الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثلاثون
التنازل عن القدس
وأما الملك العزيز، فإنه في هذه السنة، جلس في دار العدل في منصب أبيه، ورفعت إليه الشكاوي، فأجاب عنها، وأمر ونهى، وكان يحضر عنده الفقهاء، في ليالي الجمع ليلاً، ويتكلمون في المسألة بين يديه.
وحضر عيد الفطر، فخلع على كافة الأمراء، ومقدمي البلد، وأرباب المناصب، وعمل عيداً عظيماً، احتفل فيه، ولم يعمل بحلب عيد، منذ مات الملك الظاهر،، قبل هذه السنة.
ووصل الأنبرور إلى عكا، وخيم الملك الكامل بالعوجا. وتوجه الملك الأشرف، إليه من دمشق، فجدد الأيمان فيما بينهما، وسارت النجدة من حلب، في آخر المحرم سنة ست وعشرين وستمائة، فنزلت في الغور.
وصالح الملك الكامل الفرنج على أن أعطاهم مدينة القدس سوى الصخرة والمسجد الأقصى وليس لهم في ظاهرها حكم، وأعطاهم بيت لحم، وضياعاً في طريقهم إلى القدس، من عكا.
الأشرف والكامل يقتسمان
وعاد الملك الأشرف، واجتمع بعسكر حلب، وبالملك الناصر ابن الملك المعظم، فقال له: إنني قد اجتهدت في أمرك بالملك الكامل، فلم يرجع عن قصد دمشق، وكان آخر ما انتهى إليه أن قال: يعطى الملك الناصر البلاد الشرقية، وتأخذ أنت دمشق.
فعلم الملك الناصر، أئهما قد توافقا على أخذ دمشق، وكال أيبك المعظمي معه فأشار عليه بالرحيل إلى دمشق، فقوض خيامه، وسار، ولم يمكن الملك الأشرف منعه، ومضى إلى دمشق، وشرع في تحصينها.
فسار الملك الأشرف بجيوش حلب، ونزل على دمشق، وقطع عنها الماء، فخرج عسكر دمشق، وقاتلوا أشد القتال، حتى أعادوا الماء إليها، ووصل الملك الكامل، في جمادى الأولى، بالعساكر المصرية، وخيموا جميعاً على دمشق.
وسار القاضي بهاء الدين، وفي صحبته أكابر حلب وعدولها إلى دمشق، لعقد المصاهرة بين الملك العزيز والملك الكامل. ووصل إلى ظاهر دمشق من ناحية ضمير.
وخرج الملك الكامل من المخيم، والتقاه، وأنزله في المخيم، بالقرب من مشهد القدم. وأحضره إلى خيمته، وقدم ما وصل على يده، للملك الكامل. ثم نقله بعد ذلك إلى جوسق الملك العزيز بالمزة.
وكان يتردد إليه الملك الكامل، في بعض الأوقات، إلى أن اتفق الأمر، على أن حمل الذهب الواصل، لتقدمة المهر، والجواري، والخدم، والدراهم، والمتاع. وعقد العقد بحضور الملك الأشرف، في مسجد خاتون.
وتولى عقد النكاح عماد الدين ابن شيخ الشيوخ عن الملك الكامل، لابنته فاطمه خاتون، على صداق، مبلغه خمسون ألف دينار. وقبل القاضي بهاء الدين العقد عن الملك العزيز، وذلك في سحرة يوم الأحد سادس عشر شهر رجب.
وخلع الملك الكامل على القاضي، وعلى جميع أصحابه، وعلى الحاجي بشر أمير لالا الملك العزيز، بعد أن فتحت دمشق. وعاد القاضي ومن كان في صحبته إلى حلب.
واستقر أن يأخذ الملك الكامل من الملك الأشرف، عوضاً عن دمشق: حران، والرها، والرقة، وسروج، ورأس عين. وسار الملك الأشرف إلى بعلبك، فحضرها إلى أن أخذها من صاحبها.