصالح الدار والنساء.
وأ نزل بدر الدين أيدمر والي قلعة حلب منها، وأقطعه زيادة على ما كان في يده من الأقطاع قلعة نجم، بذخائرها وعددها، وزردنا أمع تسع ضياع آخر من أمهات الضياع. وحلف إخوة السلطان على ذلك.
واستشعر السلطان من أخيه الملك الظاهر خضر وكان مقيماً بالياروقية فأقطعه كفر سوذ، وتقدم إليه بالتوجه إليها، فسار إليها، فسبقه الملك الزاهر، فاستولى عليها، وعلى البيرة وحروص والمرزبان ونهر الجوز والكرزين والعمق.
ومات السلطان الملك الظاهر رحمه الله بقلعة حلب، في الخامس والعشرين، من جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة وستمائة، وكتم خبر موته
ذلك اليوم، حتى دفن في الحجرة، إلى جنب الدار الكبيرة، التي أنشأها بقلعة حلب.
ثم أركب في اليوم الثاني من موته ولداه: الملك العزيز، والملك الصالح وأنزلا بالثياب السود إلى أسفل جسر القلعة، وصعد أكابر البلد إليهما.
وأصيب أهل حلب بمصيبة فتت في أعضادهم. وكان له رحمه الله في كل دار بها مأتم وعزاء، وفي كل قلية نكبة وبلاء:
والناس مأتمهم عليه واحد
…
في كل دار رنة وزفير