الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العشيرة، وقالوا: هذا بمنزلة والدك، فتأخذ من الأعمال ما شئت. فأجابهم محمود: بأن هذا صحيح، ولكنه ضيع مملكتنا وإرثنا، وقد استعدتها بسيفي، وبذلت فيها مهجتي. فاعترف له معز الدولة بذلك، وضمن له معيشة بخمسين ألف دينار، وثلاثين ألف مكوك غلة. وشهد مشايخ العشيرة بها.
وعاد محمود إلى حلب في آخر ربيع الأول وقد استقر الصلح بينهما يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وفتحت أبواب البلد عند دخوله، ثم خرج إلى عمله إلى المخيم، واستركبه يوم الإثنين مستهل ربيع الآخر من سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، وداخله القلعة، وسلمها إليه، وسار محمود ليحضر أهله من الحلة.
ولما استقر معز الدولة بالقلعة، نفى من الحلبين الأحداث العتق جماعة، وصلب منهم خمسة عشر رجلاً. وكاتب المستنصر بظفره بحلب، فسير إليه الخلع مع ظفر المستفادي، ولأخيه ولأولاده، ولحسام الدولة منيع بن مقلد. ولما وصل ظفر رأى المصلبين من الأحداث فسأل فيهم فدفنوا.
ولما ملك معز الدولة حلب جاء أبو العلاء بن سمان ليسلم عليه، فحمل عليه ليطعنه، فطرح نفسه من بغلته، وغيب شخصه عنه، وسار إلى أنطاكية، وصار بها أسقفاً إلى أن مات.
وفسد ما بين منيع بن وثاب وبين ثمال. وكان منيع بالرحبة، فسير ثمال أخاه أسد الدولة عطية بن صالح، في شعبان من سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، لدفع منيع عنها، فأخذها عطية، وأقام بها، وعصى على أخيه ثمال، وعاد محمود إلى حلب من الحلة بأمه السيدة، واجتمع بعمه معز الدولة، وسارت السيدة، وأصلحت ما بين أخيها منيع وبين زوجها معز الدولة.
حرب الروم
وفي المحرم من سنة أربع وخمسين وأربعمائة، عمر الروم حصن قسطون
وحصن عين التمر، فسار معز الدولة في جمادى الأولى لغزوهم،
ففتح حصن أرتاح، فراسلوه في الصلح، فأرسل إليهم شافع بن الصوفي يقول: لا أجيب إلى الصلح إلا على أن تهدموا الحصنين المجددين، وأن يكون ليلون للمسلمين، لا علقة لهم فيه، ويحملون عن حصن أرتاح مالاً ويرده عليهم. فضمنوا ذلك.
فرحل في الثاني من جمادى الآخرة، ودخل إلى حلب، ولم يف الروم إلا بعض ما ضمنوا له من الشروط.
وبلغ معز الدولة أن قوماً من أحداث حلب مضوا إلى أنطاكية، وتحدثوا مع واليها في تسليم معرة مصرين، والتدرج منها إلى غيرها، وقالوا له: " حزبنا في حلب وأصحابنا تحت أوامرنا. فلما صح عند معز الدولة ذلك، طلبهم وأحضر منهم قوماً وقتلهم. وهم: ابن أبي الريحان، وابن نطر، وابن الشاكري، وبهلول، وصلبهم، وترك باقيهم، وذلك في شهر رمضان من سنة أربع وخمسين.
وكبس الروم في شوال مريمين العقبة، وأحرقوها، ونهبوها، وأدركهم الأمير منصور بن جابر، والأمير حارثة بن عبد الله، وظفروا بالروم على كثرتهم وقلة المسلمين، فقتلوا من الروم مقدار آلف وخمسمائة.
وسار معز الذولة، في العشر الثاني من شوال، للغزو فنزل قيبار، وفتحها، ونهبها، وقتل الرجال، وسبى النساء والصبيان.
ثم مرض معز الدولة في العشر الأول من ذي القعدة، من سنة أربع وخمسين وأربعمائة، واضطرب البلد، فبلغه ذلك، فاستدعى أخاه أبا ذؤابة عطية بن صالح، ووصى له بحلب، وولاه الأمر.
وتوفي يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة سنة أربع وخمسين وأربعمائة ودفن في مقام إبراهيم الفوقاني بالقلعة، داخل الباب الغربي، وعمل عليه ضريح، وبقي إلى أيام الملك رضوان، وقلع وبلط عليه.