الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحد ولا يوصف وارتكبوا من الفاحشة مع حرم المسلمين، ما لم يفعله أحد من الكفار، إلا ما سمع عن القرامطة.
ثم رحلوا إلى بزاعا، والباب،، فعقبوا أهل الموضعين، واستقروهم على أموالهم التي أخذوها، واستصفوها منهم. وقتلوا منهم جماعة ونهبوا ما كان فيها من المتاع والمواشي، وكان بعضهم، قد هرب إلى حلب، وقت الوقعة، بما خف معه من الحرم، والمتاع، فسلم.
ثم رحلوا إلى منبج، وقد استعصم أهلها بالسور، ودربوا المواضع التي لا سور لها، فهجموها بالسيف، في يوم الخميس الحادي والعشرين، من شهر ربيع الآخر، من سنة ثمان وثلاثين.
وقتلوا من أهلها خلقاً كثيراً، وخربوا دورها، ونبشوها، فعثروا فيها على أموال عظيمة، وسبوا أولادهم ونساءهم، وجاهروا الله تعالى بالمعاصي في حرمهم. والتجأ لمة من النساء إلى المسجد الجامع، فدخلوا عليهن، وفحشوا ببعضهن في المسجد الجامع، وكان الواحد منهم يأخذ المرأة، وعلى صدرها ولدها الرضيع، فيأخذه منها، ويضرب به الأرض، ويأخذها، ويمضي.
النجدات ضد الخوارزمية
ووصل الخبر بكسرة عسكر حلب إلى حمص إلى الملك المنصور إبراهيم ابن الملك المجاهد، وقد عزم على الدخول إلى بلد الفرنج للغارة، وعنده من عسكره وعسكر دمشق مقدار ألف فارس، فساق بمن معه من العسكر ووصل إلى حلب في يوم السبت الثالث والعشرين، من شهر ربيع الآخر.
وخرج السلطان وأهل البلد، والتقوه إلى السعدي، ونزل الهزازة، ثم أخليت له في ذلك اليوم دار علم الدين قيصر الظاهري. بمصلى العبد العتيق خارج باب الرابية فأقام بها، واستقر الأمر معه على أن يستخدم
العساكر وتجمع، ووقع التوثق منه، وله، بالأيمان والعهود.
وسيرت رسولاً إلى الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل لتحليفه فسرت، ووصلت إلى دمشق، وحلفته في جمادى الآخرة من السنة، وطلبت منه نجدة من عسكره، زيادة على من كان منهم بحلب، فسير نجدة أخرى، وأطلق الأسرى الداوية، الذين كانوا بحلب استكفاء لشرهم.
وحين سمع الخوارزمية تجمع العساكر بحلب، عادوا من أقطاعاتهم وتجمعوا بحران، وعزموا على العبور إلى جهة حلب، ومعاجلتهم قبل أن يكثر جمعهم، وظنوا أنهم يبادرون إلى صلحهم.
وكان علي بن حديثة، قد انفصل عن الخوارزمية وظاهر بن غنام، قد خدم بحلب، وأمر على سائر العرب، وزوجته الملكة الخاتون بعض جواريها، وأقطعته أقطاعاً ترضيه.
فسار الخوارزمية، من حران، في يوم الاثنين سادس عشر شهر رجب، من سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وتتابعوا في الرحيل، ووصلوا إلى الرقة، وعبروا الفرات، وبلغ خبرهم إلى حلب، فبرز الملك المنصور خيمته، وضربها شرقي حلب، على أرض النيرب وجبرين، وخرجت العساكر، بخيمها حوله. ووصل الخوارزمية إلى الفايا ثم إلى دير حافر ثم إلى الجبول وامتدوا في أرض النقرة. وأقام الملك المنصور، والعسكر معه، في الخيم ويزك الخوارزمية في تل عرن ويزك الملك المنصور على بوشلا والعربان يناوشون الخوارزمية.
وعاث الخوارزمية في البلد، وأحرقوا الأبواب التي في القرى، وأخذوا ما قدروا عليه، وكان الفساد في هذه المرة، أقل من المرة الأولى. وكان البلد قد
أجفل، فلم ينتبهوا إلا ما عجز أهله عن حمله، وتأخر لقاء العسكر الخوارزمية، لأنهم لم يتكملوا العدة.
ورحل الخوارزمية، فنزلوا بقرب الصافية، ومضوا إلى سرمين، ونهبوها، ودخلوا دار الدعوة، وكان قد اجتمع فيها أمتعة كثيرة للناس، ظناً منهم أنهم لا يجسرون على قربانها، خوفاً من الإسماعيلية، فدخلوها قهراً، ونهبوا جميع ما كان فيها، ورحلوا إلى معرة النعمان، ونزل العسكر مع الملك المنصور على تل السلطان ثم رحلوا إلى الحيار.
ورحل الخوارزمية إلى كفر طاب، وجفل البلد بين أيديهم، وأحرقوا كفر طاب، وساروا إلى شيزر، وتحيز أهلها إلى المدينة التي تحت القلعة، فهجموا الربض، واحتمت المدينة التي تحت القلعة يوماً، ثم هجموها في اليوم الثاني، ونهبوا ما أمكنهم نهبه.
وأرسل عليهم أهل القلعة بالجروخ، والحجارة، فقتلوا منهم جماعة وافرة، وبلغهم استعداد عسكر حلب، للقائهم، وأنهم قد وقفوا بينهم وبين بلادهم، للقائهم، فطلبوا ناحية حماة، وجاوزوها إلى جهة القبلة.
فسارت العساكر الحلبية، لقصدهم، فقصدوا ناحية سلمية، ثم توجهوا إلى ناحية الرصافة، وبلغ خبرهم عسكر حلب، فركبوا، وطلبوا مقاطعتهم.
ووقع جمع من العرب بهم، بقرب الرصافة، وقد تعبت خيولهم، وضعفت لقوة السير، وقلة الزاد والعلف، فألقوا أثقالهم كلها، والغنائم التي كانت معهم من البلاد، وأرسلوا خلفاً ممن كانوا أسروه من بلد حلب، وشيزر، وكفر طاب، وساروا طالبي الرقة مجدين في السير، واشتغل العرب، ومن كان معهم من الجند، بنهب ما ألقوه.
ووصل الخوارزمية، إلى الفرات، مقابل الرقة غربي البليل وشماليه بكرة الاثنين خامس شعبان.