الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللاذقية والعتيقة وكانت من جهة الشمال وذلك بعد أن أخذت اللاذقية من ابن جند، وسيف الدين بن علم الدين.
وولد للسلطان الملك الظاهر ولده، الملك الصالح أحمد في صفر، وسر به سروراً عظيماً، وزين البلد والقلعة، ولبس العسكر في أجمل هيئة وزي. ولبس السلطان، ولعب العسكر معه في ميدان باب الصغير.
وفي محرم سنة إحدى وستمائة، هجم ملك الأرمن ابن لاون، وهو من ولد بردس الفقاس، الذي كان في زمن سيف الدولة صاحب أنطاكية فسير الملك الظاهر عسكراً من حلب، لنجدة البرنس صاحبها.
فلما وصلوا إلى العاصي، ضعف أمر ابن لاون عندهم، وقاموا عليه، وأخرجوه منها، وقتلوا جماعة كبيرة من أصحابه، فعاد عسكر حلب إليها، ففسخ ابن لاون الهدنة، وأغار على بلد العمق، واستاق مواشيها، وشرع في عمارة حصن داثر في الجبل، بالقرب من دربساك، ليضيق به عليها. وأرسل إلى السلطان، وسأله أن يخلي بينه وبين أنطاكية. وأن يعيد جميع ما أخذه من العمق، فأجابه إلى ذلك، وهادنه على هذا الأمر. ونزل على أنطاكية، وخرب رستاقها، ووقع فيها غلاء عظيم، فكان الملك الظاهر يمد أهل أنطاكية بالغلال، حتى قويت.
غارات ابن ليون الأرمني
فجرد ابن لاون في جمادى الأولى، في الليل، عسكراً في ليلة الميلاد، وجاء على غفلة إلى ربض دربساك، فلم ينكروا وقود النار في ليلة الميلاد، فقاتلهم أهل الربض ومن به من الأجناد، في بيوت الربض، فلم يظفروا منهم بطائل، وطلع الفجر، فانتشروا في أرض العمق، ونهبوا من كان فيه من التركمان، وداموا إلى صحوة ذلك النهار، ورجعوا.
وابتدرت عساكر تلك الناحية من المسلمين فلم يدركوهم، ودخل الأرمن إلى جبل اللكام، فجاءهم في الليل ثلج عظيم، وهلك ما معهم من الخيل والمواشي،
فكانوا يسلخون الشاء ويلبسون جلودها، لشقة البرد. فسير الملك الظاهر عسكرا من عسكر حلب يقدمه ميمون القصري، ومعه أيبك فطيس، فنرلوا على حارم، وقطعة من العسكر مع ابن طمان بدربساك وسيف الدين بن علم الدين نازل بعسكره على تيزين وكانت جارية في أقطاعه وفي أكثر الأيام تجري وقعات بين العسكر المقيم بدربساك، وبين عسكر ابن لاون ببغراس.
وخرج السلطان إلى مرج دابق، في شعبان من هذه السنة، للدخول إلى بلد لاون، وجمع العساكر، وسير إليه عمه الملك العادل، وغيره من ملوك الإسلام النجد، فأقام بدابق إلى أن انسلخ شهر الصيام.
فسار ابن لاون من الثنيات، وجاء على غير طريق البرك في الليل، فأصبح في العمق غائراً على غزة من العسكر، وكبس العسكر الذي كان مع ميمون، حتى حصلوا معهم في الخيام، وقابلوهم على غير أهبة فقاتلهم المسلمون، فقتل منهم جماعة، ولم يلبث إلا قليلاً، وعاد، وساق سيف الدين من تيزين، فوجده قد رجع.
وبلغ الخبر إلى السلطان، وهو بدابق، فسار بالجيوش التي معه فنزل بالعمق، واجتمع من العساكر والتركمان ما لا يحد كثرة، فسير ابن لاون يبذل الطاعة، وأن يهدم الحصن الذي بناه بقرب دربساك.
فأعرض عنه، ورد فلاحي العمق، وعمر ضياعه، وكمل استغلال ذلك البلد، والرسل تتردد في إصلاح الحال، إلى أن استقرت القاعدة: على أن يهدم لاون الحصن الذي بناه، ويرد جميع ما أخذ في الغارة، ويرد جميع أسارى المسلمين الدين في يده، وأن لا يعرض لأنطاكية. وقرر الصلح إلى ثماني سنين، وخرب الحصن، ورد ما استقر الأمر عليه.
ودخل السلطان حلب، في سنة ثلاث وستمائة، وأمر جماعة من مماليكه وأصحابه. وعاد الفرنج على بلد حماة، في سنة خمس وستمائة، فسير الملك الظاهر من حلب، نجدة من عسكره.