الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد على الفرنج وظهور كيخسرو
ونزل الملك العادل على قدس، وغارت خيله على طرابلس، وخربوا حصونها، وشتى بحماة إلى أن انقضى فصل الربيع.
وعاد إلى دمشق، وعاد ابنه الأشرف، إلى بلاده من خدمة أبيه، فعبر في حلب، فالتقاه الملك الظاهر، واحتفل به، وأنزله في داره بقلعة حلب، وقدم له تحفاً جليلة من السلاح، والخيل، والذهب، والجوهر، والمماليك، والجواري، والثياب، بما قيمته خمسون ألف دينار، وودعه بعد سبعة أيام، إلى قراحصار، وعاد إلى حلب.
وقصد كيخسرو بن قلج أرسلان بلاد ابن لاون، وطلب نجدة من السلطان الملك الظاهر، فأرسل إليه عسكراً مقدمه سيف الدين بن علم الدين، وفي صحبته أيبك فطيس، فاجتمعوا بمرعش، ونزلوا على برنوس في سنة خمس وستمائة، فافتتحوها، وافتتحوا حصوناً عدة من بلد ابن لاون.
فراسل لاون الملك العادل، والتجأ إليه، فأرسل الملك العادل إلى كيخسرو وإلى الملك الظاهر، فابتدر كيسخرو، وصالح ابن لاون على أن يرد حصن بغراس إلى الداوية، وأن لا يعرض لأنطاكية، وأن يرد ماله الذي تركه عنده، في حياة أخيه ركن الدين.
وكان قد خاف من أخيه، فقدم حلب، وأقام عند الملك الظاهر مدة، وخاف الملك الظاهر من أخيه ركن الدين، أن يتغير قلبه عليه بسببه، وأنه ربما يطلبه منه، فلا يمكنه تسليمه إليه، فأعرض عنه. فدخل إلى ابن لاون، ثم خاف منه، فانهزم، وترك عنده مالاً وافراً، فاحتوى عليه فرده عليه، عند هذه الهدنة. ودفع إليه جميع الأسرى من المسلمين، الذين كانوا في بلاده، وأن لا يعرض لبلاد السلطان الملك الظاهر. ووصلت نجدة حلب إلى حلب.
العادل في الجزيرة
وخرج العادل من دمشق، في سنة ست وستمائة، وطلب من الملك الظاهر
نجدة، تكون معه إلى الشرق، ليمضي إلى خلاط، لدفع الكرج عنها، فسير إليه نجدة، وعبر الفرات. فلما وصل إلى رأس عين، رحل الكوج عن خلاط، ووصل إليه صاحب آمد، فسار في العسكر إلى سنجار، وأقطع بلد الخابور، ونصيبين.
ونزل على سنجارمحاصراً لها، وشفع إليه مظفر الدين بن زين الدين، في صاحب سنجار، فلم يقبل شفاعته. وقال: لا يجوز لي في الشرع، تمكين هؤلاء من أخذ أموال بيت المال في الفساد وترك خدمة الأجناد، في مصلحة الجهاد، وضايق سنجار، وقاتلها في شهر جمادى الآخرة.
وقام نور الدين بن عز الدين صاحب الموصل في نصرة ابن عمه صاحبها، واتفق مع مظفر الدين، وتحالفا، وأفسدا جماعة من عسكر الملك العادل، وراسلا الملك الظاهر، على أن يجعلاه الس لطان، ويخطبوا له، ويضربوا السكة باسمه.
وجعل الملك الظاهر يداري الجهتين، والرسل تتواتر إليه من البلدان، وهو في الظاهر في طاعة عمه وعسكره معه، وفي الباطن في النظر في حفظ سنجار، ومداخلة المواصلة، وهو يظهر لعمه أنه متمسك بيمينه له، إلى أن أرسل أخاه الملك المؤيد، ووزيره نظام الدين الكاتب إلى عمه، معلماً له أن رسول الموصل، ومظفر الدين، وصلا يطلبان منه الشفاعة إليه، في إطلاق سنجار، وتقرير الأمر على حالة يراها.
وتوسط الحال عند قدومه، على أن شفع فيهم الملك الظاهر، وأطلق لهم سنجار، واستنزلهم عن الخابور ونصيبين.
وعاد الملك المؤيد، من حضرة عمه بالبر الوافر. فلما وصل رأس عين، دخل إليها في ليلة باردة كثيرة الثلج، فنزل في دار فيها منرل مجصص، فستر بابه،